أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حامد الحمداني - الشعب العراقي والخيارات المرة!!















المزيد.....

الشعب العراقي والخيارات المرة!!


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 811 - 2004 / 4 / 21 - 04:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لم أشعر بهذا الحجم من القلق والحزن على ما يعانيه شعبنا العراقي الأبي هذه الأيام ، وما ينتظره في الأيام القادمة من أحداث خطيرة لم يعد بمقدوره تحمل المزيد منها ، فكأنما ما تحمله من ظلم وبطش وطغيان على أيدي نظام القتلة البعثيين الفاشست خلال 35 عاماً من حكمهم البشع لم تكن كافية وأن عليه أن يتحمل المزيد ..
ولم يهنأ شعبنا بالفرحة لتخلصه من النظام الصدامي وحروبه الدموية ومجازره التي فاقت كل تصور ، فقد كان في الأيام التي سبقت سقوط النظام يتنازعه شعوران متناقضان ، شعور بالرغبة والفرح الغامر في التخلص من ذلك النظام الكريه من جهة ،وشعور بالألم والقلق لتعرض العراق للاحتلال الأنكلو أمريكي من جهة أخرى ، ولا سيما وأن شعبنا قد خبر الدول الاستعمارية وأهدافها البعيدة المدى في استغلال ثروات الشعوب ، ولقد أكدنا فيما سبق وفي مقالات عدة أن الولايات المتحدة لم تأتِ لإنقاذ الشعب العراقي من الطغيان الصدامي ،وتضحي بجنودها وبعشرات المليارات من الدولارات لسواد عيوننا ، وهي التي تتحمل مسؤولية وصول تلك العصابة العفلقية إلى الحكم عام 1963،وعام 1968، ومدها بكل مقومات الحياة والبقاء وسخرتها لتنفيذ مخططاتها في المنطقة ، فهي التي دفعت صدام حسين لشن الحرب على إيران نيابة عنها ،تلك الحرب التي استمرت 8 سنوات ،والتي لم يكن لشعبنا فيها ناقة ولا جمل كما يقول المثل العربي الدارج ، وجهزته بمختلف الأسلحة والمعدات ومنها أسلحة الدمار الشامل ،وكان هدف الولايات المتحدة من تلك الحرب إشغال البلدين الكبيرين في حرب مدمرة وتدمير مقوماتهما الاقتصادية لكي يبقَ الخليج ومكامن النفط فيه في مأمن من خطرالدولتين، وهكذا دفع الشعب العراقي ثمناً باهظاً من دماء أبنائه جاوزت النصف مليون ضحية من الشباب بالإضافة إلى جيش من الأيتام والأرامل والمعوقين ،ناهيك عن استنفاذ كل مدخراتنا المالية ، بل وإغراقنا بالديون وتدمير البنية التحية للعراق في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية .
وبعد انعطاف الحرب إلى حرب ناقلات النفط في الخليج اضطرت الولايات المتحدة إلى استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف الحرب التي قال عنها هنري كيسنجر في مذكراته بالحرف الواحد :
{أنها الحرب التي أردناها أن تستمر أطول مدة ممكنة ولا يخرج منها احد منتصراً } !!!.
ولم يكد الدكتاتور صدام حسين يدع شعبنا يتنفس نسيم السلام حتى أدخلنا في حرب أفظع بغزوه للكويت الشقيق ، ونصبت الولايات المتحدة له الفخ لكي يُدخل قواته في الكويت لكي توجه له الضربة القاضية ،وتتخلص من أسلحة الدمار الشامل التي جهزته بها إبان حرب الخليج الأولى ، فكانت حرب الخليج الثانية عام 1991 والتي جاءت على ما تبقى من بنية العراق التحتية ،وأغرقته بمزيد من الديون ،وفرضت عليه تعويضات حرب بأرقام فلكية ،ولم تكتفِ الولايات المتحدة بكل هذه الكارثة التي حلت بشعبنا جراء الحروب تلك فكان أن فرضت الحصار الاقتصادي الجائر على شعبنا دون حكامه المجرمين بحق الشعب والوطن ، ذلك الحصار الذي امتد 13 عاماً ذاق شعبنا خلالها أقسى حالات الإذلال والمعانات والفقر الذي لم يعرف له مثيلاً من قبل والذي أدى بدوره إلى انهيار البنية الاجتماعية ،والتي لن يتم إصلاحها إلا عبر أجيال .
وهكذا كانت أمنية الشعب العراقي أن يتخلص من ذلك النظام الذي جلب له كل هذه الكوارث ، لكنه كان عاجزاً عن تحقيق هذا الهدف بسبب الطبيعة الفاشية العنيفة للنظام الصدامي وأساليب القمع الوحشية ضد كل من يشتبه بمعارضة النظام ولو بالكلمة .
ونتيجة لذلك الوضع انقسم المجتمع العراقي إلى قسمين ،فالقسم الأول كان يتمنى إسقاط النظام الصدامي من دون حرب واحتلال لإدراكه ما يعنيه الاحتلال ، وما هي غاياته وأهدافه المبطنة والبعيدة المدى ، والقسم الثاني تمنى أن يتم إسقاط النظام على أيدي كائن من كان ، وحتى لو جاء عن طريق الحرب والاحتلال دون إدراك لعواقب الحرب والاحتلال ، ولقد أكدنا قبل إسقاط النظام الصدامي في مقالات عديدة على مخاطر الحرب والاحتلال ودعونا الدكتاتور للتنازل عن السلطة ومغادرة البلاد وإنقاذ العراق وشعبه من الحرب المدمرة ونتائجها الكارثية .
لقد كانت من نتائج تلك الحرب نهاية حكم الطاغية ،وامتلاك شعبنا فسحة كبيرة من الحرية أظهرت إلى السطح مخاطر جديدة أقضت مضاجع شعبنا وجعلته يعيش في دوامة من القلق والرعب جراء فقدان الأمان أولاً ، وجراء ظهور قوى ظلامية مدعومة من وراء الحدود تسعى لفرض نظام ظلامي متخلف يعود بشعبنا القهقرة مئات السنين ويحاول فرض أجندته على المجتمع العراقي بقوة السلاح الذي اغرق طاغية العراق به قبل الحرب حيث يتجاوز 8 ملايين قطعة من مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة ، وأخذت هذه القوى الظلامية تمارس شتى الأساليب القسرية والتجاوز الفض على حقوق وحريات المجتمع وبشكل خاص على المرأة التي تمثل نصف المجتمع العراقي .
أن ما يسمى بحركة مقتدى الصدر ، والتي يقف وراءها حكام إيران ، باتت اليوم تمثل خطراً كبيراً على مستقبل العراق،وهي تهدد بوقوع حرب طاحنة لا احد يستطيع تقدير ما ستخلفه من ويلات ومصائب لشعبنا المنكوب أصلاً . وكأنما بات على الشعب المظلوم الذي تخلص من نظام العفالقة القتلة ليقع فريسة القوى الظلامية التي تستغل الدين الأسلامي الحنيف للوثوب إلى السلطة بقوة السلاح ،وفرض نظام طالباني جديد .

