أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - حقائق ومشاهدات من اليوم الخامس للانتفاضة العراقية















المزيد.....


حقائق ومشاهدات من اليوم الخامس للانتفاضة العراقية


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 800 - 2004 / 4 / 10 - 11:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


1- مجلس الحكم والخلطة السرية : يقدم التاريخ أو القدر سانحة جديدة و ربما أخيرة لأعضاء مجلس الحكم المعين من قبل السفيه بريمر لكي ينقذ هؤلاء الأعضاء العراق ومعه شرفهم الشخصي هذه الأيام . إنها سانحة لا يجود بها الدهر مرتين وهي موجهة تحديدا لأصحاب الوجدان الصاحي والضمير الحي من بينهم فقد وصلت المذبحة الإجرامية بحق أهلنا في الفلوجة ذروتها مع استشهاد أكثر من ثلاثمائة عراقي برصاص الهمج الأمريكان وقنابلهم العنقودية . ومن العار فعلا أن يصرح رئيس الدورة الشهرية للمجلس مسعود برزاني بأن ( الواجب يحتم القضاء على المجرمين في الفلوجة ) . إنها خطيئة منكرة ومؤسفة لمسعود قد لا تقل خطورة وإجراما عن الخطيئة المنكرة السابقة التي ارتكبها بالاشتراك مع تؤمه اللدود جلال طالباني ( الذي والحق يقال صان لسانه هذه المرة ) ونعني خطيئة الدوس على جثث شهداء انتفاضة ربيع 1991 والعبور عليها وقبل أن تجف الدماء ليصافحا ويقبلا الطاغية صدام حسين في القصر الجمهوري وأمام عدسات الصحافيين .
الفرصة التاريخية التي نأمل أن يغتنمها البعض في مجلس الحكم وليس كلهم فثمة منهم مَن لو طرده بريمر بالحذاء من المجلس لتشبث بالبقاء فيه ، هي فرصة الاستقالة أو على الأقل التهديد بالاستقالة العلنية والاحتجاجية ضد جرائم الأمريكان ما لم يتوقف القتل الإبادي بحق العراقيين في الفلوجة الذبيحة وغيرها من مدن العراق .
الاستقالة التي هدد بها فعلا عضوان في المجلس تعني ردعا حقيقيا وقويا لسلطات الاحتلال ، إذ أن أمريكا ستكون مرغمة عندها على إعادة حساباتها السياسية والعسكرية وستقف أمام العالم وأمام الشعب العراقي وأمام الشعب الأمريكي على حقيقتها كاستعمار دموي يواجه شعبا كاملا وقد تتطور الأمور إلى الموافقة وقف إطلاق النار ضد العراقيين وعلى جدولة الانسحاب الأمريكي واستبدال القوات المحتلة بقوات سلام تابعة للأمم المتحدة . و قد أعلنت وسائل الإعلام الآن أن المجاهد عبد الكريم ماهود المحمداوي قد علق عضويته في المجلس فعلا ، والواقع فإن مجرد تعليق العضوية أصبح لا يتناسب مع شلال الدماء العراقية التي يسفكها المحتلون وقد سبق لمحمد بحر العلوج أن علق عضويته قبل عدة أشهر واعتكف في بيته في النجف لأن بريمر تلكأ في تعيين ابنه إبراهيم وزيرا للنفط ، فأيهما أثقل في ميزان الضمير أرواح مئات الأطفال العراقيين التي أزهقها المجرم بريمر أم قرار تعين هذا العميل أو ذاك وزيرا .إن المطلوب الآن من شخص يقدم نفسه كمجاهد دوَّخ أجهزة صدام القمعية مثل عبد الكريم المحمداوي دفاعا عن الشعب أو هكذا يعلن أنصاره ليس أقل من تحرير مدينة العمارة التي ترزح الآن تحت ضغط رجال المخابرات الإيرانية " إطلاعات " الذين يقومون بجهود مسعورة لإخماد الانتفاضة هناك مع أن كل قبائل وعشائر العمارة وقواها السياسية ضد الاحتلال .. ونكرر على مسامع أبي حاتم المحمداوي ما قاله أبو الطيب أحمد المتنبي الكوفي :
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ .
فتكبرُ في عينِ الصغيرِ صغارُها وتصغُرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ .

