أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - بصدد النقاش حول تعليق الإخوان المسلمين السوريين نشاطهم المعارض














المزيد.....

بصدد النقاش حول تعليق الإخوان المسلمين السوريين نشاطهم المعارض


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2598 - 2009 / 3 / 27 - 09:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أثار قرار الإخوان المسلمين السوريين تعليق معارضتهم للنظام (7/1/2009) إبان العدوان الإسرائيلي على غزة سجالا نشطا في أوساط المعارضين السوريين، نحا عموما إلى حكم سلبي عليها. ويبدو أن الأساس المشترك للامتعاض من البادرة الإخوانية هو النظر إليها من زاوية آثارها السلبية المحتملة على وضع المعارضة السورية وقضيتها. هذا طرح ضيق في رأي كاتب هذه السطور، يداوم على التفكير بمنطق تغيير النظام، رغم تحولات كبيرة وأساسية في البلاد حولها في العامين الأخيرين تحكم على تفكير كهذا بالعقم.
من جهتي أرى أن مبادرة الإخوان مفيدة، إما لأنها تعيد خلط الأوراق، وهذا مرغوب في وضع سوري متجمد سياسيا، لا يؤذيه خلط مختلف للأوراق إن لم يفيده؛ أو لأنها ضرب من "فرز" مرغوب بدوره من أجل وضوح أكبر للمواقع والمواقف والأدوار. تتعزز إيجابيتها إن تمخضت عن حلحلة بعض الملفات الإنسانية الموروثة عن صراع الثمانينات، أو إن ترتب عليها عودة الإخوان إلى البلد من مناف قضى بعضهم فيها ثلاثين عاما. وتبلغ البادرة ذروة الإيجابية إن أفضت إلى مصالحتهم مع النظام، بل وتحالفهم معه. لماذا؟
لأن من شأنها أن تمس بالوضعية "البعبعية" التي شغلها الإخوان طوال جيل كامل. من حيث هم "بعبع" يخيف ويستخدم لإخافة قطاعات مهمة من السوريين، نحو نصف السكان أو أكثر، أسهم الإخوان المسلمون في تجميد الأوضاع السورية، وفي تقديم خدمة لا تقدر بثمن للنظام ولنخب إيديولوجية وسياسية حوله. فبفضل البعبع أو الفزّاعة الإخوانية حاز النظام الحاكم هامش مناورة اجتماعي وسياسي وثقافي واسع، وأضحى نوع من "الحل" بعد أن كان يبدو مشكلة محضا في عيون طيف واسع من السوريين. وبمجرد أن نتكلم على كونه حلا، يحوز النظام قيمة واعتبارا إيجابيا ويظهر كخيار مقبول، فيكف عن كونه محض سلطة استبدادية عارية من القيم تفرض نفسها بالقوة.
إن صح هذا التحليل فإن وجود الإخوان في معارضة النظام هو الحل من وجهة نظر النظام أو الأجنحة المقررة فيه، وغيابهم أو اقترابهم منه أو تصالحهم معه هو المشكلة الخطرة. ولذلك يبدو لي أن فرص استجابة النظام لبادرة الإخوان محدودة. فمن يضحي ببعبع مثالي، يجمع بين قلة خطره وبين كونه أداة تخويف ممتازة؟
وعليه، ربما يناسب الشاكين من بادرة الإخوان أن يأملوا تصالحا تاما بين النظام والإخوان، بل لوم الإخوان على "خذلانهم" للمعارضة، اللوم الذي يبدو أنه توجهه حسابات سياسية صغيرة. من شأن التصالح بين الطرفين أن يكون تغيرا زلزاليا مرغوبا في الجيولوجيا السياسية السورية. ولهذا التغير مفاعيل كاسرة للاستقطاب الاجتماعي الحاد المقيم منذ عقود، وهو تاليا محرّر سياسيا وثقافيا وسيكولوجيا. هذا رغم أنه من غير المحتمل أن تكون بادرة الإخوان، حتى لو استجيب لها، كافية لنزع الصفة البعبعية عن "الإسلام السياسي". غاية ما هنالك أن تغدو الفزّاعة قريبة وتحت النظر. إن وجود ونشاط الإخوان المسلمين في مصر، على سبيل المثال، يثبِّت الأوضاع المصرية على ثنائية اجتماعية، حياتية وثقافية وسياسية، يبدو أنها مناسبة لدوام النظام الحالي، بل لعلها مصدر شرعية جزئية له.
لا يحتاج المرء إذن أن يكون قريبا من الإخوان إيديولوجيا أو سياسيا حتى يرحب ببادرة، إن لم تثمر تغيرات مهمة في البيئة السياسية السورية، فإن لها آثارا نفسية مرغوبة، وفي كل حال لا ضرر منها.
***
تعرض البادرة الإخوانية سمة مثيرة للتأمل: فهي من جهة تعكس نمو المحدد الشرعي (نسبة للشريعة الإسلامية) والإخواني العالمي في سياستهم على حساب المحدد السياسي السوري، والغريب من جهة ثانية أن ذلك يقود إلى مواقع أقرب مبدئيا من النظام وليس أبعد. يفترض المرء أن سياسة تنبني على الشريعة تفضي بالأحرى إلى تمركز حول "الإسلام" وتباعد عن النظام، فكيف يحصل هنا أن تقود إلى مواقع أقرب للنظام؟ في أساس هذه المفارقة الظاهرة مذهب "الممانعة" الذي يقوم على إغلاق الداخل السياسي تماما ويعرّف السياسة حصرا بدلالة "الخارج" المعادي، المذهب الذي يشترك فيه القوميون والإسلاميون العرب. ينمو العنصر الممانع في تفكير الإخوان، فيقتربون من عموم الإسلاميين العرب الممانعين (الذين يعرفون الداخل تعريفا ثقافيا، بل دينيا، لا تعريفا اجتماعيا وسياسيا) ومن النظام، بعد أن كان تفكيرهم كمعارضين سوريين يتجه إلى ضرورة فتح الداخل وتعريف السياسة بتدبر نزاعاته.
لا نعلم ما قد يجري في المستقبل، لكن نرجح أن التقاطع الممانع عابر ومؤقت. ممانعة النظام أداتية دون عمق ثقافي، وقد يبرح الموقع الممانع إن استمرت مناخات الانفراج الإقليمي، وبخاصة إن أنجز اتفاق سلام سوري إسرائيلي. أما ممانعة الإسلاميين فهي فكرية وأصيلة. ولأن النظام لا يستغني عن "الخطر الأصولي" (البعبع) رغم الممانعة، والإسلاميين السوريين لا يستغنون تكوينيا عن الممانعة رغم تعارضها مع مصلحتهم السياسية، فقد نرى استئنافا للخصومة بينهما، على اختلاف في المواقع والحجج.
يبقى أن الإخوان تحركوا بصورة منفردة، مراعين في تحركهم إخوانهم الإسلاميين العرب وإيديولوجيتهم الإسلامية وحاجاتهم الذاتية فحسب. ودونما اهتمام فيما يبدو بمواقف أقرب حلفائهم. هذا مسلك يؤاخذون عليه. لكنه مؤشر محتمل على تشكل جديد للوحة القوى المعارضة، بحيث تستعيد التمايزات الفكرية أولويتها في تحديد المواقف وتوجيه السياسات.
ليس هذا المؤشر وحده ما يوجب على الديمقراطيين السوريين إعادة ترتيب أوضاعهم وبناء قضيتهم وتأكيد استقلاليتهم. ثمة مسوغات إيجابية لذلك أكثر أهمية. بيد أن تفصيل هذا الأمر يقتضي تناولا مستقلا.
(تستجيب هذه المقالة لانتقادات كانت وجهت لمقالتي "الإخوان المسلمون السوريون وتعليق النشاط المعارض.. ماذا بعد؟"، متاحة في "الحوار المتمدن")



