أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - توفيق أبو شومر - قمع المرأة للمرأة














المزيد.....

قمع المرأة للمرأة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2497 - 2008 / 12 / 16 - 07:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ما أكثر الندوات والمؤتمرات وأوراق العمل التي يقدمها الباحثون تحت عنوان " في مديح النساء الجميلات المبدعات، الأمهات والأخوات ويرددون بيت الشعر :
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها
أعددتَ شعبا طيِّبَ الأعراق ".
أو يُنشدون قصائد الهجاء في حقِّ كل الرجال القساة على النساء ،ويرتجلون أبياتا في ذمِّ مجتمع الرجولة الذي ينسى الجنس اللطيف الجميل !
من المعروف بأن الرجال عندما يكونون في محضر النساء فإنهم يتبارون في إظهار عطفهم وحبهم ورعايتهم ودعمهم ونصرتهم لحرية المرأة ، فهم يُبرزون عضلاتهم الرجولية أمام النساء لكي يظهروا كأنصارٍ وحيدين وفريدين للنساء المقهورات المظلومات في مجتمع الرجال .
وللعلم فقط فإن معظم النساء يعرفن ذلك ، ويدركن بأن لكثير من الرجال شخصيتين ، أحداهما تظهر في الحفلات والندوات ، وهي الشخصية الزائفة ، أما الأخرى الحقيقية فلا تعرفها غيرُ نسائهم وبناتهم وأخواتهم .
نعم ستظل أغلبية النساء العربيات على وجه الخصوص يعشن قهر مجتمع الرجولة لهن وهي حقيقة ، هذا المجتمع الذي أفلح منذ عقود في جعل المرأة قطعة من الحلوى في جيب الرجل يمص رحيقها ، ثم يلفها من جديد ويعيدها إلى جيبه، وما إن تذوب بين شفتيه في المصَّة الثانية حتى يشتري قطعة أخرى غيرها. نعم ستظل كثيرات من النساء العربيات في مجتمعات الرجولة العربية يُطالبن بحقوقهن المشروعة في الحرية والحياة ، ويستخدمن أكثر الشعارات شعبية وهو شعار المساواة في الحقوق والواجبات ، وحين يرجعن إلى منازلهن ، يلبسن أثواب الاستعباد ويقنعن بالراهن والمعتاد ، بدون أن يتمكنَّ من بلورة أية صيغة تُخرج المرأة من عبوديتها إلى عالم الحرية .
ستظل كثيرات من النساء يعتقدن بأن الرجال هم السبب في استعباد المرأة وإذلالها وجعلها في منزلة الخادمة ، وستظل المؤتمرات النسائية تشير بأصابع الاتهام إلى الموروث العربي من السطوة الرجولية كمتهم رئيس ، ومن السهل أن تشير أوراقُ العمل في هذه المؤتمرات إلى مظاهر استعباد المرأة لأنها فقط أنثى ، فتسرد الأوراق حرمان المرأة من حرية اختيار الزوج ، ومن حرية إكمال التعليم ، ومن حرية اللبس والخروج والسفر وحدها بدون أن يرافقها هيكل رجلٍ .
غير أن اضطهاد المرأة للمرأة نفسها سيظل غائبا في كثير من المؤتمرات والندوات ، وأنا أرى بأن هذه الظاهرة هي الأخطر من اضطهاد الرجل للمرأة .
إن اضطهاد المرأة للمرأة هو الأقسى والأخطر ، فحين تعاقب الأم ابنتها ولا تعاقب ابنها على نفس الخطأ ، فإن ذلك اضطهاد بشع ، وحين تسمح الأم لابنها الذكر بالخروج واللعب في الشارع ، والعودة وقتما يشاء ، بينما تضبط ساعتها على جولات ابنتها الأنثى ، وتعاقبها إذا تأخرت ، فإن ذلك قمة العنف .
وحين تردد كثيرٌ من الأمهات والنساء المثل العربي المنفِّر والبشع " البنات همٌّ إلى الممات" ، فإن الكارثة الكبرى هي إذن اضطهاد المرأة للمرأة .
وحين تفرض إحدى الأمهات على ابنتها التي بلغت سن السادسة عشرة أن تصحب معها أخاها الذكر الذي لم يبلغ التاسعة من عمره كشرط أساسي لخروجها إلى الشارع فإن ذلك أمرٌ بشعٌ ترتكبه المرأة في حق المرأة .
وحين تُرفض أمٌّ أن تزوج ابنها لفتاة أحبها واقتنع بأنها ستكون زوجة فاضلة، لأنها فقط قد طُلقتْ من زوجها السابق لعدم التكافؤ، فإنها ترتكب جرما في حق المرأة ، وفي حق ابنها .
