أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ابراهيم البهرزي - على من سابكي غدا؟














المزيد.....

على من سابكي غدا؟


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2662 - 2009 / 5 / 30 - 08:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في اللحظات التي كنت أحاسب فيها النفس على الإسراف في الكتابة –وأحيانا بما لا جدوى منه ..
.والاعتراف لم يزل لدى بعض العراقيين فضيلة – في تلك اللحظات كنت أشاهد –ولو متأخرا- على سبتايتل إحدى القنوات رحيل ..
.عمو بابا

لا أريد لهذا الإنسان العراقي أن يسبق بصفة , لأنني فكرت في المثير من الصفات ,فوجدتها رغم مجدها , ضيقة على مقاس روحه الكبيرة ...

كنت قبلها بساعات تلقيت عبر الموبايل _هذا الجهاز غراب الشؤم – نبا رحيل صديقي وليد الشيباني ...
ووليد الشيباني –علامة بعقوبية بامتياز منذ أوائل السبعينات- بقامته الرياضية المديدة ..وشقرته ووسامته ....وهو الذي كان أوائل السبعينات ..يرتدي البنطلون الكاوبوي في أول ظهوره , ويقتاد كلبا بوليسيا أنيقا ويطلق لحيته النصفية الحمراء ويتحدث بما يتيسر له من إنكليزية مفككة في ساحة كراج (بعقوبة-بغداد ) حيث كان الكثير من أبناء القرى العابرين في الكراج يسمونه (الانكريزي ).......انه ببساطة نسخة من (حسون الأمريكي ) في بغداد الستينات ....

مات وليد وكنت بعد رحيله ..وهو الذي أصر على البقاء في بعقوبته الغالية رغما عن أعمال التهجير الطائفي ..واحتمل سربا من الرصاص الهمجي في ساقه ...أصر وهو ابن العائلة الشيبانية الموسرة ..بل المفرطة الثراء على البقاء في منزل والده الأستاذ عبد الجبار الشيباني وحيدا ....(
في زيارتي الأخيرة له كان قد اعد في الحديقة الضخمة المهملة مائدة شراب مشاكسة لاجلي على عناد أخيه الأصغر المخبول دينيا ....كان وليد كأي فلاح يتحدث عن أشجار حديقته في المنزل الفخم بارقى أحياء بعقوبة ...رغم انه كسليل إقطاعية موسرة ...بل ومثقفة ..ويسارية في ال(هويدر ) القرية الخلاقة ...التي يعرف كل العراقيين احد أبناء عمومته الوزير اليساري زمن الزعيم عبد الكريم قاسم ......الأستاذ طلعت الشيباني ...

أتطلع لخبر رحيل عمو بابا....وأنا استعيد لحظة إبلاغي برحيل صديقي الطيب ..وليد الشيباني ..واتسائل :
من لهما ليقيم مجلس الفاتحة ؟؟..بل أي يوم ابن كلب هذا ؟؟!!

لا أريد أن أضع معايرة بالتقييم بين الشخصين ...غير قيمة الطيبة الصرفة :
كان (أب العراقيين )..وهذه صفة لم أطلقها عن عاطفة محضة ...أقول :
كان (أب العراقيين ) عمو بابا ....يسيرا عليه أن يهاجر ملتحقا بعائلته الكريمة في إحدى المنافي الأوربية...
لكنه رفض كل العروض والإغراءات والتوسل العائلي ..لان حلمه كان منصبا على مدرسة الأطفال الكروية
وكان قد أسسها في مدينة الثورة ....يعني لأطفال الفقراء الذين لا يملكون أجور اشتراكات نواد رياضية ..
وبعد ذلك سعى وافلح في افتتاح فرع لمدرسته في البصرة ....
وكان حلمه الذي يصرح به دوما أن يؤسس في كل محافظة عراقية ...مدرسة كروية !!

كان هذا هما وطنيا ل (أبي سامي ) الذي أصر على تسميته –أب العراقيين – لأنني أتحدى عراقيا من أيما لون أو مذهب أو دين ...لا يمحضه الود والمحبة ...بل إن لهجته العربية (المكسرة ) وهو الآشوري ابن العراق القديم ....هذه اللهجة رغم معاناته في نطقها ...فقد كانت صادقة ويسيرة الفهم ....

رحل (أب العراقيين ) عمو بابا ....بعد ساعات من سماع نبا رحيل صديقي (وليد الشيباني )..
الرابط بين رحيلهما ...دمعتي لا غير ..وإحساسي بغياب نكهة ...في الشمائل العراقية ..أخشى أن لا تستعاد بعد أبدا !!!.............

(خرجنا ذات ليلة صيف من احد دكانات شربنا في سوق بعقوبة في منتصف التسعينات وبسبب اطمئناننا من فراغ سوق بعقوبة بعد منتصف الليل ...غنينا لأجل صدام حسين أغنية كانت سائدة وجديدة يومها ,وكانت تقول :
(أنحبك والله نحبك ...يا صدام نحبك
الخ !!..
غنينا الأغنية كلها بأعلى صوتنا الثمل ولم نغير فيها شيئا ...غير كلمة واحدة
هي كلمة –نحبك - وقد صارت –نكرهك – فقط !!!
حارس ليلي مر وسلم علينا ....فرددنا السلام ..
في اليوم التالي ...اختفى وليد الشيباني ...
تذكرت الحارس الليلي ومنظومة الوشايات السائدة ...وتذكرت الأغنية الصاخبة وانتظرت مصيري المرتبط بوليد ..
مرت بضعة أيام ....حتى تم إبلاغنا بان وليد معتقل في مديرية الأمن العامة ....ولكن ليس بسبب أغنية .....بل بسبب طيبته وكفالته لصديق أتضح انه مطلوب ماديا للدولة .....بسبب قضايا تهريب..
حكم بعدها وليد الشيباني بالإعدام ....وحيث أن النظام القضائي كان في أوج فساده فقد باع أخوته بستانا كبيرا وافتدوه من الإعدام بمبلغ مهول أيامها ..
وعاد وليد ..
وعدنا نغني نفس ألاغاني
وبقينا رفقة ..حتى في أزمنة الزنا الطائفي ..

ما الذي يربط (الدولمة ) ب (راس الجسر )

حسنا ....مات وليد الشيباني .....فانهمرت دموعك ..
وقرأت خبر رحيل (عموبابا ) فانهمرت دموعك ...
لكن
ان يتصل بك وبعد غيبة طويلة صديقك فاروق العزاوي (وهو أستاذك من قبل الصداقة أيام دراستك الإعدادية ) ليبكيك بجهشة ثالثة ...وهو من هو في محبتك وا شتياقك لجلسات الندامى والمحاورات حتى هزيع الليل المتثاءب ....
تقول له :
لقد مات صديقنا وليد الشيباني ..وتبكي
ويتلقى النبأ برباطة جأشه التي فتنت بها منذ أوائل السبعينات حين دخل عليه مدير الإعدادية طالبا منه عدم إدخال جريدة (طريق الشعب ) للصف الدراسي ....ورده (القندراني ) العنيف .
..المدير يركض مستنجدا ..والأستاذ الصديق يركض خلفه بالحذاء(القندرة ) ....إنها طريقة كافية لان نصبح صديقين بعد هجرته الطويلة وبعد أكمالي لتعليمي وتوظفي ..وانشغالي باختيار الندمان الصفوة الذين لا يحبون (الجلالة ) ولا ينحدرون إلى (الصغر )...

الدموع التي انهمرت بترافق هذه المتواليات التي عبرت بي خلال يوم ....هي بعض سلوانا في العراق (العظيم )!!!!

أتسائل مذ بكيت العشية : :
على من سابكي غدا ؟





#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة في مواساة الغرباء..........وماجدوى البكاء يااخت , ان ك ...
- حول الطفولة في العراق ....ثانية!!!.............(شجون اخرى اث ...
- ديوان الحساب .....................(28)
- طفولات كباقات الورود .....ملقاة على مزابل العراق
- بصحتك يا ....(برلمان )!!
- ديوان الحساب ....................(27)
- محنة الرضا ..........امتحان الارادة .....(كبندول الكتابة الذ ...
- ديوان الحساب ..............(26)
- الهرُ........والخمرْ
- ديوان الحساب .........(25)
- ديوان الحساب (23)
- ديوان الحساب .....(24)
- يا كتاب وقراء (الحوار المتمدن )...احذروا فتنة الشقاق التي (ت ...
- ديوان الحساب .................(22)
- عن (القرج ..خاتون المحلة )...و (الامام الذي لايشوِرْ..)و(الع ...
- ديوان الحساب ....................(21)
- في الذكرى 75 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي .....السجود وجوبا ...
- ديوان الحساب ................(20)
- ديوان الحساب ...................(19)
- ديوان الحساب ...........................(18)


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ابراهيم البهرزي - على من سابكي غدا؟