من سفر الذكريات...صور عن الرياضة والرياضيين في مدينة النجف الاشرف 3

فلاح صبار

الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 09:26
المحور: عالم الرياضة
    

منذ البدء وعند تأسيس المدارس الحكومية في مدينة النجف في مطلع القرن الماضي ‘ كان تنظيم الحركة الرياضية بسيطا عفويا لم يأخذ ملمحا واضحا ‘ او قل ... لا وجود له فعليا...فكان شكل الرياضة عبارة عن فتية يلعبون العابا لا تخلو من حركات رياضية...الا ان السباقات والمنافسة كانت هدفا واضحا بين صبية الازقة في المحلة الواحدة/ بسبب خوف الاهل على اولادهم من الذهاب بعيدا عن اعينهم ‘ فما بالك بالمحلات البعيدة الاخرى...كان هذا غير مسموح به اسرويا على الاطلاق/
كان الصبية يلعبون كما ذكرت ‘ العابا ممتعة / يفتقدها اطفالنا اليوم .. نظرا للتطور الحاصل اجتماعيا وثقافيا وتكنلوجيا الخ/
و كانت الالعاب تتمثل بالحنجيلة... والطفيرة ...والمردات..وام حجيّم وغيرها ‘وجل هذه الالعاب تعتمد على الركض والتوازن الجسدي‘ وهذه من اساسيات الرياضة ‘ اضافة لتجمع الاولاد في ساحات المدرسة ان وجدت اصلا لممارسة اللعب بشكل عام... وقد انتقلت واستمرت هذه الالعاب الطريفة لنا لاحقا‘ في سياقها الطبيعي.
وبعد حقبة زمنية لاحقة ‘ بدأ طلاب المدارس يتفقون فيما بينهم لاجراء سباقات رياضية في العاب محددة ‘الالعاب السويدية ‘ والركض او كرة القدم اوكرتي السلة والطائرة وغيرها من الالعاب الاخرى . وبجهود الاساتذة في تلك المرحلة من تاريخ النجف الرياضي ‘بدأت تنمو الحركة الرياضية وتتثبت اقدامها على رمل ارض الغري!!! ومن هؤلاء الاساتذة / علي الرشدي وجعفر الخليلي‘ و رؤوف الجواهري‘ثم حسين السبع‘ واحمد حسون‘ وصادق الحق‘وجواد الحلو‘ ومحمد سبتي يرحمهم الله جميعا‘ وتلتهم ثلة جديدة من المعلمين الافاضل الذين لعبوا دورا رياديا في الحركة الرياضية في النجف ومنهم موسى العادلي وعبد النبي ابراهيم‘ ومحسن الهاشمي وعلوان السفير‘ وعلي منصور وحليم وعبد الامير الساعدي-ابو العلا- وغيرهم .
كانت الحركة الرياضية في مدينة النجف الاشرف في النصف الاول من القرن الماضي ‘ تحظى باهتمام وجهاء المدينة واساتذتها‘ وكانت هدفا نبيلا يسعى اليه الطيبون... فهي بمثابة مدرسة حياتية مهمة لتهذيب الخلق وزرع المثل العليا في روح وعقل اللاعب الرياضي. ولكم ان تتصوروا كم هو كبير اهتمام الطبقة المثقفة النجفية بالرياضة في تلك الفترة.
لقد تقدم المرحوم عزيز مرزة وزملائه عزيزمحسن عجينة‘ وحسين الرضوي
- الشهيد سلام عادل- والمحامي موسى صبار‘والدكتورخليل جميل‘ ورضا عبد ننه ‘ورؤوف مرزة ‘وحسين الرفيعي‘ وهادي دوش‘ ومحمد علي الحبوبي يرحمهم الله ‘ واخرين ....كان قد تقدم بطلب لتشكيل نادي نجفي رياضي يسمى(نادي القادسية) على غرار النادي الاولمبي في الاعظمية ببغداد و الذي كان النادي الوحيد في العراق...الا ان الطلب رفض من قبل وزارة الداخلية....والسبب واضح وهو انتماء الغالبية العظمى من الاسماء المذكورة اعلاه ‘ للتيار اليساري الديمقراطي في تلك الحقبة الزمنية عام 1945.
كان هناك حراك شعبي تسوده الالفة والمحبة في الحياة الاجتماعية والرياضية النجفية... ولازال الجميع الذين عاشوا تلك الحقبة الزمنية يتذكرون هذه المدينة المليئة بكل شئ... الكرنفالات والاعياد الدينية...والزيارات ‘ حيث تمتلئ المدينة بالناس من مدن العراق الحبيب ‘و تقترب اجوائها من تلك التي تحدث بالفعل‘ في بعض دول امريكا اللاتينية‘ وخاصة في ميلاد الامام الحسين(ع) حيث تلبس المدينة حلة قشيبة من كل نوع من وسائل البهجة ... الاضوية‘ والالعاب‘ وابداع العمال و الشباب الصناعي ( وخاصة الذين يعملون في النجارة و الحديد... المكائن ..وهياكل السيارات .. دك النجف) والمعارض السنوية المتعددة على صعيد المدارس النجفية او على صعيد تربية لواء كربلاء‘ حيث كان لاعدادية صناعة النجف الدور الرائع والريادي في ابتكار وابداع الاشكال الميكانيكية‘ وكذلك معارض التدبير المنزلي او التطريز بالنسبة لمدارس البنات وغيرها‘ وكانت تلك المعارض تقام على قاعة اعدادية النجف او متوسطة الجمهورية على الاغلب. ...وقد لعبت طبقة العمال بشتى مهنهم دورا مميزا ‘ وذلك باضفاء ديكورات ممتعة‘و خاصة عند قيام الدورات الرياضية المدرسية في كل عام .