وحين تُرغمُ امرأةٌ ابنتها الشابة أن تتزوج رجلا هرمٍا لتكون له خادمة في آخر عمره بحجة أنه غنيٌّ يملك المال والعقار، فإنها لا تقتل شباب ابنتها فقط، بل تسيء إلى جنس الأنثى كله.
وحين ترفض المرأة الفلسطينية أن يتزوج ابنها من فتاة قضت سنواتٍ في السجون ، لا لأنها ارتكبت جريمة بشعة ، بل لأنها كانت مناضلة، وتسميها " خريجة السجون، لا تصلح للبنين " فإنها تمارس العنف البشع في حق بنات جنسها .
وحين تحرم المرأةُ العنيفة امرأة ابنها المطلقة الضعيفة من أولادها لأنها أم الرجل الزوج ، وتمنع الأم حتى من حضانة أبنائها فإنها ترتكب أبشع الجرائم في حق النساء .
وحين تغضٌّ المرأة النظرَ عن أخطاء وهفوات أبنائها الذكور وتتستَّر على أخطائهم الجسيمة وتعتبرها هفواتِ رجلٍ ، بينما تعاقب بناتها على هفواتٍ بسيطة ، فإنها تكون امرأة قاسية قمعية مستبدة .
وحين تمنح ابنها مصروفا يوميا يعادل مصروف الأنثى في أسبوع فإنها تكون امرأة ظالمة لجنس النساء.
يجب إذن أن تتوجَّه جهودنا لترسيخ قيمة المرأة في نظر المرأة أولا ، وإقناع النساء بدور النساء ، وجعل النساء يثقن في النساء ، لا لأنهن نساء فقط ، بل لأنهن يملكن ما يملكه الرجال ،العقل الراجح والوعي والإدراك .
يجب أيضا أن تُشجع المرأةُ المرأةَ على البروز والتفوّق ، فعندما تبرز امرأةٌ وتتفوق تصبح رمزا يُقتدى به، لا من النساء فقط ، بل من الرجال أيضا .
إن العيب الكبير في عدد كبير من النساء العربيات ، هو أنهن يشوّهن المتفوِّقات ، ويقتلن المبدعات ، ويُطلقن الشائعات القاتلة على البارزات ، فما يزال سلاحُ الشائعة في العالم العربي على المرأة، هو أخطر الأسلحة التي لا تدمر النساء فقط ، بل تدمر النسيج الاجتماعي كله .
ولكن ما أكثر العائلات والفتيات والنساء اللاتي يصلحن أن يكنَّ نموذجا للفتاة الحرة الواعية ، التي تؤثر إيجابا على كل النساء .
أعرفُ عائلة تمكنتْ من منح المرأة كل حقوقها ، بفضل الأم المثقفة الواعية، فقد أتاحت لبناتها أن يصلن إلى المرتبة العليا ، فحصلت البنت الأولى على شهادة الدكتوراه ، أما الثانية فتستعد لنيل الماجستير ، لدرجة أن ذكور العائلة أصبحوا يفاخرون بهما قائلين :
أنا أخو الدكتورة ، وابن عمها وخالها .
وما تزال عائلاتٌ عربية كبيرة تُنسب إلى نساء العائلة وتعتزُّ بنسبتها إلى الأنثى القوية المبدعة القائدة التي خلدت اسم عائلتها في سجلات التاريخ.



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصتان من غزة بمناسبة العيد السعيد
- الحوار المتمدن شعلة الحرية
- ظرفاء الإنترنت ومقامات بديع الزمان
- أولمرت وموسم السياحة الحزبية في إسرائيل
- إدمان الولاء للحاكم
- مصطلحات إعلامية إسرائيلية ساحرة !
- مسكين باراك أوباما
- مجزرة الأسهم في قلعة النيكي والنازداك
- فاتنات السياسة
- تجارة الرقيق في الألفية الثالثة
- مرتبات القطط السمينة والأزمة المالية العالمية
- تسفي ليفني في الدين اليهودي
- أسمهان ونابليون الحكيم
- مزايا وأفضال الهاتف الجوّال
- هل يُسجن أولمرت كما سُجن أرييه درعي ؟
- أنواع أقلام الكُتَّاب
- الرقابة الذاتية عند الصحفيين الفلسطينيين
- ماذا بقي من اليسار الفلسطيني؟
- موسم القحط الثقافي
- بذرة خضراء.. آخر أُمنيات محمود درويش


المزيد.....




- مقتل امرأة عراقية مشهورة على مواقع التواصل.. وأجهزة الأمن تح ...
- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - توفيق أبو شومر - قمع المرأة للمرأة