أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أحمد عثمان - خطوات محسوبة ضمن تداعيات مذكرة توقيف البشير















المزيد.....

خطوات محسوبة ضمن تداعيات مذكرة توقيف البشير


أحمد عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 09:03
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    



المراقب للساحة السياسية السودانية، يجد أن مذكرة توقيف الرئيس البشير الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية مازالت تلقي بظلالها على المشهد السياسي رغم إدعاء الحكومة السودانية أن مفاعيلها قد إنتهت. والناظر للحراك السياسي ولنشاط أطراف مؤثرين بالحكومة مثل د. نافع على نافع، يجد أن محاولات التفاوض مع المجتمع الدولي حول مآل مذكرة التوقيف يأتي في مقدمة هموم المؤتمر الوطني الحاكم. والدلالت كثيرة منها زيارة المذكور لفرنسا والتي وصفت بالفشل، ومفاوضات السودان/ تشاد بالدوحة والتي إنتهت بتوقيع إتفاق مشهود تعرض لإمتحان كبير بعد أيام من توقيعه، وجولة المفاوضات المتوقعة بالدوحة أيضاً بين الحكومة والحركات المقاتلة بدارفور، بالإضافة للتعديلات الوزارية المحدودة التي تمت مؤخراً.

فالواضح أن زيارة د. نافع لفرنسا قد جاءت في إطار محاولة الوصول لتسوية سياسية مع الحكومة الفرنسية للتخلي عن دعمها للمحكمة الجنائية الدولية وممارسة ضغوط علي السيد/ عبدالواحد لإلزامه بتغيير موقفه والقبول بالجلوس إلى مائدة مفاوضات الدوحة للوصول إلى حل سياسي متفاوض عليه. وفشل هذه الزيارة في تحقيق أهدافها تؤكده تصريحات د. نافع بعد إنتهائها وإصراره على أن مذكرة التوقيف هي قرار سياسي حيث أكد أنه عرض عليهم عدم ترشيح البشير للإنتخابات الرئاسية القادمة في مقابل تسوية أمر المذكرة المنوه عنها. ونحن لانستبعد أن يكون هذا العرض قد تم تقديمه بالفعل في إطار محاولة تسييس مذكرة التوقيف من قبل فرنسا لعلمها برغبة الحكومة السودانية في هذا التسييس وعدم رغبتها بل وعجزها التام عن مواجهتها في إطارها القانوني. وهذا بالطبع لاينفي واقعة صدور المذكرة المذكورة بشكل قضائي صحيح سبق وأن نوهنا لصحته في مقالات سابقة وأكدنا أن الرغبة في التسييس متبادلة وأن الحكومة السودانية هي الأعلى باعاً في هذا التسييس، وأن الدول الغربية راغبة في إستخدام المذكرة لتركيع النظام لا لتحقيق العدالة، وهاهي الأيام تثبت صحة ماذهبنا إليه. ففرنسا لن تستمر في المطالبة بتطبيق العدالة في حال إلتزمت الحكومة السودانية بمراعاة مصالحها وعدم دعم المعارضة التشادية والسعي لحل مشكلة دارفور بتسوية سياسية تقود لإستقرار الوضع في تشاد وإنهاء التهديد المستمر لنظامها السياسي القادم عبر الحدود. ولعلنا نصيب حين نقول بأن الهجوم الأخير على الحكومة التشادية من قبل المتمردين المدعومين من الحكومة السودانية والقادمين عبر الحدود برغم أن إتفاق الدوحة لم يجف مداده، يحمل في ثناياه رسالة واضحة لفرنسا المتشددة في شروطها والرافضة لتقديم تنازلات ، تؤكد أن الحكومة السودانية قادرة على الإستمرار في زعزعة الإستقرار وتهديد مصالحها بتشاد، وأن على فرنسا أن تأخذ ذلك في إعتبارها عند التفاوض. وهناك بالطبع رسائل مهمة لحركات دارفور وعلى رأسها حركة العدل والمساواة ، بأن نظام دبي غير مستقر بتشاد وأن من الأفضل لها التمسك بمنبر الدوحة والوصول لحل تفاوضي قبل فوات الأوان و فقدانها لملاذها الآمن وللدعم. فالهجوم على تشاد لايمكن أن يفهم في سياق الرغبة في خرق إتفاق الدوحة وإفساد العلاقات مع دولة قطر صاحبة المبادرة، بل في سياق تحسين الوضع التفاوضي للحكومة السودانية في مواجهة فرنسا وحركات دارفور بإرسال الرسائل وإنكار التدخل ودعم التمرد التشادي في نفس الوقت.

