أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - نظام عربي أكثر تكافلا، علاقات عربية أقل -أخوية-















المزيد.....

نظام عربي أكثر تكافلا، علاقات عربية أقل -أخوية-


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2601 - 2009 / 3 / 30 - 09:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أي مستوى من العلاقات بين الدول العربية يستجيب لأعلى توافق داخلي في كل منها؟ هل يمكن تبين علاقة بين الأمرين؟ إذا أمكن إثبات علاقة موجبة بين الأمرين فيمكننا الكلام على نظام عربي متكافل.
بصورة عامة، يبدو أن العلاقة موجبة فعلا. فالتوافقات الداخلية العربية تتحسن أو تتراجع، وإن بمقادير محدودة، وفقا لتحسن أو تراجع العلاقات بين الدول. ولا نعرف أمثلة لتحشن التوافق الداخلي في أي بلد بالارتباط مع تدهور علاقته ببلد آخر، أو بالعكس تدني توافقه الداخلي ارتباطا مع تحسن علاقته مع دولة أخرى. على أن مستوى استجابة التوافق الداخلي للعلاقات بين الدول ليس نفسه في جميع البلدان وحيال جميع الدول وفي جميع الأوقات. نعلم أن علاقة عدائية بين لبنان سورية تؤثر سلبا على العلاقات بين اللبنانيين، ومثل ذلك يصح على علاقات تهيمن فيها سورية على لبنان. أعلى توافق لبناني ربما يتحقق حول علاقة "طيبة" مع سورية، يأمن لبنان لاستقلاله فيها وسورية لأمنها. بالمقابل لا يسهل تبين تغيرات التوافق الداخلي في سورية بالتوازي مع تغيرات العلاقة مع لبنان نظرا لكتامة النظام السياسي فيها، لكن يبدو أن شأن لبنان لا يبلغ عتبة سجال في المجتمع السوري إلا حين تأخذ العلاقات شكلا عدائيا.
هذا لا ينطبق على علاقات لبنان مع الأردن مثلا. التوافق اللبناني الداخلي ليس حساسا لعلاقة لبنان مع الأردن. وقد يبدو أن هذه هي السمة الأعم للعلاقات بين الدول العربية، علاقاتها الداخلية ضعيفة الحساسية لعلاقاتها البينية. لكن هذا صحيح في نطاق التذبذبات المعتادة للعلاقات، أما إذا بلغت حد القطيعة أو المواجهة، أو من جهة أخرى درجة عالية من التقارب، ظهر الارتباط الإيجابي بين مستويي العلاقات على نحو ما كشفت سوابق من الصراع المفتوح أو من الوحدة بين بعض الدول العربية.
ولعل من شأن جدول كامل للتغيرات المتقابلة بين علاقات دولنا، واحدة واحدة، ومستويات وفاقها الداخلي أن يكشف عناقيد من التفاعلات، حساسة أولا للجوار والإقليم، ثم للزمن، وبالطبع لطبيعة النظم السياسية القائمة، وقبل كل شيء لمستوى التشكل الوطني. إن بلدانا أقوى تماسكا تتأثر أقل بتغيرات علاقاتها الخارجية من بلدان أدنى تشكلا وأشد هشاشة. ولا يتحارب "الآخرون" على "أرض لبنان"، إلا لأن لبنان يوفر ميدانا مناسبا لحروبهم.
على أن تفاعل العلاقات بين الدول العربية ومستوى توافقها الداخلي قد يكون أقل مباشرة وأكثر تركيبا. يتأثر التوافق الداخلي المصري سلبا أو إيجابا وفقا لنوعية تفاعل السلطات المصرية مع لبنان إذا تعرض لعدوان إسرائيلي مثلا. التوافق السوري تأثر سلبا بمشاركة السلطات في حرب الخليج الثانية 1990 أكثر مما بموقفها السلبي من حرب اختلال العراق 2003. يتصل الأمر في الحالين بدخول طرف ثالث، معاد. هذا يعني أنه يمكن الكلام على نظام عربي متفاعل من زاوية العلاقة مع أطراف أخرى أكثر مما من زاوية التفاعلات البينية للدول العربية وحدها.
وفي هذا السياق، قد نعرف العدو بأنه الدولة أو الطرف السياسي الذي يتحقق أعلى مستوى من الوفاق الداخلي حول القطيعة معها (وهذه لا تعني المواجهة حتما) هذا ينطبق اليوم حصرا على إسرائيل. موقف مناوئ للسياسات الأميركية في الشأن الفلسطيني يحقق من التوافق الداخلي في البلدان العربية أكثر من موقف مؤيد.
بالمقابل، يمكن تعريف الصديق بأنه الدولة أو الطرف السياسي الذي يتحقق أعلى توافق داخلي حول علاقات "طيبة" معه.
وهناك مرتبة ثالثة للعلاقات بين الدول تتميز بانعدام حساسية توافقها الداخلي حيال تغيرات العلاقة بينها. سورية وفيجي مثلا.
فهل يمكن تسجيل خصوصية ما للعلاقات بين الدول العربية تتجاوز هذه القواعد العامة؟ هل يسعنا تبين نمط من التفاعلات بينها يحيل إلى مرتبة "شقيق"؟ كأن يتحقق أعلى وفاق داخلي عند توحد الدولتين/ الدول؟ الواقع أن العلاقات العربية تعرض خصوصية فعلا، لكن من جهة الحساسية المفرطة الواسمة لها، وضعف تمأسسها والحضور القوي للبعد الشخصي فيها، ولكون تعذر انصلاحها المعتاد لا يؤدي إلى انفضاض سامرها مع ذلك، ما يشير إلى أنها بالفعل علاقات "طبيعية" أو "أخوية".
ولعل طول العهد بالسمات هذه هو ما آل إلى الحد من تأثير علاقات الدول العربية على التوافق الداخلي في كل منها. لقد "تمسحت" مجتمعاتنا (سمك جلدها فصار كجلد التمساح) فارتفعت عتبة حساسيتها للخصومات والمصالحات العربية وتدنى اهتمامها بها. وهذا ما عزل العلاقات بين الدول عن العلاقات داخل الدول وتفاعلاتها المحلية. ينضاف إليه اعتناء أطقم الحكم في بلداننا بفرض الالتفاف حولها لا ببناء التوافق الداخلي الذي يقتضي مفهومه فاعلية إيجابية للقوى الاجتماعية المحلية.
يفترض التحليل السابق الدول العربية معطاة بمعنيين: أن أيا منها لا يعرض استعدادا للانمحاء في غيرها، وأن نظمها السياسة ثابتة. في عام 1958 عرضت نخب فاعلة عسكرية وسياسية في سورية وحدة اندماجية مع مصر. تحمّس جمهور عريض في سورية للوحدة، لكن كان ثمة من هم أقل حماسا، ومن هم معارضون. أما المصريون فكانوا أقل حماسا في عمومهم. انعكست الوحدة الاندماجية المتسرعة مع مصر تدنيا في الاندماج المحلي السوري وتفككا سريعا في أوساط النخبة التي حققتها، ولعلها مهدت بهذه الصورة للانقلاب البعثي عام 1963. جرت تجارب أقل جدية منذ ذلك الحين، لكن المحصلة العامة لها أن وحدة اندماجية بين دول عربية ليست مسألة إجماع، وربما تنال من وحدة كل منها، وأن التوحد العربي لا يقترن بأعلى وفاق مجتمعي ممكن. بالمقابل، يتحقق أعلى توافق حول علاقات "طيبة" لا حول علاقات فاترة أو سيئة.
على أن الشيء الأهم في تقديرنا هو أن أفضل ما يتعين فعله من أجل أعلى توافق في بلداننا هو ذاته أفضل ما يلزم فعله من أجل أعلى توافق بين بلداننا. أي أن إعادة بناء نظمنا السياسية حول التوافق الداخلي لمجتمعاتها هو الشرط الأنسب لتشكل نظام عربي مستقل، تتغلب تفاعلاته الداخلية على تفاعلاته أو تفاعلات كل من أطرافه مع قوى خارجه. وبعبارة أخرى، فإن متانة التشكل الوطني في بلداننا هي ما تؤهل الظروف المناسبة لأشكال أكثر تطورا وتعقيدا من التعاون والتكامل بينها، فيما يتوافق نقص تشكل كل منها، على غرار ما هو الحال اليوم، بنقص في تشكل النظام العربي، وبعلاقات "طبيعية" بسيطة بين الدول العربية، علاقات تحاسد وكيد وبغضاء. أو علاقات "أخوية".





