أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - بين الإستقرار والفوضى.














المزيد.....

بين الإستقرار والفوضى.


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 2618 - 2009 / 4 / 16 - 11:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في واقعِنا السياسي اليوم في مصرَ وجهتا نظرٍ متباينتان بشكلٍ كليٍّ حول سرعة الإصلاح المنشود. أما وجهة النظر الأولى فترى أنه لابد من ألاَّ تؤثر سرعةُ الإصلاح على حالة إستقرار المجتمع. وأما وجهة النظر الأخرى فتدعو لسرعةٍ كبيرةٍ في الإصلاح. وإذا إنتقلنا من العموميات إلى الخصوصيات لقلنا أن وجهة النظر الأولى هي إتجاه الحكومة في مصرَ وأن وجهة النظر الثانية هي إتجاه المعارضة بدوافعٍ مختلفةٍ ولغاياتٍ متباينة.



وفي إعتقادي أن الصواب يقع في نقطةٍ وسط بين الاتجاهين. فمن جهةٍ أولى فليس كل ما يبدو إستقراراً هو كله إستقرارٌ ، إذ ينبغي التمييز بين الإستقرار والركود. وإذا كان الإستقرار مطلوباً بلا شك من أجل التنمية والسلام الإجتماعي فإن الركود (والذي يبدو بالنسبةِ للبعض وكأنه إستقرارٌ) يحملُ في عناصره وطبيعته ما هو بالغ التهديد للسلام الإجتماعي وللتنمية.



ومن جهةٍ أخرى فإن عدداً من الذين ينادون بسرعةٍ أكبر للإصلاح هم في الحقيقة يطلبون حالةً تؤدي (من وجهة نظرهم) لوصولهم للحكم. وهو أمرٌ مشروعٌ من الناحية النظرية ولكنه من الناحية العملية قد يمر من خلال سيناريو الفوضى ذي التكلفة الباهظة على مستوى السلام الإجتماعي والتنمية وغير ذلك من الأمور بالغة الأهمية. وقد يعيب وجهة النظر شديدة التمسك بالإستقرار وبالتالي ببطء سرعة الإصلاح عدم وجودِ خطةٍ معلنةٍ محددةٍ للإصلاح وبرنامجه وجدوله الزمني ، وهو ما يجعل كثيرين يعتقدون أن مفهوم الإستقرار هنا لا يبعد كثيراً عن مفهوم الركود وبقاء الأمور على ما هي عليه.



إن أكثر ما يسبب حيرة المراقب للأوضاع العامة في مصرَ ، أن الجانبين (الحكومة وفصائل المعارضة) لا تقدمُ برامج للمستقبل تتجاوز الشعارات العامة وتتضمن أهدافاً معينة في أزمنةٍ محددة. وفي إعتقادي أن بقاء الأمور (من جانب الحكومة ومن جانب المعارضة) على مستوى "الكلام الكبير" والشعارات والأهداف العامة هو مما لا يحث على وجود مشاركة عامة وواسعة. فالإنسان الطبيعي يشاركُ في الحياة العامة عندما يكون الإختيار بين برامج محددة وليس بين شعاراتٍ فضفاضة. وفي هذا المجال ، فإن الذين يسمون أنفسهم بالإسلاميين هم أكثر الأطراف إستغراقاً في العموميات والشعارات وبعداً عن الأهداف المحددة وفق برامج زمنية محددة. ويرجعُ ذلك في إعتقادي لإستحالةِ توفر برامج محددة لديهم في قضايا المجتمع المعاصر. كما أن بقاء الأمور على مستوى الكلام الكبير والشعارات الكلية يضمن لهم قدراً أكبر من الشعبية والجماهيرية عما إن قدموا خططا تفصيلية لقضايا المجتمع وسبلِ وبرامجِ التعامل معها. كما أنهم سيضطرون لأن يصبحوا في كثيرٍ من المسائل علمانيين رغم إرادتهم - لأن حلول معظم المشاكل الحياتية لا تنبع إلاِّ من العلم والإدارة وليس من الشعارات الكبيرة والأهداف الفضفاضة.



إن أنجح ما تستطيع الحكومة في مصرَ في المرحلةِ القادمةِ إنجازه هو أن تقود حركة الحوار السياسي والجدل العام من أفق الكليات والشعارات والأهداف الفضفاضة إلى مستوى البرامج المحددة والمحجمة ( Quantified ) والتي تتبع جدولاً زمنياً واضحاً. وبين رجال الحكومة اليوم عدد ممن مارسوا العمل المؤسسي قبل إنتقالهم للعمل الحكومي الذي هو في حاجةٍ ماسةٍ لكي يستعير من المؤسسات الإقتصادية مفاهيم الرؤية Vision والمهمة Mission والأهداف Objectives وخطة العمل Business Plan وكذلك طرائق المحاسبة على ما تم وما لم يتم وفق مسطرة محددة Bench Mark .



وإذا أقدمت الحكومة على ذلك في خلال السنتين القادمتن، فإنها سوف تفرض على الواقع في سنة 2011 إنتخابات وإختيارات تؤسس على المفاضلة بين برامج محددة وليس بين شعارات وأهداف فضفاضة. ولعل ذلك في إعتقادي يكون أهم هدف سياسي خلال الشهور من الآن وحتى أكتوبر 2011.



وكاتب هذه السطور لا يخفي أنه لا يرى في الأخوان المسلمين أي ملامح قادرة على تحقيق التقدم والإزدهار ، ولكنني أُريد أن يرى المجتمع ذلك من خلال إرغامهم على الحوار التفصيلي للمشكلات والحلول – فيقيني أنهم "حركة" وليسوا "حزباً" .. وأنهم لا يمكن أن يحوزوا "الكفاءة" – فالكفاءة لا توجد اليوم على ظهر الأرض إلاِّ من ثنائية "العلم والإدارة" – وهما غير متوفرين لأية جماعة أيدلوجية – فالعلم والإدارة من نواقض الأيدلوجية سواءً كانت دينية أو ماركسية أو قومية – فعهد كل ذلك قد ولى مع حقائق العالم المعاصر والتي لم تنبثق من "فكرة" أو "إقتراح" وإنما من واقع أملته تطورات السياسة والعلم والإدارة والإقتصاد.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العربي النمطي ... فى الشعر النبطي
- مستقبل العقل المسلم.
- الحالة الإيرانية فى كبسولة.
- من دفاتر طارق حجي القديمة - مسألة ديكتاتورية البروليتاريا
- من دفاتر طارق حجي القديمة : مسألة الدولة فى الفكر الماركسي.
- من دفاتر طارق حجي القديمة : الماركسية - إلى أين ؟
- برقية تلغرافية لكل لبناني حر ...
- طارق حجي : من المؤلفات الأولي : الإقتصاد الماركسي .
- شكر وإمتنان لموقع الحوار المتمدن وقراءه.
- ماذا فعل 23 يوليو 1952 بمصر؟ (1)
- عبقرية سعد زغلول .
- هلوسات 1- 2
- هلوسات ثقافية
- مرة أخري (وليست أخيرة) : -عن مظالم الأقباط أكتب- ...
- رسالة لوزير الأوقاف المصري .
- الأحزاب الدينية : محض وهم ومخادعة
- سجون الثقافة العربية : السجن الثالث : الرعب من الحداثة
- سجون الثقافة العربية : السجن الثاني : المفاهيم السلبية الشائ ...
- إصلاح التعليم : ماذا يعني ؟
- سجون الثقافة العربية السجن الأول : الثقافة الدينية السامة.


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - بين الإستقرار والفوضى.