وبالمقابل للتكتيك الهجومي المتمثل في دعم حركات التمرد التشادية، يتم إرسال رسائل أخرى محسوبة للمجتمع الدولي، عبر التعديل الوزاري المحدود الذي أعلنته الحكومة السودانية وطال مقاعد المؤتمر الوطني بالحكومة. فإقالة أحمد هارون المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية والمعتبر هارباً من العدالة الدولية من وزارة الشؤون الإنسانية وتنصيبه والياً بإحدى ولايات كردفان، محاولة لإبعاد الذكور من مواقع الإستفزاز المباشر للمجتمع الدولي ومن واجهة الحكومة المركزية إلى ولاية من الولايات مهما كان شأنها. كذلك إبعاد بروفيسور/ الزبير بشير طه من وزارة الزراعة المركزية إلى ولاية الجزيرة، يأتي في سياق تقليص سلطات جميع المشتبه بمشاركتهم في جرائم دارفور من قبل المحكمة الجنائية الدولية بإعتبار أن المذكور كان وزيراً للداخلية وأن هنالك تسريبات بأن إسمه من ضمن لائحة الواحد وخمسين الشهيرة. ويلاحظ أن تعيين هارون يحقق أهداف أخرى، من ضمنها إرسال رسائل تحذيرية لأبناء الولاية التي تم تعيينه والياً عليها بإمكانية تكرار مافعله بدارفور بولايتهم التي تشهد نذر التوتر والإضطراب، والأمر لايخلو من رسائل واضحة للحركة الشعبية الشريكة في الحكم، حول مآلات الصراع حول أبيي ومايمكن أن يفعله الوالي المذكور صاحب التاريخ المعلوم. فإقصاء هارون عن وزارة الشؤون الإنسانية في هذه المرحلة، خطوة أولى في إتجاه تغييبه عن المشهد السياسي في حال التوصل إلى تسوية مع الدول المعنية تقود لتعليق مذكرة التوقيف لعدة أشهر، أو إستثمار مواهبه المعلومة في معالجة الوضع الحساس بالولاية التي عين فيها في حال فشل تلك التسوية، وربما الأمرين معاً لحين تغييب. ومن المهم ملاحظة أن د. نافع ضمن تصريحاته المنوه عنها أعلاه، قد ذكر بأن فرنسا لاتمانع في أن يستمر البشير في السلطة لفترة إنتقالية يتم تغييبه بعدها عن الساحة السياسية، فإن صح ذلك قبول هذه الإستمرارية يستلزم بلامناص إستبعاد الآخرين إن لم يكن تسليمهم لاحقاً وهارون أولهم. وبما أن الصفقة السياسية متوقعة بين المؤتمر الوطني والدول المعنية بتوظيف مذكرة التوقيف، فإن المبادرات الأولية كالإقصاء عن المركز، وحجب الأضواء ، والإبعاد عن مواقع الإحتكاك المباشر مع منظمات العون الإنساني الدولية، تأتي في إطار إبداء حسن النوايا والرغبة في تقديم التنازلات، في حين يأتي دعم التمرد التشادي في إطار دعم المركز التفاوضي لتحديد سقوف هذه التنازلات ولا تناقض بين الأمرين.

