أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - الفنان أحمد الجاسم ..صباح أور ..صباح برلين*















المزيد.....

الفنان أحمد الجاسم ..صباح أور ..صباح برلين*


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2657 - 2009 / 5 / 25 - 03:26
المحور: الادب والفن
    



هذه الأيام تمر عابرة كما غمامة حبلى بقصائد الشعر فوق غابة نخل على شاطئ الفرات الذكرى الخامسة عشر لرحيل الفنان العراقي أحمد الجاسم الذي اغمض دهشة اللون في صباح برليني مودعا كما وردة الدفلى نهايات الربيع الأخضر ،وليتشتت في ذاكرة الأصدقاء وأماسي استعادة الروح تراث هائل لذلك الفتى الأوري من لوحات وقصائد شعر ويوميات بعثرتها هواجسه القلقة في سبيل كشف المستور في عمق اللوحة وشيئاً من بقايا غناء ظل يتعلق على اوتار حنجرة شبعاد ليوصلنا الى مدينة الرؤية التي كانت لوحات احمد الجاسم تعكسها بدقة اللون والفكرة والكشف الذي ظل يتبادلهُ مع أخيه حيدر واصدقاءه عبر رؤيا الرائي بما ندركه في اللون ونعكسه على أيامنا بكل متغيراتها .
ذات يوم توقفت كليتا احمد الجاسم وأغمض عينيه . وها هم رفاق الغد البعيد يستذكرون هنا بهجة روحه الماطرة بالدفء والموسيقى والديكور الفخم لمسرحيات مسرح شيلر ودار الأوبرا في مدينة برلين ، وربما لم يكن احمد ليتمنى ان تسكن رقاده الابدي شمس غير شمس اور ، ولانجوم في ليالي السكون غير نجوم مدينة الناصرية التي سكنت الجنوب العراقي كما يسكن الخنجر خاصرة الجريح .
ولكنه منذ خمسة عشر عاماً لايستقبل في مساحة عينيه الدافئتين سوى شمس صباح برلين . وهاهي كل يوم تغسل عن الزهور التي احاطت قبره غبار المارة والزائرين الذي قد تقاد قدماهم لمرة واحدة او لاتكون حتى بعام ، فيما لو كان جسده يرقد على ثرى البلاد الذي اسكنته بهجة الطفولة والغرام الاول ، لكان زواره بعدد نوارس دجلة .
المهم لقد صنع له الصباح البرليني عشقاً سومرياً ربما جعل احمد الجاسم قانعا بهذا الصباح بالرغم من رتابة امطار وبرد شتاءه الطويل ، وربما عوض شيئا من حنينه لصباحات العراق ،ولكن كما يقول الشاعر بدر شاكر السياب :
الشمس اجمل في بلادي من سواها والظلام ...حتى الظلام هناك اجمل فهو يحتضن العراق ..
هذه مقدمة للأستذكار احمد الجاسم النورس الذي فضل ان يبقي أجنحته مرففة في السماء الألمانية لطوارئ الزمن والسياسة التي لم تسمح لجثمانه ان يصل البلاد التي منذ اكد وحتى بريمر لم تذق من أشواقها سوى طعن رماح الحروب ومقابر الشهداء ومجاعة بطاقات التموين وصُناع دهشة العشق في قصائد الشعر ، فكان له ان يبقى رهنا بمزاج بلدية العاصمة الألمانية ، وعسى قبره ان يظل صرحاً لموت المنافي والغربة ودموع فراق الوطن الجميل ..
ولأجل احمد وللراحلين الكثر من غرباء بلاد النهرين يسكنني التفكير بجمع تراث من يرحلون عندما يلف الغموض اختفاء الكثير من تراث الذين يسكنهم الموت المفاجئ بعيدا عن الأهل ..
فقبل اسبوع كان لي محادثة هاتفية طويلة مع ابن الناصرية الشاعر فاضل عباس هادي والمقيم في لندن منذ ستينات القرن الماضي والذي ينشر ابداعه الشعري باللغة الانكليزية التي نشرها في مجلة الكلمة النجفية اواخر ستينيات القرن الماضي كما نشر الكثير من تراجمه في مجلة ( النفط لنا ) التي رأس تحريرها في فترة من الفترات الاديب الفلسطيني الكبير جبرا ابراهيم جبرا..
اخبرت فاضل عباس هادي ، إننا والاخوة في برلين ومنهم الصديق المثقف ناصر خزعل والشاعر حسن حاتم مذكور وبقية طيبة من ادباء العراق سنقيم حفلا استذكارا بمناسبة مرور خمسة عشر عاما على رحيل الفنان احمد الجاسم ، فتحدث لي عن حزنه لرحيل صديقه احمد وانه كان في برلين ايام رحيله وقد التقى فيها الفنان حيدر الجاسم اخ الفقيد ،ثم عرج في الحديث عن ماتبقى من تراث احمد ، واخبرته ان القليل تراث أحمد من لوحات واعمال ادبية لدى اخيه محمد الجاسم الذي يمتلك الفضل في السعي السنوي للاحتفال بذكريات الحلم المبدع الذي كان يسكن روح احمد .
اخبرني الشاعر فاضل عباس هادي بأن لأحمد تراثا كبيرا ولكنه فقد وتوزع بين الاصدقاء ومنه مشروع رسم لوحات كثيره بعنوان جسور وقد اهدى الراحل للشاعر فاضل عدداً من اللوحات ،ولكنه نساها في واحدة من الحقائب في برلين وتصورها باقية في حقيبة لدى مؤيد الراوي ، لكن بعد استفساره من مؤيد ،فتش مؤيد الحقيبة ولم يجد فيها اللوحات ،وهذا يعني كما يقول فاضل عباس انها في حقيبة اخرى لايعرف مصيرها ...
المهم اينما كانت اللوحات وغيرها والتي ربما عند اصدقاء يرفضون البوح عن امتلاكهم لها فأن الوازع والضمير والمواطنة تدعونا للبحث عن تراث الفقيد وجمعه في مشروع متحف فني نتمنى لمدينة الناصرية ان تؤسسه في واحدة من قاعات متحف مدينة الناصرية الذي اهداءه وبناه للمدينة الثري الارمني سركيس كولمبنكيان الذي كان يملك حصة 5% من نفط العراق.
ونفس ماتعرض له تراث الفنان احمد الجاسم تعرض تراث فنان سومري آخر من ابناء الناصرية وهو الفنان العراقي المعروف عالميا فائق حسين الذي توفي في الولايات الامريكية والذي كان لديه خزيناً هائلاً من لوحات الكرافيك المدهشة والتي اختفت من شقته بعد موته كما اخبرني يوم وفاته الفنان والقاص العراقي فؤاد ميرزا المقيم في امريكا..
اذن الغربة لاتشتت دموع الراحلين في صباحات البعد عن المهد وصافرة استراحة الدرس ، بل تشتت ايضا تراث المبدع الراحل وفي ذلك اسى لخسارة وطنية لتراث كتب عليه ان يُنهب في كل حين وكأننا مقدر لنا ان نضع احلامنا وخزائن تواريخنا تحت رحمة معاول رجال الاثار وقناصل الدول الاجنبية ودبابات المحتلين ونزوات زوجات الحكام اللائي دأبن على استعارة قلائد ملكات سومر من المتحف الوطني لحفلات التباهي ولم يعدن بتلك القلائد في امكنتها التي كتب لها ان تكون مزارا للسواح والزوار لأنها ملك الشعب وليست ملك الحاكم.
وأخيرا جاء المنفى والأغتراب لنهب تراث الراحلين ....
عشر وخمس من الاعوام قد مرت ...
لاشيء يتبقى للعاشق سوى مراجعة رسائل الحب ..وهاهم اصدقاؤك ومحبيك يا احمد الجاسم يستعيدون معك حلاوة ماكان ..وما سيكون هو هذه الجلسة الهادئة التي نقرا فيها مراثينا والذكريات وشيئا شفافاً من بهجة الشوق الى روحك الطرية ...

