أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ديوب - مسبحة بمليون حبة و حبة














المزيد.....

مسبحة بمليون حبة و حبة


علي ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 10:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أن غسان بن جدو قد رضي بأن يكون صوت المقاومة، كما يفهمها. و صار، و هو الأمهر و الألمع بين زملائه، يصبغ اللقاءات و الأماكن التي تشهدها بصبغة مونولوجية، مباعدا المسافة شيئا فشيئا يبنه و بين منطلق و مسمى برنامجه- الحوار المفتوح- مسقطا من حسابه و حساب متابعيه الصوت الآخر، أو الأصوات الأخرى؛ كما لو ان استضافته لمجموعات الشباب لم تعد تعدو أن تكون جزءا من الديكور. بما يعني أن القطع المعروضة يجب أن تكون منسجمة مع الغاية الموضوعة لأجلها، متجانسة مع اللوحة العامة. و تخدم، سواء في صمتها أو في نطقها، المقدس الذي يقصي و يحجب و يسكت و يمنع و يمتنع.. بدلا من أن تتواضع على البيني الذي يشرك و يشف و يفصح و يتيح و يقارب. و من مكان إلى مكان صار الصحفي من متقصي لأبعاد الحدث و عاكس أمين لأوجه موشوره المتعددة، إلى رسول الحقيقة الواحدة. و لهذا وجدناه في آخر إطلالة له من غزة يكتسي و يكسي برنامجه حلة جديدة، هي الأكثر اختزالا من كل المرات السابقة، حين استعاض عن المكان المرسوم لغاية حوار مفتوح، بمكان مفتوح( بستان في البرية) أعد بعناية لكي يكون صوتا بلا أي صدى. و قولا مرسلا، يوحي بأنه قول المرسلين.
لم أفهم مغزى أو ضرورة أن يكون اللقاء في مكان قصي معزول، بعيدا عن أي سكن للبشر، و بالتالي عن الناس؛ إلا ظلالا متناسخة من الحراس المقنعين، كل منهم في حالة الجاهزية لإطلاق النار: إصبع يمناه على الزناد، بصورة تدفع دفعا للسؤال و التساؤل: لم؟( على الأقل لأن أصابع يسراه تطقطق بحبات المسبحة!)؛ هل هي رسالة فجة حتى لتفقأ عين الذاهل، و تقول له: لا لغصن الزيتون، و من قبله لا للكتاب؟ أظن أن البلاغ المبين لا يحتاج لمثل هذه العراضة، إلا إن كان المبلّغ لا يثق بذاته و لا بالمتلقي. أو كان ينوء بأثقال قوقعته، حتى ليشق عليه أن يرى أحدا متحررا من مثل تلك القوقعة، و متخففا من عذاب قبرها. هل يغص شارب البحر بالساقية؟ فكيف تحمل معد و مقدم البرنامج مخاطر عبور الحدود و ما يلفه من مصاعب و غموض، و صعب عليه أن يجد مأمنا لبرنامجه في بيت يحمل رائحة الحياة؟ و ماذا بشأن مستضيفيه المقاومين؟ أفي أوقات السلم يرابط المقاومون في العراء؛ بينما كانوا في الحرب يرابطون في البيوت، معرّضين- بل مجبرين- السكان لتقاسم حصتهم من الاستهداف المعادي الوحشي؟
يقع كبير المقنعين( أو أحد اثنين جلسا وسط الحراسة النارية التسبيحية) بالتناقضات، و هو يتباهى باستعراض قدرات المقامة التي ينتمي إليها، و ذلك في معرض حديثه عن العدو الذي تصدت له هذه المقاومة: فمن جهة كان و أخوته المقاومين في الميدان، وجها لوجه مع العدو. و من جهة ثانية لم يخسروا إلا عددا قليلا جدا من الرجال.. ترى: هل كانوا يقومون بدور المتفرج فقط، كي يؤمنوا للبرنامج الموعود مادة وثائقية صادقة، يردون بها على إعلام العالم المعادي و المتآمر(؟!). من جهة يتصف جنود العدو بالجبن و الرعب، ما أن تتحرك في وجههم قطة- حين يداهمون منزلا- حتى يفروا مذعورين لا يلوون على شيء، و من جهة ثانية لم يتم التطرق إلى تفسير اقتحامات الجنود أولئك للبيوت، و احتلالهم لها، إلا في معرض المقارنة بين وحشيتهم و بين إنسانية أبطال المقاومة، الذين كانوا، كما ذكر المقنع، يتركون رسائل الاعتذار لأصحاب البيوت التي يضطرون للنوم فيها، أو لاستخدام محتوياتها، أو التهام الطعام المتوفر(.. بدلا من قيامهم بدور المزود بمقومات الحياة لمن يحتاجها.. و كم كان صعبا على الناس أن يوفروا لقمة العيش في حصار تاجر الحمساوين بدموع من عانوا الجوع جراءه!)، و .. يوقفه أخوه المقنع الثاني عن الاسترسال، لكي لا تتبلور صورة احتلال أخوي شرعي، هو على كل حال استجابة لإرادة إلهية كما أطلق عليها النزال في معتركه و الهنية في معتزله.
مشهد المسبحة في يد المقاتل هي بالنسبة لي سابقة بصرية، فوق أنها فكرة عقائدية ثورية غاية في التركيب. على الأقل لما تنطوي عليه من مفارقات تتصل تحديدا في طبيعة حرب العصابات و قتال الشوارع الذي يعتمده رجال حماس. و في حين أنه( المشهد) ارتبط بصورة المصلي غالبا، أو المتبتل في محراب الذكر( خاصة لمن بلغت مسبحته أو مسبحتها التسع و تسعين حبة)، فهو أيضا يحاكي مشهدا شقيقا. ربما يكون مرجعيا ثقافيا و عقيديا، يتحدد في صورة لباس مقاتلي الطالبان و عناصر القاعدة. فليس سهلا على العين أن تؤالف بين صورة لرجل يحمل مظهر الدراويش، و يلف نفسه باللباس الطويل، و هو بنفس الوقت يحمل السلاح و يناور و يجري و يطلق النار من رشاش حديث، في مواجهة آلة حرب هي الأحدث؟
لم يكن برنامج الجزيرة وحده حمال هذه المفارقة، ذلك أن رجالا على الضفة السورية، من عناصر المخابرات و لكن في مسلسل سوري تعرضه قناة إنفينيتي، و هو مسلسل أيام الولدنة للكاتب و الصحفي السوري حكم البابا، يؤدون وصلة تسبيح مماثلة بالمسابح.. و لقد اكتملت الطرفة في نظري، و بدت لي أنها تحمل وحدة في الموضوع، عداك عن التناسخ في الشكل، حين شاهدت حلقة المسلسل في اليوم التالي لعرض برنامج حوار مفتوح. و أحسست كما لو أني أمام مسبحة طويلة طويلة.. تمتد مئات بل آلاف الأميال، تشبك بين الممانع و الممانع.. في حركة واحدة من تسبيح يديره مايسترو من الأولياء الصالحين، مستخدما المسواك عصا توجيه و قيادة و تأليه. تتبعه جيوش من الموالين المسبحين السابحين في بحر ما بعد الحداثة، بمعجزاتهم التي ستسجل لهم في كتب الأرقام القيامية( لا خطأ مطبعيا هنا)، و البراهين الخرافية.



#علي_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفنى و لكن لا نتغير!!
- علم على رأس النار!
- حسين عجيب يشهر عضوه في العتمة!
- الإعجاب كواجب وطني
- ما بعد الحداثة ما بعد الكلام عمل في الحيز العام
- هل تستعصي منطقتنا على الاندراج في الحضارة
- احتلال صغير.. احتلال كبير
- سنتان و 500 متر
- حكاية ابن العشيرة الواهم الذي يتقبّل التهاني عن الرئيس
- مسودة تضامن مع الشاعر المتهم سلفا
- شعراء مصر العصاة ينافحون رقابة مثلثة الرؤوس
- بين استئساد الأخوة الحمساويين على الفئران و النصر الإلهي الأ ...
- المثلية الجهادية لثام الحيرة و حواجب الهداية في سؤال الثائر ...
- سوري يتلصص على الحرية
- جائزة عربية للرواية ذات سوية عالمية
- إلى سعد الله ونوس في عقد رحيله الأول.. محكومون بإعدام الأمل. ...
- كتّاب جاؤوا من رعب الديكتاتوريات.. رحل مهرجان أدنبرة وبقوا
- لا تجعلو من صوت فيروز سجنا
- قوة الخروج على القانون
- ميشيل كيلو تجربة أبعد من تجريب


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ديوب - مسبحة بمليون حبة و حبة