أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فائز الحيدر - من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السادسة عشرة















المزيد.....

من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السادسة عشرة


فائز الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2493 - 2008 / 12 / 12 - 10:18
المحور: سيرة ذاتية
    


السيول تجرف مخيـم جهـرم لللاجئـين
مخيم جهرم مكان مغلق معزول ، قد ينسى اللاجئ انه مسجون داخله طوعيا" ، الخوف من المستقبل المجهول ، عذاب يومي ، قلة في التركيز وشرود في الذهن لا يعرف اللاجئ متى ينتهي التحقيق وليس امامه غير الصبر .
بعد انتهاء التحقيق الثاني في 13 / 10 / 1986 حصلنا موافقة السفر الى الى العاصمة الأيرانية طهران لمراجعة وزارة الداخلية لغرض أتمام الأجراءات القانونية وهناك تم أسترداد الجوازات والمبلغ البسيط الذي أودع أمانة لدى المحاسب في وارمين ، وحصلنا على تصريح رسمي يمكننا بموجبه من الحركة والتجوال في مركز مدينة جهرم واصبح بأمكاننا مغادرة المخيم والسفر الى مدن أخرى وفق كفالات شخصية ضامنة كما ويمكننا البحث عن عمل والأختلاط بالعالم الخارجي .
جهرم مدينة تقع وسط الصحراء وتتواجد فيها بساتين النخيل والفواكه داخل وديان تحيط بها سلاسل جبلية جرداء تسقى هذه البساتين بعملية التنقيط عبر أنابيب مطاطية تغطي البساتين كلها لتقنين أستعمال المياه النادرة في الصحراء ، وتعتبرهذه البساتين مصدر اقتصادي مهم لسكان المدينة وتوفر العمل لنسبة كبيرة من الايدي العاملة العاطلة . الوضع الغذائي في المخيم يسير نحو الأسوأ تدريجيا" وليس هناك من يهتم بوضع اللاجئين لا ممن يحسبون انفسهم ممثلين للشعب العراقي كما يدعى اصحاب العمائم في المجلس الأعلى للثورة الأسلامية او غيرهم من المسؤولين في الحكومة الأيرانية ، المساعدات الدولية التي ترسلها الأمم المتحدة لللاجئين تضيع وسط الطريق أليهم عبر مافيات العمائم في الحكومة الأيرانية وأحيانا" ترسل الى الجنود في الخطوط الأمامية في جبهات القتال ، خصصت الأمم المتحدة مبلغ 400 تومان شهريا" ( 20 دولار أمريكي ) لكل لاجئ لتحسين وضعه الغذائي بعد ان علمت بمعاناتهم وسوء التغذية التي يعانون منها ولكن اللاجئين لم يستلموا غير 400 تومان أو أقل من هذا المبلغ طيلة ما يقارب السنة في المخيم .

