أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - باسم محمد حبيب - الحرية قدر الإنسان














المزيد.....

الحرية قدر الإنسان


باسم محمد حبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2567 - 2009 / 2 / 24 - 10:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ليست الحرية شيئا كماليا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونه أنها بالتحديد حاجة مهمة بل ربما أهم بكثير من حاجتنا للماء والطعام لأننا وكما يقول سارتر( لاننفصل عن الأشياء سوى بالحرية ) وبالتالي تغدو الحرية هي هوية الكائن البشري وسمته الأكبر بدونها لن يكون هذا الكائن مختلفا عن إضرابه من الموجودات الأخرى بما في ذلك الموجودات الحية التي تخضع بشكل مباشر لمنطق الغريزة ولا تخضع لأي سلطان سوى سلطان الحياة نفسها لكن هذا لايعني أن تلك الموجودات حرة فهذا الأمر بعيد عنها بما لايقاس لأنها مقيدة بسلطان الواقع وما يفرضه على الكائن الحي من سطوة تجعله ابعد مايكون عن القدرة على التفاعل السهل المرن فهناك سلطة البيئة وسلطة النوع ومقتضيات البحث عن الطعام والدفاع عن النفس وهي أمور ربما تحد كثيرا من حرية الكائن الحي ويرى البعض أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يشعر بالحرية أو يحضى بامتيازاتها نظرا لارتقائه فوق مستوى الغريزة وقدر تعلق الأمر بالأمور التي افرزها الواقع ومارست سلطتها على الكائنات الحية فان هذه الأمور هي ذاتها التي شهدها الإنسان في غابر أيامه إلا انه تنازل عنها طوعا أو مرغما لصالح التقيد مقابل أن يحضى بشيء من الأمن أو بقدر من الحنان الذي يوفره قيد العائلة وهذا مايؤكد على أن الشعور بالحرية لن يكون ممكنا بدون القيود لأنها هي التي تعطي للحرية معنى وتضع لها قيمة بإزاء سطوة الممنوعات و القيود ( فالحرية المطلقة شيء لامعنى له وتصبح خاوية - كما يقول كارل ياسبرز - إذا لم يكن ثمة شيء يضدها ) ما يجعلنا ندرك أن تنامي الشعور بالحرية أو بالرغبة بها ناجم على الأرجح من تزايد القيود واستفحالها تلك القيود التي اخترعها الإنسان بنفسه حتى يجعلها حصنا لأشيائه التي أصبحت مهددة بالفقدان بتأثير الخواء والتوحش أي أن الإنسان كان بحاجة لتلك القيود لكي يصنع إنسانيته ويشعر باختلافه عما يحيط به إن لم تكن هي بحد ذاتها جزءا من هوية الإنسان وقيمة من قيمه فتغدوا الحرية جزءا من تراث النفي الذي سبق الإنسان والذي يضادده كجزء من سنة الصراع بين الأضداد وليست منطقا يفرضه نموذج الإنسان أو ما يضمه من سماة خاصة لاتتوافر عند سواه وفي كل الأحوال غدت الحرية مطلبا للإنسان وهدفا لاغنى عنه له مع أن المقصود هنا ليس بالضرورة أن يتخلى الإنسان عن جوه الاجتماعي ونظمه السلوكية ومبادئه القيمية التي تمثل قيم المجموع بل المراد هنا أن تكون تلك القيم منسجمة مع إرادة الإنسان ومع رغباته أي أن هناك عدة مستويات تحكم تطلع الإنسان للحرية التطلع لتحقيق الرغبات جميعا على وصف فولتير الذي قال : ( أن الحرية تعني أنني استطيع أن افعل ما أريد ) أي تجاوز كل المحرمات الاجتماعية والدينية وهذا النوع من الحرية لم يعد ممكنا ولايجري تسويغه فكريا لأنه يتناقض مع ميل البشر للاجتماع وبالتالي لايريد البشر الأسوياء التحلل من كل القيود والأعراف والقيم الاجتماعية مثلما لايريدون الغرق فيها والخضوع لأعلى مستويات التسلط والفرض إنما التوسط بين هذا وذاك (من يطع القانون هو وحده حر ) كما يعبر هيجل وفي هذا النوع من الحرية أي الحرية المسئولة يتأسس نموذج الإنسان الفاضل الذي يوازن بين أهدافه وأهداف المجموع والذي يضع حريته في خدمة الهدف الجماعي الذي لا يقلص دور الفرد ولا يضخمه إنما يضعه في حدوده المعقولة ومدياته السليمة وبالقطع لن يكون لهذا الأمر أي تأثير يذكر على طموح الإنسان في تحقيق أقصى حرية ممكنة ضمن أدنى قيود ممكنة انسجاما مع سنة الوجود الذي يمثل في ما يمثله مسيرة للحرية أو شكلا من إشكالها كما يرى البعض ومع ذلك قد تبقى الحرية هاجس الإنسان لأنه يبقى ناشدا لأعلى معانيها وكما يقول ستيرنر ( ليس لدي شيء ضد الحرية لكنني أتمنى لك أكثر من الحرية يجب أن لا تتخلص فقط مما لاتريده وينبغي أيضا أن تمتلك ما تريده يجب أن لاتكون إنسانا حرا فقط يجب أن تكون مالكا ايضا ) .



#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اجل حملة وطنية لتقليل رواتب وامتيازات المسئولين العراقيين
- المفوضية العليا للانتخابات في العراق بين المسؤوليات والطموح
- التخلي عن العراق ليس في صالح أميركا
- متى تتوقف تجارة الدم العربي ؟
- وهم العقل العربي والإسلامي
- ليس بالديمقراطية وحدها ينجوا العراق
- لنزرع في نفوس أبنائنا ثقافة السلام
- الفساد في العراق اخطر من الإرهاب
- لا تستطيعون صنع دبابة تقتل الأغنية
- جهاديو حماس والنار المشتعلة في غزة
- حتى لا تسبب الطقوس الدينية الإزعاج وتتناقض مع الحياة
- جذور الديانات التوحيدية
- الفلسفة الحديثة و سؤال المعرفة
- دور التربية في مشروع حوار الأديان والثقافات
- يجب أن تعترف الحكومة بفشلها ويعتذر السياسيون عن أخطائهم
- حملة لتأكيد الطابع العلماني للدولة العراقية
- اتحاد كتاب أسيا واتحاد كتاب العالم
- الرداء القديم للتجديد
- ابراهيم الخليل بين الروايات الدينية والتحليل العلمي


المزيد.....




- ترامب يوضح ما قام به مبعوثه ويتكوف خلال زيارته إلى غزة
- الكونغو ورواندا تتحركان لتنفيذ اتفاق السلام رغم تعثر الالتزا ...
- ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
- الإمارات والأردن تقودان عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة
- هيئة الإذاعة العامة الأميركية على بعد خطوات من الإغلاق
- لأول مرة.. وضع رئيس كولومبي سابق تحت الإقامة الجبرية
- تحقيق بأحداث السويداء.. اختبار جديّة أم التفاف على المطالب؟ ...
- سقوط قتلى في إطلاق نار داخل حانة بمونتانا الأميركية
- بوتين يعلن دخول الصاروخ الروسي -أوريشنيك- الأسرع من الصوت ال ...
- تسبب بإغلاق الأجواء وتفعيل صافرات الإنذار.. إسرائيل تعلن اعت ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - باسم محمد حبيب - الحرية قدر الإنسان