أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد الجبوري - كــــوبــرا














المزيد.....

كــــوبــرا


أسعد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 807 - 2004 / 4 / 17 - 13:03
المحور: الادب والفن
    


الوقت للكتابة، وينقرض. فيما يستمر الزمن للقراءة فقط. هنا.. لا أشد من الفاصل ما بين الاثنين. مؤلف عابر نحو تشرده في المجهول. وقارئ متأمل نفسه في وهمّ منتجات العقل العامل في البراري الشاسعة التي تملؤها الحروف كالأطلال.

2/

ليس أمتع من طاحونة التبدد في المساحة الفاصلة ما بين سالب عجوز متكتم علىأسراره _ على الرغم من افتضاحها _ وبين موجب حداثوي مغامر وقح، يجعل المستقبل الجاري تهتكاً بمباني الماضي ونصوصه الألسنية وقلاعه السلفية، تلك التي تعتبر الحداثة من تصنيع الكفرة وإنبعاثهم للسيطرة على العالم.

الحداثة التي نريدها للممحاة، أن تتخلى عن دور التمريض بين صفوف المخلوقات والأشياء. و ذلك ما لا يحدث إلا تحت تأثير الإبداع. فما ينتجه المبدعون راهناً، بنظر المتناسخين، ليس إلا كفراً استثنائياً مهماً، مطلوب الحيلولة دون استعماله في حياتنا. والكفر هنا بالطبع، لا يتعلق بالشأن الديني حصراً، بل يتعداه إلى تكثيف العمل على تحجير الكيان البيولوجي وجعل الإنسان دميّة لاهوتية، لا تخضع لأعمال المختبرات التكنولوجية المعتمدة أساساً كورشة لتصنيع الخيالي، باعتباره من علامات الشذوذ.

3/

تلك هي الدراما المستعرة للمشغل الحداثي، ففي العصر الذي يشهد فيه العالم تفكيكاً لخريطة الجينوم الآدمي واستنساخاً للمخلوقات على نار الليزر ومراكبها المليئة بالرواد، ممن راحوا يصلون السموات تباعاً. نعمق نحن حفرتنا خسوفاً، مرسخين نظام كسوفنا التدريجي نحو أعماق الأرض، ربما بهدف أن نكون مكتشفين لما يحدث للموتى في ملاجئهم قبل الآخرة. تلك الموهبة القائمة على اختلاطات العقل بالنفس المدمرة أصلاً، ستصبح الملاذ الآمن من شرور الشياطين واختراعات، هي في نهاية المطاف، تماثل المحرمات وجهاً وقفا.

خوف الرواد السلفيين من شعراء وكتبة وندابين وفلاسفة على كراسيّ السلطة، يقلبُ المعرفة رأساً على عقب، حتى نقف فجأة أمام المعضلة التي أحالتنا من قراءة الحياة كنصّ غائم ملبد شرس مفتوح على مختلف البرازخ والمجاهل، إلى رواد لتحليل عذاب القبر أو التشريع حلالاً أم حراماً لحريم الدونجوان الحاج متولي.

4/

عندما توطدت علاقة الكتابة العربية بالأقبية والكهوف والملاجئ والسراديب والحفر والزنازين والعنابر، منذ قرون، وجدنا كتّاباَ مثل نباتات تنمو تحت أراض افتراضية. منتعشة بصراخها الداخلي الأعمى، ومتفردة بقوة دفع الإرهاب. فكان التأليف جنازة، والمؤلف جثة عائمة تحت هذا الغلاف المعتم، أو على ورق كراس مخربش باسم الكاتب الحركي.

5/

ما نحتاجه الآن هي مواطنة الكتاب والكتابة. المواطنة هنا، لا تعني إقامة الكاتب في دار أو فندق أو على سهل طويل من الورق. كما الكتابة لا تعني إعادة تأليف الوقائع من خلال تمزيق أوصالها مرة أخرى أو تفكيكها وإعادة صياغتها. هناك أطنان من لحوم كتّاب وأطنان ورق لكتب بلا معنى. لأن الرقابة تعمل على بناء جدرانها ما بين النفس والعقل. وكذلك، لأن الرقيب يقتل المتجليات ويحدّ من شهوة التخيل. لذلك.. فنحن إن لم نفتح الشهوة طوفاناً في الرأس، سنكتب عن بخارها المرتفع طيراناً فوق اليباب. فاليتيم في زمن الكتاب والكتابة، من ليس له نصّاً.

