أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم بدرالدين - فؤاد شهاب يعظكم














المزيد.....

فؤاد شهاب يعظكم


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2344 - 2008 / 7 / 16 - 09:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد أدمنا اليأس. صار دماً رديفاً يجري في أجسادنا. نحن اللبنانيون احترفنا فن التشاؤم، ما عاد هنالك أي شيء يدفع فسحة من الأمل في وجوهنا. مع ذلك لا ننفك عن المطالبة والتأمل، بحل سحري يأتي من تحت فجوات المآزق اللواتي وضعنا داخلها نفوسنا. كان فراغاً رئيساً، وسد برئيس ركب موجة التوازنات بدقة، ودخل في اختبارات لا تحصى ولا تعد، كللت في النهاية بنجاح باهر، حضره العالم كله من شرقه إلى غربه، كذا لم تنعدم النتائج من وجود الكثير من الضحايا القتلى. انتقل الفراغ لاحقاً إلى السلطة التنفيذية، وبعد مخاض عسير ولدت حكومة مشوهة واضحة شقوق الفشل في عينيها. وهذا أمر جلي، وكما توقعنا فشل الرئيس وعدم قدرته على إدارة الصراعات وحلها، نيقن تماماً عجز هذه الحكومة عن إنجاز، كحد أدنى من الطموح، تسويات تجعل الاحتراب المسلح بعيداً.

مع ذلك سنطلب منها، ونحن نعرف أنها حكومة انتخابات فقط، وبعدها سترحل. لكن حتى ذلك الوقت هناك سنة كاملة. على هذه الحكومة الخارجة من دائرة الصراع الدموي بين أطرافها، أن تسعى جاهدة إلى إنجاز شيء ما. هي أصغر من أن تحل مشكلة سلاح حزب الله، والإدعاء السخيف والمقرف لمريديه، لأن هذا الملف كبير بما يكفي ليتدخل العالم كله، أشقاء أم أعداء كانوا، لحله. كذلك لن نطلب من هذه الحكومة التعيسة أن تعمل على إلغاء الطائفية السياسية وموبقاتها، شعارنا الباهت، لأنها أصلاً مكونة من أكثر الملل تعصباً، وأعضاؤها يكنون لبعضهم البعض حقداً لا يوازيه آخر. ولن ندرج الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد الإداري في مطالبنا، فالمخرب يستحيل أن يصير مصلحاً، وهذه سنة الحياة.

ماذا سنطلب إذاً؟
نحن عاجزون عن الطلب، بل سنتمنى. ولن أبتدع أفكاراً، بل سأكررها. يقال أن رئيس الجمهورية الراحل فؤاد شهاب كان يردد دوماً هذه المقولة:"إن بناء الجيش يكلف الكثير، لكن عدم بنائه سيكلف أكثر". أحسب أن هذه الجملة واضحة بما يكفي لأستنكف عن الشرح، واستهلاك الكلام والجمل التفسيرية. إن ما نراه اليوم من الجيش اللبناني هو أشبه بفضيحة، العار بذات نفسه متجسماً أمامنا. الخزي لا يتأتى من الإجرام الذي تظهره المواجهات الأخيرة بين الميليشيات اللبنانية، وهو عار أقل وطأة، إنما من حالتي الصمت والركود اللتين يعيش فيهما الجيش اللبناني وكافة القوى الأمنية المولجة حماية الاستقرار وتأمين الطمأنينة لأفراد هذا الشعب. حقاً إنه لعار أن ترى مسلحاً عبثياً فوضوياً مخرباً يمر بسلام وراحة بال أمام آلية جند تابعة للجيش يتمركز عليها جنديين من البواسل. الخزي هو أن يستحيل الجيش إلى فرقة جوالة تأتمر بأوامر الميليشيات فتقتحم ما يشاؤون!

إن الأمن، ووجود قوى أمنية فاعلة، من الركائز الأساسية لقيام أي دولة ناجعة. وطن بلا استقرار وأمن وطمأنينة، هو كناية عن منفى محلي. لقد استهلكنا المنافي بما فيه الكفاية. صارت بيوتنا مناف لنا، لأننا خرجنا عن الطاعة التي تفرضها علينا الطقوس والأعراف والحالات الانتمائية السائدة، وتدرجنا في سلسلة منمطة من المنافي من الأحياء والشوارع إلى أمكان الاجتماع والعمل أو الدراسة فالوطن ككل. كنا نقف في وجه الجميع لنقول أننا مع الشرعية، وأنها وحدها تحمينا من أي خطر يحيق بنا. فإذ بنا نكتشف، مصدومين، نفاقنا. كنا نكذب على ذواتنا كما على الناس. رأينا بأم العين أن الشرعية هذه، التي تغنينا بها حتى سَكِرنا، عاجزة مبدئياً عن حماية نفسها، وهي معرضة دائمة لتصير مئات الشرعيات المشتتة التائهة. لنغرق نحن، جميعاً معها، في بحيرة الدم الوطني.

الناظر في تاريخ الجيش اللبناني وتدخلاته في الصراع الداخلي، يرى دائماً أن هذا الجيش مشتت وعاجز وفاشل عن القيام بأي دور فعال، وما هو إلا فرعاً لأحد الأطراف، هذا ما كان عليه الجيش تحديداً عند اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية بحيث كان جيشاً "مسيحياً". بعد الطائف تغير الجيش، نقر بهذا. تغير وصار وطنياً، هكذا قالوا، لأنه ضم في صفوفه جنوداً من كل الطوائف وكأن هذا يكفي! إذذاك فإن الجيش، من خلال هذه المعادلة وتتابعاً، ما عاد مجرد فرقة مسلحة تابعة لطرف واحد بعينه، بل أصبح فرقاً مسلحة تابعة لعدة أطراف، وهذه الأخيرة ما هي إلا المذاهب المتناحرة.

يقع الجيش في مشكلتين: الأولى هي النقص الكبير في العتاد والأسلحة. والثانية عدم قدرته على توحيد صفوفه، وجعل الانتماء إليه انتماءً خالصاً منقى من كل الانتماءات الأولية الأخرى ذات المنحى السلبي. لم يستطع الجيش، كمؤسسة اجتماعية، أن يولد في صفوف مريديه نظاماًً قيمياً جامعاً يوحدهم، وهذه مشكلة تتحملها السلطات اللبنانية سياسة كانت أم عسكرية، المنقسمة بذاتها حول مفهوم الهوية الوطنية اللبنانية. والحقيقة أن حل هاتين المشكلتين ليس سهلاً، وحتى الساعة لا نملك أي فكرة مساعدة ومفيدة، مع ذلك، إن كان هناك أي فعل جدي ورغبة أكيدة لتمكين سلطة الجيش وتقويته، فأعتقد أن اللبنانيين لا يفتقرون أبداً لمخيلات قادرة على استنباط الحلول. ولنتعظ من الفكرة الفائقة الامتياز والذكاء للجنرال الراحل فؤاد شهاب، القائد الأول للجيش اللبناني.

إن بقاء الجيش في الحال التي هو عليها، يخيف المدنيين الباقين خارج جوقة الطوائف فيعتمدون حلاً من اثنين، إما التسلح الشخصي، تأميناً لما يسمى بالأمن الذاتي. أو اللحاق بركب الطوائف. وهذا ما نخشاه. لكننا حقاً، نقف إزاء هذين الخيارين حيارى، رافضين تارة، مقبلين على الأخذ بأحدهما طوراً!



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهيئة العربية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية
- ليس بئس العلمانية التركية، على بؤسها، إنما بئس الإسلام العرب ...
- الطائف ليس المشكلة الأساس
- إستفحال الإستغباء بالتصفيق
- العلماني خارج دائرة الإنغلاق
- وماذا عن الجيش؟
- صراع أبدي
- الإنتفاخ الطائفي
- متى الحرية؟ متى السيادة؟
- في ذكرى سمير قصير: أسئلة دائمة
- الدولة المعلقة والحرب والمعلقة
- هل العلمانية حل لمشكلة الأقليات اللبنانية؟
- لا نساء في الكويت
- ماذا بقي من الديمقراطية؟
- أخطئ سعد الحريري
- وأيضاً سمير قصير؟


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم بدرالدين - فؤاد شهاب يعظكم