أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شامل عبد العزيز - الليبرالية القديمة والليبرالية الجديدة ...















المزيد.....


الليبرالية القديمة والليبرالية الجديدة ...


شامل عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 2566 - 2009 / 2 / 23 - 10:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه المقالة من الاوراق المبعثرة لديَ ولاأعلم من هو صاحبها . أرتايت نشرها أتمنى أن تنال إعجابكم..
المعاني والمباديء والمفاهيم:
الليبرالية مصطلح لابد أن نقول منذ البداية بانه لايمت لا للعروبة ولا للاسلام بصلة ابداً .. فهو حال بقية المذاهب والافكار والنظريات الوضعية التي تعد حصيلة ماوصل اليه الانسان في العصر الحديث .. وللمفهوم ترجمته بعالم الحريات وقد وردت تعريفات لهذا المفهوم في أبرز الموسوعات العالمية منها تعريف مختزل يقول بان الليبرالية مذهب فكري وسياسي ينادي بالحرية المطلقة في الميدان الاقتصادي والسياسي والاجتماعي . ويقوم مرتكز الليبرالية على مبدأ الاستقلالية للافراد والمجتمعات والدول ومعناه الحقيقي التحرر التام من كل انواع الاكراه الخارجي والداخلي سواء كان دولة أم جماعة أم فرداً . ثم التصرف وفق مايمليه قانون النفس ورغباتها والانطلاق نحو تكريس الحريات ضمن عقد اجتماعي تتفق عليه الاغلبية بكل صورها المادية والمعنوية بين الدولة والمجتمع ..
الليبرالية وراء انتاج الظواهر التاريخية الكبرى:
أن الليبرالية ايضا هي ذلك الاسلوب الذي يعد حصيلة لصراع الانسان ازاء اضداده بعد كسبه لتجارب لاتحصى كي يصل الى هذا المستوى من التفكير بعيداً عن أية قيود تُعيق تقدمه وأنطلاقه .. وعليه فالليبرالية حصيلة لكل ماتعلمه الانسان عبر القرون وأنتهى الى سن قوانين وضعية تُراعي الظروف التي انتهى الانسان اليها وخصوصاً منذ تراكم حصيلة الظواهر البشرية الكبرى سواء في الاستكشافات الجغرافية في القرن 15 أو الاصلاح الديني لمارتن لوثر وكالفن في القرن 16 أو في الثورة الاقتصادية الماركنتاليه العالمية لدول المدن في القرن 17 أو في الثورة الفكرية والبحث عن روح القوانين والحريات في القرن 18 التي تكللت بالثورة الفرنسية .. أو في حركات الاستنارة الفلسفية ويوتوبيا التفكير والثورة الصناعية في القرن 19 التي أوصلت الاستعمار الى أوج قوته .. أو في الثورة الشيوعية والصراع ضد الامبريالية وعصر التكنولوجيا في القرن العشرين وانتهاء بثورة المعلومات والكومبيوتر والعولمة الكابيتاليه في القرن 21 .. أنني أقول بان الانسان ماكان ليصل الى كل ماوصل اليه عبر هذه الظواهر الكبرى بسلبياتها وايجابياتها لولا المناخ الليبرالي الذي اوجده.. وتحطيمه كل القيود التي كانت مسيطرة سيطرة عمياء ليس على موارده أو مكانه أو زمانه .. بل كانت تحتكر عقله وذهنه ومشاعره وعلاقاته وتفكيره . أن مساحة الحريات التي توفرت للانسانية كي تجد فرصتها من اجل الابداع لم تكن سائبة بل محددة بقوانين وأطر وأهداف وجملة من التقاليد والاعراف الدنيوية...
الليبرالية انتاج فلسفي معقد :
لقد عرف جان جاك روسو الحرية الخُلقية كما يُسميها فقال ( الحرية الحقة هي أن نطيع القوانين التي أشترعناها نحن لانفسنا) فهي بحسب هذا المفهوم عملية انكفاء على الداخل ( النفس) وعملية انفتاح تجاه القوانين التي تُشرعها النفس فالانكفاء على الداخل تمرد وهروب من كل ماهو خارجي والانفتاح طاعة القوانين التي تُشرعها النفس من الداخل . ويمكن أن تمثل الليبرالية حالة انكفاء على استقلالية النفس مع الانفتاح على اتباع قوانين الدولة واحترام طقوس المجتمع . أن جوهر الليبرالية كما تقول احدى الموسوعات يتمثل بالتركيز على اهمية الفرد وضرورة تحرره من كل انواع السيطرة والاستبداد وأن الليبرالي يصبو على نحو خاص الى التحرر من سطوة التسلط بنوعيه . تسلط الدولة ( الاستبداد السياسي) وتسلط الجماعة ( الاستبداد الاجتماعي) ويمكن صياغة فهم ذلك من خلال توفير الحريات السياسية والفكرية والشخصية للانسان من خلال دستور يحدد واجباته ويمنحه حقوقه كاملة .. ويحسن أن ننبه الى أن الليبرالية كنظرية في السياسة والاقتصاد والاجتماع لم تتبلور على يد مفكر واحد بل أسهم عدة مفكرين في اعطائها شكلها الاساسي .. ففي الجانب السياسي يعتبر ( جون لوك) 2361-4071 أهم واول الفلاسفة إسهاماً . وفي الجانب الاقتصادي ( آدم سميث) 3271- 0971 وكذلك كان لكل من ( جان جاك روسو) 2171- 8771 ( وجون ستيورات مل) 1800 – 3781 إسهامات واضحة في سبيلها وصولا الى مفكرين ومنظرين غربيين في القرن العشرين .. وقد تقدم أن الليبرالي مذهب قضيته الانسان وعلى ذلك فكل المذاهب التي أختصت بهذه القضية كان لها من إسهام واضح في تقرير مباديء الليبرالية .. أن أغلب المفكرين والفلاسفة المحدثين في القرن التاسع عشر والعشرين وبضمنهم كارل ماركس وانكلز وماكس فيبر وهيوم كانوا قد خلقوا افكارهم في ظل عالم ليبرالي ومن خلال ادوات ليبرالية ( أي تحررية) في أن يغدو العالم الحديث بمثل كل هذه الاساليب الحديثة اليوم . من هنا ندرك بان لاليبرالية من دون ديمقراطية حقيقية اذ تقترن هذه الاخيرة بتوفير الحريات والالتزام بالدستور الذي لابد أن يتضمن مضامين مدنية بحتة توفر حقوق وواجبات المنظومة البشرية ولقد ارادت الاحزاب غير الليبرالية أن تلبس نفسها بالديمقراطية وتوهم الناس بمشروعها الانساني ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً لانها لم تؤمن بالديمقراطية ولم تُطبقها البتة اصلاً..
الوهم الذي يعيشه العرب :
ولعل من أخطر مايكبل مجتمعاتنا التي تطمح للسعي نحو النهوض والتقدم وهي تراوح في مكانها ولاتقدر الا على التراجع انما يمكن في بعض الافكار الخاطئة التي ابتلت الامة بها ابتلاءاً عقيماً .. كون الحريات والليبرالية هما ( كما يقولون) من نتاج اليهود اذ يوكدون ( ومن اراد أن يعرف دور اليهود في ترسيخ هذه الافكار وتوجيهها لمصالحهم يمكنه أن يقرأ ذلك في القسم الخاص بالاخطبوط اليهودي لاسيما بروتوكولات حكماء صهيون)..
ولايمكن ابداً لمجتمعاتنا العربية المتنوعة أن ترضخ لهذه المقولة التي لم يثبت العالم صحتها ومجتمعاتنا بالذات ازاء حالتين أثنتين اولاهما أن مجتمعات وشعوباً أ خرى بدأت تتقدم وتزدهر نظرا لتوفرها على عالم ليبرالي حر أخصب مجتمعاتها بعد أن عاشت منغلقة على نفسها زمنا طويلاً وثانيهما أن مجتمعاتنا وشعوبنا ماعاد باستطاعتها البقاء دون منتجات علمية وصناعية وتكنولوجية وفرها لهم عالم ليبرالي حر فلماذا ياخذونها ويستخدمونها من دون أن يشعروا بالاخطبوط اليهودي الا في مباديء حقوق الانسان والمؤسسات الليبرالية وتوفير الحريات ؟؟ ألا تجدون معي أن ثمة عوائق لاأساس لها من الصحة وأختلاق متناقضات تقف جداراً عازلاً بين واقعنا وتقدمنا وبين حاضرنا ومستقبلنا....
المباديء الليبرالية الاساسية : اولا : العلمانية.. التي تعني اصطلاحاً فصل الدين عن السياسة كما تعني مضمونا فصل الدين عن النشاط البشري بعامة وعلى مثل هذا المبدأ يقوم المذهب الليبرالي في كافة المجالات : السياسية والاقتصادية والفكرية .. بل لاتكون الدولة ليبرالية الا من حيث تكون العلمانية ولاتكون علمانية الا حيث تكون ليبرالية فمن السخف بمكان أن تمارس عملية انتخابية سياسية وانت مُقيد دينياً .. الليبرالية لاتنفي الدين ولا تحاربه ولاتحجر عليه كالشيوعية مثلاً بل تجعله ركناً سامياً له خصوصيته كونه يختص بعلاقة روحانية جلية بين الانسان وربه ولايمكن أن ينزل الدين من عليائه ليمارس دوره في أي واقع سياسيء مليء بالموبقات والمشكلات التي ربما لاتجد علاجاتها في الحلول الدينية في كل الاديان ..واذا صلحت السياسة الدينية في مجتمع أحادي العناصر فسوف لن تنفع ابداً في مجتمع له تعيقداته وتنوعاته ومشكلاته اذ ستزيدها تلك السياسة الدينية تعقيداً ..
وعليه فلا بد من الفصل بين المؤسسة الدينيةعن بقية المؤسسات السياسية والقضائية والادارية ومؤسسات المجتمع المدني باعتبارها مؤسسات مدنية لادينية ولايمكن أن تحتكر من قبل أي مؤسسة دينية لايجتمع فيها كل الشعب .. والا فان جحيماً من المشكلات سينفجر ولايمكن علاجه ابداً .. وستتوالد معضلات لاقبل للاجيال القادمة بحلها .. وهنا لابد للانسان أن يقرا تطبيقات مثل هذا المبدأ التي يقر الفصل بين سلطتي الدين والدنيا من خلال نماذج تاريخية حتى في تاريخنا الاسلامي وعليه فان من أهم المباديء الليبرالية ماكنت قد أسميته ب ( الاهلنة) أي بناء مؤسسات المجتمع الاهلي المدنية التي تستمد مشروعيتها من القوانين المدنية ..
ثانياً : العقلانية : تعني الاستغناء عن كل مصدر من اليوتوبيا ( التي نسميها في فكرنا الحديث بالطوباوية التي تعني الخيالية) في الوصول الى الحقيقة الا عن توظيف العقل الانساني واخضاع كل شيء لحكم العقل لاثباته أو نفيه أو معرفة خصائصه ومنافعه والعقل المحكم هنا هو عقل الانسان .. أن العقل ( اللوغوس) قد لايرتقي الى السمو والعلو ولكنه قطعاً سيعمل من خلال الوعي بالذات والتجربة والقواعد والتفاعل السياسي للوصول الى قناعات لايمكن أن تغدو ثوابت الا بعد استخدامها ومعرفة السوالب من الايجابيات مقارنة بما يفعله الطوباويون الذين لاعمل لهم الا تقليد النصوص او عيادتها كونها مسيطرة عليهم فمناخ العقل يوفر محاولات وفرص النجاح بالتجربة ومناخ يوتوبيا تقليد النص يغلق الحياة من دون أن يتنفس المجتمع .. وهكذا تقوم الليبرالية على مبدأ أن العقل الانساني بلغ من النضج العقلي قدراً يؤهله أن يرعى مصالحه ونشاطاته الدنيوية دون وصاية خارجية..
