أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - »الخصخصة« و»الفلفصة« »1«















المزيد.....

»الخصخصة« و»الفلفصة« »1«


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 08:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الجامعة الأمريكية بالقاهرة مركز بحثي بالغ الأهمية يسمي »مركز توثيق النشاط الاقتصادي« الذي يديره الدكتور عبدالعزيز عز العرب وهو باحث مرموق وله كتابات اقتصادية متميزة.
وهذا المركز يقوم بمهمة خطيرة، لم يخطر علي بال أي جامعة من جامعاتنا »المصرية« الاضطلاع بها، ألا وهي توثيق النشاط الاقتصادي، وفي سبيل ذلك يستضيف كل من له علاقة بـ»البيزنس« ويسجل تجربته و»شهادته« وإلي جانب هذه الشهادة الصوتية يحاول المركز جمع أكبر كمية ممكنة من المستندات والأوراق المكتوبة، وينظم مؤتمرا سنويا لمناقشة قضية محورية يدعو إليها أيضا الشخصيات ذات الصلة.
وفي الفترة من 9 إلي 11 مايو الجاري عقد المؤتمر السنوي السادس لتوثيق النشاط الاقتصادي بمصر والشرق الأوسط.. وتضمن برنامج المؤتمر لقاء مع الدكتور عبدالعزيز حجازي وزير الخزانة والاقتصاد ورئيس مجلس الوزراء في الفترة من 1968 إلي ،1975 ولقاء مع اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي المصري في الفترة من 1993 إلي ،2001 ومحاضرة للدكتور روجير أوين أستاذ التاريخ ودراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد والدكتور روبرت تيجنور أستاذ التاريخ بجامعة برينستون بعنوان: »التاريخ العالمي والتاريخ المحلي: مصر في الزمان والمكان« وعرضا لأبحاث الباحثين في مركز التوثيق الاقتصادي وهي كلها نشاطات مهمة لكن أهم حدث كان هو المائدة المستديرة التي نظمها المركز عن سياسات وممارسات الخصخصة وكانت هذه المائدة المستديرة حدثا استثنائيا ليس فقط لخطورة موضوعها وإنما أيضا لطبيعة الشخصيات التي جرت دعوتها للمشاركة في الحوار حول هذا الموضوع وضمت كوكبة من الوزراء ورؤساء الشركات والقيادات الرسمية السابقة فضلا عن شخصيات مرموقة من الحقل الأكاديمي والاعلام.. كان لي شرف الحضور معهم.
أما لماذا هذا الموضوع بالذات؟ فجاءت الاجابة عليه من الورقة الافتتاحية التي أعدها المركز والتي أوضحت أن »سياسات الخصخصة التي اتبعتها الدولة في العقود الثلاثة الماضية قد اثارت جدلا واسعا شمل الأوساط السياسية والاقتصادية والأكاديمية.
وفي هذا السياق ومن أجل التوصل إلي فهم أعمق للتحولات الهيكلية وتأثير الخصخصة علي القطاع الاقتصادي والاقتصاد الكلي، يؤمن مركز توثيق النشاط الاقتصادي بضرورة دراسة نماذج لبعض الشركات بعينها، وما طرأ عليها نتيجة ادراجها في برنامج الخصخصة وتأتي أهمية هذه الجلسة في عرض ومناقشة تفاصيل وأحداث عملية الخصخصة من خلال تجارب وملاحظات الذين شهدوا تاريخها من واقع خبراتهم في الحقل السياسي والاقتصادي«.
ورغم أن مجرد حديث هؤلاء الذين شهدوا »ميلاد« الخصخصة يعتبر حدثا مثيرا في حد ذاته، لكني لم أتصور أن هذه الشهادات ستكون بمثل هذه الاثارة التي فاقت كل التوقعات.
الدكتور عادل جزارين الرئيس الاسبق لشركة النصر للسيارات ولاتحاد الصناعات بدأ الحوار حول المائدة المستديرة بالتأكيد علي أنه »لم تكن هناك استراتيجية واضحة« للخصخصة في مصر بل وأن مفهومها »مايزال غير واضح« حتي الآن، وأنه قد وقعت أخطاء عديدة في عملية الخصخصة.