6/

ما من مؤلف منتش بنصّه، ويعيش في غرفة الإنعاش. جرأة الكاتب دائماً، لا تتجلى في أن يغمس أصابعه في لحم اللغة. هناك أساليب للتعايش مع مخلوقات اللغة والحياة، ومن ثم التمرد عليها وهتكها والطيران بعيداً عما تفسخ في ساحة الحرب. كل من لا يحسّ بتلك اللذة، يسقط مهشماً ليذوب فينتهي مع كلماته.

7/

لا وجود لكلمة (بنت بيت)!!

فما لم تسفك الكلمة روحانيتها في جسد المعنى، وتكون لقطة البطولة داخل القصيدة، ينطفئ الفرن في رأس الشاعر، ويصبح العالم مرّاَ غير شهواني. الواقع دائماً، يرتكب

المجازر تلو المجازر بحق اللغة. وخاصة في المدار الشعري. كل ذلك يحتاج إلى تطهير بواسطة التناغم السرّي المفترض اكتشافه في تربة الكلمات.

8/

أليس عدم التأمل في الخوف ومراقبة فيضاناته، جزء من منظومة الإرهاب الذي يواجه الكاتب أثناء العمل؟

وإذا اعتبرت الكتابة عملاً مركباً من العالم الداخلي وتمثيلاً لمقتنياته المختلفة، فكيف يمكن جعل استخدامها واسعاً في العالم الخارجي، دون وصاية أو قمع؟!

9/

لم نأت من المريخ، ليثيرنا الكتّاب بخطى أقدامهم على الجمر. يمشون. ولم تأخذنا الحكمة إلى بيتها، لنشهد على أن الكتابة تولد في العالم العربي دون بنج أو مشارط. نعرف الكتابة مقامرة. والمؤلف غير الجبل، لا ينتمي إلى الطبيعة الصامتة. ندرك أيضاً، بإمكانية استعمال الممحاة في كل الظروف الطارئة وسواها. نشير أيضاً، إلى أن الألم لم يعد محرضاً، بقدر ما هو قاتل للنصّ أو مُعطل لمحركاته.

لذلك نتأمل الممحاة هنا. نراها مثل رأس الكوبرا. متحفزة للانقضاض على كل ما هو ضعيف مخجل وبلا معنى. فبالممحاة.. نمحو القضابين لنخرج بالأنفس من معتقلاتها أو كهوفها الضيقة.

أيضاً الممحاة هنا، لكنس الظلام وفتح نهر من النور في جبهته المعتمة. وأيضاً لتطهير العواطف من كلاسيكيات الحبّ، لنذهب إلى الورد والندى والألماس بعيداً عن الثرثرة. الممحاة لمحو كراسيّ الرموز المستهلكة مع كراريسهم. فما من تخلف ويستحق معايشة أو هدنة أو حوار.

(صفر)

الممحاة كوبرا. ليس شرطاً أن ترى فتمحو.


--------------------------------------------------------------------------------

* افتتاحية ((الممحاة)) الملحق الثقافي لمجلة ((طقوس)) التي يرأس تحريرها الشاعر أسعد الجبوري



#أسعد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتاب الآثم في سلخانة اتحاد الكتاب العرب
- مخيلة اليورانيوم علاقة الغيطاني بوزير الدفاع العراقي المقتو ...
- جان دمو إمبراطور آبار الكحول
- هولاكروز
- تحت سماء نصف مُكتملة
- ليالي الأتاري
- القراصنة - حلبجة يوم ماتت اللغات
- الديكتاتور
- الإميراطور
- تحت سماء نصف مُكتملة


المزيد.....




- نادي السرد في اتحاد الأدباء يحتفي بالروائي حميد المختار
- صراع في نقابة الفنانين السوريين.. مازن الناطور يلغي قرار عزل ...
- نقيب الفنانين في سوريا مازن الناطور يرد على قرار عزله بإقالة ...
- -مين فيهم-؟.. صناع فيلم -درويش- يشوقون الجمهور لشخصية عمرو ي ...
- سوريا.. هل قرار سحب الثقة من نقيب الفنانين مازن الناطور صائب ...
- قداس يتسم بأجواء أفلام -حرب النجوم-.. كنيسة ألمانية تبتكر وس ...
- قبل حوالي 2500.. كيف أسست أميرة بابلية أول متحف في العالم؟
- سناء الشّعلان تفوز بجائزة مهرجان زهرة المدائن الفلسطينيّة عن ...
- نقابة الفنانين السوريين تسحب الثقة من نقيبها مازن الناطور وس ...
- مصر.. مقترح برلماني بتقليص الإجازات بعد ضجة أثارها فنان معرو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد الجبوري - كــــوبــرا