أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد جميل حمودي - هل هناك امكانية لسعادة الانسان من دون الدين؟















المزيد.....

هل هناك امكانية لسعادة الانسان من دون الدين؟


أحمد جميل حمودي

الحوار المتمدن-العدد: 2505 - 2008 / 12 / 24 - 00:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا حاولت الإجابة على هذا التساؤل بشكل نمطي, فان أنصار العلمانية سوف تكون الإجابة لديهم نعم, أما أنصار الدين فستكون الإجابة لديهم بالطبع لا. وبما أن الإجابة على هذا السؤال الرئيسي لا يمكن اختباره بطريقة ميدانية empirical,فانه يمكن محاولة الإجابة عليه من خلال التأمل المعرفي الذاتي, أو من خلال التجارب الإنسانية, وأخيرا وليس آخرا من خلال رؤية الفلاسفة والمفكرين وتجاربهم المختلفة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هي ماهية السعادة؟

في الواقع إن الإجابة عن هذا التساؤل تبدو بعيدة المنال, فمع اتفاق الإنسانية جمعاء على أن أقصى ما يتمناه الإنسان هو امتلاك السعادة, إلا انه لا يمكن الاتفاق على كينونة السعادة " ما هو أرقى خير يمكن أن يبلغه المرء بجهده؟ يتفق عامة الناس وصفوتهم على أنها السعادة. ولكنهم يختلفون في تحديد كنهها- ارسطو".

من هنا فان إشكالية تحديد مدى إمكانية السعادة دون الارتباط بالدين تبدأ عند هذه النقطة, ما هي السعادة؟

يعرّفها البعض, مركّزا على الجانب الانفعالي لها, بأنها شعور باعتدال المزاج, وهناك من يركّز على الجانب المعرفي التأملي, أو التعبير عن الرضا عن الحياة. فالناس قد يصنفون السعادة إما على أنها شعور بالرضا, والإشباع, وطمأنينة النفس, وتحقيق الذات. أو أنها شعور بالبهجة, والاستمتاع, واللذة. وقد توصلت عدد من الدراسات الأوسع نطاقا إلى وجود ما يسمى وجود عامل عام واضح هو عامل "الرضا الشامل".

ورغم أن هناك محاولات عديدة ,تتسم بالصعوبة, لوضع مقاييس سيكولوجية لتحديد مدى السعادة التي يطويها الإنسان بين جنباته- وغالبا ما وجه لهذه المقاييس الانتقادات, وهو أن هذه المقاييس كثيرا ما تعتمد على المقابلات والتي يميل أصحابها إلى المبالغة في التعبير عن درجة السعادة. فمعظم المتزوجين يدعون أنهم سعداء جدا في زواجهم رغم أن كثيرا منهم سينفصل بالطلاق- فان التحقق من واقعية سعادة الإنسان عن طريق الدين أو دونه تبدو عملية أكثر صعوبة. وهذا يجعلني اميل, وبطريقة الدور والتسلسل, الى طرح التساؤل التالي:

ما هي كينونة الدين؟

الجواب المبسط الذي يمكن به تعريف الدين, بأنه طريقة معينة تحكم علاقة الإنسان باله ما ورائي. طبعا هذا التعريف على طريقة فهم أرباب الأديان السماوية. لكن هناك شعوب كثيرة أخرى ترتبط باله الحكمة: كونفيوشيوس, بوذا, وحتى ارسطو…

انه لدي شعور قوي أنني لو طرحت هذا السؤال, الذي عنونت به مقالي, على أي متدين سوف يجيبني لا يمكن انني سعيد وسعيد جدا, لكن هل هذه السعادة وهمية أم حقيقية؟ بمعنى آخر هل الإله الذي يتبعه هذا المتدين هو الذي يجلب له السعادة أم أن ركون الإنسان إلى علاقة ما بكائن غيبي وإلقاء تبعة المستقبل ومخاطره عليه هي التي تشعره بالسعادة؟. إن هناك قراءات ميثولوجية معاصرة (قراءات فراس السواح مثلا) ترى أن علاقة الإنسان بالإله بدأت منذ صراع الإنسان هذا الإنسان مع القوى الطبيعية الجبارة….

إن محاولتي التفريق بين حقيقة السعادة أو وهمها الناتجة عن الدين, ألهمتها منذ كنت صغيرا اذ كان يتردد على السنة الشيوخ " لو اعتقد الإنسان بحجر لنفعه"! إذن مكمن السعادة في الاعتقاد ذاته دون ضرورة أن يكون هذا المعتقد فيه إلها ميتافيزيقيا او ماديا, وهذه السعادة قد تمارس عن طريق الاعتقاد بقوى غيبية تحكم الطبيعة او عن طريق الاعتقاد بعظمة الكون نفسه بتراسيمه وابداعاته. من هنا نجد وعند هذا الافتراق اتجهت الحضارات, الثقافات, الفلاسفة, العلماء, كل هؤلاء كينونات واناسا, نحو طريقين لا ثالث لهما الإيمان او الإلحاد, هذا إذا اعتبرنا أن من يعيش حالة الشك هو ما يزال في طور الإيمان.

