أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هوشنك بروكا - -ثقافة- الحذاء














المزيد.....

-ثقافة- الحذاء


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2498 - 2008 / 12 / 17 - 05:29
المحور: كتابات ساخرة
    


المتتبع لأخبار حذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي، المراسل في قناة البغدادية العراقية، والذي عبر أمس الأحد، به ومن خلال "حرية" تصويبه و رشقه، عن "رأيه الديمقراطي جداً" في وجه بوش، سيكتشف أن هذا الحذاء، هو "حذاء مفرد بصيغة الجمع"، يعبر عن "رأي" الكثير الكثير من الشارع العربي، الذي أبى ولايزال الدخول في التاريخ، إلا عبر هذه الثقافة ووسائلها الماضية جداً.."ثقافة القندرة".

المتصفح لجهات النت العربية، بعامتها وخاصتها، مثلاً، سيلحظ مدى التعاطف العربي الكبير، في مستواه الشارعي، مع "حذاء الزيدي"، وكأن بهؤلاء "الرفاق" و"الأخوة" و"المؤمنين"، المدافعين عن "أحذيتهم الديمقراطية"، يقولون له: "كلنا حذاؤك..كلنا لك حذاء...قلوبنا مع حذائك..عقولنا في حذائك..مستقبلنا وكل القادم منا ومن بلادنا وأكبادنا فدية لحذائك".

هذا الشارع الغارق في ثقافة الحذاء، أصيب إثر "حرية حذاء الزيدي"، بنوعٍ مما يمكن تسميته ب"هذيان أو هستيريا الحذاء". الأمر الذي أدى بهؤلاء الغارقين في "ماضي الحذاء"، إلى وصف هذا "الحذاء الصحفي"، ب"الحذاء الشهم"، و"الحذاء البطل"، و"الحذاء الأصيل"، و"الحذاء الأسطوري"، والحذاء الثوري"، و"الحذاء المستقبل" ،و"الحذاء المنتظر"، والحذاء الخلاص، و"الحذاء الأكيد المنتصر"...إلخ.

ولكي لا يبقَ هذا الشارع، وحيداً، في التعبير عن تعاطفه "الغوغائي"، مع "حذاء الزيدي الصحفي"، أصدر مجلس إدارة تلفزيون البغدادية، عقب "موقعة الحذاء"، بياناً طالب فيه بضرورة "إحترام حق التعبير والديمقراطية وحق المراسل القانوني والإفراج الفوري عنه".
هكذا دافع تلفزيون البغدادية، كجهة إعلامية، عن حرية حذاء الزيدي وديمقراطيته، وطالب ب"الإفراج الفوري" ل"أمير الحذاء الصحفي".
أما قنوات وجهات عربية رسمية كبيرة أخرى(تلفزيون الجزيرة مثالاً)، فلم تخفِ فرحتها الكبرى، بهذا "النصر الحذائي المبين"، وكأن الزيدي قد فتح به العالم لأمة العرب من المحيط إلى الخليج.

الزيدي، أدخل الصحافة عبر لسان قندرته، في مرحلةٍ جديدة.. التاريخ سيحفظ اسمها المغلف بحذائه المختوم بإسمه، لأجيال أخرى قادمة..أنها صحافة في زمان الحذاء..حرية وديمقراطية وتعبير في زمان الحذاء!

الإشكالية الكبرى، ههنا، بالطبع، لا تكمن في "حادثة الحذاء" هذه بعينها، ولا في كون هذا الحذاء "الفاتح"، قد رمي إلى وجه رئيس أكبر دولة في العالم.
المشكلة، ههنا، ليست في "بوش"، المفتوح والمقذوف بحذاء الزيدي، الذي كسر به، بحسب المناصرين ل"حرية تعبير الحذاء"، "إسطورة أمريكا"، وإنما كل الإشكالية وكل المشكلة تكمن في "الحذاء" بإعتباره "ثقافة" ماضيةً، للتعبير عن حق "العقل الماضي"، في اختيار الحذاء جهةً لتفكيره.
الإشكالية، إذن، هي في هذا "العقل الضرورة" الغارق والغائر في زمان الحذاء، والمصّر على "ضرورة" البقاء المزمن في الماضي "الحذائي"، وعلى الخروج من كل العقل وكل التاريخ، وبالتالي الإقامة الأبدية خارج المستقبل من العقل، والمستقبل من الثقافة، والمستقبل من الإجتماع، والمستقبل من الحياة، والمستقبل من الوطن والأمة والسياسة والإنسان والله.