والواقع فإن عدم إقدام أعضاء المجلس على الاستقالة سيعني أنهم خائفون من انسحاب القوات المحتلة ، و وخائفون من استلام الشعب للسيادة وهذا يعني أنهم يضحون بأرواح العراقيين من أجل مصالحهم الخاصة ومستقبلهم السياسي لا اقل ولا أكثر ولهذا سيحتقرهم الشعب مزيدا من الاحتقار إن استمروا في وقفتهم المشينة مع المحتلين أما الاستقالة الشجاعة فستضمن لهم إعادة اعتبار حقيقية وسريعة فشعبنا طيب ومسامح ومنصف وإعادة الاعتبار ستوفر لهم فرصة شريفة وحقيقية في العمل السياسي كاستقلاليين ووطنيين وليس كعبيد ومأجورين تحميهم قوات الاحتلال . إنها خلطة سرية شريفة لا تشبه الخلطة الغبية التي جربها الطاغية صدام المتخلف فقادته إلى تحويل العراق إلى مقبرة جماعية وهي أيضا ليست كالخلطة السرية الأمريكاني والتي نقلت العراق من المقابر الجماعية إلى المجازر الجماعية .
2- عجل بريمر : يقول المثل العربي القديم النار تخلف رماد ، وثمة مثل سائر لدينا نحن أهل الجنوب بذات المعنى يقول ( خلفة المضوي عجل ) ولا أعرف معنى كلمة المضوي للأسف . فكرت بهذا المثل وأنا أستمع إلى عضو مجلس بريمر الشيخ غازي عجيل الياور وهو ينصح أهالي الفلوجة بأن يسلموا أبناءهم الذين قتلوا ضباط المخابرات الأمريكية الأربع إلى " قوات التحالف " .و بالمناسبة فمازال بعض المشبوهين من الناطقين باللهجة العراقية يقيمون مناحاتهم الغبية على "أرواح " هؤلاء الضباط ويصرون على أنهم مدنيون مساكين جاءوا يرتزقون في الفردوس البابلي كمقاولين في حين اعترف مصدر أمريكي لجريدة نيويورك تايمس بأن القتلى هم مسؤولون أمنيون ، وبالمناسبة أيضا فكاتب السطور يعتبر قتل هؤلاء الضباط عملية عسكرية شجاعة أما التمثيل بجثثهم وسحلها فهو تصرف صبياني مرفوض أخلاقيا ودينيا وقانونيا دفعت إلى ارتكابه ظروف حرب الإبادة والإذلال والتعدي الأخلاقي التي تقوم بها قوات الاحتلال الأمريكية ضد العراقيين وخصوصا في الفلوجة الباسلة . أقول ، تذكرت ذنيك المثلين وأنا استمع إلى عضو المجلس غازي عجيل الياور وهو كما يقول اسمه الثلاثي سليل الشيخ المجاهد والشجاع عجيل الياور شيخ قبيلة شمر وبطل معركة " تلعفر " التي وقعت في شهر حزيران سنة 1920 . وهاكم هذه النبذة عن مأثرة الشيخ عجيل رحمه الله ليقارنها من يشاء بنصيحة العضو في مجلس الاحتلال غازي :
في كتابه " لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث / ص158 " يخبرنا المؤرخ وعالم الاجتماع العراقي الراحل علي الوردي عن تفاصيل تلك المعركة التي يسميها المؤرخون " معركة السيارات" والتي دارت بين مجموعة من العراقيين الاستقلاليين الثائرين ضد قوة بريطانية بقيادة الكابتن ستيورات الذي قتله في بداية المعركة المقاتل العراقي محمد علي النعلبند برصاصة مسدس في رأسه من مسافة مترين أو ثلاثة واستمرت المعركة حتى الظهر . وحين وصلت تعزيزات بريطانية بالسيارات المصفحة راح الشيخ عجيل الياور يطارد السيارات فارسا وحاملا رمحه الذي عرف مقاتلا به ، وما أن ينفتح باب المصفحة ويخرج منها جندي بريطاني حتى يتلقاه الشيخ برمحه الرديني فيقتله . وفي نهاية المعركة كان الشيخ قد قتل ثمانية بريطانيين برمحه وحين رأى أحد البريطانيين هذا " الجنون العراقي " سكب صفيحة نفط على نفسه وأحرقها فانتحر حرقا ويبدو أنه كان من جملة الجنود البريطانيين الهندوس .وحين يطلع الشاب العراقي الذي شاهد اليوم جثث الأطفال وهي تتناثر في أزقة الفلوجة و مدينة الصدر في بغداد على هذه المأثرة للشيخ عجيل الياور رحمه الله ويشاهد عضو المجلس السمين غازي وهو يدلي بنصيحته الخرقاء ألا يقتنع بأن النار تخلف رمادا فعلا ، ورمادا من النوع الأمريكي ؟
