أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - في الحاجة إلى تعريب التشيع














المزيد.....

في الحاجة إلى تعريب التشيع


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 10:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا عدنا إلى الأصول التاريخية الأولى للتشيع ؛ و التي ربطناها في مقال سابق بخلافات سياسية ترتبط بسؤال الخلافة ؛ فإننا نجدها ذات بعد عربي صرف ؛ فالصراع السياسي الذي جرى وولد التشيع ؛ كان صراعا عربيا صرفا؛ بل و قرشيا بين عائلتين عريقتين في قريش ؛ عائلة الأمويين ( معاوية بن أبي سفيان ) و عائلة الهاشميين ( علي بن أبي طالب ) .
و تؤكد المصادر التاريخية أن العائلتين معا كانتا تقتسمان النفوذ في مكة قبل مجيء الإسلام ؛ و ظل هذا الوضع قائما حتى بعد مجيء الإسلام ؛ فأبو سفيان الأب ظل مدافعا عن مكانة الأمويين حتى آخر لحظة ؛ و حتى عندما فكر في الدخول إلى الإسلام ؛ الذي كان يعتبره دخولا تحت لواء الهاشميين ؛ ظل مدافعا عن مكانة الأمويين ؛ و لعل أبلغ ما يعبر عن ذلك هو أن النبي تكريما لأبي سفيان عند دخول مكة ؛ نادي في قريش : " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" و زاد على ذلك بأن استقبل أبا سفيان استقبال المنتصرين ؛ رغم أن المسلمين دخلوا مكة بعد أن تمكنوا منها عبر القوة .
و لعل هذا هو ما يؤكد بالملموس مكانة الأمويين في مكة ؛ هذا الأمر الذي فطن له الرسول و تعامل معه بحنكة ؛ لأنه يعرف أن من يمتلك مقاليد الاقتصاد في مكة لا يمكنه أن يخضع خضوع المنهزمين ؛ بل و حتى إن أبدى ذلك فهو يفكر في استرجاع مكانته .
عندما اجتمع شمل أهل مكة بعد دخول المسلمين إليها ؛ جلس أبو سفيان إلى جنب أبي بكر الصديق ؛ و جعل يتفحص جيش المسلمين ؛ و ما يتميز به من قوة و همس لأبي بكر: " ما أعظم ملككم " ! لكن أبا بكر كان أكثر فطانة بما يخفي أبو سفيان ؛ فأجابه : " إنها النبوة " .
كان أبو سفيان ينظر إلى المسلمين الذين دخلوا مكة ؛ ليس باعتبارهم مسلمين ؛ و لكن باعتبارهم يشكلون جيشا هاشميا ؛ و كذلك كان ينظر إلى انتصار المسلمين كانتصار للهاشميين على الأمويين .
لذلك فإنه ظل يخفي طموحا خفيا لاستعادة أمجاد الأمويين ؛ حتى و هو بين المسلمين بعد أن أعلن إسلامه ؛ و هذا الطموح هو ما سيعمل معاوية خليفته على تحقيقه فيما بعد ؛ حينما سيحول النبوة إلى ملك ؛ و سيحقق طموح زعيم الأمويين .
و على الطرف الآخر ( الهاشمي) فإن طموح علي بن أبي طالب ( ابن عم النبي) و حتى طموح العباس ( عم النبي) لم يكن يختلف عن طموح أبي سفيان ؛ فهو طموح يرتبط بهدف أساسي هو تحقيق الاستمرارية في تقلد الهاشميين للسلطة ؛ باعتبارهم العائلة التي تمتلك رأسمالا رمزيا ؛ ارتبط قبل مجيء الإسلام برعاية الأماكن المقدسة (سقاية الحاج و رعاية المسجد الحرام ) ؛ كما ارتبط بعد مجيء الإسلام باحتضانهم للنبوة ؛ و هو رأسمال لا يقل أهمية عن الرأسمال الاقتصادي ؛ الذي يمتلكه الأمويون ؛ العائلة التي تمتلك مقاليد تجارة مكة .
إننا حينما نثير الحديث حول قريش و ضمنها عائلتان كبيرتان ؛ كانتا تقتسمان النفوذ داخلها ؛ فإننا في الحقيقة نثير الحديث حول التشكل الأولي لمذهبي السنة و الشيعة ؛ و هو تشكل يرتبط بالبيئة السياسية و الاجتماعية و الثقافية العربية ؛ و ذلك من خلال نشوب صراع حول النفوذ في مكة ؛ و حول من يمتلك مشروعية قيادة العرب ؛ بعدما تمكنت قريش كقبيلة من احتكار تمثيل العرب سياسيا و دينيا و لغويا ... و ضمن قريش لا يمكن الحديث عن هذا الصراع خارج العائلتين اللتين تقتسمان نفوذ قريش و العرب ( الهاشميون و الأمويون ) ؛ و هما العائلتان اللتان تمتلكان رأسمالا يمكنهما من قيادة قريش خاصة و العرب عامة باسم الإسلام و الخلافة .
