أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاصم بدرالدين - -العمامة والقبعة- ل صنع الله إبراهيم: الماضي نسخة روائية عن الحاضر














المزيد.....

-العمامة والقبعة- ل صنع الله إبراهيم: الماضي نسخة روائية عن الحاضر


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2532 - 2009 / 1 / 20 - 10:10
المحور: الادب والفن
    


في روايته "العمامة والقبعة" (دار المستقبل العربي، الطبعة الأولى 2008) يكتب صنع الله إبراهيم التاريخ على أنه صورة انعكاسية للحاضر، مجسداً بذلك علاقة رجل الدين -والمؤرخ-بالسياسيّ خلال الحملة الفرنسية على مصر وما بعدها، مستعيداً شخصية المؤرخ الأهم في التاريخ المصري، في الفترة المذكورة، الشيخ الأزهري عبد الرحمن الجبرتي.

وإذا كان الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" يعبِّر عن تاريخ السلطة الحاكمة، العثمانية(المملوكية) فالفرنسية وأخيراً العودة إلى حكم العثمانيين، فإن تلميذه، وهو الراوي-والمدون- أيضاً، يجسم تاريخ الظل الذي لا يعترف به إلا قلة. يسعى صاحب "نجمة أغسطس" أولاً إلى إظهار تلك العلاقة "غير الشرعية" بين المؤرخ والحاكم، والتي تنتج، دائماً، تاريخاً مشوهاً ناقصاً يتناسب مع أهواء "الملك". فيؤرخ ما يمجده ويعلي من شأنه، ويمحي ما يطال مقامه الرفيع. أما التاريخ الرديف في هذه الرواية، والمكون من ملاحظات وأراء التلميذ في ما يكتبه أستاذه، فيكشف لنا أماكن العطب والزيف.

فإبان الحكم الفرنسي، وفي تاريخ الثلاثاء 11 سبتمبر، يعلق التلميذ بعد قراءته لما كتبه الجبرتي بالتالي:"بحثت عن الورقة التي دون فيها أحداث اليوم العشرين من شهر ربيع الأول الذي يوافق أول سبتمبر وتتبعت ما دونه بعد ذلك فوجدت أنه انتقل مباشرة بعدها إلى أحداث الأيام التالية دون أن يذكر شيئاً عن إعدام محمد كُريّم" على يد الفرنسيين. وفي ملاحظة أخرى بتاريخ الخميس 15 نوفمبر يكتب التلميذ:" اكتشفت أن أستاذي أوجز الحديث في أوراقه عن المشايخ المقتولين بالقلعة ولم يذكر أسماءهم". هذه الأمثلة يتوجها الجبرتي بعد انسحاب الجيوش الفرنسية وعودة العثمانيين باعتراف صريح لتلميذه بعد استفسار الأخير عن سبب إعادة كتابة أحداث الحملة الفرنسية بقوله:"هل تتصور العثمانلي يقبلون ما كتبته من امتداح للفرنسيس وذم في الترك؟ الوزير التركي طلب أن أكتب له تاريخ فترة وجود الفرنسيس في مصر. ثم إني أريد أن أبرئ نفسي من تهمة التعاون مع الفرنسيس".

ثانياً يعمل الروائي على تقصي ذاك الانحدار الفكري الذي أصاب شيوخ الأزهر، مبرزاً تبعية رجال الدين لأي حاكمٍ يجلس على العرش، متهكماً من خضوعهم للفرنسيين وسعيهم الدائم إلى إظهار قرائن تدل على شرعية وجودهم، فيسرد لنا ما سمعه في الجامع عن أسلمة بعض القادة الفرنسيين، وظهور النبي لبونابرت والذي طالبه بأن يجهر إيمانه بأركان الدين لأنه دين الله فرد القائد الفرنسي ملتمساً مهلة سنة يعد فيها الجيش لذلك فمنحها له النبي. ومناقشة رجال الديوان، وهم قادة البلاد الذين عينهم الفرنسيون ومن بينهم الجبرتي، في كيفية تخطي عقبتي الختان وتحريم الخمرة، اللتين تعيقان تأسلم العسكر الأجنبي. بيد أن الجبرتي يبدو، رغم كل ما سبق، شيخاً ناقماً وإصلاحياً في قوله:"الله ابتلى الأزهر بأهل السوء الذين يضخمون من حجم عمائمهم ويوسعون من أكمامهم حتى يبدون في هيئة المعلمين ويتأبطون عدداً من كتب الأصول أينما ذهبوا بهدف اصطياد العطايا".