كان للرياضة نصيب لايستهان به في ادخال البهجة على نفس المواطن النجفي ‘ حيث دأبت الفرق الرياضية النجفية الكروية على استقدام الفرق القوية ‘ ولكم ان تتصوروا المتعة التي نحصل عليها ونحن فتية نتجمع في ساحة- المناخة او حامية النجف و الاعدادية او في ساحة حي السعد – البعيدة عن مركز المدينة لمشاهدة المباراة وتشجيع الفرق النجفية حتما .
و كانت هناك بيوتات تعد بمثابة مقرات للفرق الكروية في المدينة في مرحلة الخمسينات‘ و تحرص على استقبال واستضافة الفرق القادمة من بغداد او من المدن الاخرى‘ ومنها بيت كريم ومجيد صبار وبيت الاستاذ علوان السفيروبيت الاستاذ رسول كبه والسيد حسين الرفيعي....بحسب ما يذكر الاستاذ علوان السفيرفي كتابه تاريخ النجف الرياضي.
كنت صغيرا ‘يصطحبني اخوتي الى بيت اخوالي عندما تكون هناك زيارة لاحد الفرق القادمة من المدن الاخرى .وكانت بعض الفرق تأتي للنجف قبل يوم المباراة‘ ويقضون الليل هناك الى يوم المباراة ‘ والمتعة الكبرى التي نحصل عليها هي عندما يتجمع اللاعبون مع اصدقائهم و الداعمون ماديا لهذه الفرق ويبدأ السمر...
كان للدهين النجفي... والبقلاوة والزلابية والفسنجون النجفي المشهور... والفواكه دورا هائلا في اضفاء جمالية رائعة واجواء حميمية على تلك الاماسي‘ وكان اللعب والحزورات والنكات والنقاشات العامة في الوضع العام للعراق سائدا ايضا . اتذكر من اللعبات الجميلة التي تخلق مرحا هي لعبة/ موسى كدة.../ الكاف تلفظ هنا مثل الجيم في اللهجة المصرية/ والمحيبس في رمضان‘والمطاردات الشعرية وغيرها من وسائل المتعة‘ وكان كل فريق زائر يجلب معه لعبته المحلية بالضرورة حيث يشارك فيها الجميع . لقد كانت اجواء المرح تضفي هالة من الفرح والمتعة والمحبة بين الحضور‘ وقد يصدف احيانا ‘ ان يدعى بعض الذين يعشقون الغناء الى تلك الاماسي‘ فيغنون غناء مليئا بالوجد والمناجاة ‘ واذكر منهم المرحوم حسوني شيحان وابراهيم الاسود وكان السيد كامل الحكيم ‘ضاربا بارعا على الايقاعات حيث يحتضن صينية شاي صغيرة مليئة ببعض المفاتيح اوالسبح‘ ليرافق المواويل والابوذيات/ لقد استمرت هذه الحالة لاحقا بوجود فريق الجمهور الرياضي واتحاد الفتيان وداينمو النجف وربما فرق اخرى في النصف الثاني من الستينات/حيث كان للغناء الدور الاساسي عندما نسافر لنلعب مباراة كرة القدم ‘وكنا نبدأ الغناء بمجرد تحك سيارة المرسيدس -18 راكب- التي يقودها صديق الرياضة النجفية السيد تركي والذي اعتدنا على تأجير سيارته ‘ويبدأ الغناء حيث يتناوب عليه الكاتب وطالب المحتصر وهاتف شمران ويرافقنا على -الدنبك- الصديق الفنان التشكيلي ذياب ال غلام الذي كان بارعا في المطاردات الشعرية ايضا.
لقد كانت الرياضة تلعب دورا هائلا في تعزيز العلاقات بين الشباب و الفرق الزائرة الى المدينة ‘ فتبنى الصداقات واحيانا تصل الى حد ‘تصبح به العلاقات اسرية. واستمر الحال هكذا الى ان قدم جيل جديد في بداية الستينات‘ حيث تشكل فريق الفضلي ولاحقا الاهلي وفريق اتحاد الهواة الذي لم يستمر طويلا ... /كان فريق اتحاد الهواة / امتدادا لفريق اتحاد الفرات الذي اختفى غالبية اعضائه‘ نتيجة للظروف السياسية المتقلبة ‘في بداية الستينات .
وبعد ذلك ‘خلق جيل رياضي جديد برز في لعبة كرة القدم النجفية ‘ وان كانوا فتيانا في اواخر الخمسينات ومنهم فؤاد الصايغ‘ وعلوان منى ‘ومالك فلفل‘ وعلاء الطفيلي‘ وجيل اخر يتمثل باللاعبين كريم بجون‘ وكامل هاني وسعد بشبوش‘ وحميد زاغي‘ وقاسم شربة‘ وعلي قاسم ‘ وجعفوري ...والقائمة تطول
يتبع.

#فلاح_صبار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات