أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - الأدباء الذين لا يتبعهم الغاوون















المزيد.....

الأدباء الذين لا يتبعهم الغاوون


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 05:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل تعلموا أن كلمة (و) في الشعر العربي لا تعني في كثير من الحيان حرف الجر , أو العطف , وإن كلمة (لكن) أيضاً ليس من الضروري أن تكون إستئنافاً , لقد بحث اللغوين العرب ذات مرة عن معنى كلمة أو أداة (هذا) وهي أداة إشارة , ولكن ثبت بالوجه الشرعي أنها أحياناً ترفعُ الأول ويسمى إسمها وتنصب الثاني ويسمى خبرها وذلك في قولهم ( كيف أخاف ُ الشتاءً وهذا الصيفُ قادماً) والتقدير اللغوي هنا هو : كيف أخاف الشتاء وكان الصيف قادماً , فهذا معناها (كانا) في هذا الموضع , وفي الشعر كل أدوات اللغة والنحو تختلف معانيها عن المعاني التقليدية , فالجملة اليوم لا تتوالف مع المجتمع والناس ولكنها تتآلف مع الجنس الأدبي نفسه ومع تطور المجتمع , وإن الذي يدفع للعازف أجرة العزف هو الذي يحدد نوعية النغمة المطلوبة .

الشعراء الذين كان يتبعهم الغاوون ماتوا منذ زمن بعيد , وأستغرب كيف ما زالت تلك النظرة مسيطرة على قلوب وأذهان وعقول المحبين للأدب والشعر والثقافة , فالشاعر الذي كان يقول ما لايفعل مات منذ زمن بعيد , واليوم نحن أمام الشاعر الذي يقول ما لا يفهمه هو , وليس بالضرورة أن يقول ما يفهمه , إنه غاوي بالفطرة فهم العالم وكسر الرتابة والإيقاع , ليدخل عالمه الحقيقي , هذا العالم الأدبي يختلف لغة ومعنى عن عالم الناس العاديين , ولو بقي الشعراءُ أناس ٌ عاديون لما قالوا الشعر أو الجنس الأدبي إطلاقاً , الأدباء يقولون الأدب لأنهم غير عاديين , فالعمل الإبداعي بحاجة إلى الحس المرهف والذي يتأثر بأتفه الأشياء , فأكثر الأشياء صلابة في المجتمع لا تستجيب إلى حركة الذات الإنسانية وما يختلجحها من نوازع داخلية وهي أصلاً مغطاة(بقشة) تنفجر بسرعة وتتأثر بسرعة في كل شيء , إن النفس الشاعرية لا تطمئن إلى النداء العادي بل تطمئن إلى جملة نداءات مشوشة , تقفزُ إليها أدوات المبدع فتعبر من خلالها عما يدور في خلها هي وليس عما يدور في خلد الناس , ولكن لماذا؟
لأن طبيعة المشاكل الإجتماعية أصبح لها اليوم مؤسسات مجتمع مدنية معنتية بها , مكافحة الفقر والبطالة , ليست من مهنة الشاعر , كذلك الفساد ومكافحته وتجفيف جيوب الفقر ليس من المهمات الأدبية , بل أن وزارة التنمية الإجتماعية هي التي تتبنى حل تلك المعضلات , وإذا أصر الأديب والكاتب على مكافحة جيوب الفقر والبطالة فإنه بهذا لا يصبح شاعراً أو أديباً بل موضفاً في وزارة التنمية , إننا نتهكم أحياناً على قول الفنان الكوميدي المصري سيد زيان في مسرحية الفهلوي حين قام بالتعليق على بعض الأغاني وقال وقتها (يروح يقدم شكوى في وزارة الشؤون الإجتماعية ) لقد جاءت مع الفنان الكوميدي صدفة , ولكنها تلك هي الحداثة بعينها .
للأجناس الأدبية وظائف تختلفُ عن وظائف الأجناس الأدبية ما قبل التطور والحداثة .

قرأت مرة لكاتب إسمه (شيلي) وهو ناقد متميز عبارة بما معناها أنالشعراء والأدباء هم منظروا العالم غير المعترف بهم رسمياً.

وهذا يتضح جلياً في الآداب العالمية والعربية أكثر على الخصوص , فالشعراء تتناول الناس قصائدهم ويقرأوها وتأثر بهم ثم يدعون أن الشعراء يتبعهم الغاوون .
وهذا الكلام ناتج عن ملاحظة دقيقة تعترف لكوبرنيكوس ولجالليوولنيوتن بالكثير الكثير غير أن الشعراء والأدباء وكتّابُ الرواية لا أحد يعترف بهم وبتأثيرهم في الناس .
لقد كان الشاعر القديم تستمدُ من روحه ورؤية الحكمة الضالة والمعرفة وبعض قوانين النمو الطبيعي لتعاملات الناس , فكان يستند القاضي إلى عامود بيت وينشد قولاً لأحد الشعراء ثم ما تلبث القوم أن نهضوا من أماكنهم معلنين أن أرواحهم وضمائرهم إستجابة لقول المشرع غير الإلهي .