3- الالتحام العضوي : ظل مجلس الحكم المعين من قبل سلطات الاحتلال الأمريكية البريطانية في العراق ،أو للدقة ،ظل أغلب أعضائه يحتفظون بمسافة معينة بينهم وبين تلك السلطات لأسباب تمت بصلة إلى الذوق والكياسة أكثر مما تمت بصلة للسياسة وعلومها أو للموازنات الداخلية والخارجية وتقلباتها . واليوم ، وبعد أحداث الأيام القليلة الماضية والدامية والتي بدأت باحتجاجات سلمية واعتصامات جماهيرية قام بها الإسلاميون من التيار الصدري ، يبدو أن تلك "المسافة "قد تلاشت تماما ، وحدث ما يشبه الالتحام العضوي بين مجلس الحكم الذي يفترض بأنه "عراقي" وبين سلطة الاحتلال التي أنجبته . للتدليل على صحة هذا الاستنتاج يمكن الاستشهاد بثلاثة شواهد وردت على ألسنة أهل المجلس . ففي اليوم الأول للانتفاضة ، وفيما كان حمام الدم الذي نفذته قوات الاحتلال ضد المحتجين في ذروته أعلن مسعود البرزاني رئيس الدورة الشهرية للمجلس إدانته ( للجوء أنصار الصدر لاستعمال العنف وحذر من مغبة ذلك ) بحضور الحاكم الاستعماري بول بريمر . ولكنه – البرزاني - لم ينبس ببنت شفة حول المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال في النجف وبغداد حيث فاق عدد القتلى الخمسين و بلغ عدد الجرحى بضع مئات ، بل إنه لم يشر من قريب أو بعيد ، وبما يفترضه الذوق والكياسة إلى الإفراط في استعمال القوة والرصاص الغزير المنطلق من طائرات الأباتشي والدبابات على المنتفضين العزل .
أما محمد بحر العلوم عضو المجلس ووالد وزير النفط الاسمي وعديم الصلاحيات باعتراف عضو مجلس آخر هو محمود عثمان فقد وجه نداء إلى السيد مقتدى الصدر المعتصم احتجاجا على المجازر في مجسد الكوفة الكبير يطالبه فيه بالكف عن اللجوء إلى العنف والاستسلام لسلطات الاحتلال . وحين رفض سماحة السيد الصدر نداء بحر العلوم صرح هذا الأخير بأنه يحمل مسئولية ما سيحل من دمار بالعراق وشعبه لمقتدى الصدر شخصيا . واضح المضمون التحريضي ضد المنتفضين وضد السيد الصدر تحديدا في كلام بحر العلوم الذي يتناسى أن العراق لم يعد فيه الشيء الكثير مما يستحق التدمير على أيدي حلفائه "المحررين" الأمريكيين . وواضح أيضا أن بحر العلوم يقلب الحقيقة والمنطق حين يطالب الطرف المعتدى عليه والذي ينزف دما في الشوارع والأحياء الفقيرة والمهدد بالاعتقال من قبل المحتلين بأن يكف عن اللجوء لاستعمال العنف دون أن يخطر بباله أن يوجه نداء مماثلا لمن عينه عضوا في مجلس الحكم وعين ولده وزيرا "لنفط العراق " ليكف عن قتل الناس في الشوارع وممارسة رياضة قنص البشر بواسطة طائرات الأباتشي .
المثال الثالث هو ما أدلى به أياد علاوي عضو المجلس المذكور والقيادي السابق في حزب البعث حين كان مسؤولا عن السجن سيئ الصيت المعروف باسم "قصر النهاية " فقد استعاد علاوي لغته النارية الصدّامية وشن هجوما لفظيا على ما سماها ( القوى الإرهابية التي تريد الإيقاع بالبلاد وتحاول خلق الفتن ومن هذه القوى مقتدى الصدر ..) ثم اختتم تحذيره بالكلمات "الطريفة " التالية ( وبهذه المناسبة ندعو الأخ مقتدى إلى التزام الهدوء لحق الدماء ..) سيكون من العسير حقا أن يفهم السامع نوع العلاقة بين اتهام شخص ما بأنه "إرهابي " ثم مخاطبته بكلمة " الأخ " في الجملة ذاتها علما بان المتكلم مرشح لتولي أعلى المناصب في العراق الأمريكي الجديد من قبل حزب كولن باول في الإدارة الأمريكية في مواجهة مرشح حزب رامسفيلد واللوبي الصهيوني أحمد الجلبي !
