|
الدستور العراقي قاسم مشترك اعظم لايقبل التحجيم
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 09:17
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
صدر الدستور العراقي في ظرف غير طبيعي ، ولذلك جاء غير مقنع حتى للذين قاموا على اصداره ، فالجهة التي ضمنت لها قدراً مرتفعاً من الحقوق في مواده المختلفة ، قد وجدت الطريق امامها سالكة لتواصل رفع سقف طمعها في الحصول على المزيد من المكاسب ، حتى وان كان ذلك على حساب المكونات العراقية الاخرى ، وعلى الطرف الاخر كانت الجهات التي فقدت او ثلمت حقوقها متربصة ، اذ سارعت الى اعلان رفضها له نظراً لما شعرت به من اجحاف بحقوقها ، وفقدانه لسمة العدالة المتوازنة التي لابد من ان يتسم بها ، والحقيقة لابد ان تقال ، فاغلب مواده حمالة اوجه ، تركته مجرداً من الحصانة التي تقيه التفسيرات المصلحية الشرهة ، فهل يمكن المراهنة على هكذا دستور ينقصه الكمال المفترض ؟ ، اذ ينبغي ان يكون عقداً اجتماعياً لكل اطياف الشعب العراقي ، فهو قاسم مشترك اعظم بين العراقيين الا ان صيغته التي صدر بها لم تقنع اي طرف من المكونات السياسية الاساسية في البلد ، فهل يمكن الركون اليه كمرجع لاعادة بناء العراق الديمقراطي الجديد ؟ . لقد تأسس الدستور وفي عهدته اصدار القوانين بغية اعادة بناء الدولة العراقية ، وقد تجاوزت خمسون مادة منه وهي تنطوي على التاكيد لاصدار قانون ينظيم ما تعنىه تلك المواد ، مع ان قسماً من القوانين اخذ طريقه الى الظهور ولكن لم يسلم من بصمات ( الخصخصة ) ، ولكن ظلت حالة بعض مشاريع القوانين التي تعنى بالسلطات و تقاسم الثروات والموارد في حالة موت سريري ، لا لشيء سوى انها تتعلق اكثر من غيرها بتوطيد النفوذ والبقاء في مواقع القرار ، لذا كان وما زال يدور صراعاُ ساخناً حولها ولم يشفع لها الدستور ، وذلك يعود الى مطاطية مواده التي تمنح المتلاعبين القدرة على لي عنق ما جاء به التشريع الدستوري لوجهة خدمة مصالحها الفئوية الضيقة ، بمعنى من المعان فرملة عملية البناء وكبح تقدم العملية السياسية ، وشاهدنا هنا هي حالة قوانين النفط والغاز ، وصلاحيات الحكم لدى الرئاسات ، واولوية صلاحيات المركز ام الاقاليم ، التي ما زالت مبنجة بانتظار اجراء عملية تشريح وتفصيل على مقاييس خاصة جداً واخراجها للناس على انها معافاة . وليس ببعيد ما هو حاصل من تجاذبات وتصادمات في المواقف عن الثغرات الدستورية ، ان جميع الاطراف تصف مطاليبها الخاصة جداً بكونها من وحي الدستور ! ، و البلية تكمن بامكانية تفسير المواد غير الراكزة التي بنيت على قاعدة المقايضات السياسية ، فحجمت على قدر مصالح ضيقة للاسف الشديد ، الا ان جواز مرورها ومن خلال الاستفتاء الشعبي العام كانت هي المادة التي وعدت باجراء التعديلات على الدستور خلال اربعة شهور من تاريخ بدء عمل الهيئة التشريعية ، ولكن بسبب ما اشرنا اليه من صراعات حول مواقع النفوذ والمال صارت الاربعة شهور اربع سنوات ، ويلوّح الآن بعبور المواد موضع الاختلاف هذه الفترة الحالية من عمل البرلمان ، اي ترحيلها الى مجلس النواب الجديد بعد الانتخابات القادمة التي ستجرى في الحادي والثلاثين من شهر كانون ثاني من عام 2010 والخبر اليقين عند اصحاب القرار . اذاً يبقى التعويل على الهيئة التشريعية القادمة ، ولكن ماهي الضمانات في ان تستطيع التشكيلة البرلمانية الجديدة من اختراق جدران المحاصصة التي حجزت بعض مواد الدستور الاكثر اهمية من غيرها ضمن نطاقها الضيق المقيت ، ولم تكترث بمصالح عموم المواطنين العراقيين ؟