في تلك الأيام أتصلت تلفونيا" ببعض الأقارب في دمشق مستفسرا" ان كان بالأمكان مساعدتنا بشراء تذكرتي سفر بالطائرة للتوجه الى دمشق مبديا" استعدادي بتسديدها حال وصولنا الى دمشق حيث سبق لي وأودعت مبلغ معين في احد البنوك السورية قبل ألتحاقنا بالأنصار يكفي لتغطية اجور سفرنا هذه ولكن مع الأسف كانت النتيجة سلبية بسبب الظروف المادية الصعبة التي كانوا يمرون بها كما يدعون لذلك قررت الأعتماد على النفس
بعد حصولنا موافقة وزارة الداخلية على التنقل والعمل في جهرم قررنا البحث على عمل مناسب لتحسين وضعنا وشراء بعض المواد الغذائية والأستعداد للسفر خارج ايران اذا تمت الموافقة النهائية بذلك .
زود كل لاجئ بدفتر خاص يسمح له بالخروج من المخيم والعودة اليه بعد ان يختم من قبل الأستعلامات .
كان غالبية اللاجئين من الشباب القادرين على العمل يجلسون مبكرين للذهاب الى مسطر العمال في أحدى ساحات مركز مدينة جهرم بأنتظار من يطلبهم من أصحاب العمل لينقلهم الى بساتين البرتقال أو التمور أو كعمال بناء ، كانوا يجلسون في أحواض السيارات الخلفية المكشوفة في الأجواء الباردة والرياح الشديدة ولمسافة تقدر أحيانا" بخمسين كيلومترا" خارج المدينة ليباشروا بالعمل في الساعة الثامنة صباحا" ولغاية المساء تحت الشمس المحرقة لقاء أجور زهيدة لا تتجاوز 200 تومان( 10 دولارات أمريكية ) يوميا" وسط الأستغلال والمعاملة السيئة اللاأنسانية من أصحاب العمل . كنت أحد ضحايا هذا العمل الشاق لعدة أسابيع ، عملت في بساتين البرتقال والتمور وحقول الطماطة وعامل بناء ، انها اعمال شاقة لسجناء محكومين بالأشغال الشاقة بكل معنى الكلمة ، كان أصحاب العمل أو ألمقربين منهم يستغلون اللاجئين أبشع أستغلال خاصة عندما يعلمون أنهم من اللاجئين العراقيين ولا تنطبق عليهم قوانين العمل واجوره .

في أحد بساتين التمور التي عملت بها ليومين فقط مع مجموعة من اللاجئين لتعبئة تمور ذات نوعية رديئة في علب كارتونية تزن كيلوغرام واحد أرشدنا صاحب البستان الذي يتحدث العربية بطلاقة ويعيش في أحدى دول الخليج كيفية هز عذوق التمر لأسقاط التمرعلى الأرض الترابية القذرة والملوثة بروث الحيوانات والتبن ومن ثم جمعه ووضعة في العلب الكارتونية وكبسه بالأيدي بقوة ثم نغلق العلبة لتكون جاهزة للشحن والتصدير ، في بداية العمل قدمت أقتراحأ لصاحب البستان وكنت أعتقد انه متفهم ويطمح لجودة ونظافة التمور التي يود تعليبها وتصديرها وهو ان نضع قطعة كبيرة من النايلون أو جادر تحت النخيل ليسقط عليها التمر ليكون أكثر نظافة مما هو عليه الأن ونقوم بوضعه في العلب.... نظر أليّ ضاحكا" وقال ...

ـ شوف بابا أنا أعمل في تصدير هذه التمور منذ أكثر من عشرين عاما" وأصدر هذه التمور الى دولة الأمارات العربية والبحرين ودول خليجية أخرى وبهذا الشكل والنوعية ولم يعترض أحد وجماعتكم العرب وأنا أعيش هناك يأكلون كل شئ يوضع أمامهم وحتى الحصى دون ان ينظروا الى محتويات العلبة والأوساخ العالقة بها وأنا أعرف ذلك جيدا" ، لماذا أصرف فلوس وأتعب نفسي .... هؤلاء هم العرب . أعطيته الأشارة برأسي تدل فهمي لما قصده دون أعلق بشئ وتابعت العمل ... ثم تابع قائلا".. وهو يراقب العمل ..

ـ أذا لم تستطع كبس التمور داخل العلبة بيديك وتجد صعوبة بذلك أكبسها بحذائك وأترك أثار الحذاء على التمر مثلما تضع الطوابع على أغلفة الرسائل ...سيكون ذا طعم لذيذ لهم ، ثم قام وغير مكانه سريعا" ليقف الى جانبي وليأخذ مجموعة من العلب وأخذ يسير فوقها بحذائه القذر وهو يقول أعملوا مثل ما أقوم به الأن !!! انهم عرب واصحاب الملايين . لم أعلق بشئ على ما قاله للمرة الثانية فهو صاحب البستان والعمل وهوايته الجشع والمال وذا خبرة في تصدير التمور الى العربان في دول الخليج ، وهذا الأمر دفعني بعدم العمل معه ثانية رغم ألحاحه الشديد تحت أعذار مختلفة .