لقد بلغ الالتحام بين مجلس حكم وسلطات الاحتلال ذروته في الاجتماع العاجل الذي عقده المجلس وخرج إثره ببيان غاضب يحمّل الجانب المعتدى عليه والمقتول برصاص الاحتلال مسئولية ما حدث ، زاعقا بأعلى الصوت بأن ( لا أحد فوق القانون ..) وإن ( على من استولوا على المنشآت الحكومية الانسحاب منها وإعادتها إلى الدولة .) و عبثا سيتعب المرء نفسه بالبحث عن تلك الدولة التي ستعاد إليها المنشآت وعبثا أيضا سيبحث عن إشارة في بيان مجلس الحكم لقيام قوات الاحتلال بالاستيلاء على أكبر مستشفى في مدينة النجف الأشرف وطرد المرضى والجرحى منه واعتقال بعضهم أمام عدسات الصحفيين الأجانب في ممارسة مشابهة لتلك التي دأب جيش شارون على القيام بها في مدن فلسطين المحتلة .
و بهذا البيان المفعم بالإملاء الخارجي يكون مجلس الحكم قد تخلى تحت ضغط الأحداث والتهديد الفعلي لموقعه الفوقي من التحرك الجماهيري واسع النطاق عن تلك المسافة الفارقة بينه وبين سلطات الاحتلال ووضع جانبا جميع الرتوش وقطع الغيار لزوم الشغل كما يقال وتحول إلى مجرد مليشيا مكشوفة تأتمر بأوامر قيادة الاحتلال !

4- مذكرة قرقوش : من ناحية أخرى فقد كشفت سلطات الاحتلال ذاتها عن أنها كانت طوال الأشهر الماضية تحاول شراء صمت الحركة الإسلامية الصدرية من خلال استعمال سلاح الابتزاز والتهديد بإخراج مذكرة التوقيف بحق السيد مقتدى الصدر. إن تلك المذكرة التي صدرت كما أعلنت هذه السلطات رسميا منذ عدة أشهر من قبل قاض عراقي كشفت النقاب عن أمرين : ارتباك سلطات الاحتلال أمام ردة الفعل المزلزلة والتي جاءت على شكل انتفاضة شعبية كبرى وثانيا عن خطأ تقديراتها لقوة الحركة الرافضة للاحتلال ومنها التيار الصدري . ولكي تكتمل كاريكاتورية مشهد سلطات الاحتلال وأدائها الساذج فقد خرج هاشم عبد الرحمن الشبلي الوزير الاسمي لوزارة العدل التابعة لمجلس الحكم وأعلن لاحقا بأنه لا يعلم من أمر مذكرة التوقيف تلك شيئا . والواقع فإن المذكرة الأمريكية باعتقال سماحة السيد الصدر موجودة فعلا كما يبدو وعلى الأرجح في أذهان مديري المشروع الاحتلالي وإنهم إنما بادروا واستعملوها الآن بالضبط لابتزاز الحركة الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال ومنها التيار الصدري . وحين تأكد لهم أن الأمور في طريقها إلى الانفجار وإن الابتزاز لم يعد كافيا وأن الحركة الوطنية العراقية لن تقبل بالمشروع الأمريكي الاستعماري بادروا إلى استفزاز الجماهير الشعبية فأغلقوا جريدة الحوزة الناطقة واعتقلوا سماحة السيد مصطفى اليعقوبي وهددوا باعتقال السيد مقتدى الصدر . واليوم ، وبعد مسلسل المجازر الشنيعة التي ارتكبها المحتلون فقد سقط القناع مرة واحدة وإلى الأبد عن المشروع الأمريكي الصهيوني ككل . وأصبح الصراع مفتوحا بين الحركة الجماهيرية المنتفضة التي تتوحد بسرعة مع الجناح المقاوم في مناطق الشمال الغربي من جهة وبين سلطات الاحتلال التي تتوحد هي الأخرى بسرعة مع مجلسها المعين وأحزابه من جهة أخرى . وبخصوص أحزاب مجلس الحكم فيمكن للمراقب أن يتوقع أنها ستعيش في حالة من فقدان الوزن السياسي لفترة قصيرة قبل أن تذروها رياح الانتفاضة والمقاومة فتنعزل قياداتها الراكضة خلف الامتيازات والوزارات وتخرج منها قواعدها الوطنية لتلتحق ببحر الانتفاضة والمقاومة ..
