أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد كاظم أبو دوح - انحراف السلطة وتنكيد المعنويات في الحياة اليومية















المزيد.....

انحراف السلطة وتنكيد المعنويات في الحياة اليومية


خالد كاظم أبو دوح
أستاذ جامعي

(Khaled Kazem Aboudouh)


الحوار المتمدن-العدد: 1747 - 2006 / 11 / 27 - 10:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يخضع الفرد خلال يومه الواحد، للعديد من أنماط السلطة، فهناك على سبيل المثال: سلطة الأبوين، وسلطة الزوج على الزوجة، وذلك داخل الأسرة، وهناك سلطة المدرس داخل المدرسة، وسلطة رئيس العمل داخل مؤسسة العمل، وهناك العديد من صور التعرض للسلطة داخل الحياة الاجتماعية والسياسية، وفى تعرض وتعامل الفرد مع مختلف هذه الصور من السلطة، العديد من مظاهر التفاعل، سواء كان هذا التفاعل بشكل إيجابي، أو بشكل سلبي، فأحياناً يكون تفاعل الفرد مع السلطة التي تمارس عليه تفاعل إيجابي، يحفز الفرد على بذل كل ما لديه من طاقة إيجابية، ومنح كل ما لديه من خير، وفى أحياناً أخرى يكون تفاعل الفرد مع السلطة، تفاعل سلبي، وهنا تحول السلطة حياة الفرد إلى خراب حيث يتم من خلال سوء استخدام السلطة من قبل فرد أو جماعة تقويض أركان الفرد وذلك من خلال ما يمارسه صاحب السلطة من آليات التنكيد المعنوي، والذي قد يبلغ أمره إلى درجة تنتهي بقتل حقيقي للفرد على الصعيد النفسي.
من هنا فإن الفرضية النظرية التي تستند عليها هذه الدراسة مؤداها أن: الانحراف في استخدام شخص ما لما له من سلطة على الآخر، يمكن أن يؤدى باستمرار إلى تنكيد معنويات الآخر، وإيذائه نفسياً.
ومن خلال هذه الفرضية سوف نحاول تقديم بعض الفرضيات النظرية الأخرى المرتبطة بهذه الفكرة، مع محاولة تطبيق هذه الفرضيات على نوع من العلاقات الاجتماعية هو العلاقة الاجتماعية ما بين الرئيس ومرءوسيه في مؤسسة العمل.
أولاً : في المفاهيم : مفهوم السلطة وانحراف السلطة، ترجع السلطة في العادة إلى ظاهرة الحكومة، والسلطة تظهر في جميع الروابط الاجتماعية، وليس فيمن تكون وظيفتهم الحكم فحسب، ففي كل رابطة أو هيئة مهما كان حجمها نجد الحكومة، ومن المؤكد أن كل رابطة تتخذ شكلاً وبناء للسلطة خاص بها هذا فضلاً عن أن طبيعة التنظيم تنتج السلطة، وعندما لا يوجد تنظيم، فلا يوجد بالتالي سلطة، إذ أن السلطة من المعايير الهامة للتنظيم(1) ومفهوم السلطة في معناه العام يشير إلى القوة المشروعة التي يحوزها شخص أو جماعة في مواجهة شخص أو جماعة أخرى، ويعد مكون المشروعية مكوناً حيوياً بالنسبة لفكرة السلطة، وهو الوسيلة الرئيسية التي تتميز بها السلطة عن مفهوم القوة الأكثر عمومية، فالقوة يمكن أن تمارس من خلال استخدام القسر أو العنف، أما السلطة فتعتمد –على خلاف القوة- على قبول الخاضعين لحق أولئك الذين يشغلون مواقع أعلى في إصدار الأوامر والتوجيهات لهم(2) وهناك العديد من التساؤلات النظرية التي ترتبط بالسلطة، منها: هل السلطة قاهرة، أم أن لها وجه آخر وهو قبولها أو الموافقة عليها؟ هل يوافق الأشخاص على الأوامر الصادرة إليهم من السلطة الأعلى، ويذعنون لكونها صادرة من أعلى وحسب، أم لأنهم يميلون أو يريدون هذا الخضوع ؟.
محاولة الإجابة على هذه التساؤلات، تذهب بنا إلى ضرورة الإشارة إلى أن موقف الفرد الذي تمارس عليه السلطة، يختلف بناء على شيئين أساسيين، هما:
1- نوع الانضمام إلى الرابطة التي يتم من خلالها ممارسة السلطة، من حيث أن الانضمام لهذه الرابطة أو الهيئة قد يكون اختيارياً، وقد يكون إجبارياً.
2- مدى سلامة وقانونية السلطة المستخدمة، وابتعاد هذه السلطة عن أي شكل من أشكال الانحراف، بمعنى أن تتسم السلطة بالقانونية والموضوعية.
وعلى ضوء المبدأين السابقين يتحدد مدى قبول الفرد للسلطة، وذلك لأن موافقة الفرد على السلطة وقبوله لها من ناحية، والتزام الممسك بزمام السلطة بالقانون والموضوعية، فإن هذا يؤدى إلى تماهى الفرد مع السلطة، وهذا يعود بالنفع وتحقيق الأهداف المقصودة من مختلف أطراف هذه العلاقة.