بعد أنتهاء الموسم الزراعي تلاشت فرص العمل في البساتين والمزارع بشكل تدريجي وأخذنا نبحث عن أعمال اخرى قد تساعدنا في تحسين وضعنا الأقتصادي والمعاشي وجمع مبلغ معين قد يساعدنا في شراء تذاكر الطائرة لمغادرة ايران الى سورية في حالة صدور قرار من السلطات الايرانية يسمح لنا بالمغادرة خاصة ونحن قد أطلعنا المحققين برغبتنا بمغادرة ايران بعد الحصول على الموافقة الرسمية وليس لدينا رغبة في البقاء في أيران .
في مساء احد الأيام أخبرني أحد الأصدقاء ان كنت قادرا" على العمل في مجال البناء ، وافقت بسرعة دون أن أعلم ما هو نوع العمل وأين ؟ وكنت أظن ان العمل في البناء هنا مهما يكن صعبا" فهو ابسط من عملية البناء في قاطع بهدينان / كردستان .

في صباح اليوم الثاني نقلتنا سيارة المقاول الى عمق الصحراء وبمسافة لا تقل عن ثلاثين كيلومترا" باتجاه محافظة شيراز وتبين لي هناك ان موقع العمل هو لبناء محطة كهربائية ضخمة ، وعملنا محدد بأعداد التأسيسات الحديدية لأسس البناء أستعدادا" لوضع الأسمنت . العمل شاق جدا" ، شيش حديد البناء من النوع المبروم الخشن وطول كل واحد يتجاوز ثمانية أمتار وعلينا تقطيعه أو ثنيه بالشكل المناسب وحمله بالأيدي وعلى الأكتاف وبدون كفوف الى موقع العمل ووضعه في المكان المخصص له وربطه مع البعض بأسلاك رفيعة خاصة ، كنا نعود الى المخيم عند المساء منهكين للغاية وتسيل من أيدينا وأكتافنا الدماء لما تركته قضبان الحديد من آثار وجروح على الكتفين وراحة اليدين مسببة آلام مبرحة تحول دون نومنا ، ونظرا" لعدم وجود الخدمات الطبية في المخيم كنت ألجأ الى كريم ( النيفيا ) أو الى وضع دهن الطعام أو اللجوء الى طب الأعشاب أو حتى لوضع ( الحنة ) لتخفيف الألم دون جدوى ، لم أستطع مواصلة العمل أكثر من ثلاثة أيام .

علام الدهر شتتن وطرنا
عكب ذاك الطرب بالهم وطرنا
الف ياحيف مكضيته وطرنا
ليالي اللي مضت متعود ليه

