|
ما الذي غيبني عن الحوار المتمدن
ابراهيم علاء الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2641 - 2009 / 5 / 9 - 09:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غيبتني مشاغل خاصة عن منبرنا الرائع الحوار المتمدن عدة اسابيع شعرت خلالها بعزلة تامة عن التفاعل مع نخبة من المفكرين والكتاب العرب، ممن وجدوا بهذا المنبر الاعلامي نافذة الحرية التي يطلون من خلالها على العالم او على الاقل على نخبة من القراء الافاضل الذين يبحثون عن الرأي الجاد ووجهة النظر التي يبذل اصحابها اقصى طاقتهم في بلورتها بهدف نشر مناخات الحرية والديمقراطية بما يؤدي الى النهوض ببلادنا وشعوبنا. لعدة اسابيع لم اتمكن من ايجاد فرصة لفتح الانترنت، حين طغت تفاصيل مهمات العمل وواجباته على اكثر من 18 ساعة عمل يوميا، تخللها ساعات طويلة قضيتها متنقلا بين مطارات بعض دول الخليج، بالاضافة الى تعرض زوجتي لمرض مفاجيء وخضوعها لعملية جراحية معقدة تكللت ولله الحمد بالنجاح ، الى جانب تعرض ابنتي الصغرى لحادث سير لم اتمكن حتى من معرفة تفاصيله الا بعد ايام من وقوعه. وكم كنت منزعجا لانني لم اكمل الحوار مع الرفاق حول اسباب فشل الشيوعيين العرب وعدم تمكنهم من تحقيق معظم امانيهم واهدافهم، بالاضافة الى عدم استكمال نشر سلسلة المقالات الخاصة بمكانة المرأة في الديانات السماوية وغير السماوية عبر التاريخ. هذا الى جانب عدم ابداء الرأي بالكثير من القضايا التي تستفز المنشغل بهموم بلادنا وشعوبها، وما اكثرها . فما هي القضية التي شغلتني الى هذا الحد ..؟ انها باختصار قضية الانتخابات البرلمانية الكويتية. . فالانتخابات البرلمانية في الكويت تعتبر "بارومتر" يقاس عليها الكثير من قضايا المنطقة، والاهتمام بها ينطلق من رغبة السياسيين بالتعرف على الاتجاهات السياسية ليس في منطقة الخليج وحدها وانما في المنطقة العربية باسرها اذا لم اكن مبالغا، وذلك للدور الهام الذي تلعبه القوى السياسية الكويتية على الاقل من الناحية المالية في دعم القوى السياسية العربية وخصوصا تيارات الاسلام السياسي. ومن ابرز الملامح التي كشفت عنها الاستبيانات والاستطلاعات العلنية والخاصة بالاضافة الى المعلومات ومنها ما لا يجب الكشف عنه، ومنها ما هو معلن، ان تيار الاسلام السياسي يتراجع وانه لن يحقق ذات النتائج التي حققها في الانتخابات الماضية، بالاضافة الى وقوع خلافات حادة في اوساط (حدس) جماعة الاخوان المسلمين، وانحسار تاثير التيار السلفي مما يتوقع معه فقدان تيارات الاسلام السياسي لأربعة مقاعد على الاقل عما حصلت عليه في الانتخابات الماضية وعددها 16 مقعدا. اما التيار الليبرالي فانه يخوض الانتخابات منقسما كما هي العادة منذ سنوات فهناك تيار ما يعرف بجماعة الطليعة ومن ابرز ممثليها النائب السابق عبد الله النيباري، الذي ينافسه في دائرته الانتخابية احد تلاميذه ان جاز التعبير وهو المرشح محمد العبد الجادر. مما يضعف فرص الاثنين، الى جانب جماعة تطلق على نفسها "التيار الوطني الديمقراطي" التي غاب ابرز رموزها النائب السابق ورئيس اتحاد البرلمانيين العرب والاعلامي البارز ورجل الاعمال في نفس الوقت محمد الصقر ابن العائلة السياسية العريقة الذي لم يرشح نفسه للانتخابات الحالية. بالاضافة الى مرشحين افراد ينتمون فكريا لهذا التيار ونظرا لعدم التنسيق بينهم فان بعضهم ينافس بعضه في الدائرة الانتخابية الواحدة مما يقلل فرص فوز الكثير منهم. فيما التيار القبلي اجرى عمليات فرز داخلية اختارت من خلالها كل قبيلة ممثليها في الانتخابات رغم ان هذا الفرز الذي