أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد الجبوري - جان دمو إمبراطور آبار الكحول














المزيد.....

جان دمو إمبراطور آبار الكحول


أسعد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 487 - 2003 / 5 / 14 - 04:29
المحور: الادب والفن
    


 

   في البدء لم يكن جان دمو. كان دنخا.  لم يعجبه اسمه. فتطهر منه، ليأخذ من الموسيقا اسماً بديلاً عن ذلك. وكان له ما أراد. ربما لأن نزعة التشرد لاحقته منذ البدايات، فحقق رغبة أن يكون بعيداًعن محطته الأولى. المحطة اللصيقة به: الاسم. ولأنه من مدينة كركوك العراقية الحافلة بأضخم آبار النفط في العالم، غصب نفسه ليكون في واجهة التهكم من تلك الثروة التي لم يذق العراقيون منها شيئاً سوى الرعب والاضطهاد، فحمل جسده طاقة أن يكون من كبريات آبار الكحول في  البلاد، ربما تعبيراً ساخراً ضد إرهاب الدولة وثروتها. وهكذا كان خط السير
الثاني لجان في عالم الصعلكة، عندما قام بنشر روحه على طول الأرصفة وعرض الحانات وارتفاع  شوارع المدن وهياكل الأصدقاء.  وبالقليل من الكلمات.. شيد جان دمو امبراطورية شعرية تقوم على الخداع والسرية. وكأنه كان يكتب شعراً للريح. طلق صنعة النشر. فرفض أن يصبّ قصائدة في أوانٍ مستطرقة من ورق المطابع، ربما لأنه لا يملك وقتاً لذلك. أو بسبب عالمه المصنوع من الغيوم.  علاقته بالشعر: اتصال عن طريق الاستشعار عن بعد. فكانت الدهشة والشرود، كل ما يحكم تلك العلاقة ما بين الشاعر والنص  جان السكران. الطفل الذي خرج للحياة من رحم النبيذ،
ليذهب للموت مضرجاً بعطر تلك الخمرة. كأنه لم ير هذه الأرض أبدا، على الرغم من انه. كان يشغل الوسط الثقافي العراقي وبعض الأروقة الأخرى بطقوس الخمرالاحتفالية أكثر من الشعر. فهو مخلص للحانة إلى الحدود القصوى. ومثل ذلك اخلاصه للهروب من القصيدة التي طالما لوح بها ، دون أن نجد لها نصوصاَ صاعقة في حياتنا.  أيضاً.. صنع دمو من نفسه تمثالاً شعرياً من كثرة تسقيط الآخرين بشتائمه وترحيل الرموز بأحذيته. كان جريئاً وفواحاً بالأسباب التي تجعل منه أكبر شاعر مصنوع من مواد لم يعلن عنها. لكن المرء يحس بأن شيئاً يكمن فيه.  اعتمد دمو على عيش الحياة الشعرية بجنون كامل، دون خوف أو توقف. ولأنه لم يتوقف عن معاقرة الخمرة ، فقد حال السكر الدائم دونه ودون أية مراجعة لشعريته الداخلية، أو توثيقها على الأقل. مما يعني إنه كتب بعض الأشعار على هامش ضيق من حالات الصحو التي ربما يكون قد اقترب منها ذات يوم من حياته  لذلك نجح في أن يكون شاعراً دون شعر عظيم . فبسط صوته على شعريات كثيرة، وبقوة طوفان الكلمات السوداء التي كان يلعن بها كل يقف في الطريق الى سكرته، وقد حقق ذلك بلا منازع.  نصوص دمو الشعرية التي لم تعثر عليها لا الشياطين ولا الملائكة، ربما ستخرج علينا من كهفه الأرضي الذي التجأ إليه مؤخراً، بعد ما فضل الغيبوبة الكاملة في العالم السفلي ، على تقطيع العمر بسكرات مؤقتة على هذه الأرض التي راح ينال الصحو من وقتها وقتاً في
استراليا.  وإذ تبدو الحياة الشعرية بمختلف تجلياتها وجنونها وعبثها عمقاً محسوماً، لا بد منه في عمليات تخصيب تربة الشاعر، فان استغلال تلك الطقوس الرائعة، هو العمل الخلاق الذي يقوم عليه بناء النصوص العملاقة وكتابتها في تاريخ الشعر. لذلك أردناه دنخا الشاعر لا جان دمو نصّ الصعلكة فقط. أردناه الساحر القادر على تحويل الكحول إلى طاقة ببطاريات مشعة في المخيلة، لا
جان دمو البئر الكحولي الذي نضب فصار قنينة فارغة يحاول الجميع التخلص من آثارها وتبعاتها، برميها خارجاً!  قد نختلف على هذا وذاك. ولكن من الكارثة بمكان رؤية عالم دون نصوص. عالم من القناني الفارغة التي تنتقل بواسطة ريح الخماسين من الأرحام والى مدافن الرمل. 

لتصفح المزيد راجع :
alimbaratur.com




#أسعد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هولاكروز
- تحت سماء نصف مُكتملة
- ليالي الأتاري
- القراصنة - حلبجة يوم ماتت اللغات
- الديكتاتور
- الإميراطور
- تحت سماء نصف مُكتملة


المزيد.....




- رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جاما ...
- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد الجبوري - جان دمو إمبراطور آبار الكحول