أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كاظم الحسن - المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب















المزيد.....

المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب


كاظم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2613 - 2009 / 4 / 11 - 09:57
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



عرض كتاب تأليف - فالح عبدالجبار
عرض كاظم الحسن

صدر هذا الكتاب عن معهد الدراسات الستراتيجية في بيروت، للباحث الاجتماعي فالح عبدالجبار الذي يشرف على المعهد ايضا، ويتناول فيه مؤسسات المجتمع المدني واتحاداته وروابطه في عراق ما بعد الحرب واصول المجتمع المدني في العراق وكيفية تدميره.
ويذكر الباحث مفارقة نشأة المجتمع المدني في العراق، بخلاف المجتمعات الغربية الصناعية، حيث لم يكن له وجود قبل قيام الدولة الحديثة، بل كانت مساعدة في ولادته حيث بدأت اولى لبنات المجتمع المدني بالظهور في ظل الاصلاحات العثمانية التي اجريت في اواخر القرن التاسع عشر، واستمرت في عهد الانتداب البريطاني والحكم الملكي (1917- 1958) وقد تمحورت هذه الاصلاحات على السياسة والاقتصاد وكان لها اثر واضح في تحديث الدولة والاقتصاد والمجتمع.


ماهية المجتمع المدني

يستعرض الباحث مفهوم المجتمع المدني، والقراءات المختلفة له والتي بعضها يختزله في صدر ما يعرف بالاتحادات والجمعيات الاهلية والمدنية. وهناك من يحصره في اطار ضيق (المنظمات غير الحكومية).
وتنسب جذور هذا المفهوم الى المدرسة الاميركية، التي تستمد دعائمها النظرية من تفسير محدد صاغه الكسي توكفيل عن المجتمع المدني في كتابه (الديمقراطية في اميركا) وهو عمل كلاسيكي يصف الاتحادات الطوعية القاعدية في مجتمعات المدن الاميركية التي مارست الديمقراطية المباشرة بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر. ويرى توكفيل ان الاتحادات الطوعية هي روح المجتمع المدني وجسده.
ولاينفي الباحث، الاواصر القوية بين المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، بل هي جزء منه، كذلك الامر بالنسبة الى الروابط الطوعية المدنية الاوسع نطاقا. لكن مفهوم المجتمع المدني يتعدى هذه الروابط، فهو يشير الى ذلك ويتضمن في ثناياه بنى اقتصادية واجتماعية وثقافية متنوعة.


فكرة المجتمع المدني

وعن صيرورة المجتمع المدني، والنظريات التي صاغها المفكرون في اوروبا، يقول الباحث، ان فكرة المجتمع المدني مرت برحلة تبلور مديدة منذ بروزها يهيئه نطف في فكرة الفيلسوف الانجليزي هوبز (1651) وجون لوك (1691) او بصورة ناضجة في فكر روسو (القرن الثامن عشر) او اكثر نضجا في فلسفة الحق لهيغل (1820 فما بعد حاول الثلاثة الاوائل تفسير التاريخ السياسي البشري على اساس ثنائية الحالة الطبيعية (حالة الفكرة) والحالة المدنية، الحالة الطبيعية (الفطرة) في وضع البساطة، حيث لاروابط سياسية ولا دولة، لكنها تتميز بحرب الجميع ضد الجميع (كما عند هوبز) او بالعكس حالة وئام انساني شامل (كما عند روسو
وبشأن الاسباب التي ادت الى الانتقال من مجتمع الحالة الطبيعية الى المجتمع المدني، يعزو ذلك الى احتدام التعارضات في قلب الحالة الطبيعية، تعارضات حق الملكية، وحق الحياة وصيانتهما.

يرتكز المجتمع المدني في هذا التصور على نوع من الاتفاق او العقد الاجتماعي، اي اتفاق بين افراد المجتمع على الانتظام في دولة.
ان الاتفاق اقرب الى روح التبادل التجاري، بل انه صورة مستمدة من النشاط المركتلي ذاته.

تعدد المقاربات

وبصدد تعدد المقاربات لماهية المجتمع المدني، يوضح الباحث بوجود اربعة تفاسير، المقاربة الاولى وهي اقتصادية تاريخية من المدرستين الانجليزية والالمانية وهي ترى ان المجتمع المدني هو المجتمع التجاري (الرأسمالي) الذي يكون فيه المجال الاقتصادي متميزا ومستقلا عن المجال السياسي. وهو مجتمع مستقل بذاته، يتولى انتاج الثروة ويمول الدولة عن طريق الضرائب، متطلبا الحد الادنى من الحكم والتوجيه (ادم سمث)



اما المقاربة الثانية، فهي المقاربة الفرنسية الكلاسيكية وترى ان المجتمع المدني هو مجتمع المؤسسات الوسيطة التي تنبثق من التشكيلات الاجتماعية - الاقتصادية ونعني بذلك الطبقات الاجتماعية من نبلاء وملاك عقاريين وصناعيين واهل فكر من الطبقة الثالثة (طبقات ارباب العمل الرأسمالي)، وهي مؤسسات تلعب دور الوسيط بين الفرد والدولة وتلطف العلاقات بين الدولة والمجتمع وتخلق موازنة بينهما.
اما اليكسي دي توكفيل، وهو مفكر فرنسي فقد طور المقاربة الثالثة عن طريق تطوير مفهوم مونتسكيو عن المؤسسات الوسيطة الى الاتحادات الطوعية غير القرابية.

