أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عاصم بدرالدين - رمزية واقعة -كفررمان-: مدخل إلى الإستعارة














المزيد.....

رمزية واقعة -كفررمان-: مدخل إلى الإستعارة


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2408 - 2008 / 9 / 18 - 09:38
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


من غير المنطقي التعامل مع قضية طلاء الصور وإلقاء مادة النفط على أضرحة شهداء الحزب الشيوعي، أو جبهة المقاومة اللبنانية "جمول" في بلدة كفررمان جنوبي لبنان على أنها مجرد حادث عابر أو "شغل ولاد". فما تكتنزه هذه الحادثة من دلالات ومعان يتخطى، الشهداء الثلاثة بسيرهم وبطولاتهم، هؤلاء الذين هتكت حرمة شهادتهم ونضالاتهم، لتنسحب رمزية الفعل إلى الثقافة التي يبثها حزب الله في نفوس مريديه.

والنار الغاية الأخيرة من النفط وإن لم يشتعل، ليست فقط وسيلة لتنفيذ العقاب الإلهي رداً على الدنيوية بشقها الإلحادي، إنما أيضاً هي في شبق دائم لقضم التاريخ وتشويهه ليستحيل إلى كتل من الرماد العفن، فتعبث به يد الله كما تشاء، أو بما يشاء حزبه. لذا، وبناءً عليه، يحمل الحدث الجنوبي استعارة كبرى، ومن الطبيعي جداً أن نوفيها حقها من التعقيب والتعليق.

فالرمزية هنا تستمد قوتها من عناصر شتى تشكل الحادثة وتلونها. فمثلاً بلدة كفررمان، مكان حصول الحدث، تعتبر آخر مناطق الجنوب الحمراء، المنيعة –إلى حد ما طبعاً، تحسباً لأي مبالغة- أمام مد حزب الله الديني والطائفي المتعصب وإن كان بشكل متواطئ أحياناً كثيرة معه.. وخاصة فيما يتعلق بوحدة الموقف السياسي و"ثقافة المقاومة" رغم ما يثار حول هذه الأخيرة من جدال وإشكاليات!
أما الرمزية الثانية فهي تاريخ وقوع الحدث، في السادس عشر من أيلول، التاريخ الرسمي لانطلاق جبهة المقاومة الوطنية "جمول" العام 1982، المؤلفة من الأحزاب اليسارية. والثالثة في سلسلة الرمز أن المعتدى عليهم، وهم مجرد صور وأضرحة ونصب تذكاري مخصص للذكرى، ليسوا غير شهداء هذه الجبهة، وقتلوا في أثناء تأديتهم لواجبهم الوطني ولم تعاد رفاتهم إلى ذويهم إلا في العام 2004. أما الرمزية الأخيرة فهي النفط، المادة الملتهبة الآكلة.

الرواية تبدأ من التوقيت، لتسير بهدوء نحو المكان، ومن ثم تخطو بهلع باتجاه الفعل ووسائله. وإذا أردنا أن نسهب في تفسير قيمتها المعنوية، بحيث لا قيمة مادية لها، فإننا نقول أن حزب الله يسعى لإحراق تاريخ المقاومة الوطنية، عبر ما تبقى منها، أي الجثث والقبور وتمثيليات حجرية لذاكرة شهدائها. إذ أن القوى المشكلة لـ "جمول" صارت في حكم المنتهية، أو استطاع حزب الله نفسه، تذويبها، بمشاركة قوة المال الحريرية. وهنا تتربع النكتة-المهزلة على جبهة التاريخ الحزبي اللبناني غير الناصعة!

فمن نافلة القول أن حزب الله يتغذى اليوم من المقاومة، فهو يهاجم بيروت ويقتل ناسها، ويقلق عيشهم، ويحاول اقتحام الجبل، ويزرع معسكراته وسلاحه في كل مكان باسمها، كما أنه يتهم ويخون ويهدد متوعداً تحت ظلها المقدس. وأن يأتي اليوم، في هذا التوقيت الرمزي، أحدهم لينبش التاريخ، فيتبين له أن آخرين قد قاتلوا العدو نفسه وبالكنية ذاتها فهذه إهانة وفضيحة لا تقبلها الذات الإلهية لمناصريه، وخاصة أن تصريحات السيد حسن نصرالله غالباً ما تؤرخ لمقاومة حزبه، المنفردة المتفردة، ما قبل مرحلة 1982 وما تلاها، كما في قوله-الشعار الشهير: "وين كنت قبل وبعد.." وفي هذا الكلام الكثير من التحريف والمغالطات الإلغائية المقصودة.

على هذا تأتي تصريحات الحزب الشيوعي الرسمية، على لسان ممثله في المنطقة المذكورة بالغة الغباء والسخافة. فهو "من دون تردد ومباشرة" يتهم عملاء إسرائيل بتنفيذ هذا العمل الشائن-الجريمة. دفعني لأضحك، ولماذا لا نضحك؟ فمن أين جاؤوا هؤلاء العملاء؟ والسماء كانت صافية، ساعتذاك، ولا تمطر. التمعن في الخبر يثير الشفقة، ليست فقط على صاحب التصريح، بل أيضاً على الحزب نفسه المنهار والمشتت الذي لا يزال حتى الساعة، لا يحدثنا سوى عن التاريخ وكأن التطور الزمني قد توقف هناك وغرق. كذلك الأمر، ومن جهة أخرى يمنن النفس بهذا التحالف الوثيق والمفخرة مع ثقافة حزب الله المقاومة.. وهذا حقه على أي حال!

لنعود إلى الثقافة التي يبثها حزب الله في صفوف مؤيديه. ففيها طرفين متواجهين ومتناقضين، الأول "الأنا" وهي أعلى درجات السمو والشرف والنقاء والطهر، أما الثاني فهو "الآخر" الدنس والخائن، أياً كان، من الملة نفسها أو من طوائف أو قبائل وأحزاب أخرى، وهذا "الآخر" هو الغريب الذي تحدث عنه ممثل الحزب الشيوعي لجريدة "الأخبار". فهو يشعر، ويُعامل، كأنه غريب، مع أنه كما يذكر مقاوم ومن المؤسسين، كحزب شيوعي طبعاً،(وكأن فعل المقاومة هو الدليل الوحيد والقاطع على أننا من جماعة "الأنا" الشريفة، والتي تختلط وتمتزج بالوطنية في الحال هذه، وهذه وحدها تحتاج إلى بحث خاص!) فلماذا هذا التعامل المجحف والمعرقل لحفل تدشين النصب الرمزي؟ ففيما يتحدث المصرح بخفر عن اعتراضه، نكمل عنه ونسهل عليه، لماذا على سبيل المثال، تكسو صور "آية الله" الخميني وخلفه خامنئي والبقية ومجسماتهم أرض الجنوب، بينما يحرم أهل هذه الأرض من تخليد شهدائهم خارج صفوف الله وحزبه؟

بكل الأحوال، ومن خارج الموضوع ومتصل به، فإن المشروع الذي قدمه النائب غسان مخيبر إلى المجلس النيابي، للحد –وتنظيم- من الصور الحزبية في الأماكن العامة مفيد جداً في هذا المضمار، على أمل أن يقر ويعمل به..

وطالما أن الاتهام وجه لإسرائيل وعملائها في شكل كوميدي ساخر ومبكي في آن، فهذا يعني أن الحساب حالياً صعب، ولن نعرف من هم المخربون.. وإن عرفنا، وتبين أنهم من العملاء المشتركين للعدو الإسرائيلي وحزب الله(!!) فإن الموضوع سيتلفلف ويخرس الجميع. أو، وهو الاقتراح المثالي والأكثر صدقيه، سيحال هذا الجرم إلى سجلات الأفعال والتصرفات الفردية، والتي أفرط حزب الله مؤخراً في استخدامها، فلا خلفية فكرية أو حزبية للحادث!

مع أن النملة الجنوبية، على صغر حجمها، وكما تفيد "التأملات في الشقاء الجنوبي" لا تتحرك دون مراقبة أو معرفة من قبل مقاومي حزب الله، وهذه سخافة أخرى... إلا إذا كان هنالك انفلاتاً، وتفلتاً وضياعاً، في صفوف أكثر "الأحزاب" اللبنانية انضباطاً والتزاماً.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جغرافيا الطوائف وسياسات تغييب الاندماج
- القاتل الشريف وحدود التنسيق ودولتنا
- في تسييس السنة على الطريقة اللبنانية!
- المواجهة مع حزب الله
- إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك
- بعض مفارقات التعامل اللبناني مع الذاكرة
- في نهرها: فلسطين حقاً عربية!
- العبارة المصرية كنموذج للغرق العربي
- إشكالية العلاقة بين العلماني والطائفي في لبنان
- الإنتخابات في لبنان:أبعد من السلاح، وأكثر من هيئة رقابية
- فؤاد شهاب يعظكم
- الهيئة العربية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية
- ليس بئس العلمانية التركية، على بؤسها، إنما بئس الإسلام العرب ...
- الطائف ليس المشكلة الأساس
- إستفحال الإستغباء بالتصفيق
- العلماني خارج دائرة الإنغلاق


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عاصم بدرالدين - رمزية واقعة -كفررمان-: مدخل إلى الإستعارة