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شأن سورية وأكرادها و..المستقبل
- -رابحا على طول الخط-.. رحل فارس مراد
- هل يصبو الإنسان إلى الحرية؟
- الإخوان المسلمون السوريون وتعليق النشاط المعارض.. ماذا بعد؟
- أصول ثقافية للعسر السياسي العربي
- سورية موضوعا مستقلا للمعرفة!
- في شأن -الأخلاق الموضوعية- لمقاومة الطائفية
- الرحيل الأخير لصالح بشير
- أربعة وجوه للمسألة الغربية
- نقد مفهوم التقدم كشرط لبلورة نقد تقدمي
- مضاربة، مضاربة، مضاربة
- بصدد بعض أصول هشاشتنا النفسية ضد الوطنية القبلية
- ثقافة الحرب الأهلية ومثقفوها
- في شأن أخلاقيات مقاومة الطائفية
- في تغيرات الإيديولوجية السورية وأصولها
- في نقد العنف اللفظي ضد العرب والإسلام
- عن -المجتمع المكشوف- وتحرره
- البوشية وتحطيم الديمقراطية
- الصراع الوجودي والصراع العدمي
- ما وراء -كي الوعي- وما تحت الوعي المكوي


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - بصدد النقاش حول تعليق الإخوان المسلمين السوريين نشاطهم المعارض