أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي ديوب - المثلية الجهادية لثام الحيرة و حواجب الهداية في سؤال الثائر الجميل















المزيد.....

المثلية الجهادية لثام الحيرة و حواجب الهداية في سؤال الثائر الجميل


علي ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 10:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنت أتصفح الإنترنيت، متلفتا الى التلفزيون الذي كان يعرض على فضائية الجزيرة، (ك) فضائية للمقاومات، لقاء مع بعض المسلحين الأفغان. أثارني، في البداية، مظهر المراسل أحمد زيدان، الذي كان يتماهى مع المجاهدين بارتدائه الزي الشرعي الذي يوحدهم؛ و سرعان ما نسيت ذلك تماما، أمام وجه أحد المجاهدين الذي بدا بعينيه المكحلتين و حاجبيه المرسومين بعناية بالغة، كخط القلم- كما يقول الوصف الدارج لحواجب الغواني! و لم أستطع تفهم الغاية من اللثام الذي كان يغطي النصف السفلي من وجه المجاهد؛ إلا أن يكون في خدمة التبرج الذي لا بد أنه مما يحرص عليه أشد الحرص.. حتى أني لم أستطع التركيز على الحوار- للأسف- مما فوت علي فرصة إيراد بعض من منطقه الجهادي.
الدهشة التي تلبستني، فصرفتني عما هو أهم من المظهر، لم تكن نابعة من موقف متشدد لدي ضد الحرية الشخصية، في اختيار المظهر، كما في اختيار المخبر، بل نبعت من مقارنة غير إرادية أجراها ذهني، بين مادة من الذاكرة، و بين ما أشاهده: الذاكرة استحضرت مشاهد من برنامج وثائقي أنجزته الصحفية ديانا مقلد لصالح تلفزيون المستقبل- منذ سنين- و عرض على حلقات. كانت الحلقة تتناول واقع المرأة في ظل الحكم الطالباني. و كان وجه الصحفية هو وحده الوجه الأنثوي الذي يمكن لك أن تراه، و هي تتحدث إلى أشباح نساء مرصودات في قوالب من خيش و رعب. و المعادلة المنطقية، بل الواقعية و الحقيقية، التي استخلصتها المراسلة كانت من البساطة و الوضوح لدرجة يشق على العقل مجرد تخيلها؛ إلا أن يكون هو نفسه عقل اللاعقلانيين، الذين أنجزوا هذه المعادلة الأولى من نوعها في تاريخ الجنس البشري: ممنوع على المرأة أن تتعلم، و ممنوع على الذكر أن يمس أنثى غير زوجته. و عليه فلن يكون ثمة إمكانية لأن تكون هناك امرأة طبيبة في جمهورية الله، كما لا يمكن لأي طبيب أن يجس الأنثى حين تمرض؛ و النتيجة أن مرض الإناث لا طبيب له إلا الله و الموت.
في موضوعه تحت عنوان المقاومات كحروب أهلية مقنعة، على صفحات نوافذ، العدد الماضي، كان يمكن للكاتب حازم صاغية أن يذهب، إلى حيث تكامل قداسة المقاومة يشتمل حتى على الموبقات، انبناء على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات. بين تقديس المقاومة- الذي يحفر فيه الكاتب بحرفية و دراية و تبصر- و بين تدنيس العدو.. مسميات يحتكرها المرجع المتحكم. و هي قاعدة شرعية معروفة؛ و لا أظنه سيكون قد غفل عنها في كتابه الذي اقتطف منه المقال. و على ضوء هذه القاعدة يمكن النظر في موضوعة تبرج المجاهد الأفغاني، انطلاقا من كون احتجاب المرأة ثقافة مثلما هو فرض، تحدده و ترسمه و تمليه المرجعيات. و من جهة أخرى يمكن استنتاج أن الجهاديين الأفغان يستفيدون من دروس غيرهم من المقاومات( و على رأسها الفلسطينية)، ليعالجوا مشاكل موجودة، أو ليسدوا الذرائع في وجه أخرى محتملة. و يصير لثام المقاوم، الذي يحمل معاني و يفتح على غيرها، غير منفصل، في ظني، عن الدرس الفلسطيني الذي أورده صاغية، نقلا عن بحث بريان ويتكر، الذي رأى فيه أن الجوّ الفلسطينيّ النضاليّ الطارد للمثليّين بلغ حدّا دفعهم إلى العمل مع المخابرات الاسرائيليّة. فالمجاهدون يقدمون هنا إشارة توحي بفرصة للعيش بين ظهرانيهم، تختزل بهذه بعلامات تعويضية، عن رأس قائمة المفقودات- الأنثى.
إذا أخذنا حرف التشبيه(ك)، الذي ربط به حازم صاغية حدي عنوان مقالته، بوصفه حرفا تتجاوز دلالته الجديدة قلقلة التشبيه، إلى مستوى من التأكيد؛ جاز لنا التساؤل إن كان قد ساقته إلى هذا العنوان أمثلة بعينها. مما لا يستقيم معه الانسياق إلى غواية العنوان.
و على أية حال أجدني مشغولا بصورة المجاهد التي تستقر في ذهني بوصفها صورة دعائية، أكثر من أي شيء آخر. لست متيقنا بالطبع أني لم أسمع شيئا من كلام المجاهد؛ لكني متأكد من أني أحمل صورته خالية من الكلام. ربما لأن الخطاب الجهادي صار إلى جملة المكرورات المملة، بفضل فضائيات المقاومة. و هي صورة تأخذ دعائيتها- كما أزعم- من عراضة الزينة هذه، التي لم يخفها أو يخفف منها اللثام، بقدر ما أكدها و أبرزها.
أفتح تشات مع صديقي الشاب الذي يدرس فن المسرح، و الذي- للمصادفة- نصحني بقراءة مقال صاغية و أنا أكتب بوحيه، و بدافع من مشاهدتي لتقرير الجزيرة و تأسفت لأني لن أستطيع مبادلته النصح، في أن يطلع على تقرير لن يؤرشف كصورة. لكنه مع ذلك التقط خيط الموضوعة، فتداولنا في علاقة الثورة بالجمال. و هل المجاهد جميل؟ و لم يتجمل المجاهد الأفغاني؟ يقول صديقي: كان غيفارا جميلا، و كذلك جميع ثوريي اليسار، و مثلهم جميع الشعراء السورياليين، و حتى متمردو الشعر الستينيون عندنا. فذكرته بفوضوية هيئة ماركس، و بشبح الخميني، وصولا إلى قطيع كامل من أشباه أبو قتادة، بقيادة ابن لادن.. فاستوقفني عند صورة ابن لادن، و سألني لم لا نستطيع ان نراها جميلة كصورة ثوري، فهي تتضمن العناصر ذاتها التي تضمنتها صورة غيفارا: وحيد، متقشف، راديكالي، متخف، غامض، و حالم يقف وحده في وجه العالم؟ و يعتقد صديقي أن الثورة الإسلامية لا تجد نفسها جميلة؛ و هي لهذا تشرع توهم نفسها بانها تنتج مكونات جمالها. مستوحية رأي جان جينيه الذي حملته مسرحية الزنوج؛ إذ تقول المرأة السوداء لحبيبها الأسود هو الاخر: على كل أنت لن تستطيع أن تمرر أصابعك في شعري الأشقر الطويل. يقول جينيه هنا أن على السود أن يخلقوا نموذجهم الجمالي، ليحققوا فرصة التحرر العميق من الأبيض. أسأل الصديق هل ترى أن هذا المجاهد الثوري الجهادي يقدم نفسه قربانا جسديا و روحيا- عبر تبرجه؛ لم يفعل ذلك؟ و من اجل من؟ و ما معنى أن يكشفه على العالم كله؟ و هل أخفى لثامه شفاها ملونة؟ و هل سيتحول تبرج المجاهد إلى فرض عين؟ و هل هناك نصوص تم اكتشافها غير حف الشوارب و ترك اللحى؟؟ يحدد صديقي عاملين للجمال: الاول فكرة الضحية( جميل كضحية )، و الثاني العزلة( جميل كمعزول). و يحيلني إلى رواية المزحة لكونديرا، حيث تعمم الشيوعية صورة مثالية للشاب الذي تم أسره من قبل الألمان. إذ يقدم الشاب المراهق كبطل نبيل، بملامح تراجيدية، وعينين حزينتين و شاردتين في الغامض البعيد. هنا نحن أمام تسويق صورة تستدعي تضامنا جماعيا. فكونديرا يلتقط حاجة الشاب إلى جمهور. و حالما نتحدث عن جمهور فنحن نتحدث عن صورة ، ويحبذ بالطبع ان تكون الصورة جميلة. و هنا تبرز أسئلة من قبيل كيف جميلة؟ وما معني جميلة؟ و بأية مقاييس.. الخ لو ألقيت بهذه الأسئلة على هيفاء وهبي فستكون مرتاحة اكثر من الثوريين، و إجاباتها جاهزة. ربما لأنها أكثر تلقائية، و أقل تعقيدا.
أشكر صديقي، و أظل مشغولا بالتناقض الناتج عن امتلاك العقيديين الجهاديين أهدافا مركبة، تتعدى الشكل. و تجعل من أية معاضدة خارجية، لأمر قدره الله فكان محتوما، شيئا زائدا عن الحاجة. هنا يكون التبرج، و حتى تقديم الجسد الذكوري، قربانا جهاديا، يخدم المنظومة، و يمتنها، عبر إعطائها بعدا اكتماليا، لا يستند إلى تفسير جاهز. و لكن إذا كان التبرج قادما من خارج المنظومة التي تعرض نفسها بوصفها وحي يحمل صدقيته المطلقة، و اكتمالها و شموليتها بوصفها إتمام لما سبقها، و اختتام و ختم نهائيان له، يحميانه من أية حاجة لإضافة أو تجديد .. أفلا يمكن النظر إليه على أنه حاجة تمليها اللحظة المعاشة؛ دون أن تستقل به عن مرجعية النص بالقطع؛ و إذ يكون لزاما أن يعطى جواز مروره الشرعي، يفتح المرجع جراب الحاوي، و يتبضع ما شاء من صفات القداسة: الجميل و اللطيف و الحبيب، الواهب، الكافي، المعافي... الخ.
و لأن صورة المرأة الجهادية هنا مجهولة، لأنها غير منكشفة، و ليست متاحة للمدارك المباشرة، و بالتلي فهي غير مؤكدة، إلا كاحتمال ملغز( و لهذا الاحتمال الملغز جاذبيته الساحرة و الفائضة، لكن في مقام غير هذا المقام)؛ لكن في مكان غير هذا المكان: هي صورة محجبة، لا ينسجم عرضها في منعرجات الجبال، و بين واقعية الصخور و اتساع مدى المكان. و هو أمر غير ممكن عمليا، و يضر بالغاية الشغفية ذاتها، التي استولدت فكرة الحجاب. و زيادة على هذا، و من دونه، فنحن في أفغانستان طالبان. حيث عرض المرأة هو تعريض بها. و هو محظور، و غير متاح و لا ممكن.. فيكون لا بد من استعارة تمثيلية لها- كصورة و كدور أيضا- تلوح بقابلية تحققها كحلم طفلي يئن تحته المجاهدون بالحنين المجروح. و هنا تكون الحركة المشهدية التي قدمها المجاهد، بسبق تعمد و إعداد، يخص المشهد المتلفز على الأقل، ذات لغة مزدوجة: تحمل صفة الجمال، من غير أن تفرط بصورة الثورة( ثورة تقف إلى الضد من الجمال)، بل تعززها و تبررها و تسوقها( هل بات الأمر حاجة الثورة لصورة جديدة؟). مجاهد متبرج ملثم( نصف محجب)، هو ثائر حبيب، و ليس أبو قتادة بيده الحديدية و وجهه الرهيب؛ و هو أيضا المجاهد- ة الرفيق- ة الرافق- ة!



#علي_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوري يتلصص على الحرية
- جائزة عربية للرواية ذات سوية عالمية
- إلى سعد الله ونوس في عقد رحيله الأول.. محكومون بإعدام الأمل. ...
- كتّاب جاؤوا من رعب الديكتاتوريات.. رحل مهرجان أدنبرة وبقوا
- لا تجعلو من صوت فيروز سجنا
- قوة الخروج على القانون
- ميشيل كيلو تجربة أبعد من تجريب
- لقاء مع د. سعد الدين ابراهيم
- ليس حبا بالشهادة.. و لكن كرها بالحياة
- السجينان عارف دليلة(*) و سورية.. معجزة الأقزام
- قراءة متوخرة(*) للردود على رسالة العزاء
- الروائي المصري يوسف القعيّد: القدرة على الاختصار أهم من القد ...
- سليم الحص و سلاح المقاومة
- قصة موت معلن في اللاذقية!؟
- فكرة- لبنان تموت إذا استبدت به كراهية الغير-
- بالشكر تدوم النجوم


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي ديوب - المثلية الجهادية لثام الحيرة و حواجب الهداية في سؤال الثائر الجميل