عبدالهادي قنديل وزير البترول والثروة المعدنية ورئيس الهيئة المصرية العامة للبترول الأسبق تحدث عن الخصخصة في قطاع البترول، مشيرا إلي أن ثلاثة أرباع الشركات العاملة في هذا القطاع تنتمي أصلا إلي القطاع الخاص، وأن فكرة الخصخصة، عندما بدأ الترويج لها، كان المفهوم منها التخلص من شركات القطاع العام الناجحة أولا، مضيفا »اعترضنا علي هذا المفهوم منذ البداية، فطالما أن هناك شركة ناجحة فلماذا نهدمها؟! وبعد عام 1973 فتحنا الباب أوسع وأوسع للقطاع الخاص وقلنا: من يريد أن ينشئ شركة فليتقدم.
فأنا لا أطعن في القطاع الخاص لكنني منحاز للقطاع العام إذا كانت إدارته ناجحة، والدولة لابد أن يكون لها كلمة في ضبط السوق والدفاع عن احتياجات لناس، لكننا للأسف الشديد فقدنا دور الدولة، وفقدنا قدرتها علي التدخل لأنها فقدت الآليات التي تمكنها من ذلك.
وأضاف عبد الهادي قنديل قائلا: »أنا شخصيا رفضت بيع أية شركة من الشركات القائمة، وإذا كان هناك اتجاه لتشجيع الخصخصة فإن السوق موجود أمام القطاع الخاص فلينشئ ما شاء من شركات جديدة، لكن التطبيق العملي يقول لنا قصة أخري: فأول شيء يفعلونه هو أن يأخذوا العمالة التي دربناها، كما سمعنا عن فضائح كثيرة منها أن يباع مصنع بمائة مليون جنيه ويقوم من اشتراه بهذا المبلغ الزهيد ببيعه بألف مليون بعد بضعة شهور!
المهندس محمد عبد الوهاب وزير الصناعة الأسبق ألقي بعدد من القنابل شديدة الانفجار.
أولا: أن الحكومة لم تصلح الشركات الخاسرة ليس لأنها فقيرة وإنما لا تريد أن تصلح، ولو أنها كانت تريد الإصلاح لفعلت، لكن الايديولوجيات - وليس الخبرة أو الامكانيات - كانت هي المحرك للحكومة.
وأكد عبد الوهاب أن سؤال: لماذا نقدم علي الخصخصة؟ لم يكن مطروحا ولم يكن مطلوبا الاجابة عليه وعندما حاول واحد مثلي أن يجيب علي هذا السؤال كان ذلك وضعا شاذا.
والمؤكد أن الفكرة في الخصخصة لم تأت من داخل مصر بل جاءت من خارجها فيما أسماه البعض »أذان الخصخصة« وأن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كانا يلحان: لماذا لا تخصخصوا؟ ونحن - كحكومة - كنا نحاول »الفلفصة«.
سألنا البنك: لماذا نخصخص؟ أجابوا: لأن القطاع الخاص أكثر كفاءة ولا نريد الدخول في جدل عن سبب عدم ربحية القطاع العام، فأغلب من يتكلمون في هذا الموضوع لا يعلمون الحقيقة، فإذا كان الهدف هو تمكين القطاع الخاص للقيام بدور أكبر فهذا هدف لا خلاف عليه، لكن هناك هدفاً أكبر من ذلك هو أن اقتصادنا »ضيق جدا« ويحتاج إلي »توسع«.
ولن يتحقق ذلك ببيع نفس العمارة المأهولة بالسكان من »فلان« إلي »علان«، فهذا البيع - حتي لو تحسن المبني - لن يزيد عدد الوحدات السكنية، وبينما كان المفترض أن يكون هدف السياسة الاقتصادية هو التوسع الأفقي لم يتم الالتفات إلي هذا الهدف نهائيا في تلك الفترة.. حتي الآن.
قلنا لهم: سيبوا اللي ماشي ماشي وضعوا استثمارات القطاع الخاص في أنشطة جديدة، فكيف نأخذ المدخرات ونضعها في مشروعات قائمة بالفعل؟!