السيول تجرف المخيم

في عصر اليوم الأول والثاني من شهر كانون الأول / ديسمبر / 1986 أزدادت سرعة الرياح ، وظهرت السحب السوداء بسرعة وكغير عادتها وهطلت أمطار غزيرة في محيط المخيم والمناطق الجبلية المشرفة عليه ، كانت الأمطار من الشدة لدرجة أنها حطمت أحد السدود المائية في المناطق الجبلية البعيدة من المخيم مما الى أحداث صوت انفجار قوي جدا" شبيه لصوت هزة أرضية سمعه عن بعد كل من كان في المخيم من اللاجئين ، أرض جهرم والمناطق المحيطة بها حصوية رملية وسهلة الأنجراف بأعتبارها أمتداد للصحراء المحيطة بالمنطقة ولم نكن نتصور ان السيول في طريقها ألينا وبهذه السرعة الهائلة جارفة أمامها كل شئ ، لم تمض أكثر من ساعتين وأذا بسيول جارفة تدخل المخيم من كل جوانبه ، أسرعنا قبل دخول الماء لغرفتنا بوضع الفراش وما نملكه من حاجات تموينية بسيطة على قاعدة نافذة الغرفة المرتفع نسبيا" وبدأت المياه بالأرتفاع حتى وصل أرتفاعها ما يقارب نصف المتر أو أكثر جارفة كل شئ أمامها وفاجئت الجميع محدثة تدميرا" واسعا" في كل شئ ، بدأ الصراخ يعلوا في كل مكان ، العوائل ، الأطفال ، المرضى الغير قادرين على الحركة ، دخلت المياه في كل غرف ومرافق المخيم وغطت الرمال والحصى كل شئ ، أخذنا نسبح بالماء داخل غرفتنا حالنا حال الآخرين ونحن لا نعلم هل سترتفع مياه السيول أو تحافظ على مستواها الحالي خاصة ونحن لا نعرف السباحة ، الأمطار تهطل بأستمرار وتيار الماء سريع جدا " يمنع من الحركة ومتجه الى خارج المخيم وهو يأخذ مساره الطبيعي باتجاه المنخفضات والبساتين ، غادرنا غرفتنا الى الخارج خوفا" من سقوطها علينا ، الماء في الطرقات قد غطى كل شئ .

اللاجئين تركوا كل شئ بمكانه فليس هناك أغلى من الحياة وهم يحملون ما خف حمله وزاد ثمنه على رؤوسهم ، البعض منهم حمل أطفاله على الأكتاف ، المياه غيرت معالم وطرق المخيم ، بدأ الظلام يخيم علينا ولا نعرف أين نتوجه ، خطرت ببالنا فكرة التوجه الى غرفة عائلة الصديق عبد الخالق الذي استقبلنا عند وصولنا المخيم فغرفته مع غرف عديدة تقع على رابية عالية نسبيا" ولربما لم تصلها السيول أو وصلتها بنسبة أقل ويمكننا عندئذ قضاء الليل عندهم حتى صباح اليوم التالي ، الحركة بطيئة متعثرة يتبعها بين الحين والآخر سقوطنا في الماء بسبب سرع التيار ، صراخ عن بعد لأحدى اللاجئات وهي تضع أطفالها على كتفيها طالبة مساعدتها في أنقاذ أطفالها من الغرق فليس لها من معيل ، توجهنا نحوها ببطئ ونحن نرتجف من شدة البرودة وهطول الأمطار الغزيرة ، تناولت زوجتي أحد الأطفال ووضعته حول رقبتها وسرنا باتجاه المنطقة المرتفعة ، السيول لا زالت بنفس السرعة تعيق سيرنا وكأنها نهر دجلة وقت الفيضان في الربيع ولكنها لم ترتفع عن مستواها حاملة الكثير من نفايات الأخشاب وسيقان الأشجار والرمال والحصي وأخذنا نشعر بها تحت أقدامنا أثناء السير ونتعثر بها ، في طريقنا مررنا على المخبز وهو مصدر الخبز الوحيد في المخيم وقد دمرت السيول جزءا" منه وأدركنا مسبقا" ان اللاجئيين سيعانون أزمة خبز في الأيام القادمة ، الكهرباء قد قطعت ، جثث بعض القرويين جرفتها السيول من مناطق عدة وتعلقت على الأسلاك الشائكة المحيطة بالمخيم والتي بقيت صامدة أمام التيار ، حركة اللاجئين مستمرة في اتجاهات مختلفة ، الكل يبحث عن ملجأ حتى الصباح وبعدها تحل الأمور ، البعض يلوم نفسه على توجهه الى ايران ، وآخر يشتم نفسه ويلعن اليوم الذي ولد فيه ، أدارة المخيم لم تقم بأي أجراء لحماية اللاجئين أو تبليغهم بالسيول قبل وصولها . بعد اكثر من ساعتين وسط المياه وصلنا بصعوبة الى غرفة عبد الخالق بعد ان ضاعت معالمها بسبب المياه ، كانت الغرفة والغرف المجاورة لها سالمة وبعيدة عن السيول ولكنها رطبة وباردة لدرجة كبيرة وقد سبقنا العديد من اللاجئين الى هذه المنطقة المرتفعة نسبيا" ، فتحنا المدافئ النفطية للبحث عن دفئ كاذب وأخذنا بتجفيف ملابسنا وأحذيتنا والتي أخذت منا ساعات طويلة وحتى ما بعد منتصف الليل ولا أتذكر ان كنا قد نمنا في تلك الليلة أم لا خوفا" من سيول جديدة . كنا نخرج قليلا" كل ساعة وننظر الى السماء لنتأكد من أحتمال تحسن الجو وأرتفاع مناسيب المياه في الشوارع المحيطة القريبة وكان هناك بعض الأمل بأنخفاض مناسيب المياه في المخيم تدريجيا" .