يطلق عليه "الانتخابات الفرعية" يجرمها القانون الكويتي ويلاحق من يشارك فيها. ولكن يتوقع فوز عدد كبير من مرشحي القبائل حيث تتحكم العلاقات القبلية بولاء الناخب لقبيلته ومرشحيها بغض النظر عن اي أمر اخر وذلك لغالبية الناخبين في الدوائر التي يغلب عليها سكان ينتمون للقبائل. اما تيار المستقلين فان عدد مرشحيه كبير نسبيا لكن برامجهم متشابهة ولا يمكن التمييز بينها مما يخضع اختيار الناخب له لسيرته الذاتية، وتجربته السابقة خصوصا اذا كان نائبا سابقا في البرلمان ومن ابرزهم النائب ورئيس مجلس الامة السابق احمد السعدون. لكن من ابرز ما يمكن ملاحظته في الانتخابات الحالية هو تحسن فرص المرأة الكويتية وازدياد فرصها بالفوز، ومن ابرز المرشحات الدكتورة اسيل العوضي والدكتورة معصومة المبارك (الوزيرة السابقة) والدكتور رولا دشتي والمحامية ذكرى الرشيدي والمهندسة نعيمة الحاي. ونظرا للظهور القوي والمؤثر للمرأة الكويتية في هذه الانتخابات فقد نشطت تيارات الاسلام السياسي لمحاصرة بعض المرشحات فاصدرت احدى الجمعيات الدينية فتوى شرعية تحرم ترشح المرأة للانتخابات باعتبار النيابة ولاية عامة ولا تجوز الولاية للمرأة. لكن بعض المرشحات وخصوصا الدكتورة اسيل العوضي والمهندسة نعيمة الحاي ردتا بقوة على هذه الفتوى وفندتاها. وهذا ما عرض الدكتورة اسيل الى حملة معادية شعواء حيث رفع تجمع "ثوابت الأمة" دعوى قضائية ضد الدكتورة العوضي اتهمها فيها بالتطاول على ثوابت الدين والعقيدة الاسلامية والتشكيك بشرعية الحجاب، ردا على ما كانت صرحت به العوضي حول الحجاب في ندوة عقدتها بجامعة الكويت صورها احد الاسلاميين بواسطة هاتفه النقال وتم اقتطاع اجزاء منها وبثها على احد المواقع الالكترونية. وقال تجمع ثوابت الامة وهو احد تجمعات السلف اننا نستنكر ما نقل عن مرشحات لمجلس الامة من تشكيك في مشروعية الحجاب الذي هو واجب على كل امرأة مسلمة وان التصريحات التي ادلت بها بعض المرشحات حول الحجاب لا تعدو كونها تطاولا على الشريعة وتشكيكا للمرأة في دينها بل وكفر بانكار ما علم من الدين بالضرورة. وجاءت الردود قوية وسريعة من انصار المرأة فقد اصدرت الجمعية الثقافية النسائية (وهي جمعية تقدمية ليبرالية ) بيانا شديد اللهجة ضد من وصفتهم باصحاب الفتاوي المتخلفة الذين يسعون الى التكسب الانتخابي الرخيص على حساب المرأة سواء بتحريم حقها بالاقتراع والترشح او بمحاولة النيل من شعبيتها ورصيدها الانتخابي. وقررت جماعة "شباب نبيها خمس" وهي حركة ليبرالية تقدمية تنظيم اعتصام في احد الساحات الرئيسية في العاصمة يوم الاحد للتعبير عن غضبهم وتنديدهم بما وصفوه بفتاوي التكفيريين المناوئة لحق المرأة في التصويت والترشح لعضوية مجلس الامة. كما نظم تحالف انصار المرأة ندوة حاشدة لنصرة المرأة بشكل عام والمرشحات لمجلس الامة بوجه خاص تحدث فيها عدد من المرشحات لعضوية مجلس الامة وناشطات سياسيات بالاضافة الى عدد من الشخصيات البارزة من انصار المرأة اكد الجميع خلالها على ان لا حياة سياسية وطنية متكاملة دون مشاركة النصف الآخر. ويرى مراقبون ان الفرص قوية جدا امام المرشحة اسيل العوضي وهي ناشطة ليبرالية تقدمية، ومن هنا جاءت الحملة من قبل جماعات الاسلام السياسي ضدها، ويعتقد البعض ان هذه الحملة سوف تزيد من اسمهمها وفرص نجاحها، فيما يرى البعض الاخر ان الحملة الشعواء ضدها قد تضيع عليها فرصة النجاح. وتجمع الاراء على ان تمكن المرأة الكويتية من الفوز بعضوية مجلس الامة سوف يكون فتحا جديدا في الحياة السياسية ليس في الكويت فقط وانما في منطقة الخليج