إن هذه الخلفية التاريخية مهمة خلال هذه المرحلة ؛ التي يثار خلالها الحديث عن السنة و الشيعة ؛ كمذهبين يشكلان في الأخير خارطة العالم الإسلامي ؛ و تكمن إثارة هذه الخلفية التاريخية الآن في محاولة ربط العرب بذاكرتهم التاريخية ؛ التي يعرف الآخرون كيف يستثمرونها لخدمة مصلحتهم ؛ و تهديد الوجود العربي ؛ و ذلك لأن الذاكرة أحيانا تنجح في فك طلاسم الكثير من الأـحداث التي نعايشها في حاضرنا .
من هذا المنظور إذن فإن ما يسمى بالمذهب الشيعي ؛ هو جزء لا يتجزأ من الذاكرة التاريخية العربية ؛ يرتبط جوهريا بمجموعة من الأحداث التي عاشها التاريخ العربي ؛ أما ما يثار بخصوص ارتباط هذا المذهب بالقومية الفارسية ؛ فهو أمر لا يحدثنا به التاريخ ؛ لذلك فإننا يمكن تناوله من زاوية سياسية صرفة ؛ باعتبار يشكل إيديولوجية الدولة الفارسية ؛ رغم أنه لا يشكل جزءا من الذاكرة التاريخية للفرس .
يقودنا هذا الحديث في الأخير إلى إثارة موضوع التشيع العربي؛ من منطلق أن مجموعة من الدول العربية ينتشر فيها المذهب الشيعي ( لبنان – سوريا- البحرين – العراق...) ؛ و في هذا الإطار يجب أن نذكر بأن التشيع جزء من الثقافة العربية ؛ و لذلك لا يجب أن يتحول إلى خدمة للأجندة الإيرانية في المنطقة العربية ؛ بل يجب أن يرتبط بأصوله الأولى ضمن الثقافة العربية ؛ و يتحول بذلك من وسيلة للضغط الذي تمارسه إيران على مجموعة من الدول العربية بخصوص مجموعة من القضايا ؛ إلى مذهب ديني يمتلك مرجعية عربية ؛ مثله في ذلك مثل مذهب السنة .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصوصية الروحية المغربية : ما بين السنة و الشيعة
- الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي
- خطر التشيع و التحدي الاستراتيجي الإيراني
- الشيعة و السنة : المذهبية الدينية في خدمة الإيديولوجيا السيا ...
- مفهوم الأمن الأخلاقي : دفاعا عن القيم المغربية المشتركة
- مفهوم الأمن الروحي و ترسيخ الخصوصية الروحية المغربية
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية : حول المقاربة ...
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية الإسلامية : ال ...
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية - نقد مسلمة ال ...
- القراءة العلمية للظاهرة الدينية مدخل نحو التأسيس للعلمانية
- ما بين العلمانية و العلمانوية : في الحاجة إلى القراءة العلمي ...
- في الحاجة إلى النقد المزدوج : ما بين التطرف اليساروي العلمان ...
- في الحاجة إلى نبذ ثقافة الشيخ و المريد : تعقيبا على مريدي وف ...
- بعد الحلقة الأخيرة من سلسلتها : وفاء سلطان امرأة عابرة في كل ...
- الظاهرة الحمساوية و الظاهرة الليبرمانية : لا بد من تدارك الخ ...
- العراق الجديد : الفينيق ينبعث من رماده
- طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر
- ما بين خالد مشعل و محمود عباس : صراع التصريحات في وضع فلسطين ...
- بعدما فشلت في الخارج صواريخ القسام تسعى إلى قلب المعادلة في ...
- الدرس الذي يجب أن يستوعبه العرب :العثمانيون الجدد أصحاب مصال ...


المزيد.....




- رويترز: الإمارات لديها مخاوف من الميول الإسلامية لقادة سوريا ...
- وسط سرية تامة... الكرادلة يبدأون انتخاب بابا جديد في مجمع مغ ...
- الكرادلة الناخبون يبدأون مراسم التصويت في الفاتيكان لانتخاب ...
- بدء مراسم انتخاب بابا الفاتيكان الجديد.. الأنظار تتجه لسطح ك ...
- -ساعة الحسم-.. انتخاب بابا الفاتيكان، كيف؟
- الكرادلة يبدؤون مراسم انتخاب بابا الفاتيكان الجديد
- فوز زعيم الاتحاد المسيحي فريدريش ميرتس مستشارا لألمانيا
- اعتقالات بالضفة ومستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- جماعة -سانت إيجيديو- الكاثوليكية.. بين الدبلوماسية الهادئة و ...
- بالخطوات.. عملية انتخاب بابا الفاتيكان الجديد ومعنى لون الدخ ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - في الحاجة إلى تعريب التشيع