أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عاصم بدرالدين - في نهرها: فلسطين حقاً عربية!















المزيد.....

في نهرها: فلسطين حقاً عربية!


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2365 - 2008 / 8 / 6 - 10:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


فلسطين عربية، أحسب أن لا جدال في هذا الأمر، من ذا الذي يشكك في عروبة فلسطين؟ وإن وجد، سيكون فاجراً بجحاً. لم يستطع الاحتلال أن يغير فيها شيئاً، بل العكس فقد ازدادت عروبتها حتى غطت على بقية أشقائها وشقيقاتها من البلدان العربية. فلسطين متعمقة في عروبتها، دمها مغمس في ملحها. تشرب العروبة، تأكل العروبة، تحكي في العروبة وبها. تخطب تصفق ترقص بالعربي. هي عربية الهوى. خارج هذا الإطار تموت. تموت فلسطين، ويموت الفلسطينيون. إسرائيل فشلت في الإجهاز عليهم، والعروبة النتنة هذه هي التي حمتهم من الموت، وزادتهم شتاتاً وتشرداً أكثر.
أكثر من ذلك: فلسطين أكثر عروبة من غيرها. وصلت حتى الدرجات القصوى من العربنة. قدمت دمها، ودم أبنائها، خرقت جسدها، قسمت أرضها، باعت نفسها، ساومت على ذاتها فداءً لها. فلسطين عربية. نقسم يا فلسطين أنك عربية، أنك العروبة نفسها. حتى الذات العليا الخارقة عاجزة عن اقتلاع العروبة من ذهنك وعقلية أبنائك المشتتين. لكن ما هي العروبة؟ لا يهمنا التنظير، في المعارك تصير الكلمات صلافة ومضيعة للوقت، والعروبة نظرياً، أي بالكلمات، سامية مترفعة مقدسة وأخلاقية. لكن في الواقع ماذا؟ كيف نصف العروبة والعروبيين بأغلبهم وأعهم؟ وما هي سماتها البارزة النافرة؟

أنقول: تخلف؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: رجعية وتقليدية وتسير إلى الوراء وتعيش في الماضي؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: تجلد الذات وتقتل ذات الأخر الشقيق؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: قمعية تسلطية ديكتاتورية شمولية اضطهادية؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: عبثية وفوضوية؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: دمار وتهلكة وذل وهوان؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: عسكرة وسجون، فقر وأمية؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: عشائرية وقبلية وعصبيات؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: لا سلطة تعلو فيها، ولا معرفة وعلم أصح، من الخرافة والشعوذة والغيبيات؟ نعم نقول ما نشاء. أنقول: لا مكان للعقل ولا النقد والفكر ولا الجدال والحوار والبرهنة والتجريب؟ نعم نقول ما نشاء. نقول ما نشاء، لأننا نصف حالتنا نحن، نحن عرب أيضاً، ونعرف أن العلل كلها فينا. ونيقن تماماً أننا نحمل كل الصفات السلبية المهترئة المتداعية الساقطة!

حتى إسرائيل، رغم دمويتها الفظيعة والمفجعة، لم تجعلكِ شكلاً أخراً مختلفاً عنا. لا زلتِ عربية. من يحملون لواء قضيتكِ، ويدعون الدفاع عنكِ والسعي لتحريركِ يتذابحون اليوم في شوارعكِ، كما فعلوا في نيسان الماضي. أليس من العار أن يتقاتلوا على سلطة بلا سلطة؟ أرض بلا أرض؟ -لن نقول: أرض بلا شعب!- يختلفون على وهم كاذب. وأليس من الخزي أن يهرب الفلسطيني من بلده، من شقيقه ورفيقه في الذل والقمع، إلى عدوه؟ العار نفسه يتجسد بكِ اليوم يا قضيتنا، يا مثلنا، يا عاراً منمطاً يشبهنا. فتح تقتل حماس، حماس تعتقل فتح وتطردها من أرضها، وأرضها!؟ لما؟ لأجل السلطة؟ وأي سلطة تلك، والاحتلال يدخل ويخرج ساعة يشاء؟ وأي سلطة تلك والموت يلاحق الفلسطينيين كل يوم في بيوتهم وأسرتهم وشوارعهم وأماكن عملهم؟ أنها الكذبة الكبرى!

حتى العدو الإسرائيلي -عدو عروبتنا المشترك- صار يخاف عليكِ وعلى أبنائكِ، المتهورين الأغبياء المجانين، أكثر منكِ. ويستقبلهم ويحميهم عندما يهربون من بعضهم البعض. من رصاص وإجرام بعضهم. مبروك لغزة حماسها المسلم. مبروك للضفة فتحها الوطني. ماذا بعد يا نكبتنا؟ لقد انتصرتِ، والآن؟ والآن فقط أصبح بمقدورنا أن نفرح، لأنك لا زلتِ كما أنتِ، مثلنا: قطعنا الشك باليقين، كدنا نشك بعروبتكِ.. أغفر لنا يا الله، أغفر خطيئتنا، خطيئتكَ، خطيئة فلسطين المقدسة، المدنسة.. أرضكَ يا الله!

لم يستطع الاحتلال المتعجرف أن يؤنسنكِ، على سلبياته الكثيرة -أو الأصح: سلبياته الكاملة- كان يمكن أن يكون إيجابياً، أن ينقلكِ من وحل التخلف، إلى سماء التقدم والتطور والتحضر، ليس كرماً منه طبعاً، إنما بدافع ذاتي منكِ لأجل الصمود والتحدي. لم يوحد شعبكِ بل فرقه. حتى الاحتلال لا يبدل، ولا يغير في، عروبتنا المبتذلة.

فلسطين أنت المعنى. أنت منذ النكبة وسفور التخاذل العربي، استحلتِ إلى معنى أكثر منه إلى كيان. ليس هروباً من واجب الدفاع عنكِ وتحريركِ نقول هذا، إنما لأننا نعلم أنك صرتِ ذكرى فقط(!).. وأحداثك الأخيرة تثبت وتؤكد. ما معنى فلسطين؟ بعيداً عن العروبة الطائشة.

فلسطين تعني: الثورة والنضال والكفاح بكافة أوجهه.
... تعني: الحرية والتحرر.
... تعني: الديمقراطية والعدالة.
... تعني: الحياة والصمود والمواجهة.
... تعني: الكلمات، قصيدة شعر، ترنيمة غنائية، لحن وموسيقى.

في استغلال فلسطين
فلسطين خارج هذا المعنى، لستِ فلسطين. لا معنى لكِ، خارج هذا الحقل من المعاني ولا وجود لكِ. أنتِ هكذا. والضد هو فلسطين أيضاً، لكن فلسطينهم هم، وحدهم.. فلسطين الاقتتال. فلسطين العشائر. فلسطين القمع والتسلط. فلسطين الأصولية، المتخاذلة التائهة. لما على فلسطين -ورجالها- أن يصيروا شاهدين على القمع؟ لما تحمي بجسدك وترابك ديكتاتوريات العرب؟ نفهم أن لتونس معنى، أيضاً، في القضية الفلسطينية. لكن لا نفهم أن تكوني شاهداً على اضطهاد شعبها، والتسلط عليه وإذلاله. السجون مليئة بالمعتقلين المعارضين، أصحاب الرأي الأخر. وأنت يا فلسطين، يا رسالة الحرية والتحرر، تشهدين مع ظالمهم وتقفين معه وتصفقين له ولنفاقه وإدعائه، في ذكرى تخليده الأبدي على رأس الشعب المهزوم.

لكنك مثلهمِ يا فلسطين، يا مهد الله، ومهد قضيتنا، ومنزل نكبتنا الأبدية.. أنتِ مثلهم، عربية شمولية قمعية.. لا فرق، كنا نحسب فقط، اعتقدنا خطأً.. سقطنا وصعقنا!

الحرية والتحرر، يا فلسطين العربية، ليستا مفاضلة أو انتقائية. الحرية هي كل جامع. هي كل شيء. وأنتِ التي تسعين إلى الحرية والتحرر، تعرفين قيمتهما -نحسب هذا!- فلا تكوني غطاءً مخملياً للقمع. لا تكوني عطراً شبقاً آخذاً لنتانة الأنظمة العربية القاتلة الفاسدة. لا تغطي القتل والقمع والسجون، أكشفيهم يا فلسطين، عريهم كلهم، جميعاً، دون استثناء، لا فضل لأحد عليكِ، أنت وحدك، وحدك الحرة، الحرية، الأفق والنار وسلاح الكفاح والكلمات.. ليس لأي رئيس منهم دماً في أرضكِ. ترابكِ هو ترابكِ. دمكِ هو دمكِ وحدكِ، موتكِ هو موتكِ أنتِ.. لكن سكوتكِ وتغاضيكِ عنهم وتحالفكِ وتخاذلكِ معهم وتبعيتكِ لهم، هو موتنا.

فلسطين أخيراً: خارج المعنى، لا معنى لكِ. لا تندثري. لا تموتي. لا تتلاشي ولا تذوبي.
فلسطين أخيراً: لا تكوني عروبية، كوني ما فوق العروبة.
فلسطين أولاً: كوني مصدراً للحرية، والتحرر والديمقراطية والإنسانية والعقلانية.. لا مولدة للاقتتال والتخلف.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبارة المصرية كنموذج للغرق العربي
- إشكالية العلاقة بين العلماني والطائفي في لبنان
- الإنتخابات في لبنان:أبعد من السلاح، وأكثر من هيئة رقابية
- فؤاد شهاب يعظكم
- الهيئة العربية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية
- ليس بئس العلمانية التركية، على بؤسها، إنما بئس الإسلام العرب ...
- الطائف ليس المشكلة الأساس
- إستفحال الإستغباء بالتصفيق
- العلماني خارج دائرة الإنغلاق
- وماذا عن الجيش؟
- صراع أبدي
- الإنتفاخ الطائفي
- متى الحرية؟ متى السيادة؟
- في ذكرى سمير قصير: أسئلة دائمة
- الدولة المعلقة والحرب والمعلقة
- هل العلمانية حل لمشكلة الأقليات اللبنانية؟


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عاصم بدرالدين - في نهرها: فلسطين حقاً عربية!