وفي الوقت نفسه تخوض قوى البعث الفاشية التي أنشأها ورعاها الدكتاتور صدام حسين صراعاً مريراً من اجل استعادة فردوسها المفقود والوثوب للسلطة من جديد بعد أن استفاقت من صدمتها جراء انهيار النظام الصدامي في التاسع من نيسان 2003 ، ومن أجل تحقيق أحلامها هذه تمارس هذه القوى الشريرة أبشع الجرائم بحق شعبنا ،من تفجير السيارات المفخخة وبالانتحاريين القتلة القادمين من وراء الحدود المتعاونين معهم،وتخريب البنية التحتية للعراق والحيلولة دون إعادة بناء ما خربته الحروب الصدامية وممارسة الخطف ضد الأجانب وقتلهم والتمثيل بجثثهم لكي تجبرهم على مغادرة البلاد ، وإيقاف عجلة إعادة تعمير العراق .
هكذا إذا أصبح شعبنا يقف أمام خيارات ثلاث أحلاهما مر ، فلا هو قادر على تحمل عودة النظام العفلقي الفاشي الذي أذاقه من الويلات والمصائب ما يعجز القلم عن وصفها ، ولا هو قادر على العيش في ظل نظام ظلامي متخلف كالذي شهدناه في أفغانستان على أيدي طالبان ،وهذه القوى جميعاً تدفع شعبنا ،بسلوكها هذا، بالقبول بوجود القوات الأجنبية المحتلة في المدى القريب على أقل تقدير ، وهكذا انطبق علينا قول المتنبي :
{ وشر البلية على الحر أن يرى *****عدواً له ما من صداقته بُدُ}
فخروج قوات الاحتلال في الوقت الراهن لا تعني سوى إحدى نتيجتين ، فإما عودة القوى العفلقية الفاشية إلى الحكم من جديد ، وأما هيمنة القوى الظلامية على مقدرات العراق وكلتا النتيجتين تمثلان كارثة حقيقية .
وبات علينا أن ننتظر تسلم العراقيين للسلطة وتهيئة الظروف الأمنية المناسبة لمطالبة قوات الاحتلال بالرحيل عن العراق ، فلا استقلال حقيقي دون خروج هذه القوات ،وسيخوض شعبنا بعد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد النضال السلمي لتحقيق سيادة واستقلال العراق الناجزين ، وإذا تحققت أماني شعبنا بخروج هذه القوات سلمياً فهو على أتم الاستعداد لإقامة أوثق العلاقات وفي مختلف المجالات مع الولايات المتحدة وسائر الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة واحترام السيادة والاستقلال ، وإذا لم تتحقق هذه الأهداف سلمياً فمن حق شعبنا أن يصعد أساليب نضاله ،ويمارس حقه المشروع والذي تقره الشرائع الدولية .
أن من المؤسف أن القوى الديمقراطية لا تستطيع لعب دور بارز وفعال في الوقت الراهن جراء ما تعرضت له من قمع شرس على أيدي النظام الصدامي ، وهي تحتاج إلى المزيد من الوقت لبناء قاعدتها الجماهيرية وتوسيعها وتنوير أبناء شعبنا بأهمية بناء نظام ديمقراطي حقيقي في العراق يحفظ الحقوق والحريات العامة لشعب ، ويتصدى لأي تجاوز على هذه الحقوق وفي سائر المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المجالات الأخرى .
ربما يتصور البعض أنني قد رسمت صورة متشائمة لمستقبل العراق ، لكنني أقول وبقوة أنني لست متشائماً أبداً ، وأنا مؤمن بأن المستقبل لا بد أن يكون في نهاية المطاف للديمقراطية ، لكنني عرضت الواقع الذي يعيش فيه شعبنا حالياً وحذرت من المخاطر التي يمكن أن يعرض لها من قبل القوى الفاشية والقوى الظلامية المتخلفة لكي يعي شعبنا المخاطر المحدقة به وسبل الخروج من المحنة التي هو فيها وصولاً إلى شاطئ الحرية والديمقراطية والسلام .



