|
في الإعلام الإماراتي (2)
ابراهيم اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2665 - 2009 / 6 / 2 - 08:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
رد على المقال تحت عنوان "نحن وطن لا مختبراً للعولمة" الصادر بتاريخ 20 مايو 2009 للصحفي الاماراتي عادل الراشد في جريدة الامارات اليوم الالكترونية.
قصور مفاهيم...؟ استخدامات اصطلاحية غير صحيحة..؟ تخصصية الكاتب الصحفي...؟ تراكمات الغبار القومي والعروبي...؟ ام ماذا...؟
من خلال متابعتي للأعمدة الصحفية في الجرائد المحلية الاماراتية, استوقفتني المقالة المذكورة بما تحتويها من أفكار مغلوطة وتعبوية عدائية لاتخدم المستوى الموضوعي في تناول القضايا المطروحة في المشهد الاماراتي..
"أمس، طلّت علينا منظمة «هيومان رايتس ووتش» مرة أخرى من الأعلى لتواصل فوقيتها بإصدار الأوامر والتوجيهات في كيفية التعامل مع العمال الأجانب في الدولة وحفظ حقوقهم، مستعملة خطاب العولمة بلا حدود ولا ضوابط تراعي خصوصية الدول، ومتجاهلة الكثير من الحقائق التي يؤكدها الواقع في هذا الشأن. فذهبت المنظمة المعنية «بالدفاع عن حقوق الإنسان» بعيداً عندما رمت بوزر الظلم والمعاناة التي يقاسيها العمال في بلدانهم قبل وصولهم إلى مكان عملهم ومصدر رزقهم الجديد على كاهل دولة الإمارات. فالظاهر أن المنظمة «الدولية» وجدت أن رمي القضية كلها في حجر الإمارات أسهل عليها بكثير من الذهاب إلى البلدان المصدرة للعمالة في آسيا، والتيه في أزقة الأحياء الضيقة وبين مناطق أكوام القمامة وعصابات الاستيراد والتصدير هناك. وبذلك تكون المنظمة قد فقدت جانباً كبيراً من موضوعيتها وهي تقدم نفسها مدافعاً عن الحق. وفي الاتجاه نفسه، وقبل أيام قدمت إذاعة «بي.بي.سي» الناطقة بالعربية برنامجاً جماهيرياً خصصته لمناقشة موضوع «الكفيل» في دول الخليج العربي. وقد حاولت المذيعة مراراً، وهي توجه أسئلتها إلى المشاركين في البرنامج عبر الهاتف، أن تؤكد على حاجة الدول الخليجية للعمالة المستوردة، متجاهلة مبدأ الحاجة المتبادلة. وقد كانت وجهة الحوار في البرنامج تسير في اتجاه الخطاب العولمي الذي يفترض أن تكون فيه دول الخليج حق للجميع من دون أن يكون لها الحق في تأكيد خصوصيتها، وفرض أنظمتها واختيار قوانينها، وحماية حقوق مواطنيها. وقبل ذلك بأيام، وخلال اجتماع الجمعية العمومية لجمعية الصحافيين، وقف أحدهم محتجاً على الدعوة لزيادة نسبة المواطنين في المؤسسات الإعلامية الإماراتية، أكرر «الإماراتية»، زاعماً أن الدعوة للتوطين لا تستقيم مع العولمة وزمن العالم الواحد وتكافؤ الفرص! و كأن هذه المنطقة من العالم هي التي اخترعت العولمة وهي التي يجب أن تتحمل كل نتائجها، وتحمل كل أوزارها، وتقدم في مقابل ذلك كل التضحيات من خصوصياتها وحقوق مواطنيها ومستقبل وجودها. وهذا منطق ظالم يجافي الحق، فلا يجب أن يجد له صدى لحساب أجندات تصادم المصالح الوطنية."1
الاستنتاجات المتسرعة في المقالة المستقاة من"حديث مجالس الاستاذ عادل الراشد" تكشف عدة جوانب:
1: الاتهام المباشر الموجه لمؤسسة هيومان رايتس ووتش Human Right Watch العالمية في والتي تتضمن من عدة مؤسسات غير حكومية من دول مختلفة معنية بممارسات حقوق الانسان من خلال اعداد تقارير سنوية على ضوء النشاطات الرقابية في هذا المجال في مختلف دول العالم تحت مسمى World Report وقد تأسست في عام 1978لمراقبة نشاطات الاتحاد السوفييتي في مجال حقوق الانسان وتوافقها مع أتفاقيات هلسنكي الصادرة في عام 1975 ومقرها الحالي في نيوورك.