واليوم إختلفت قواعد الحركة وظهرت حركات وقوانين جديدة مدنية عصرية أدت إلى إبتكار تنظيمات وقوانين من روح المجتمع الصناعي الذي لا يبالي إلا بالربح والخسارة والذي لديه تصورات جديدة ليست ذات مسحة رسولية بل مسحة علمية , فالعلوم الجديدة إكتشفت قوانين جديدة وعلم النفس قدم في هذا المجال تصورات رهيبة عن معرفتنا بذواتنا فأصبح لدينا تصورات عن طبيعة النفس البشرية ومعتقداتها وعلاقتنا بأحلامنا الطفولية حتى الكبر, وقدمت الدراسات الإنثربولوجية والميثولوجية أديان جديدة قبل نزول النبياء بالوصايا العشر والكتب السماوية , ومن كل هذه الأشياء مجتمعة أصبح للأدب وضيفة أو شاغر وضيفي جديد إستمد روحه من قلب الحداثة في كل شيء .
لقد أصبح الأديب بفضل الحداثة لا يحاور الناس والمجتمع والمعتقدات بل أصبح يحاور نفسه وذاته , فإسلوب كتابة الشعر الحر والتفعيلة , وتداعي الأفكار والهواجس , وكتابة الرواية أصبح اليوم غير موجه لطبقة أو لشريحة من الناس , إنه أصبح موجه للحداثة ومعانيها وإلى حداثة ما بعد الحداثة .

أقرأ كثيرا في أشعار الشُعّار العرب وكتاب القصة والرواية وأشعر أحيانا ً أنهم عالم مختلف عن العالم الآخر لقد أصبحت تصوراتهم وتخيلاتهم للواقع في نظرهم من المفترض أن تكون هكذا , وإن أحداً منّا يتشدقُ أحياناً بكلام غير مسؤول عن الرقابة العقلية وغيابها عن قصيدة أو عن الجنس الأدبي المكتوب فيه شيء ٌ من الغبن , فهذه التصورات ليست غياباً للرقابة العقلية , تصورات الدادائيين عن اللغة والخروج على قواعد النحو والإملاء والخط فيه شيء من روح المتعة والإنفلات من المواضيع التقليدية التي أرادتها وضيفة الأدب السابقة , كان الأدب في عمومه يلامس قلوب المتدينين بدين الرب , واليوم إن لم يلامس هذا الأدب تلك الواقعية القديمة والجديدة فإنه يصبح أصلاً رؤية إنسان لأحلام مزعجة يرويها في الصباح لأولاده , ولكن هذا الكلام فيه كثير من المغالطات والفهم السطحي لمعنى الجنس الأدبي فالجنس الأدبي اليوم تأثر بالمجتمع الكتلي الصناعي وأصبح تفسير لما يدور في مخيلة الشاعر والكاتب والروائي , كما حاول هاشم غرايبة أن يفهم طبيعة ومغزى مقتل شهبندر التجار في عمان , وكما هي رواية (شجرة الفهود ) لسميحة خريس , وكما هي مآت الكلمات المعبرة بطريقة حداثية عن مغزى ومعنى وجودنا في هذه الحياة .


لقد أعطى التقدم العلمي في مجالاي علم النفس والإجتماع حقائق جديدة عن الإنسان الطبيعي , ولكن طبيعة التصورات الحديثة بدءاً من الداروينية وإنتهاءاً بالماركسية وضعت الشعراء أمام حقائق وتجليات جديدة لم تعد الانظريات القديمة مقبولة عن وجود الإنسان , والأدب في نهاية الموضوع أصبح بحثاً عن الوجود كله , أصل الإنسان ومن أين وجد وكيف وجد ومتى ظهر ومتى سيذهب ؟ كا هذه أحاجي وأسرار العصر الأدبي الحديث أو حداثة ما بعد الحداثة .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الميكانيكا الأمنية : تحديد مفاهيم
- أين ضاع الطفل الأردني (ورد)؟تحديات أمنية مستقبلية
- أنا متورط
- ضاع العمر
- على شان شفة فودكا
- مشاجرة بين مسلم ومسيحي
- الخوري يستحم
- رسالة إلى بابا روما بمناسبة زيارته الأردن2009م
- أخطاء إملائية أم رسوم قرآنية ؟
- كلب إفرنجي أفضل من وزير عربي
- الوضع في الدول العربية طبيعي جداً
- نظراتي كلها جنسيه مش نظرة واحد عموه
- كاتب الشعر وكاتب الرواية
- شيخ الإعلان المُضلِل
- تطوير الإستبداد العربي
- بدي سيجارة
- مكان تحت الشمس
- أكثر من قرآن
- الفن من أجل الذين لا يقرأون ولا يكتبون
- مؤتمر في الجامعة الأردنية عن المرأة


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - الأدباء الذين لا يتبعهم الغاوون