#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصدد النقاش حول تعليق الإخوان المسلمين السوريين نشاطهم المعا ...
- في شأن سورية وأكرادها و..المستقبل
- -رابحا على طول الخط-.. رحل فارس مراد
- هل يصبو الإنسان إلى الحرية؟
- الإخوان المسلمون السوريون وتعليق النشاط المعارض.. ماذا بعد؟
- أصول ثقافية للعسر السياسي العربي
- سورية موضوعا مستقلا للمعرفة!
- في شأن -الأخلاق الموضوعية- لمقاومة الطائفية
- الرحيل الأخير لصالح بشير
- أربعة وجوه للمسألة الغربية
- نقد مفهوم التقدم كشرط لبلورة نقد تقدمي
- مضاربة، مضاربة، مضاربة
- بصدد بعض أصول هشاشتنا النفسية ضد الوطنية القبلية
- ثقافة الحرب الأهلية ومثقفوها
- في شأن أخلاقيات مقاومة الطائفية
- في تغيرات الإيديولوجية السورية وأصولها
- في نقد العنف اللفظي ضد العرب والإسلام
- عن -المجتمع المكشوف- وتحرره
- البوشية وتحطيم الديمقراطية
- الصراع الوجودي والصراع العدمي


المزيد.....




- هل يعيد تاريخ الصين نفسه ولكن في الولايات المتحدة؟.. وما علا ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يناقش مشروع قانون ترامب للإنفاق وسط انق ...
- محكمة إسرائيلية توافق على تأجيل جلسات محاكمة نتانياهو في قضا ...
- يضم معارضين سياسيين ومواطنين أجانب... القصف الإسرائيلي يلحق ...
- فرنسا تعتزم أداء -دور محوري- في مفاوضات النووي وطهران تبدي - ...
- مشاهد للجزيرة توثق قصف مسيّرة للاحتلال فلسطينيا يحمل كيسا من ...
- ماذا تعرف عن إنفلونزا العيون؟
- الفساد يطيح بوزير يوناني و3 نواب
- غزة تنزف منذ 630 يوما.. إبادة ممنهجة ومعاناة لا تنتهي في ظل ...
- للمرة الأولى.. أطباء أسناء يركّبون سنًّا لدب بني


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - نظام عربي أكثر تكافلا، علاقات عربية أقل -أخوية-