الاسلوب المتبع في المقالة لوصف التوصيات المقدمة للجنة الوطنية للحقوق الانسان أو التقارير المعلنة من قبل المنظمة لا يخلو من النظرة العدائية المبنية على الخوف الكامن في نفس الانسان المتقوقعة على الذات بدون النظر الى الواقع السياسي المحلي (من خلال اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في المجلس الوطني الاتحادي والتي رفعت تقريرها بخصوص الممارسات الحقوق الانسانية والذي تتضمن الرفض للتوصيات التي تشير الى حقوق العمال الوافدة في الامارات في أنشاء نقابات عمالية ومهنية والسماح بالمؤسسات الغير الحكومية في مجال حقوق الانسان في ممارسة الانشطة الاعلامية الحرة –(راجع المقال "في التجربة الاماراتية في حقوق الانسان..نظرة من الداخل" للكاتب)
أضافة الى ذلك, التناول السياسي المطروح في المقال من خلال ربط التوصيات المتعلقة بحقوق العمال والتي تم تبنيدها في تقرير صادر بتاريخ 19 مايو 2009 تحت عنوان The Island of Happiness- والذي عالج طرق الاستغلال المباشرة والغير مباشرة للعمالة الاجانب من خلال قوانين الكفالة وشركات استيراد العمال وظروف العمل والتجاوب الرسمي "الغير فعال" من قبل حكومة الامارات و اجبار العمال على توقيع عقود عمل جديدة حال الوصول الى الامارات تحت ظروف تتعلق بالعائق اللغوي وعدم تزويد العمال بنسخ من العقود الموقعة (وقد تم التوصل الى هذه النتيجة من خلال عينات دراسية من العمال في الامارات) وقضايا تتعلق بحرية الحركة داخل حدود الدولة أو خارجها وحجز جوازات السفر وغيرها 2- بالهيمنة السياسية الاحادية القطب (الولايات المتحدة الاميركية) من خلال استخدام مصطلح "الخطاب العولمي" وهنا تتكشف بعدين:
*عدم التخصصية في تناول المقال لموضوع العمال الاجانب في الامارات وحصره على التعليق على التوصيات Recommendations المذكورة في التقرير المذكور وبيان فاعليتها وقيمتها واتصالها بالواقع الجاري بحيادية وبدون احداث محور نفس-اعتدادي اي بمعنى آخر المقال لايعتبر Review للتقرير الصادر من المنظمة.
*ربط ضعيف الحلقة بين النشاط في مجال حقوق الانسان للمؤسسات غير حكومية ضمن هيومان رايتس وتش والتفسير الضيق للمفهوم العولمة وجعله في نطاق "الاوامر والتوجهيات" التي رميت على كاهل الامارات والذي وجدته-المنظمة- أسهل من الذهاب الى الدول المصدرة للعمالة في آسيا والذي يعتبر قصور في الدراسة الموضوعية من قبلها ؟؟
2: عدم وضوح التعابير "خصوصية الدولة" و "حقوق المواطنين" و "الأنظمة والقوانين" والتي تم استخدامها من قبل الصحفي في تبرير الرد على النشاط الرقابي لهيومان رايتس وتش بخصوص الامارات وعدم وجود تفصيل لما تحتويه هذه المعاني المذكورة الى جانب عدم منطقية الربط بين أنفجار ديموغرافي متزايد و والمطالبة المتصاعدة بهوية مستقلة (بغض النظر عن مكوناتها البنيوية والتي هي موضوع قوى تنافر وشد بين فئة محافظة ومنفتحة) وكيان مجتمعي صحي وبين حقوق المواطنين التي لا يتم التساوم عليها من قبل الاماراتيين (حرية الرأي والتعبير والتجمع) وقصور اطلاع الاستاذ على الملاحظات المتضمنة بخصوص نظام الكفيلSponsorship System ولوائح وزارة العمل بخصوص استيراد العمال والتي من شأنها زيادة نسب الاستغلال للفئات العمالية في الامارات في التقرير الصادر والتي تتضارب مع تمسكه الغير مبرر مع الانظمة والقوانين الوطنية ؟؟
3: استخدام مفهوم العولمة في تفسير العمل بين الحكومات والجهات العالمية المختصة في المجالات الاجتماعية والمدنية والتي يتم رصدها وتقييمها من قبل المؤسسات الغير حكومية يمثل عجز واضح في التعامل من المعطيات الراهنة في الامارات من خلال منظور واقعي (اي الالتفاتة الجادة الى الوضع القائم والمحاولة في اقتراح وسائل كفيلة للعلاج) وأختيار النظرة السلبية للعولمة كمشروع سياسي-أقتصادي-ثقافي بدلاً من الممكنات الايجابية Positive Potentials التي تمثل الحالة المطروحة احدى صور النظرة المغلوطة والتي خدمت ردوده الهجومية على تقارير هيومان رايتس وتتش في هذا الشأن.
مما أثار انتباهي, ردود القراء في قسم التعليقات على المقال والتي تباينت بين مؤيداً لرفض التعامل مع المنظمة وعدم الاعتراف بشرعيتها وتدخل "الغرب" في شؤون العرب والخصوصيات التي توجد في الخليج والتي تكشف مدى تأثير الكاتب السلبي على الرأي العام وعدم الدعوة الى أفساح المجال للموضوعية في الطرح والتخلي عن الكليشات العروبية والاستفزازية في وصف الاحداث والتعليق عليها.
ابراهيم اسماعيل 22 مايو 2009 ____________________________________________________________________________ مراجع:
1: عادل الراشد. "نحن وطن لا مختبراً للعولمة" مقال بتاريخ الاربعاء 20 مايو 2009. جريدة الامارات اليوم الالكترونية. متوفر على الرابط : http://emaratalyoum.com/Articles/2009/5/Pages/19052009/05202009_b8d95ce20a66473b8ce42fa9522c922e.aspx (آخر دخول 22مايو 2009)
2: Human Rights Watch. (2009) "The Island of Happiness" – Exploitation of Migrants Workers on Saadiyat Island, Abu Dhabi (Report) Available at: http://www.hrw.org/en/reports/2009/05/18/island-happiness (Accessed: 22nd May 2009)
#ابراهيم_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى سنكون مواطنين..؟
-
في العولمة والمكان
-
الإبريق..
-
التجربة الإماراتية في حقوق الانسان - نظرة من الداخل (1)
-
في التجربة الاماراتية في حقوق الانسان....نظرة من الداخل (1)
-
ارهاصات (3)
-
ارهاصات (2)
-
ابنك
-
ارهاصات (1)
-
الاشياء..وساندرا (قصة قصيرة)
-
الامارات..حكومة ام ماذا ؟
-
في الاعلام الاماراتي (1)
-
لحظة..من لحظات
-
حلم مرور..لماذا تُركنا..
-
هذيان الأنتظار
-
تساقطوا..
-
غربة..حب..شجرة
-
سأقولها
-
احتياجات
-
(خرج..)
المزيد.....
-
بريطانيا: تنظيما داعش والقاعدة يشكلان تهديدًا للمملكة المتحد
...
-
احتفظت بجثة ابنها الراحل لشهرين.. هذا ما كشفته مذكرات ليزا م
...
-
بعينين دامعتين.. سيلين ديون تعبر عن تأثرها بأداء كيلي كلاركس
...
-
بعد 67 عامًا على تشييده.. هدم فندق شهير في لاس فيغاس بطريقة
...
-
مايا هاريس... أخت كامالا وصانعة استراتيجيات حملتها من وراء ا
...
-
-كانوا محترقين-.. غزة: 16 قتيلا و17 مصابًا في هجوم على مستشف
...
-
لماذا يعود الحديث عن انتخاب رئيس للجمهورية بقوة في لبنان؟
-
من بينهم المرجع الشيعي علي السيستاني.. من هم الزعماء الذين و
...
-
لمناقشة العلاقات بين البلدين.. الرئيس الفنلندي يتوجه إلى الص
...
-
تجارة المعابر.. كيف يستغل الجيش السوري مأساة العائدين من لبن
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|