وهذا يدعونا إلى الإشارة إلى فكرة انحراف السلطة والتي نقصد بها في هذا السياق سوء استخدام الفرد أو الجماعة للقوة المشروعة التي يحوزها في مواجهة فرد أو جماعة أخرى، مما يترتب عليه تزايد حدة الصراع والتوترات ما بين أفراد المؤسسة، وفشل المؤسسة في تحقيق الأهداف المنشودة من وجودها داخل النظام الاجتماعي.
مفهوم التنكيد
يشير مفهوم "التنكيد" في معناه العام إلى كل صور الإزعاج والإثقال والتنغيص والابتزاز، والتي يتعرض لها الشخص بشكل متكرر ومستمر، داخل أية مؤسسة من المؤسسات الاجتماعية التي ينتمي إليها، وما قد يترتب على ذلك من أضرار نفسية ومعنوية ومادية(3) ويتعاظم حجم ومدى التنكيد الذي يعانى منه أي فرد، إذا كان هذا التنكيد يجئ من خلال شخص ما يمتلك المشروعية في ممارسة القوة، مثال الأب داخل الأسرة، والرئيس داخل أية مؤسسة عمل، وفى هذه الحالة تعد ممارسة السلطة ليست طبيعية، ولكن هذا ما يمكن أن نسميه انحراف السلطة، أو سوء استخدام السلطة، والفرد الذي يعانى من هذا التنكيد الناجم عن الاستخدام المنحرف للسلطة من شخص آخر، يمكن أن نعتبره إنساناً مقهوراً، وهذا الأخير لا يجد من مكانة له في علاقة التسلط هذه سوى الرضوخ والتبعية، سوى الوقوع في الدونية كقدر مفروض، ومن هنا يمكن لنا تفسير شيوع تصرفات التزلف والاستزلام، والمبالغة في تعظيم السيد، اتقاء لشره أو طمعاً في رضاه، أنه يعيش في عالم بلا رحمة أو تكافؤ إذا أراد المجابهة أو فكر في التمرد(4) ولكن موقف الرضوخ والخضوع لا يكون لدى كل الأفراد الذين يتعرضون للتنكيد، لأن هناك بجانب هذا الخاضع، فرد آخر يفضل التمرد، وقد يرد على هذا الاستخدام المنحرف للسلطة بأن يتوجه بصور من العنف المضاد ضد القوى المسئولة عن هذا الاستخدام المنحرف للسلطة.
ثانياً : تنكيد المعنويات داخل مؤسسات العمل :
يقصد بالتنكيد في مؤسسة العمل، كل صور السلوك الاجتماعي (الأقوال، الأفعال، التصرفات، المكاتبات) الصادرة من شخص ما وتتضمن إيذاء معنوي أو مادي لشخص آخر، بهدف النيل من كرامته، ووضع عمله تحت رحمة شخص ما، مما يعمل على الإخلال بجو العمل(5) ومع أن التنكيد في أوساط العمل ظاهرة قديمة قدم العمل نفسه، إلا أن دراستها وحصرها كظاهرة تسئ إلى جو العمل لم يتم إلا في السنوات العشرون الأخيرة، وفضلاً عن إساءتها إلى جو العمل، تم وصفها كظاهرة تهبط بمستوى الإنتاجية، وكذلك تشجع على تنامي ظاهرة الغياب عن العمل، أو التسرب منه، نتيجة لما يسببه التنكيد من أضرار نفسية.
والتنكيد في إطار مؤسسة العمل، قد يكون ظاهرة أفقية، أي أن يكون العدوان موجه من عامل إلى زميل مساو له في المكانة داخل مؤسسة العمل، وقد يكون التنكيد ظاهرة رأسية، أي أن يكون العدوان موجه من الرئيس إلى كل مرءوسيه أو أحدهم، وهذا النمط الأخير –التنكيد الرأسي- هو أشد وطأة من النمط الأول، لأنه ضمن هذا النمط من التنكيد نجد أن الشخص المعتدى يمتلك سلطة مشروعة لممارسة القوة على عدد من الأفراد وهم مرءوسيه وبهذا يكون التنكيد ناتج عن انحراف في استخدام هذه السلطة(6) ورغم تعدد أنماط التنكيد في مؤسسات العمل، إلا أكثر هذه الأنماط انتشاراً في وقتنا الراهن، هو التنكيد والعدوانية الموجهة من رئيس العمل إلى مرءوسيه، وهذا النمط هو الأخطر والأكثر تأثيراً، لأنه يرتبط بآثار نفسية سيئة ضخمة ومركبة، وهذا يرجع إلى ضرورة قبول العاملين لهذه الآثار حفاظاً منهم على عملهم.

أهم المراجع
إسماعيل على مسعد، قضايا المجتمع والسياسة، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2000م، ص 228
أنتوني جيدنز، مقدمة نقدية في علم الاجتماع، ترجمة أحمد زايد وآخرون، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، القاهرة، 2002م، ص 238.
مارى فرانس، تنكيد المعنويات، ترجمة فاديا لاذقانى، دار العالم الثالث، القاهرة، ص 80.
مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1986م، ص 37.
مارى فرانس، مرجع سابق، ص 77.
المرجع السابق، ص 80.



#خالد_كاظم_أبو_دوح (هاشتاغ)       Khaled_Kazem_Aboudouh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد كاظم أبو دوح - انحراف السلطة وتنكيد المعنويات في الحياة اليومية