فالواضح أن نظام المؤتمر الوطني قد قرر إرسال رسائل واضحة لالبس فيها توضح أنه سيقبل تقديم تنازلات حول الأشخاص ومواقعهم، بشرط السماح بالوصول إلى تسوية شاملة لقضية دارفور والنزاع مع دولة تشاد في نفس الوقت، وفقاً لشروط مقبولة له ودون إستسلام تام للشروط المفروضة من الدول التي ترغب في توظيف مذكرة التوقيف سياسياً، والتي حشرته حيث أرادت تماماً. و يلاحظ أن المساومة بالأشخاص قد تراوحت بين التقديم للمحاكمة (كوشيب) للإبعاد من الحكومة المركزية (هارون) مع تصريح مريب للبشير في برنامج حوار مفتوح بقناة الجزيرة، حول أنه يفضل رتبته العسكرية على رئاسة الدولة وأن ترشيحه للرئاسة هو قرار مؤسسات الحزب وليس قراره الشخصي. واكب هذه الإجراءات إستجابة مباشرة لأزمة المحكمة الجنائية الدولية بإدخال الجرائم الواردة بميثاق روما في مشروع القانون الجنائي الجديد حسبما رشح من أنباء، لمعالجة القصور في القانون السوداني، وإنخفاض في وتيرة التعبئة السياسية في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية. كل تلك المؤشرات تنبئ عن خطوات محسوبة في إتجاه صفقة قادمة سوف تتضح معالمها قريباً ، ليس بعيداً عنها زيارة مبعوث الإدارة الأمريكية للسودان وتأجيل الإنتخابات للعام القادم بالمخالفة للدستور وعدم تسمية مجلس الأمن للسودان صراحةً عند إدانة داعمي هجوم المتمردين التشاديين، ، والأيام حبلى بكل جديد.



#أحمد_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأجيل الإنتخابات أولى تداعيات مذكرة توقيف البشير
- أمر توقيف البشير- لم يحن أوان التنفيذ بعد!
- المحكمة الجنائية الدولية (مفارقات وتداعيات التسييس)
- تغيير أوباما (الوعود والأحلام والسقوف المتاحة)
- ملاحظات أولية حول مشروع البرنامج المزمع تقديمه للمؤتمر الخام ...
- قانون الإنتخابات (التمادي في الإقصاء وتكريس ثنائية الشريكين ...
- نحو إصلاح قانوني فاعل
- مساهمة في نقد مشروع التقرير السياسي العام المقدم للمؤتمر الخ ...
- لفرنسا وجهة نظر!!!(عودة هادئة لقانون حظرالرموز الدينية بعد إ ...
- موقف مرائي من الإحتلال! (في الرد على بعض محاججات دعاة التطبي ...
- إنقسام الجبهة الإسلامية الحاكمة بالسودان مرة أخيرة (ملاحظات ...
- إنقسام الجبهة الإسلامية الحاكمة بالسودان مرة ثالثة (الآثار و ...
- إنقسام الجبهة الإسلامية الحاكمة بالسودان مرة أخرى (لماذا إنت ...
- النظام القانوني للدولة المهدية-أول دولة دينية في تاريخ السود ...
- مفهوم الدولة في الشريعة الإسلامية وأثره في تغييب مبدأ سيادة ...
- إنقسام الجبهة الإسلامية الحاكمة بالسودان- صراع د. الترابي وت ...
- مداخلة في فقه مصادر القانون (التشريعات الإسلامية في السودان ...
- أخطاء قاتلة في قراءة إستراتيجية!!( حديث في محرمات السياسة ال ...
- هوامش على المتن-(قراءة نقدية موازية لمقالات الأستاذ نقد الخم ...
- في أصول ضبط المصطلح- السودان: نخبة نيلية حاكمة أم نخبة طفيلي ...


المزيد.....




- انطلاق جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن منح فلسطين الع ...
- مفوض الأونروا: إسرائيليون أضرموا النار مرتين بمحيط مقرنا في ...
- قصف إسرائيلي على جنوب لبنان يودي بعنصر إغاثة في -حركة أمل- و ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 110 آلاف فلسطيني من رفح وسط انخف ...
- كشف انتهاكات وتعذيب معتقلين فلسطينيين بمركز اعتقال سري بالنق ...
- -الأونروا-: نحو 110 آلاف شخص فروا من رفح نتيجة القصف الإسرائ ...
- اليونيسف تتوقع نفاد المخزونات الغذائية جنوب غزة خلال أيام
- الخارجية الفلسطينية: دولتنا تستوفي شروط قبول عضوية الدول في ...
- الأمم المتحدة تعلن عن -مستويات طوارئ غير مسبوقة- في غزة
- إسرائيليون يشعلون النار في محيط مجمع الأمم المتحدة بالقدس


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - أحمد عثمان - خطوات محسوبة ضمن تداعيات مذكرة توقيف البشير