لكن قد يسأل سائل, وكثيرا ما استدل به على ضرورة الإيمان, ما بالنا نجد كثيرا من الفلاسفة عبّر عن تعاسته أو حيرته وتلاشي ذاته جرّاء عدم ركونه إلى جوهر السعادة وهو الدين؟

إنني اعتقد أن ما عاشه هؤلاء ليس ناتجا عن الإلحاد ذاته, أي ليس مصدرها الإله الميتافيزيقي, وإنما ناتجة عن أسئلة الوجود (الانطولوجيا) التي تفرض نفسها على الإنسان المفكر: من أنا ومن أين ولمَ والى أين؟ وقد كان ايليا ابو ماضي خير معبّر عن هذه الحيرة الناتجة عن عدم القدرة على امتلاك او اقتناص الحقيقة المطلقة من مصدرها الوثوقي:

جئت لا اعلم من أين ولكنى أتيت

ولقد أبصرت قدامى طريقا فمشيت

وسابقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت كيف أبصرت طريقى

لست أدرى

أجديد ام قديم انا في هذا الوجود

هل أنا حر طليق ام أسير في قيود

هل انا قائد نفسي في حياتي أم مقود

واذا كان ايليا ابو ماضي وغيره لم يحسم أمره, فان هناك فلاسفة ومفكرين آخرين حسموا أمرهم وأعلنوا موت الميتافيويقا, فينتشه صاغ فكرة إرادة القوة ومنها خرجت فكرة السوبرمان, حيث أراد نيتشه تجاوز مرحلة الإنسان بإعلان موت الإله ومنه نهاية وصايته "لقد مات الإله و نحن الذين قتلناه". ولعل الحيرة التي عاشها نيتشه هي التي ردّته الى فكرته المتطرفة, وهي فكرة الإنسان الخارق. وقد تردد ما يشبه بأنه فعلا عاش أزمة نفسية بالغة ناتجة عن اسئلة الوجود.

ومن هنا نجد ان كثيرا من الفلاسفة استسهل الامر دون الدخول بصراعات فكرية او نفسية, منهم باسكال Blasé Pascal عالم الرياضيات والفيلسوف الفرنسي الشهير إذ يقول: "هناك احتمالين لا ثالث لهما، إمّا الله موجود وإما غير موجود. إذا آمنت به وكان موجودا ستنال جنته، وإن لم يكن موجودا لن يضرّك الأمر، ولذلك من الأفضل أن تؤمن به".

ويمكن قول ما قاله الفيلسوف والمفكر الأمريكي داوكينس Richard Dawkins في رده على عبارة "ولذلك من الأفضل أن تؤمن به" بقوله: "الإيمان بالله ليس قرارا تستطيع أن تتخذه، وإنما حاجة ملّحة يشعر بعض الناس أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا بدونها، والبعض الآخر يشعرون أنهم لا يحتاجونها".

إنها تساؤلات وتأملات اطرحها على القارئ العربي مؤمنا او ملحدا, لعلي أجد إجابات اُخر لأسئلة الوجود لمحاولة كشف حقيقة الإله الذي استعصى كشف لغزه في الحياة وما بعد الموت.




#أحمد_جميل_حمودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدرسة فرانكفورت: شعلة اليسار الجديد
- باولو فريري: من معاقل الثّورة إلى معاقل التّعليم
- التدين يساوي موت العقل : قراءة في نص ديني ميثولوجي معاصر
- بيير بورديو : الوريث الراحل للمدرسة النقدية -الراديكالية-
- الفرد والدولة بين هيجل وماركس
- ادونيس صدمة الصراع: مراجعة نقدية
- التربية المقارنة: سياسات التعليم المهني في ضوء خبرات ماليزيا ...
- واقع سياسات تنمية الموارد البشرية بمؤسسات التدريب والتعليم ا ...
- تفكيك الثنائيات الفكرية العربية: الأزمة والمشاريع البديلة
- اصلاح خطبة الجمعة ومقاربة الصادق النيهوم
- التربية المقارنة: سياسات تنمية الموارد البشرية في ضوء تجارب ...
- التربية المقارنة: استراتيجيات تنمية الموارد البشرية -سيناريو ...
- موت المخترع: من بيداغوجيا التعليم الى ايكولوجيا التعلم
- التربية المقارنة: تطبيقات المنهج المقارن (6)
- التربية المقارنة: منهج البحث المقارن في التربية(5)
- التربية المقارنة: مجالات البحث المقارن في التربية (4)
- التربية المقارنة: تاريخانية المجال ومراحله المتطورة(3)
- التربية المقارنة: الابعاد المتعددة في طور الالفية الجديدة (2 ...
- التربية المقارنة: محدّدات المفهوم (1)
- الاتجاه النقدي( الراديكالي) اليساري: التطبيقات التربوية المم ...


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد جميل حمودي - هل هناك امكانية لسعادة الانسان من دون الدين؟