5- المعركة في بداياتها : إن استمرار الانتفاضة بعنفوانها الرائع وروح التحدي والفداء التي أذهلت المحتلين قد حشرت المشروع الاحتلالي في الزاوية القاتلة ، غير أن من قصر النظر الأكيد أن ينتظر المرء انتصارا سهلا وخلال أيام أو أسابيع على قوات الاحتلال الأمريكية . ومن الممكن بل والمحبذ أن تتحول هذه الانتفاضة تدريجيا وبثقة وبطء شديدين إلى التخلي عن أسلوب المواجهات المكشوفة والواسعة لصالح تبني أسلوب المقاومة السرية المسلحة والانتشار الواسع في أقاليم الجنوب والفرات والعاصمة بغداد واعتماد النفس الطويل في المقاومة كما هي الحال في محافظات الشمال الغربي .
كما سيكون مفيدا أيضا التخلي عن أسلوب السيطرة على المدن الكبرى في الوقت الحاضر لأن ذلك سيكون مكلفا جدا من حيث الخسائر البشرية فقد ارتعبت سلطات الاحتلال من سيطرة الانتفاضة على مدن كبرى كالبصرة والناصرية والعمارة فأوعزت إلى قواتها وحلفائها بإعادة احتلالها مهما كان الثمن وقد حدث ذلك وسط مجازر مروعة وقصف عشوائي في الناصرية والعمارة خصوصا . ومع ذلك يمكن الاستمرار في السيطرة على القرى والبلدات الصغيرة وإدارتها ذاتيا وتحويلها إلى خزان وطيد ونام للمقاومة حتى بلوغ مرحلة الاستيلاء التام على المدن الكبرى .
إن المعركة ، بل المعارك ،ستكون طويلة ومعقدة ودموية وتحتاج إلى الحكمة والصبر والدقة والشجاعة وتوحيد القوى المقاومة كافة . وهي أيضا تحتاج قبل هذا وذاك إلى صياغة البرنامج السياسي الواضح والجريء والقائم على المطالبة بانسحاب قوات الاحتلال وفق جدول زمني سريع واستبدالها بقوات من الأمم المتحدة ومن الدول التي لم تشارك في الحرب ضد العراق وحل مجلس الحكم العميل وتشكيل الجمعية الوطنية التأسيسية وفق صيغة التوافق الوطني ورفض المحاصصة الطائفية والعرقية والاستقلال التام عن الاحتلال والقوى الإقليمية المجاورة وبهدف معلن هو قيام نظام ديموقراطي تعددي في العراق ، يستعيد السيادة الوطنية ، وينهي هذا الفصل الأسود والدموي من تاريخ العراق ..وبهذا فقط سيكون المنتفضون الأحياء أوفياء لأرواح ودماء الشهداء الذين اغتالهم رصاص الاحتلال الأمريكي البريطاني .