هذا الكلام قالته الحكومة في ذلك الوقت.. لكن أنصار الخصخصة - بالطريقة التي تمت بها - كانت لهم فلسفة أخري هي »شراء العبد ولا تربيته« ولا يزال هذا هو شعارهم حتي اليوم.
واستشهد المهندس محمد عبد الوهاب بتجرية انجلترا، التي ارتبط برنامج الخصخصة باسم رئيسة وزرائها السابقة. مرجريت تاتشر قائلا: إن انجلترا التي بدأت قصة الخصخصة كانت تعتقد بضرورة وضع برنامج لرفع انتاجية الصناعة، وأنه ليس بإمكانهم تحقيق ذلك في ظل الادارة المتحفظة، فسعوا إلي ايجاد شركاء في صناعاتهم يحققون هذا الهدف، فقاموا - مثلا - بدعوة الشركات اليابانية لتطوير صناعة السيارات.. إلخ.
وكشف المهندس محمد عبد الوهاب النقاب عن أنه سأل مرجريت تاتشر عندما قابلها: لماذا قمت بالخصخصة؟
فقالت: لم تكن المشكلة.. لدينا هي توسيع القاعدة الاقتصادية بل تحسين الأداء.
وبعد استعادته لذكريات السؤال والجواب عاد وزير الصناعة الأسبق إلي الواقع المصري، مؤكداً أن »مصر مختلفة، حيث لم تكن لدينا قاعدة اقتصادية واسعة أصلا«.
واستباقاً للاتهام الجاهز بأن ذلك قد يفسر علي أنه »كلام اشتراكي« قال عبدالوهاب »نحن لسنا ضد الخصخصة إذا كانت تعني دوراً قياديا للقطاع الخاص بفكره وفلوسه.. لكن هذا ليس هو ما حدث، بل إن الذي حدث وصل إلي حد »الفضيحة« في بعض الأحيان، كما هو الحال مع قطاع الأسمنت الذي أصبحت اليد الطولي فيه للأجانب.
ورداً علي شكوي بعض أقطاب القطاع الخاص من عدم وجود عمالة مدربة قال محمد عبد الوهاب: إن هذا أمر له علاقة بالخصخصة ودور القطاع الخاص في التنمية، وتساءل: لماذا لا يقوم القطاع الخاص بتدريب العمالة التي يحتاجها؟
واستطرد قائلا بمرارة: أنا مكسوف لهم! فالقطاع العام كان يقوم بالتدريب ويجب الا تتوقف الوحدات الانتاجية عن تدريب العمال.
خيوط هذا التساؤل الحائر جذبت خيوط تساؤل آخر هو أين القطاع الخاص من أهم عناصر الصناعة، وهو البحث والتطوير فالمعرفة الآن هي العنصر الحاسم.. وهو عنصر غائب تماما.
وعلي وجه الإجمال فإن المصيبة وقعت.. والمهم ماذا سنفعل بعد ذلك؟!
بهذا السؤال اختتم المهندس محمد عبد الوهاب مداخلته الأولي في المائدة المستديرة التي كانت ساخنة أصلاً وزادها وزير الصناعة الأسبق سخونة واحتداما.
وللحديث بقية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -استثمار- الموت
- دورة الزمان: من ترومان إلى أوباما!
- مصريون -مع- التمييز!
- مصريون ضد التمييز
- نبيل العزبى وجمال أسعد.. ثنائية النجاح فى عيد أسيوط القومى
- الطوفان.. قادم
- وهابيون.. حتي في الكنيسة القبطية
- -الست هدى- .. مرأة حديدية أقوى من فاروق حسنى!
- أدب السجون: كتابات تقشعر لها الأبدان!!
- عبدالملك خليل
- إعطنى هذا الدواء
- إمسك .. بهائى!
- سيادة النائب العام.. شكرًا
- هل نحتاج إلي قانون جديد لمكافحة الارهاب؟!
- انتبهوا أيها السادة: نتيجة امتحاننا في »النزاهة«.. ضعيف جدا
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة . ...
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة 5 ...
- حلم .. ولاّ علم؟!
- من يشعل النار فى قلب القاهرة الخديوية؟!
- كيف يتعامل الاعلام المصرى مع تحديات العولمة؟


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - »الخصخصة« و»الفلفصة« »1«