* قرات في حفل الذكرى الخامسة عشر لرحيل الفنان العراقي احمد الجاسم والذي اقامه البيت الثقافي العراقي في برلين 22 /5 / 2009

مدينة زولنكن / 21 ماي/ 2009




#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسيقى .. لباروكة الملكة الأيزابيث ، ولسوق الغزل* ..
- ديك أوباما ..والمعدان ، هجروا أفغانستان الى فرجينيا ...
- وردة لفلادمير ، قبلة لسليمة مراد ، دودة قز لقميص يوسف ...
- المندائي الطيب .. الله سيغطينا برداءه..
- هلبٌ في علب ...
- المنال والمحال في حمامات النساء
- توراة وعشق وتصوف ...
- لماذا يكره إبن لادن ابو الجوادين ( ع ) ...؟
- وهمٌ اسمه عواصم الثقافة العراقية
- صحراء النخيب ، بين رؤيا القلب ورؤيا الجفن ..*
- ببغاء القصر الجمهوري ..
- القاص محسن الخفاجي ..الذكريات لم تعد جميلة...
- عبد الكريم قاسم وصدام حسين في غرفة واحدة ...
- عن السماوة ، ونيلسون منديلا ..وأشياء أخرى
- من صوفيات من التاسع من نيسان
- نعيم عبد مهلهل يكتب مقدمة كتاب الكاتبة البريطانية أميلي بورت ...
- مهرجان المربد ..( وردة الى حسين عبد اللطيف ، صفعة الى المجام ...
- المعدان ..( التاريخ وجلجامش ، في مهب السريالية ) ..
- عيون المها ..بين برج أيفل وأهوار الجبايش...
- الرافدين.. ورموش العين وعصير العنب...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - الفنان أحمد الجاسم ..صباح أور ..صباح برلين*