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي كابوس دهانا - في ذكرى حملة الأنفال الفاشية
- ماذا يريد السيد مقتدى الصدر ؟
- التآخي العربي الكردي حجر الأساس الصلب لعراق ديمقراطي متحرر
- في العيد السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي مسيرة نضالية ش ...
- تحية لأشقائنا الكورد في عيد النورز المبارك
- بعد عام من الاحتلال ،العراق إلى أين ؟
- تحية للمرأة العراقية في عيدها الميمون
- المجرمون يصبغون شوارع كربلاء والكاظمين بالدماء ينبغي قطع رؤو ...
- مزوروا التاريخ ،حازم جواد نموذجاً
- لماذا تتجاهل الولايات المتحدة تخريب قناة الجزيرة ؟
- الوطنية العراقية أو الطوفان!!
- في الذكرى الحادية والأربعين لأغتيال ثورة 14 تموز وقائدها الش ...
- رئيس مستقل وحكومة تنكوقراط في المرحلة الانتقالية السبيل لتجن ...
- تفجيرات أربيل اعتداء غاشم وجريمة خطيرة
- ألا يستحق شهدائنا وسجناء النظام الصدامي التكريم !!
- عقد مؤتمر وطني ووضع برنامج مستقبلي للعراق ضرورة ملحة العراق ...
- جريمة الاعتداء على أحد مقرات الحزب الشيوعي ناقوس خطر يهدد ال ...
- حذار من الطغيان الطائفي بعد الطغيان البعثي
- مجلس الحكم ينتهك حقوق المرأة أول الغيث قطر ثم ينهمر!!
- أوقفوا تجاوزات أدعياء الدين على حقوق وحريات المواطنين!


المزيد.....




- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعتقل 4 مواطنين و9 إثيوب ...
- اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون -خدعة- أو مقدمة لحرب مدمرة
- بسبب استدعاء الشرطة.. مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للت ...
- روسيا تستهدف منشآت للطاقة في أوكرانيا
- الفصائل العراقية تستهدف موقعا في حيفا
- زاخاروفا: تصريحات المندوبة الأمريكية بأن روسيا والصين تعارضا ...
- سوناك: لندن ستواصل دعمها العسكري لكييف حتى عام 2030
- -حزب الله-: مسيّراتنا الانقضاضية تصل إلى -حيث تريد المقاومة- ...
- الخارجية الروسية: موسكو تراقب عن كثب كل مناورات الناتو وتعتب ...
- -مقتل العشرات- .. القسام تنشر فيديو لأسرى إسرائيليين يطالبون ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حامد الحمداني - الشعب العراقي والخيارات المرة!!