ثالثاً: إظهار حالة الفقر الدائمة التي يعيشها الشعب المصري، نتيجة سياسة الحكام الضرائبية الجائرة. فعندما قدم الأجنبي اعتقد المصريون أنه سيعاملهم بطريقة أفضل مما كانوا يُعاملون من قبل المماليك، بيد أن الواقع أثبت العكس. وعندما عملوا مع العثمانيين ضد المستعمر الغربي، وُعدوا بالخير، غير أن العثمانيين ما لبثوا وأن أعادوا فرض سياستهم السابقة نفسها لصالح ترف رجالهم، من مشايخ وجنود.

لا يغفل صنع الله إبراهيم الجانب ألتأريخي الإجتماعي فيحكي لنا قصة التلميذ وحبه لامرأة فرنسية متزوجة تدعى بولين، والتي يحبها أيضاً بونابرت نفسه وتفضيلها للثاني، وكان قد تعرف عليها في المكتبة التي عمد الفرنسيون إلى إعادة تأهيلها ورحلته إلى عكا ومشاهدة هزيمة الفرنسيين عند أسوارها. وزميله في العمل إبراهيم الصباغ الشاميّ. وعن صديقه القبطي، والمعاناة التي يعيشونها، وتكون فكرة الوطن المصري على يد أحد زعمائهم(يعقوب القبطي). وسليمان الحلبي الذي اقتحم مقر قائد القوات الفرنسية كليبر وقتله والعقاب الشديد الذي ناله، وهو وشركائه، بعد إلقاء القبض عليهم. وقصص أخرى ترسم، بخفة ظل ساخرة، واقع الحالة الاجتماعية إبان الاجتياح الفرنسي لمصر، والنتائج المترتبة عليها من بعده.

إسقاطات كثيرة تحويها الرواية. بأحداثها وشخوصها. فما يشغل بال الكاتب جلي جداً للقارئ. فهذه الإسقاطات تمهد لكشف التشابه المريب بين الماضي والحاضر. لقد وظف صنع الله إبراهيم الماضي ليحكي عبره عن الحاضر. استعاره لكي يقارن "الآني" بـ"السابق" باحثاً عن مظاهر "اللاحق". ليطرح من خلال نصه إشكالية شغلت بال المصريين طويلاً ولا زالت وستبقى زمناً مديداً: ماذا تغير في مصر، وأهلها، منذ الحملة الفرنسية عام 1798 حتى الآن، والتي قيل أنها سببت أول نهضة تشهدها البلاد؟
السؤال يحتاج إلى إجابة!




#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الصراع الهامشي
- سرٌ وراء الحجاب - الصادق النيهوم
- زملاء من سوريا
- لا علاقة بين فكر النيهوم ومشروع الحريري
- الاستجابة الكاذبة، لبنانياً، لاستغاثات مسيحيي العراق!
- قراءة في رواية راوي حاج -مصائر الغبار-
- الكوتا اللبنانية
- إستراتيجية الردع بين الطوائف
- رمزية واقعة -كفررمان-: مدخل إلى الإستعارة
- جغرافيا الطوائف وسياسات تغييب الاندماج
- القاتل الشريف وحدود التنسيق ودولتنا
- في تسييس السنة على الطريقة اللبنانية!
- المواجهة مع حزب الله
- إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك
- بعض مفارقات التعامل اللبناني مع الذاكرة
- في نهرها: فلسطين حقاً عربية!
- العبارة المصرية كنموذج للغرق العربي
- إشكالية العلاقة بين العلماني والطائفي في لبنان
- الإنتخابات في لبنان:أبعد من السلاح، وأكثر من هيئة رقابية
- فؤاد شهاب يعظكم


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاصم بدرالدين - -العمامة والقبعة- ل صنع الله إبراهيم: الماضي نسخة روائية عن الحاضر