أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد كاظم أبو دوح - تأملات في الحياة اليومية














المزيد.....

تأملات في الحياة اليومية


خالد كاظم أبو دوح
أستاذ جامعي

(Khaled Kazem Aboudouh)


الحوار المتمدن-العدد: 2515 - 2009 / 1 / 3 - 00:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ونحن نتابع أنشطتنا المختلفة طوال اليوم، ننتقل من سياق إلى آخر، مثال خروجنا من الأسرة في الصباح، يعني دخولنا إلى عالم الحياة اليومية لسياق آخر هو الشارع، ومنه قد ننتقل إلى سياق آخر هو مؤسسة العمل، وهكذا كل فرد منا يخرج من سياقات ويدخل إلى أخرى، ومعظم هذه السياقات المحلية يتماثل في صفاته وخصائصه مع سمات المجتمع الكبير وخصائصه.

وسيادة سمة معينة داخل المجتمع وتجسدها في ثقافة المجتمع الكبير، قد يعني أن هذه السمة تسود في معظم السياقات المحلية، وعلى هذا فإن الخطر على أي مجتمع لا يكمن في ظهور الفساد لدى شريحة أو جماعة ما داخله، ولكن كل الخطر أن يكون هذا الفساد وما يرتبط به من سمات سمة متوفرة داخل السياقات الصغيرة التي تشكل المجتمع الكبير.

ويتضح من تأملي لمجتمعي الصغير أن الفساد وأخلاقياته الرديئة أصبح سمة متجذرة في معظم السياقات الاجتماعية، بمعنى أنه أصبح – أي الفساد – وثقافته يشكل لحد كبير عنصر في البنية الثقافية للأفراد والمجتمع، ويتم إنتاجه بأشكال مختلفة مغايرة لحقيقته، حتى يتم قبوله اجتماعياً، فالرشوة على سبيل المثال أصبح لها الآن أكثر من مصطلح مثال ( الإكرامية، محبة، مساعدة ) بل أصبحت – أي الرشوة – نصيحة تتلقاها من كل فرد يعلم أنك مقبل على عمل ما، وتعبيرها الشعبي ( مشي حالك ).
تأمل أيضا الكلام من حولك، داخل كل السياقات الاجتماعية التي تمر عبرها في حياتك اليومية، سوف تلمح أن الكلام لم يعد حوار تحت مظلة نظام الكلام الرمزي، ولا هو اعتراف متبادل بين ذاتيين، ولكنه أصبح يحمل في طياته تنكر لإنسانية الآخر، وقد يصل إلى حد هدره وقهره واستغلاله، وحتى إبادته.

وعبر تأملك للملاحم الكلامية التي تعايشها في حياتك اليومية قد تجد ذلك الشخص الذي يعكس كلامه بطولاته اليومية، فالحديث عن الإنجازات والأفعال تغلفه البطولة الدالة ضمنياً على أن المتحدث أفضل من الآخرين، وأكثر استقامة منهم، وأكثر قدرة على التغلب على المشكلات ومواجهتها، في مثل هذا الموقف ينتفخ الحديث ويتضخم، وكأن المتحدث ينادي: أني هنا، هل من ناظر يدركني؟ أنا يمكنني أن أنقذكم وأنتم لا تعرفون!!! وفي هذا الموقف قد تعلو الأصوات، وتتنافر، وغالباً ما يكون أعلاها هو أكثر قدرة على الكسب، وفي كل الأحوال تغيب الصور الحقيقية للتميز.

وهنا أصبح الكلام في الحياة اليومية زاد للمتعة وقضاء وقت الفراغ، ففي غياب الصور الخلاقة للتميز والتباين ما بين الأفراد، تتحول الحياة اليومية إلى ملاحم كلامية، يتم فيها تتبع أخبار الأفراد، ورواية أحداث حياتهم، وسرد قصص فشلهم ونجاحهم، ويصبح فائض الكلام رصيداً لمن لا رصيد له، وتصبح ملكية هذا الفائض الكلامي رأسمالاً يمكن توظيفه، وتتحول ملاحم الكلام إلى قوة تخويف حقيقة، تسد أفق الإبداع، وتخلق ضروباً من عدم الثقة في علاقات التفاعل بين الأفراد، وتتدعم ملاحم الكلام عبر فضاءات الفراغ التي تخلقها البطالة والفقر وأنماط العمل القسري، والبطالة المقنعة، ونقص الكفاءة في الأداء، بحيث يصبح الكلام هو زاد من لا يملك، من لا يملك شيئا يفعله، فمن لا يملك شيئا يملك الكلام. وكأن أولئك يخلقون بملاحم الكلام سلطة غير منظورة تعمل على إيقاف الحياة عند حد معين لا تتجاوزه، وتغلق أفق الإبداع والنجاح، وتعمل على أن تتوقف الحياة عند هامش الضرورة.

فإن كانت حياتك مكتظة بمثل هؤلاء الأفراد الذين لا يملكون إلا الكلام كرصيد للتعبير عن بطولاتهم الخيالية، أو الكلام كقوة رمزية يحاربون بها كل من يشاركهم السياق ويحاول الخروج عن مخططاتهم، يحاول أن يتميز بعمله وعلاقاته، يحاول أن يصنع لنفسه وللسياق الذي يحيا فيه بطولة حقيقية، أن يقدم للسياق الذي يحيا فيه كفاءة واقعية، فحاول أن تعرفهم جيداً، وتأخذ حذرك منهم، ولا تبالي كلامهم، وإذا ما طالك كلامهم يوماً ما، قول لهم:
قل ما شئت في مسبتي فسكوت عن اللئيم جواب
وما أنا بعديم الرد لكن ما من أسد يجيب الكلاب



#خالد_كاظم_أبو_دوح (هاشتاغ)       Khaled_Kazem_Aboudouh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجال العام...نحو مقاربة المفهوم
- إلى أبي...الفارس الشجاع
- مفهوم فرص الحياة
- من ممارسات الطبقة الوسطى
- قراءة أولية في سوسيولوجية بيير بورديو
- مفهوم الديمقراطية في ظل العولمة
- مفهوم الديمقراطية بين الليبرالية والماركسية
- مفهوم المثقف في الفكر الجرامشي
- نصار عبد الله: قراءة تلميذ لأستاذه
- القهر بين التكيف والمقاومة
- قراءة في أطروحة للماجستير حول سكان محافظات مصر العليا
- قراءة سوسيولوجية في المثل الشعبي ... يا بخت من كان النقيب خا ...
- مفهوم العولمة .... رؤية نقدية
- الشخصية العربية وإعادة انتاج الاستبداد
- عرض كتاب-رأس المال الاجتماعي لدي الشرائح المهنية من الطبقة ا ...
- انحراف السلطة وتنكيد المعنويات في الحياة اليومية


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد كاظم أبو دوح - تأملات في الحياة اليومية