الإشكالية، بالطبع، لا تكمن في بوش، وسواه من سادة الغرب، ممن عودتهم ثقافاتهم على استقبال البيض والطماطم على وجوههم، كطريقة للتعبير الديمقراطي عن الرأي ومشتقاته، وإنما الإشكالية الكبرى تكمن في "صحافةٍ"، يفترض بها أن تكون "سلطةً رابعة"، شاءت أن تختار القندرة، لساناً فصيحاً، للتعبير عن "حريتها" و"ديمقراطيتها".

المشكلة، ههنا، لا تكمن في ديمقراطية الغرب المفتوحة على الكل، وإلهها المفتوح، بأن يدلي كلٌّ برأيه وبدينه، ويعبر عن أفكاره، وبأن يقول الكل كلمته ويمشي، ويترك للآخرين كلمتهم وحريتهم ودينهم، وإنما المشكلة ههنا، تكمن في أن يركب البعض الكبير من "الرأي العام" في بلاد العرب أوطاني، هذه الديمقراطية المفتوحه وغربها المفتوح، وفرصها المفتوحة، ويمسخها إلى "ديمقراطية مغلقة"، هي من الحذاء إلى الحذاء.

المشكلة، ههنا، لا تكمن في بوش المتهور، الذي هوّر، بلا شك، أمريكا وأوقعها في فخاخ سياساته، والذي لن يرحمه القادم من أمريكا، والقادم من أمة أمريكا وحرية وديمقراطية وصحافة أمريكا، وإنما المشكلة الكبرى تكمن في البعض الكبير من العقل العربي الماضي، الذي اختار الحذاء "فلسفةً"، للتعبير عن حدود تفكيره.
الحذاء في الغرب أرجل، فيما هو في الشرق عقل.
في الغرب، الحذاء يمشي، وفي الشرق يفَُكّر به وفيه وعليه ولأجله.
في الغرب الحذاء جمال وذوق وجنس وأناقة، فيما هو في الشرق ثقافة، وإهانة، وطريقة للتفكير والتعبير عن الرأي، ولسان، وإعراب وقواعد ونحو..
في الغرب الحذاء فن، أما في الشرق فهو سياسة وسلطة وحكم.
في الغرب الحذاء مكان، فيما هو في الشرق تاريخ وزمان.



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباحثون عن ذواتهم
- وماذا عن فوق كردستان كساد الفساد؟
- نيجيرفان البارزاني في فخ القرضاوي
- الأردوغانية: كذبة -تركيا العدالة- الكبرى
- الأكراد الحمر
- أمريكا المعتدية وسوريا المتعدّية
- تركيا أتاتورك و-أتاكُرد- كردستان
- عراق الأكثريات الديكتاتورية
- سجن الدنيا في الدين..لماذا؟
- سلام الأسد، الناقص والضعيف
- طرد العراق من العراق
- كذبة كردستان العلمانية!
- قف لنبكِ
- جمهورية المعتقلات -الطيبة-
- كركوك -الصحيحة-: عراقٌ للكل من العراق إلى العراق
- نبوءة مدريد الأخيرة: باي باي هنتنغتون!!!
- الطريق إلى كردستان لا تعبر بخطف المدنيين
- جميلات نيجيرفان بارزاني
- إسرائيل، شماعة العرب الأبدية
- الإيزيدية: دين برسم التشرد(1)


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هوشنك بروكا - -ثقافة- الحذاء