باسرها، خصوصا وان الكويت كانت على مر العقود الماضية سباقة في المبادرة وتعزيز الحياة الديمقراطية. وتفيد بعض المصادر الخاصة ان هناك تحالفات قوية ورغبة سياسية رسمية بل وجهود حقيقية لتحجيم تيارات الاسلام السياسي في الكويت والخليج بصفة عامة، بعد ان غيرت هذه القوى مواقعها من حليف مطواع للسلطات السياسية الى معارض قوي يعرقل توجهات التنمية والتطور في المنطقة. وتجد بعض المرشحات لمجلس الامة مؤازرة قوية من شخصيات نافذة في المجتمع وحتى من ابناء وبنات الاسرة الحاكمة مما يوفر لهن قاعدة اجتماعية قوية تمكنهن في حال فوز بعضهن من تحطيم واحدة من اهم القواعد الفكرية والاجتماعية التي يقوم عليها فكر تيارات الاسلام السياسي وهو ذاك المتعلق بدور المرأة السياسي وموضوع الولاية العامة، التي تستثني المرأة وترفض تبوئها لاي منصب سياسي في الدولة باعتبار مناصب الولاية العامة مقصورة على الرجال. ومن هنا تحظى الانتخابات البرلمانية الكويتية بهذا الاهتمام من مختلف الاوساط والدول والقوى السياسية كونها تمثل مؤشرا على التوجهات السياسية للمجتمع بصفة عامة وعلى توجهات السلطات السياسية بصفة خاصة. وهناك عشرات القضايا التي اظهرتها الحملات الانتخابية وعلى كافة الاصعدة لدرجة ان البعض يصفها بانها انتخابات اقليمية والبعض يذهب الى درجة وصفها بانها انتخابات دولية. سواء من حيث الاهتمام او من حيث الانعكاسات التي سوف تترتب عليها. وكوننا في وكالة الانباء العربية يعتبر جزء من نشاطنا الدراسة والتقييم وابداء المشورة والنصح، فان معظم طاقم الوكالة منشغل بشدة في تفاصيل الانتخابات الكويتية وهذا ما شغلنا عن الحوار ومتابعة ما يبدعه زملائنا واصدقائنا على صفحات هذا المنبر المتألق.
#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا فشل الشيوعيون العرب (2)
-
لماذا فشل الشيوعيون العرب (1)
-
ليس دفاعا عن الدكتور حجي .. او تهجما على شخص النمري..
-
المسيحية اهانت المرأة اكثر مما اهانها الاسلام
-
دونية للمرأة المسلمة في الدنيا وفي الجنة
-
حوريات الجنة والجنس في تسويق الدين
-
اوصاف الحور العين تشكك بعالمية الدين الاسلامي
-
كونوا سادة الدنيا فالحلول لن تأتي من السماء
-
شكرا دكتور طارق حجي والى كل النبلاء
-
زعماء العرب في سوق عكاظ الدوحة
-
التوبة القطرية .. ومأزق الاسلام السياسي
-
الدكتورة تسرق.. والاعلامية تنافق
-
الاسلام السياسي بلا فائدة
-
اليسار والمولد والحمص
-
المرأة الفلسطينية المتوحشة
-
اليسار الراديكالي عدوا للديمقراطية ايضا
-
نتنياهو يساري متطرف مقارنة بالزهار او الطاهر
-
الاسلام السياسي عدوا لدودا للديمقراطية
-
حماس لا تؤمن بالديمقراطية فكيف تحاورونها ..؟؟
-
20 بالمائة من بنات العرب في مهب الريح
المزيد.....
-
هيفاء وهبي وبوسي تغنيّان لـ-أحمد وأحمد-.. وهذا موعد عرض الفي
...
-
أول تعليق من روسيا على الضربات الأمريكية في إيران
-
الأردن: -إدارة الأزمات- يؤكد محدودية تأثير مفاعل ديمونا حتى
...
-
-ضربة قاضية حلم بها رؤساء عدة-.. وزير دفاع أمريكا عن الهجمات
...
-
إعلام إيراني: قصف إسرائيلي على مدينة بوشهر الساحلية ووسط الب
...
-
صور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيو
...
-
طلب رد دائرة الإرهاب: المحامي أحمد أبو بركة يطالب بمحاكمته أ
...
-
أبرز ردود الفعل الخليجية على قصف إيران.. دعوات للتهدئة وتحذي
...
-
مضيق هرمز تحت المجهر.. هل يتحول الرد الإيراني إلى بوابة الحر
...
-
أي مستقبل للحرب بعد الضربات الأمريكية على إيران؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|