أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - السياب ورؤيا البلاد ..














المزيد.....

السياب ورؤيا البلاد ..


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2663 - 2009 / 5 / 31 - 05:53
المحور: الادب والفن
    


مات السياب وهو يتقيأ دماً في المستشفى الأميري في الكويت ، وربما أسى السياب وكآبته الدائمة وشكواه ظل يلاحق ظل المكان الذي ولد فيه وانشد في مرابعه اجمل القصائد ، وكان ملهمه حتى وهو في مهاجر الشفاء عندما يحدث زوجته التي جاءت لتزوره في مشفاه البعيد : لو جئت في البلد البعيد إلى ما كمل اللقاء .........الملتقى بك والعراق على يدي هو اللقاء ...
فلم يهنئ المكان براحة منذ أزمنته البعيدة وظل يتقيأ دماء أبناءه في ساحات الحروب والزنازين وحدائق العشق ودمعة الفقر التي ربما وحدها من حولت هذا الأسى المؤسطر من أيام نواح قيثارة شبعاد حتى منازل الصفيح في مناطق العزل الصحي في منطقة التاجي أطراف بغداد إلى أناشيد من الأمل والحلم في سبيل غد رفعت من أجله أوسع اليافطات التي كانت تعدنا بأنهر العسل والحياة الكريمة ، وتوزعت بين الوحدة والحرية والاشتراكية ، ووطن حر وشعب سعيد ، وكل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء . وحتى الحشاشين كانت لهم يافطة أعرض من لفافة التنباك تقول ( عشها الآن .. ونم مع الآذان )...
لم يجد الشاعر الخصيباوي ( نسبة إلى قضاء أبى الخصيب الذي ولد فيه ) أي بارقة أمل وسعادة لحياته وحياة من حوله ، لهذا ظل يمارس رؤيا النكد ويتوقع العثرات ، مما جعله ليكون مشاكساً ولا يملك مستقراً للانتماء والغرام والهواية ، شيء واحد لم يتخلى عنه بدر ، هو تطوير ملكة الشعر لديه ،وربما مزاجه المتقلب وتشاؤميته هو من طور مادته الشعرية وجعله رائدا ومحدثا في صناعة القصيدة العربية الحديثة التي لم يكن يُجبر في إيضاح رؤاها والتنظير لها سوى ما كان يعتقده اكتشافا وتميزا يضيف أليه المزيد من الإعجاب يقلل بعض الشيء من وطأة معاناته الروحية والجسمانية والمادية.
هذه الرؤية ظلت واحدة من ملازمات وجوده حتى بعد وفاته ، وكم أراد النقد أن يُخرجَ السياب من هذه النظرة والمساحة الرمادية ولو بوصة واحدة ، لكنهم لم يستطيعوا لأن الشاعر لم يمنح الدارسين وحتى على مستوى القراءة النفسية والتاويلية مساحة يكتشفون فيها شيئا من فسحة التفاؤل والمديح لجمال الروح السعيدة لأن أمطار السياب كانت تغرقنا بدهشة الأنين لشيء خفي صنع المعجزة الشعرية ولكن عبر مسار واحد هو مسار الألم.
بعد 2003. وفي أول مرابد زمن ماسمي ( عراق ما بعد شهداء نهر جاسم والمقابر الجماعية وأطفال حلبجة ) كنت قد ذهبت مساءً لأزور التمثال البرونزي للشاعر ومعطفه الثقيل لأني مأسور بقصيدة طوطمية جاءت إلينا من تراث البحر الكاريبي تقول : المساء الذهبي يكشف اعمق ما عندنا من هاجس ، وفيه الشاعر يظهر هوسه ويصعد إلى السماء دون سلالم واجنحة من صقور ضخمة .
قلت في المساء سأعرف مشاعر الشاعر الجديدة ،وربما ينتصر على النقد وارى سعادة ما بين أصابعه النحيفة التي يمدها بارتعاش خفيف كما يمد العازف أصابعه على مفاتيح البيانو ...
وكم كانت المفاجأة عندما وجدت إشراقة ابتسامة على الوجه المتأمل من الآم القفص الصدري ..
وضعت الابتسامة في جيبي كمن يضع ماسة ثمينة وعدت أدراجي كي اخبر ضيوف المهرجان باكتشاف سعادة متأخرة لشاعر المطر ..
في بوابة الفندق ..وجدت هرجا ومرجا ونقاشات طويلة وعريضة وعالية بين حراس بوابة الفندق وبعض المكلفين بالتشريفات ..والسبب إن أحدهم شك في كيس يحمله أحد الأدباء وهو يهم بدخول الفندق ، ويظن انه شراب منكر ..
قلت : المهم انه ربع عرق وليس مفخخة ، وهذا أهون .ثمالة ليلة ولامقتل أبرياء .
رد الحارس : والله لو كانت مفخخة أهون .انه منكر أيها الرجل .
قلت ــ ربما أنت على حق ، انه منكر !
وهكذا تمت مصادرة القنينة ، نظرت إلى الوراء أتخيل حالي وأنا أقع ضحية تطفلي وتساؤلي ونظرات الشرر التي ظلت تلاحقني من قبل حراس بوابة الفندق ،فأطل علي وجه الشاعر الذي ينتصب بقامته النحيفة في المكان القريب من الفندق : ليقول : كنت ابتسم لأجل هذا المشهد الذي ستراه أنت بعد لحظات ....




#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليونسكو ...دمع أور ، يُسفح مرة أخرى .....................!
- الفنان أحمد الجاسم ..صباح أور ..صباح برلين*
- موسيقى .. لباروكة الملكة الأيزابيث ، ولسوق الغزل* ..
- ديك أوباما ..والمعدان ، هجروا أفغانستان الى فرجينيا ...
- وردة لفلادمير ، قبلة لسليمة مراد ، دودة قز لقميص يوسف ...
- المندائي الطيب .. الله سيغطينا برداءه..
- هلبٌ في علب ...
- المنال والمحال في حمامات النساء
- توراة وعشق وتصوف ...
- لماذا يكره إبن لادن ابو الجوادين ( ع ) ...؟
- وهمٌ اسمه عواصم الثقافة العراقية
- صحراء النخيب ، بين رؤيا القلب ورؤيا الجفن ..*
- ببغاء القصر الجمهوري ..
- القاص محسن الخفاجي ..الذكريات لم تعد جميلة...
- عبد الكريم قاسم وصدام حسين في غرفة واحدة ...
- عن السماوة ، ونيلسون منديلا ..وأشياء أخرى
- من صوفيات من التاسع من نيسان
- نعيم عبد مهلهل يكتب مقدمة كتاب الكاتبة البريطانية أميلي بورت ...
- مهرجان المربد ..( وردة الى حسين عبد اللطيف ، صفعة الى المجام ...
- المعدان ..( التاريخ وجلجامش ، في مهب السريالية ) ..


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - السياب ورؤيا البلاد ..