، مما جعل الصراع مفتوحاً وبالتالي معطلاً للجهد الوطني المشترك الهادف الى ارساء سفينة البلاد على شاطئ الديمقراطية والاستقرار والمصالحة الوطنية ، وما دمنا بصدد ذكر الضمانات لوجود دستور يرفل بالكمال ومعبراً عن مصالح الوطن والمواطنين بعدالة تامة ، لابد من المقدمات الضرورية التي تسبق الانتخابات البرلمانية الجديدة ، وهي : اولاً ، اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة لكي لا تسرق ارادة الناخبين اينما كانوا وكيف ما كانوا ، ثانياً ، اصدار قانون انتخابي عادل وغير متحيّز لجانب الكتل الكبيرة على حساب الكيانات الصغيرة ، ثالثاً ، اصدار قانون الاحزاب السياسية وفق قواعد وضوابط حضارية وذلك للحد من ظاهرة التعدد غير المناسب للاحزاب والكيانات المصطنعة التي من شأنها تشتيت اصوات الناخبين ، رابعاً ، الغاء الطائفية من العملية الانتخابية . ووفقاً لما تقدم من افكارنا المتواضعة نعتقد بذلك سيخلق مناخاً سياسياً يمكن من خلاله ضمان تطبيق التشريعات الدستورية التي لا خلاف عليها ، وكذلك تعديل المواد غير المتفق حولها ، وحينها ستخطو العملية السياسية مسيرتها غير المتحاصصة وعلى خطاها سيتقدم شعبنا بكل اطيافه الوطنية دون استثناء نحو بناء عراق ديمقراطي حضاري مزدهر وفدرالي موحد .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصريحات كنباح كلب اطرش
-
دولة المالكي .. في امتحان ام في محنة ؟
-
اين ستلقي سفينة المالكي مرساتها لكي تنجو من الانقلاب؟
-
مصائب الصابئة المندائيين !!
-
نتائج انتخابات المجالس .. لدغة للناخب من جحر مرتين
-
بطاقة تهنئة : بمناسبة الذكرى الماسية لتأسيس الحزب الشيوعي ال
...
-
الدستور العراقي والموقف من عودة البعث الصدامي
-
المصالحة مع الشعب العراقي وبإنصاف ضحاياه
-
حقيقة ميل القوى التصوتية العراقية واختلاف التفسيرات
-
الناخب العراقي ينتظر سماع صدى صوته
-
استعصاء في مجلس النواب
-
رهانات لاتتمتع بنصيب وافر
-
حصاد الانتخابات .. بحسابات الحقل ام بحسابات البيدر ؟
-
فساد انتخابي بامتياز
-
قضية الشعب العراقي .. لماذا صارت استثناءً ؟!!
-
الحزب الشيوعي العراقي .. قوس قزح عراقي فانتخبوا قائمته
-
مستقبل العراق بين وعي الناخب وكفاءة النائب
-
المحكمة الجنائية العراقية .. اولوية ملفات ام محاصصات ؟!!
-
العراق .. انتصار في مجلس النواب وانتصار في مجلس الامن
-
ثغرة { الدفرسوار } في دفة الحكم !!
المزيد.....
-
قوات الأمن الروسية تقتحم مركز اعتقال وتقتل سجناء احتجزوا ضاب
...
-
إسرائيل تعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب القطاع والأمم المتحدة تر
...
-
مولدوفا.. مسيرات لدعم المثلية وأخرى داعمة للقيم الأسرية (فيد
...
-
-طالبان- تعلن مشاركتها في محادثات الدوحة برعاية الأمم المتحد
...
-
شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فور
...
-
غزة تبدأ أول أيام عيد الأضحى تحت القصف وشبح المجاعة وإسرائيل
...
-
بسبب -قائمة العار-.. إسرائيل تبحث -إجراءات عقابية- ضد وكالات
...
-
بمناسبة عيد الأضحى.. حماس تدعو لتكثيف الإغاثة بمواجهة حرب ال
...
-
مظاهرات حاشدة بتل أبيب تطالب بصفقة وتتهم نتنياهو بالتخلي عن
...
-
في ظل إغلاق المعابر.. شبح المجاعة يتهدد شمال غزة
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|