6- تحذير مبطن : نتوقف الآن عند التهديد المبطن الذي أصدره مجلس بريمر يوم أمس والذي قال فيه ( إن سعي مجموعة من الأشخاص لفرض نفسها على باقي أبناء الشعب هو أمر مرفوض تماما وإن لم تتدخل قوات التحالف لإنهاء هذه الحالة فان قوى الشعب العراقي سوف تتدخل لإيقافها وتخليص أبناء الشعب منها .) هذا الهذر السخيف يعني أن أحزاب بريمر تهدد المنتفضين بالقمع المباشر من قبل مليشياتها الحزبية التي أطلقت عليها اسما " مقدسا " هو " قوى الشعب العراقي " وبصراحة فإن هذا البيان الذي يعكس رعب أحزاب المجلس من الانتفاضة سيسجله التاريخ كتهديد صريح من قبل عملاء الاحتلال ببدء الحرب الأهلية واستعمال مليشياتهم التي يدفع بريمر مرتابتها من نفط العراقيين . وربما يشم المرء رائحة هذا الحزب أو ذاك العميل المتمجلس في هذا البيان الذي نقلته وكالة فرانس بريس ولكن الشيء المهم ليس الأسماء بل الأفعال فإذا كان بريمر عاجز حتى الآن عن قمع الانتفاضة والمقاومة باستعمال ربع مليون عسكري وبطائرات الأف 16 فهل سيستطيع السيد ( قوى الشعب العراقي ) بكرشه المندلق مترين إلى الأمام وصلعته الفارهة ورقبته الملوية كالمئذنة الحدباء في الموصل أن يقضي على انتفاضة قوى الشعب العراقي الفعلية ؟
7- لجنة الصميدعي للدفن المجاني : صرح الصميدعي قبل قليل أن مجلس بريمر قد شكل لجنة ( صلوا على محمد وآل محمد !!) لتقديم المساعدات العاجلة للمواطنين في الفلوجة . ويمكن للقارئ أن يخمن نوع المساعدات التي ستقدم من قبل لجنة الصميدعي بدءً من إيصال تبرعات الأمصال الدموية وتعليق صور البطلين أحمد الجلبي وعدنان الباججي اللذين يقودان الهجوم المدرع على قوات المارينز شرق الفلوجة والإشراف على دفن الشهداء مجانا .. وبالمناسبة كم بدا الأستاذ الباججي باهتا ونافلا وهو يعلن أن المجلس يحاول إقناع سماحة السيد مقتدى الصدر بالانصياع للقانون وهي العبارة المخففة لعبارة ( يسلم نفسه لقوات المارينز ) صدقا أقول إنني لم أتوقع من الباججي القيام بهذا الدور ليس لأن قدميه في القبر فحسب ولكن أيضا لأن المرشحين للقيام بدور شمر بن ذي الجوشن وخصوصا من شيعة إطلاعات كثيرون ، وكان عليه أن ينتظر قليلا ليفلت هو من العار التاريخي ويترك هذا الدور " الجوشني " لشخص آخر ما زال يلوج الآن في كواليس المسرح ويعقد عمامته السوداء على مهل ولكن بإصرار وخبث موروث .. !

هويمش : وردت في الحلقة الأولى عدة أغلاط مطبعية بسبب التسرع في الصف والتحرير ولكنها لا تغيب عن القارئ اللبيب فمعذرة عنها وعن الأغلاط الواردة في هذه الحلقة والحلقات القادمة أيضا .



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تحالف سياسي يتقدم بالانتفاضة والمقاومة نحو النصر
- الانتفاضة تتسع وبرنامجها يتقدم والاحتلال يترنح !
- انتفاضة الصدريين أرعبت الاحتلال وعملاءه ، فهل هي بداية الثور ...
- الإيرانيون يجرون عمليات جراحية لأنوفهم لكي لا يشبهوا العرب !
- المبسط في النحو والإملاء الدرس الأربعون :المنصوب على التحذير
- إعلان هام حول حملة جمع التواقيع ضد قانون إدارة الدولة الانتق ...
- توضيح حول حملة جمع التواقيع ضد دستور بريمر !
- المبسط في النحو والإملاء درس خاص في الإملاء:الأسماء المقصورة ...
- نفاق النظام السوري : السجادة الحمراء للبر زاني و الرصاص لمن ...
- قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 ! - الجزء الثالث ...
- قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 : - الجزء الثاني ...
- قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 ! - الجزء الأول - ...
- المبسط في النحو والإملاء الدرس التاسع والثلاثون : المنصوب عل ...
- وثيقة مجلس الحكم الدستورية : باطلٌ كلُّ ما بُنيَ على باطل !
- دستور -بريمر - ولد فاطساً ، والفيتو الكردي سيواجه فيتو في مث ...
- المبسط في النحو والإملاء الدرس الثامن والثلاثون : المنصوب عل ...
- تحالف الأمر الواقع بين الاحتلال الأمريكي والإرهاب السلفي يحص ...
- المبسط في النحو والإملاء .الدرس السابع والثلاثون : المفعول ف ...
- المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس السادس والثلاثون : الم ...
- العراق - الأمريكي - يزحف نحو النموذج الطائفي اللبناني !


المزيد.....




- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح
- الجامعات الأميركية تنحاز لفلسطين.. بين الاحتجاج والتمرد والن ...
- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - حقائق ومشاهدات من اليوم الخامس للانتفاضة العراقية