أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم اسماعيل - هذيان الأنتظار















المزيد.....

هذيان الأنتظار


ابراهيم اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 07:09
المحور: الادب والفن
    


(1)
أخبريني..
عن محك السعادة..النشوة الخافتة..
أهمسي في طبلتي..أنوثتك الرائعة..
أنه عامل الوقت..ياهذا..عليك أن..
ألا تدرين أني قدعاديت الدوران..قد بدأت أكره نظامية الكون..
عندما لمست صوتك..بأطراف أصابع نبضي..(كنت بلا نبض)..
كانت دورتي الدموية تجري في أوصالي..بلا هدف..
ورأيتك في يوم من أيام الصيف..كاد يوشك على الرحيل..
أكنت تنتظرين قدومي..لنجلس تحت الأوراق الحزينة..نعزيها..بأغنيتنا..
كم علىَ أن أصبر حتى أنسى عبارتك السخيفة..لماذا أتهمتيني بالحب..
وغيره من قصص العجائز..لاتنتهي..وتتكرر في ملل قاتم..
أذا ماذا تريد..أعطني الحل..؟
أريد..أن أصلي..وأبتعد..
لكي لا أرغب في رؤيتك.. ماذا تقول..؟
صرتي اللقاء النائم..تحت رماد اللحظة..

كتب هذه الرسالة على الورق المجتمع فوق طاولته المربعة التي كانت أمامه في المقهى المعتاد..المكان مكتض..ساعة الذروة..كانت الحادية عشرة صباحا ً..لماذا هذا الأزدحام أيها البشر..وقت الغذاء لم يحن بعد..الكوؤس تشرب دفعة واحدة..لا وقت لتلذذ بالوجبة..حالة توتر مُخيمة على الحاضرين..نظر إلى وجوهم..أثر النوم مازال يرسم خطوطه على السحنات الملونة..يداعبون محيط أفواههم بالألسنة الحمراء..كانت جدته تقول له ان حمرة اللسان دليل صحة..تسائل عن الكيفية..كان يستمع أليها دائما في طفولته..يغوص في أحاديثها المسائية عن الماضي..كثيرا ما كانت تتضايق من أسئلتة التفصيلية..كانت قوية..كان يحتمي بها في أوقات تأنبيه من قبل الآخرين..سكوت أخته إلى جنبه..تمشط شعرها الأسود..نادرا ًماكانت تعلق على ثرثتهم اليومية..مضت سنوات..كان الجرسون يمسح صينية تحضير السندويشات بخرقة صفراء..كان يمد بنظره إليه من خلال الفناجين المرتصة على ألة تحضير القهوة..قام لتوه وهو يلملم أوراقه..ياله من صوت مزعج..أصوات الكتل الآدمية أختطلت مع النشاز المنبثق من الراديو الضخم المسنود على الحائط أعلى رأسه..سيسقط..جروح..أصابة بليغة..أسعاف..مستوصف..أناس تدخل وتخرج..هل ستكونين هناك..سأفقد الذاكرة..لن أتذكرك..لم يقدر على الإجابة..حاول تناسي خياله الهوليودي الذي عاشه لثواني..ماأسخف شطحاتي..أكانت الرسالة خيال..؟..داخله شكٌ..دس يده في الجيب الملحق بحقيبته المهترئة..أطمئن لوجودها..لمس يدها وهي تمسك بالرسالة..أخرجها وخرج بجسده المملوء من المقهى..
(2)

الساعة الخامسة ودقيقتان..فجراً..
لاأحب هذه الفكرة..ولكنها حريتك.. كم رأيت هذا الوشاح الأبيض..في خريف يقظتي المنقضي.. عفواً.. أتمنى لك حياة سعيدة..أراك في ما بعد.. ولكن..باي باي..ولكن..
(3)

تذكر أنتظاره لشجرة يناير المهذومة.. كانت هذه الصورة تراوده دائما ً..ساندة ظهرها الرخامي..شال احمر مستلقي في هدوء عليه..على الجزع الكبير..وهو كذلك.. يدهما تعاكس امتدادها الطبيعي الى الأمام..همس لها مرة..أذا لامس أصبعي أصبعك..هنا أعرف حبك لي..قال بصبيانية..مازال يستحضر صوته في ذلك العالم..حاولت جاهدة..صدرها يتقدم بحنو..بدون فائدة..الربيع لطيف في الخارج..أسدل الستارة وأخرج الرسالة الملفوفة ووضعها بعناية على الطاولة..أرتمى على السرير وغط في نوم عميق..
(4)

وصلتني كلماتك..هل أنت جاد..؟ عن ماذا تتحدثين..؟ الرسالة..
أزاح الغطاء عن بطنه..عبثت يده بين الأقلام والدفاتر..أين هي..؟ هل يعقل أني أرسلتها..ولكن متى ؟ وكيف ..و..و.. قد كانت معي قبل أن أغمض جفوني..حاول أستحضار اليوم الذي كان عند مكتب البريد المحلي..حاول تصديقها..أغلق السماعة..وهو يلتقط صدى الواو المتباعدة من ال آلو الرخيمة..
(5)

مضت ثلاثة أيام على التوقيت الأزلي..الساعة الخامسة والدقيقتان..حالة من الفراغ..لم أحسب لها حسابا ً من قبل..لعلي تسرعت..أدخل و أخرج.. أخرج وأدخل..أتسكع بشيء من الحرية..بدون التفكير في عاطفة ما..أو بدون ترتيب مواعيد معينة لكي ألتقي معك على الهاتف أو أقرأ رسالتك التي تنتظرعلى شاشة هاتفي النقال..فأركض مسرعا ً الى شقتي لكي أنعم بالنشوة معك..أستيقظت بعد نوم طويل..خلت أني نمت لأكثر من يوم..كأن الفترة التي قضيتها معك كانت متعبة وفيها الكثير من الأشغال..وصحيت بعد سبات أفرز كل آلامي..أقول لنفسي أني حر..لاأفكر فيك..وأعيش في سلام كما كنت من قبل..ولكن لماذا أكتب عنك..لم لا أقدر أن أنتزع كل مايتعلق بك من محيط ذاكرتي وذهني المشحون بضحكاتك..بأناملك الرفيعة التي تطبع جملك الركيكة على شاشة تيلفونك..لكي تهمسين في أذني..هوائك الدافيء الخارج من بين شفتيك..عند موعد اللقاء اليومي..لا أطيق الأمساك بكمبيوتري المحمول الذي شهد رسائلك الرائعة..ستناديني..سأكلمك..ستقولين كذا وكذا..عتاب أو لوم..كم تمنيت اللوم منك..ولكنك بريئة..لاتعرفين فنون الحب..لاأطيق السماع..أنها كلماتي الأخيرة ياهذا..لاداعي لها..أحتفظ بها لنفسك..لم أنت جاف لهذه الدرجة..لم أعهد هذه الخشونة من قبل..تذكر كلماته الوداعية..أريد بعض الوقت لكي أرتاح وأراجع ذاتي الممحونة..أني أتفهم هذا..ولكن لماذا انت ِ مرتبكة..قد وعدتيني انك ستتقبلين ماسأقوله لك..لما هذه النرفزة..أنني بحالة جيدة..لاتدر بالا ً لما أنا فيه..أحس بأني مذنب..أبدا لاتندم على قرارك..الدنيا لاتستحق الندم..هكذا كان ينصحه صديقه قبل يومين وهو يحتسي النبيذ الأحمر معه في أحدى السهرات..
قرر أن يسافر إلى مكان ما..لدي أجازة..هناك مجال للتناسي بأستخدام الماديات..للفسحة..للترويح عن نفسي التي كانت مسجونة بسجن الزمان و المكان والعاطفة..سأذهب الى باريس..لا أيطاليا..المسارح هناك ستحقق لي متعة بصرية وخيال خصب للأسترخاء..أريد طبيعة..لاأريد ضجة..لا أعرف الى أين..هذه المدينة شهدت حزني وأسفي على علاقتي معك..فلا متعة فيها من اليوم..كان يمشي وقد أشعل سيجارة بعد عناء..كان المساء عاصف..أوراق الخريف تتلاشى شيئا فشيئا من الأرصفة الرمادية..لفت أنتباهه صور المومسات المعلقة على كابينه التيلفون العام..آلو..آلو..الوقت المناسب..المكان المناسب..شنشرب كأسين ونطير بنشوة الخمر السحرية ونحل على فراشي الغيرمرتب..أزيح بيدي كومة الملابس المبعثرة فوقه..أبدأ في مداعبة وركك أنتظارا ًلساعة الصفروانتي تضحكين وتفكرين في الأجر..من أنت..لا أعرفك..أغربي عن وجهي..يا..يا..أريدك أنتي..أين ألاقيك..وأنا معتصر على فراش موت علاقتنا..سأنتظرك كم تريدين من الوقت..أنتبهي الصبح سيشرق..لا أحب الأيام الجديدة..لاضمان فيها..لنغمض أجفاننا في مكان ما..عند تكون الساعة الخامسة ودقيقتان..



#ابراهيم_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساقطوا..
- غربة..حب..شجرة
- سأقولها
- احتياجات
- (خرج..)
- نار..حلم..يقظة
- محطات..


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم اسماعيل - هذيان الأنتظار