ثالثاً: الانسانية : تؤمن بالدفاع عن حرية الفرد وترعى مصلحته وكفاءته في وطنه أو حتى في العالم أن المبدأ الانساني الذي اكد عليه الفلاسفة الالمان يمنح الثقة بطبيعة الانسان وقابليته للكمال من خلال تشجيعه وتوفير كل الفرص امامه للابداع وتجعله ينطلق من اجل ان يوفر كل المنافع للانسانية قاطبة من دون ان يحتجز ماينتجه لنفسه او لقومه انه اذا انسان يترفع عن صغائر الاشياء الى عظائم الامور والانسان هذا الكائن الجميل لابد ان تراعى مشاعره وصحته وإبعاده عن الكوارث وعن الاضطهاد وعن القتل وعن الاعتقال وعن كل مايقف امامه . ان حقوق الانسان ضرورة كبرى في أي مناخ ليبرالي حقيقي لامزيف وأن أخطر مايقف ضد هذا المبدأ العبودية والتعصب والتطرف والشوفينية والحكم المطلق والكراهية والارهاب .. الخ
رابعاً : النفعية :كمبدأ تراعى فيه مصالح الافراد والنخب والفئات والمجموعات ونقل لتصل الى الطبقات وهنا تصطدم الليبرالية بالشيوعية التي تبني نظريتها على الصراع الطبقي لمصلحة او منفعة الطبقة العاملة من خلال سيطرة الدولة في حين ان الليبرالية تبني نظريتها على راسمالية المجتمع وانها تجعل من نفع الفرد والمجتمع مقياسا للسلوك وان الخير الاسمى هو تحقيق السعادة لاكبر عدد من الناس دون الالتفات الى حجم الضرر الذي سيصيب مجتمع بكامله او طبقة بعينها او خسارة جماعات . ان النفعية التي تضخم مبدؤها في المجتمعات الليبرالية كي تصل الى مايسمى بالنفعية البنتهامية تتمثل بالاستحواذ على وسائل ربما غير مشروعة من اجل النفع الخاص وهذا مالايمكن قبوله ابدا او كخصلة من سوالب الليبرالية بحيث نجد مدن كبرى او مجتمعات معينة القوي فيها ياكل الضعيف...
الليبرالية الجديدة : ماهيتها : لاتختلف الليبرالية الجديدة عن الليبرالية القديمة ابداً الا في الوسائل والادوات . فالمباديء نفسها ولايمكن التراجع عنها ابداً بل يمكن أثراؤها بالمزيد من التجارب واذا كانت القديمة ترتبط بالفكر الاوربي ونتائجه فان الجديدة ترتبط بالفكر الامريكي وممارساته وخصوصا بعد أن غدت الولايات المتحدة الامريكية تستحوذ على القطبية الواحدة في العالم ... أن مطاليب الولايات المتحدة من العرب مثلاً تتمثل باجراء الاصلاحات الجذرية التي من ابرز مقوماتها اشاعة الليبرالية الجديدة في الحياة العربية كي تبدا الانطلاق من جديد وتبني الاجيال القادمة نفسها على قيم سياسية ودستورية جديدة. لقد استمر الليبراليون الاحرار في كل العالم مع كل تموجات العالم بايدلوجياته الراديكالية العقائدية التي ذهبت وهم الذين بقوا منذ ثورة كرومويل بانكلترا في القرن 17 ومنذ عصر الاستنارة الفكرية بفرنسا القرن 18 ومنذ عصر العقل والديالكتيك لدى كل من ( كانت وهيغل ) بالمانيا في القرن 19 أنهم قد تعلموا من كل تطورات الفكر السياسي لمانهايم وماكس فيبر في القرن 20 نعم بقوا يطورون الاليات والاعراف السياسية والتقاليد الفكرية منذ تضاعيف العصر الحديث وحتى اليوم في حين سقط كل من الطوبايين والمثاليين والدينيين والاشتراكيين والتعاونيين والشيوعيين وغيرهم...
الليبرالية بين النقلة النوعية والتوحش : نعم .. اليوم تنتقل الليبرالية الى مرحلة جديدة يُسميها بعضهم ب ( الليبرالية الجديدة) ويعتقد العديد من الكتاب الغربيين ومن ورائهم العرب والمسلمين انه: اذا كانت الليبرالية الاولى نقلة نوعية ( بالنسبة لاوربا) في قضية حقوق الانسان وتطور العالم فان الليبرالية الجديدة تعد حسب نظرتهم القاصرة انتكاسة حقيقية لحقوق الانسان تحت سمع وبصر العالم الذي لم يعد متطوراً بل في غاية التوحش ليس الانسان الغربي فحسب بل الانسان الشرقي والشمالي والجنوبي . أن مثل هذا التفسير المؤدلج تنتجه أفكار تصل حدود كراهيتها للولايات المتحدة الامريكية الى الذروة في حين أن الاوربيين قد طوروا الممارسات الليبرالية سواء في منظومتهم الوطنية أو في منظومتهم الاتحادية الاوربية وأن الليبرالية الجديدة اول ماوجدناها تحتل مواقعها وتمتد بمناخاتها في عالم اوربا الشرقية إثر إنهيار الاتحاد السوفيتي....
مستلزمات التحول الليبرالي: لايمكن ابداً أن تقرن الليبرالية الجديدة التي تطمح الى بناء عالم جديد بما تقترفه الولايات المتحدة الامريكية أو غيرها من ( المؤبقات) وخصوصاً باستخدام القوة العسكرية لغرض الهيمنة والافكار والتقاليد . أن عصر العولمة لم يبدا بعد حتى يقال بانه قد أنتهى وبناء عليه فانهم يقولون بان لم يعد للحريات الانسانية أي مكان وكانهم كانوا يعيشون في حريات تامة يمارسونها في ظل حكومات دستورية أتى بها الشعب وأن هناك تطبيقات كاملة للمباديء الليبرالية التي ذكرناها حتى ينتقد اولئك الليبرالية الجديدة التي تبلورت بعد سقوط الانظمة الشمولية في العالم وخصوصاً كتلك التي مارست إنغلاقاً وأُحادية وتعصباً واضطهاداً وقمعاً وسيطرة على كل من المجتمع وموارده مثل الاتحاد السوفيتي ورومانيا والمانيا الشرقية والبانيا وبلغاريا وغيرها من دول اوربا ومثلها أو أتعس منها في العراق وغيره من البلدان العربية التي لم تعرف الليبرالية ابداً أو أنها كانت لها تجارب ليبرالية قبل اكثر من خمسين سنة وأغتالتها الانقلابات العسكرية والحركات الدينية أو الدكتاتوريات الشمولية....
الليبرالية السالب والموجب : انني لاأقول بان الليبرالية الجديدة لها تجلياتها وأنه عالم نزيه وله طقوسه المثالية ولكنه يُحقق النصيب الادنى لحقوق الانسان والمجتمعات أن نجحت الشعوب بالوعي به وأنتصرت في ممارسته وتطبيقاته على أفضل وجه . وربما تلحق اضراراً آية تجارب ليبرالية نظراً لضعف التوازن بين عالمين أثنين .. عالم يسعى للنمو وعالم متقدم ولايملك أي عالم يسعى للنمو امام القوة الهائلة للعالم المتقدم الا الخنوع والرضوخ لارادتها وتنفيذ كل مايطلب منها ليس من أجل تنفيذ مأربها بل من أجل كسب المزيد من التجارب لبناء المؤسسات في دواخلنا والتمرس على العلاقات مع العالم . أن معادلة هذه المرحلة تسير وفق التصور التالي:
الليبرالية الجديدة = تجديد المؤسسات + تحرير الاقتصاد + الحريات وخلق سياسيات جديدة وليكن معلوماً أن كل الايدلوجيات تصادر سلطة المؤسسات وكل المجتمع على عكس الليبرالية التي تُتيح تداولاً للسلطة وتقضي بالمشاركة في السلطة وهي ترضى أن تبقى خارجها مراقبة أو معارضة....
اغتيال الليبرالية العربية : لقد كانت للعرب تجاربهم المتواضعة لليبرالية القديمة التي طبقوها أبان النصف الاول من القرن العشرين وخصوصاً في مصر والعراق وسوريا ولبنان وتونس والجزائر والمغرب ولحقت الاردن والكويت بهما ولكن كان للمؤدلجات الثورية الماركسية والقومية دورها في خنق التفكير الليبرالي فضلاً عن أحادية الاحزاب والحركات الفاشية والسلطات الفردية والزعامات الشمولية والدكتاتورية دورها في قتل الحياة الليبرالية كما وكان للانقلابات العسكرية في كل من مصر والعراق وسوريا دورها في اغتيال الممارسات الليبرالية العربية التي قلبت الحياة في المجتمعات الثلاثة را سأ على عقب والتي أخرجتها من سيرورة التاريخ لخمسين سنة الى الوراء بتقييد الفكر وخنق الحريات وتجميد الاحزاب وإيقاف الانتخابات العامة . الليبراليون العرب لاينكرون أنهم استلهموا الفكر السياسي الحديث من الاوربيين كما استلهم كل البشر وسائله وعلومه ومعارفه وصناعاته منهم وكان عليهم أن يطوروا تجاربهم فيه لولا الاسباب التي ذكرناها والتي خنقت ليبراليتهم القديمة...
الليبراليون العرب القدماء: لقد وُلد الليبراليون العرب ( والعراقيون الجدد على وجه التحديد) ليس من فراغ تاريخي اذ لم تخلقهم امريكا هكذا فجاة فضلاً عن أن وجود الليبراليون العرب الجدد اليوم امتداد للاباء والاجداد في الماضي القريب . آلم تولد الليبرالية العربية في مصر وتونس والعراق وبلاد الشام منذ القرن التاسع عشر ؟؟ فليس هناك أي علاقة تربط الليبراليين العراقيين والعرب الجدد بالولايات المتحدة الامريكية وسياساتها؟ وليس لهم أي علاقة بالمكارثية الجديدة؟ فلقد عرف العرب انتخابات دستورية منذ أن كانوا جزءا من الامبراطورية العثمانية وانتخب عن ولاياتهم العديد من النواب العرب في مجلس المبعوثان العثماني سواء في عهد المشروطية الاولى عام 1876 ثم كان هناك انتخابات في عهد المشروطية الثانية عام 1909 ثم توالت الحياة الدستورية الليبرالية على امتداد النصف الاول من القرن العشرين واليوم ... آلم يوجد لبنانيون وعراقيون ومصريون وسوريون وسعوديون وتوانسة ليبراليون جدد ؟ الخ ؟ اذن لماذا كل هذه الهجمة على الليبراليين الجدد ؟
وأخيراً طريقنا نحو المستقبل:
أما بصدد الليبراليين الجدد فهل الليبرالية الجديدة تنحصر في امريكا ومشروعات امريكا السياسية ؟ آلم يكن هناك ليبراليون جدد في اوربا الغربية ومابعد سقوط جدار برلين في اوربا الشرقية ؟ أنني أسالكم هل كان فولتير ومونتسكيو وجان جاك روسو من الليبراليين الامريكيين ؟ هل كان كرومويل في انكلترا من الليبراليين الامريكيين ؟ اذا كان معارضو الليبرالية جهلاء في التاريخ وأغبياء في السياسة والاعلام فلماذا يبيعون الاخضر بسعر اليابس ؟ ولماذا ينطلقون من أجندة خبيثة ضد مقومات الاصلاح والتحديث والعالم كله يُدرك بان لااصلاحات أساسية في أي مكان من العالم مالم تتمتع كل المجتمعات بالليبرالية ؟ ليتأمل المرء أن ماحصل من تحولات اثر سقوط الكتلة الاشتراكية عند نهاية القرن العشرين قد جعل أغلب الشيوعيين يهرلون الى الليبرالية وهكذا بالنسبة الى القوميين والوطنيين وعليه فلا مناص امام القوى والاحزاب الدينية الا الليبرالية مجالا رحبا لها للعمل فلقد كانت كل التيارات والاتجاهات في الماضي القريب ضد الليبرالية ولم تستقبلها أو تجعلها تمارس حقها في الوجود في حين تُرحب الليبرالية الجديدة اليوم بالجميع ليمارسوا ادوراهم في رحابها. إن الاعلام العربي المعاصر الذي تختفي من ورائه قوى سلطوية أو جماعات دينية أو تيارات شوفينية يحاول أن يشوه القيم الحقيقية والمباديء الاساسية للحياة الليبرالية العربية وتقدمها انهم يريدون مستقبلها في المنطقة بواسطة البعض من الاعلاميين التلفزيونيين والكتاب الصحفيين والمثقفين الشوفينيين والساسة البدائيين كي تبقى المنطقة متخلفة وعاجزة ومنغلقة وكسيحة ومستهلكة وغير متحررة تحرراً فعلياً أو منتجة ومبدعة أساساً ... فهل سيتغير القوم عندما يشعر الناس بقوتهم من دون خوف ؟؟ وهل تضمن دساتير مدنية جديدة وتكفل حقوق الانسان وواجباته ؟ وهل سيبدأ العرب وشركاؤهم بتغيير مناهجهم وأساليب تفكيرهم وإعادة تركيب ذهنيتهم وتبدأ بالنجاح أولى التجارب الليبرالية الجديدة في المنطقة ؟؟ أم أنهم سيغتالونها عمداً عن سبق اصرار وترصد ؟ هذا ماستكشفه الايام القادمة علما بان العالم كله يتحول لانتزاع حقوقه بالوسائط السلمية وانه يتغير كما هي سنة الحياة من اجل إيجاد فرص أفضل....
فهل سيحقق العرب تطلعاتهم في مثل هذه العتمة والقيود والعمى ؟ إن أسلم طريق أمامهم هو إنفتاح الابواب على مصراعيها وأن يشعر الناس أنهم يتمتعون بطعم الحرية وأن يقولوا كلمتهم في مايريدون وما يرفضون في إطار دستوري حديث ....
فهل سيتحقق ذلك عند العرب ؟؟؟ أنني أشك في ذلك على المدى المنظور ............



#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحنُ أخر أمة أُخرجت للناس ...
- الفكر المخالف ...
- إدريس جنداري ووفاء سلطان ...
- المُثقفون الجُدد ...
- في الرد على مقالتي الاستاذ إدريس جنداري ...
- هل هناك فرق ؟؟
- لكل حادثة حديث ...
- إياكم وعيد الحب ؟؟
- رسائل إسلامية ...
- أليس الاعتراف بالخطأ فضيلة ؟
- الحوار بين الاديان والتقريب بين المذاهب ...
- عبدالله بن سبأ اليهودي ونظرية المؤامرة
- اختلاف الاراء...
- الدكتورة وفاء سلطان والمقال الاخير ..
- ماذا لوآمن الشيطان ؟
- هل نحن متعصبون؟
- تعليق السيد نادر قريط على مقالة الدكتور كامل النجار(اله السم ...
- الدكتورة وفاء سلطان أولاً وأخيراً
- العرب ظاهرة صوتية.
- أسئلة الى أهل ألقرأن ؟


المزيد.....




- بن غفير يعلن تأسيس أول سرية من اليهود الحريديم في شرطة حرس ا ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شامل عبد العزيز - الليبرالية القديمة والليبرالية الجديدة ...