النظرة الرابعة ترى المجتمع المدني بوصفه مجالا عاما تتم فيه تسوية المصالح المختلفة ومتابعتها وحمايتها من قبل المؤسسات الثقافية: مثل الكنيسة والعائلة والنظام التربوي وتعرف بالمقاربة الثقافية.

تدمير المجتمع المدني

ويحمل الباحث الانظمة العسكرية مسؤولية تدمير المجتمع المدني، بعد زوال الملكية، توالت على الحكم ثلاثة انظمة عسكرية في الفترة بين عامي 1958ـ 1968 وتلاها النظام البعثي 1968- 2003، قضت على الديمقراطية الدستورية.
وادت النزعات الاشتراكية التي تمحورت حول الدولة كقوة اساسية للتحديث، الى تشويه المجتمع المدني او تفكيكه وامتصاص بعض عناصره او حتى تدميره. فتهاوى المجتمع في بعض الاحيان الى دائرة الافكار الخاصة التي تكمن في مخيلة الفرد.
ففي السياسة الغي فصل السلطات: حل البرلمان (من العام 1958 الى العام 1980 عندما جرت انتخابات موجهة)، وفقد النظام القضائي استقلاليته، ومني حكم القانون بنكسة بعد ادخال المحاكم العسكرية والغاء المحكمة الدستورية العليا.
ولم تكتف الدولة بتوسيع دورها الاقتصادي باعتبارها المالك والمنتج في آن. بل تجاوزته الى توجيه ضربات قاصمة الى الطبقات المالكة للارض ورأس المال.

المجتمع المدني الاقتصادي
وعن التحولات الاقتصادية التي رافقت التغيير في العراق يشخص الباحث المسالك التي اعتمدتها سلطة الائتلاف الموقتة CPA والحكومة العراقية الانتقالية، وهي الطريقة الثنائية لاعادة البناء: اولا السعي الى بناء القدرات المنتجة في قطاع الخدمات والسلع، وثانيا ادخال الاصلاحات الاقتصادية البنيوية لارساء اقتصاد السوق.

ومع تحرير السوق والتجارة وتثبيت قيمة العملة واصلاح البنك المركزي، دخلت الطبقات المنتجة الى عالم جديد من الحرية الاقتصادية.

يشير الباحث الى مكونات المجتمع المدني الاقتصادي وهي طبقات عليا من رجال الاعمال وطبقات وسطى تعتمد على الملكية او رأس المال، او التعليم او الخبرة، علاوة على طبقة صناعية مدنية.
تصنف طبقات رجال الاعمال عادة ضمن اربع منظمات: اتحاد الصناعيين واتحاد المقاولين، اتحاد المصرفيين اتحاد غرف التجارة.
ويمكن متابعة نمو طبقة رجال الاعمال عن طريق مراقبة اعداد الاثرياء الكبار (ممن تعدت ثروتهم ثلاثة ملايين دولار)


الطبقات الوسطى

وفي تقديره لاهمية الطبقات الوسطى ودورها في الحركة السياسية والاجتماعية في العراق، يحدد عقد الخمسينيات من القرن الماضي، حيث شكلت هذة الطبقات، الحد الفاصل في حركة معارضة النظام الملكي لتصبح في السبعينيات والثمانينيات العمود الفقري لحكم البعث، وفي التسعينيات محورا اساسيا للمعارضة، وهي تشكل اليوم، بهذا القدر او ذاك اساس التحول السلمي (خلافا للفئات الهامشية الحضرية).

ويحاول الباحث، ان يضع هذه الطبقات ضمن طبقة رجال الاعمال، وهي الى حد ما جزء منها فعلا، حسب قوله، لكنها مستقلة عنها.
وتكمن اهميتها في انها تشكل المجال الاجتماعي الاوسع: حوالي 54% من مجموع سكان المدن في مجتمع مدني ضخم توازي فيه مستويات التمدن في المجتمع الاوروبي (72%) وتنقسم هذه الطبقات الى مجموعتين: اصحاب الملكية ورأس المال واصحاب الرواتب.


المؤسسات الوسطية

يولي الباحث اهمية كبيرة للمؤسسات الوسيطة ويعدها النسيج الحي للمجتمع المدني، ويبرر ذلك في ان هذه المؤسسات تشكل الرديف الحيوي للتكوينات الاجتماعية - الاقتصادية اي الطبقات الاجتماعية ككيانات جماعية وهي تشمل الرسمي منها وغير الرسمي والجمعيات المدنية، بما فيها التجمعات السياسية والشبكات الاجتماعية المنظمة.

ويبين ضمور هذه المؤسسات في ظل النظام المخلوع حيث كانت محظورة (الاحزاب السياسية) او مدمجة مباشرة في نظام الحزب الواحد التوتاليتاري، او خاضعة لسيطرته وتأثيراته وضغوطه. ومع سقوط الدكتاتورية والاستبداد، تهاوت الاسطورة التي تقول ان العراق مجتمع هوائي احادي خاضع لسيطرة حزب البعث الكاملة.

كانت الحركات السياسية لمدة طويلة سرية او في المنفى لكنها سرعان ما عادت وظهرت بقوتها الكاملة. وهي لاتشبه الايديولوجيات القاطعة التي سادت في الستينيات والثمانينيات.


الاحزاب السياسية

يعزو الباحث ضعف الاحزاب السياسية في العراق الى عدم تحولها او انتظامها في هيئة مؤسسات، وان اعداد هذه الاحزاب وصلت الى ما يقارب التسعين، قبل سقوط حزب البعث وكان معظمها ينشط في المنفى.
ولعل الاستثناء الوحيد يقتصر على ما يقارب الاثنتي عشرة جماعة سياسية تعمل بحرية نوعا ما في منطقة الحكم الذاتي الكردي القائمة كأمر واقع خلال الفترة الممتدة من العام 1991 الى العام 2003.

وقد شهدت المنافسات الانتخابية دخول ما يزيد على مئتين واربعين كيانا سياسيا تمثل معظم التلاوين الايديولوجية والاجتماعية والثقافية في المجتمع العراقي.
ويعتبر ذلك انتقالاً كبيراً من النشاط السياسي الايديولوجي الى النشاط السياسي القائم على الهويات الصغيرة وقد تكون الهوية اما اثنية او طائفية او محلية.

الاعلام وولادة الرأي العام
يعد الباحث انتهاء احتكار الدولة لوسائل الاعلام المطبوعة والالكترونية، بداية تكوين جمهور عالمي كوني، حيث ادى الغاء قانون تنظيم قطاع الاعلام في حزيران 2003 الى فورة اعلامية كبيرة تمثلت في نشر اعداد هائلة من الصحف وتأسيس عدد كبير من شبكات التلفزيون والاذاعة.
قابل ذلك تهافت مماثل من الجمهور على امتلاك اجهزة استقبال الفضائيات، من صحون وهوائيات وغيرها والاندفاع الى مقاهي الانترنت.
ويشخص اسباب ولادة اعلام رديء وفقير الى جانب اعلام حزبي مؤدلج كاد يحجب النبتات القليلة من الصحافة ذات المهنية العالية. وانضمت نخبة الصحفيين العراقيين الى مكاتب الاعلام العربية والعالمية حيث الاجور العالية.
ولا يزال الاطار التنظيمي للاعلام ضعيفا. وقد استبدلت رقابة وزارة الاعلام القديمة بهيئة عليا لمراقبة المعايير الاخلاقية والمهنية.
اذا فقد باتت ولادة الاعلام الحر واقعا معيشا لكنها لاتزال تتطلب جهدا قويا لجهة التمويل المستقل والخبرات والمعدات والاحتراف.



#كاظم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصالحة الحزب الشمولي
- التغيير السياسي في العراق انتصار لارادة الحياة
- ثقافة حقوق الانسان من ركائز المجتمع المدني
- المجتمع المدني بين المعايير الذاتية والموضوعية
- حول اشكالية المفهوم
- المجتمع المدني حصانة للديمقراطية
- نورز... ذاكرةالمستقبل
- التجاوز على أملاك الدولة
- لإصلاح الديني.. إعادة قراءة للفكر والسلوك البشري
- الاسلام والنزعة الانسانية العلمانية
- قوانين الحرية في المجتمع الديمقراطي
- آيديولوجيا التطرف والعنف
- الوكيل والأصيل في التقاعد
- القواسم المشتركة
- الانسان المستوحد بين جحيم الاخرين وجحيم الوحدة
- المصلحة بين الدولة والدين
- ا لعقلانية من سمات المجتمعات المنفتحة
- جدل ا لاد ب والسياسة
- الرئيس السابق
- المرأة تجمل كرسي الحكم


المزيد.....




- تبدو مثل القطن ولكن تقفز عند لمسها.. ما هذه الكائنات التي أد ...
- -مقيد بالسرية-: هذا الحبر لا يُمحى بأكبر انتخابات في العالم ...
- ظل عالقًا لـ4 أيام.. شاهد لحظة إنقاذ حصان حاصرته مياه الفيضا ...
- رئيس الإمارات وعبدالله بن زايد يبحثان مع وزير خارجية تركيا ت ...
- في خطوة متوقعة.. بوتين يعيد تعيين ميشوستين رئيسًا للوزراء في ...
- طلاب روس يطورون سمادا عضويا يقلل من انبعاث الغازات الدفيئة
- مستشار سابق في البنتاغون: -الناتو- أضعف من أي وقت مضى
- أمريكية تقتل زوجها وأختها قبل أن يصفّيها شقيقها في تبادل لإط ...
- ما مصير شراكة السنغال مع فرنسا؟
- لوموند: هل الهجوم على معبر رفح لعبة دبلوماسية ثلاثية؟


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كاظم الحسن - المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب