أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال محمد تقي - الفكر الفاعل اكثر خطورة من جيوش جرارة !














المزيد.....

الفكر الفاعل اكثر خطورة من جيوش جرارة !


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2576 - 2009 / 3 / 5 - 08:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا تبدو هناك مظاهر لمشقة ما في اثبات صحة منطوق مقالتنا هذه ، فأحداث التاريخ الكبرى القريبة والبعيدة تشهد على صحته ـ ثورة الاديان الوضعية والسماوية ، فجرتها افكار فاعلة في محيطها ، الفكرة القومية في اوروبا كانت رافعة تقدمية لنهضة من طراز اخر ، نهضة الاسواق الراسمالية المحلية والمحمية بدولة وجيش ومؤسسات ذات طابع قومي لا ديني ، وبذلك تجاوزت علاقات الانتاج الاقطاعية المنعزلة واسواقها الريعية ، وايضا ثورات كبرى في التاريخ الحديث ، مثل اكتوبر الاشتراكية قامت على اساس الفكرة الفاعلة ايضا ، فكرة التغيير المبنية على نقد الواقع وانسداداته ، وكذا من قبلها الثورة الفرنسية والامريكية ـ وهكذا !
العفوية كالصدفة ضمن سياقات الضرورة هكذا يعلمنا التاريخ ، نعم العفوية في المجرى الخاص وليس العام العفوية في ردود الافعال البدائية ، لكنها هي ايضا حبيسة نواميس اجناسها ، اذن فهي بالنتيجة افعال تطلقها محركات داخلية تنم عن مواقف فيها افكار دافعة ومتفاعلة ، وبمقدار فاعلية هذه الافكار ستتحدد قدرتها على الاستجابة لتحديات الواقع التي هي نتاج له ، وستتحدد ايضا قوة تاثيرها !
كيف لا اذا كانت الجيوش الجارارة ذاتها تحركها افكار واهداف بعيدة وقريبة وتتفصل بتفاصيل حركتها وتمويلها وخط سيرها الى الامام او الخلف !

تبرز اشكاليتان نظريتان في التعامل مع هذا المنطوق ، الاولى وهي مزمنة متعلقة بمصادر الفكر ، والثانية وهي شائكة ايضا وتتمحور حول الاسبقية ، اي اسبقية الفكرة ام الفعل ؟
علاقة الواقع المادي بالوعي هي علاقة جدلية ، مسلمتها الاولى هو وجود الواقع المادي نفسه والذي يحتوي في دواخله على مباعث للوعي ـ وعي وجوده ـ اي لا وجود للوعي خارج نطاق الواقع المادي بتشعباته وتجاذباته وانقساماته النسبية بين الزمان والمكان ومفارقاته الحسية والافتراضية والابداعية في التفكيك واعادة التركيب ودور الخطأ في الابتكار ـ التجربة ـ نظريا وعمليا ، وبما ان الحركة هي صفة ملازمة لهذا الواقع المادي الا نهائي فانه ومن البديهي ان يكون الوعي به متحرك ايضا ، ولان التفكير هو ارقى اشكال الحركة الخاصة بطبيعة الانسان فانه بالتالي ارقى اشكال الوعي بالواقع المادي فالتفكير يجمل في ذاته وحركته بل وحتى فعله المتبادل مع الواقع كل اشكال الحركة المادية فيه ، كالحركة الميكانيكية والفيزئائية والكيميائية والبيولوجية والاجتماعية !
التفكير يتدخل في صياغات ابعاد كل ماسبقه من اشكال للحركة ويحاكيها ويحاول اعادة انتاجها بما يبتكره ، ومبحثنا هنا محدد بشكل الحركة الاجتماعي باعتباره ارقى اشكال الحركة التي تحتوي ما سبقها وتتجاوزه معززة بالتفكير كذروة لتفاعلاتها التى تميزها عن كل التفاعلات العمياء لقوانين الطبيعة كلها
فالفكرة والفعل وجهان متلازمان ومتفاعلان وقد يتداخلان ، وقد يسبق احدهما الاخر ، ولكن الفكرة المجردة هي ليست رد فعل مجرد ، اي انها حصيلة لافعال وردود افعال في الواقع ، والتعميم في استلهام اعم العلاقات بين الظواهر يجعلها بمرحلة تسبق الفعل فعلا !
الفكرة الفاعلة اي الفكرة المتجاوزة ، الفكرة الحالمة والحلم هنا هو انعكاس مختلف للواقع في ماكنة التفكير المتطور"الدماغ الانساني " وهي بهذا المعنى تفكير اجتماعي مدغم بعطاءات فردية او فئوية ، ومن هنا تجيء فكرة الثورة ، التغيير الذي يبادر الى رفع رايته اكثر المقتنعين به وبالتالي اكثر المفكرين به واكثر المحتاجين اليه ، والحاجة ام الاختراع !
من هنا فان وضع الفكرة الفاعلة ـ البرنامج ـ وقيادة الجماهير باتجاه تحقيقها تتطلب اولا فهم الواقع بشكله المتغير المتطور باستمرار ، فهم الحالة الاجتماعية والمؤثرات الواقعة عليها ودراسة لمفاعيلها النفسية والتاريخية والثقافية ناهيك عن واقعها الاقتصادي وحيثياته ، ومن ثم تمثل الاهداف بوضوح واتساق واصرار ، ووضع البدائل الملائمة للاحتمالات غير الملائمة !
ان قيادة الجماهير فن لا يتقنه الا المبدعين من اصحاب الافكار الفاعلة ، احيانا هناك واقع متوثب للتغيير ولكن غياب اصحاب الافكار الفاعلة افراد واحزاب وجماعات ، يجعله يتغير ولكن واللاسف باتجاه تقهقري او مشوه !
قد يتبادر للذهن فورا سؤال مشروع : هل ان الفكرة الفاعلة هي اندراج في استخدامات فكرة المؤامرة او نظريتها ؟
ولا عجب اذا عرفنا ان المؤامرة كلفظة لها استخدامات نسبية لاتتجانس دوما مع نفسها ، فالاستخدام المتداول حاليا يجعلها بمعنى قسر اسباب كل المتغيرات بفعل ارادة فاعل يدفع بالامور الى حيث يريد مستخدما كل الاساليب الانسانية وغير الانسانية ـ الشرعية وغير الشرعية ـ مستفيدا من النتائج دون ان يظهر نفسه كمحرك باتجاهها ، وبمعزل عن ملائمة اهدافه لمعطيات واقع الحالة اما لا !
والمعنى اللفظي يعطي الانطباع بان هناك ثلاثة عناصر مكونة للمعنى ـ أمر ، وآمر ، ومأمور ـ اي ان الاستخدام السلبي لمفهوم المؤامرة ينكر على الثورات والحركات الاجتماعية والتغييرات الكبرى هذه الطريقة الآمرية الشبيهة بالعلائق العسكرية بين القائد وجنوده ، حيث لا نقاش في تنفيذ الاوامر ، نفذ ثم ناقش !
اما اذا اخذنا مفهوم المؤامرة من باب التدبير والتخطيط والتنظيم لتحقيق اهداف محددة فسيكون الامر طبيعيا باتساقه بفن قيادة الجماهير نحو تحقيق اهدافها بعيدا عن المغامرات والمقامرات وانقلابات القصور والاغتيالات السياسية ، التي اثبتت التجربة انها جميعا اساليب معتادة من قبل دوائر صنع القرار في الدول والمنظمات النازية والفاشية ، والصهيونية ، ومخابرات الدول الامبريالية والدول التابعة لها !





#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوتا ام ارستقراطية مطلوبة لاستكمال اكسسوارات المشهد ؟
- روجيه غارودي تجاوز فلسفة الكورس !
- الحزب الذي لا يشور يدعى ابو الخرك !
- علي بابا والاربعين حرامي !
- يا عمال العراق صلوا على النبي وال بيته !
- برلمان العراق لا يسير نفسه بنفسه !
- بودلير زجج ازهار الشر داخله وغادرها !
- تعزية ليس لها عنوان !
- لاتدخل حزبا الا والعصمة لك ان الاحزاب مقالب قد تخذلك !
- الحزب عندنا فاقد لحياء الحاء !
- معبر رفح ثغر غزة العابس !
- أعداء الشيوعية في العراق يحكمون اليوم !
- يسار الجامع ويمينه !
- رأي في التصميم الاخير لموقع الحوار!
- الاناء ينضح بما فيه واواني اوباما مستطرقة !
- البرزاني تهديد دائم وخوف دائم !
- ثلاثية جية !
- استمرار حصار غزة جريمة اخرى ضد الانسانية !
- انما للصبر حدود !
- تياسر كاريكتيري !


المزيد.....




- فعل فاضح لطباخ بأطباق الطعام يثير صدمة بأمريكا.. وهاتفه يكشف ...
- كلفته 35 مليار دولار.. حاكم دبي يكشف عن تصميم مبنى المسافرين ...
- السعودية.. 6 وزراء عرب يبحثون في الرياض -الحرب الإسرائيلية ف ...
- هل يهدد حراك الجامعات الأمريكية علاقات إسرائيل مع واشنطن في ...
- السودان يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة الاثنين لبحث -عدوان ...
- شاهد: قصف روسي لميكولايف بطائرات مسيرة يُلحق أضرارا بفندقين ...
- عباس: أخشى أن تتجه إسرائيل بعد غزة إلى الضفة الغربية لترحيل ...
- بيسكوف: الذعر ينتاب الجيش الأوكراني وعلينا المواصلة بنفس الو ...
- تركيا.. إصابة شخص بشجار مسلح في مركز تجاري
- وزير الخارجية البحريني يزور دمشق اليوم للمرة الأولى منذ اندل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال محمد تقي - الفكر الفاعل اكثر خطورة من جيوش جرارة !