في صباح اليوم التالي كانت الأمطار والسيول قد توقفت وأشرقت الشمس ولكن المخيم قد تحول الى بركة من الأوحال والرمال وبقايا سيقان الأشجار ، الطرق مدمرة ، محطة النفط التي تغذي المخيم ومحولة الكهرباء والمخبز وحوانيت التموين والأسواق الخشبية البسيطة قد دمرت أو أصابها العطل ، وعزل المخيم كليا" عن العالم الخارجي بسبب قطع الأسلاك الكهربائية والتلفونية وطرق السيارات والجسور المؤدية اليه والتي تربط مدينة جهرم بالمدن الأخرى مما يهدد بمجاعة داخل المخيم ما لم تأتي مساعدات فورية لأنقاذ الوضع .

عدنا الى غرفتنا لنجد كميات هائلة من الرمال والحصى تغطي أرضية الغرفة وتحتاج الى ساعات لتنضيفها ، ولكن ليس لدينا ما يمكن ان نستعمله لأزالة ما تراكم ، جمعنا سيقان الأشجار المتكسرة التي حملتها السيول الى داخل المخيم لتكون ادواتنا البسيطة في العمل لتجميع ونقل هذه الرمال والحصى الى الخارج وبنفس الوقت جمعنا بعض السيقان لأيقاد نار داخل الغرفة لتجفيف أرضيتها وجدرانها لتقنين أستعمال النفط الموجود في المدفأة لغرض الطبخ للأيام القادمة حيث نتوقع حدوث أزمة به بسبب أنقطاع طرق المواصلات ، أنجزنا العمل بوقت قياسي وأصبحت الغرفة جاهزة للنوم ولكن همنا الأن المواد التموينية والمياه الصالحة للشرب والنفط والخبز .
ثلاثة أيام متتالية من الأرباك أصاب المخيم ، عدم توفر الخبز والفرن يحتاج الى تصليح لما لحق به من أضرار ، مياه الحنفيات أصبح على شكل مستحلب من الطين والماء ، البرودة الشديدة في هذا الشهر تحتم علينا أستعمال المدافئ التي تفتقد الى النفط والتي اعطبت أصلا" بسبب المياه والأطيان ، الذهاب الى المدينة لشراء الأحتياجات الضرورية غير ممكن بسبب أنقطاع طرق المواصلات ، الظروف الصحية لغالبية الأطفال أخذت بالتدهور ، الطبخ مستحيل لعدم توفر النفط ، طوابير اللاجئين طويلة للحصول على الأفرشة والبطانيات بالنسبة الى العوائل التي أكتسح السيل غرفهم وأغرق كل شئ لديهم ، على النفط ، على التموين ، على الخبز ، على ( الشب )( 3 ) لتصفية المياه .... الخ . ليس هناك ما يمكن القيام به وسط هذه الفوضى وعدم أهتمام المسؤولين بما حدث وسيحدث في الأيام القادمة ، مشاكل عديدة بين اللاجئين وأدارة المخيم لتقصيرها الواضح في تقديم الخدمات ، الحياة قد شلت بشكل كامل ، راديو بغداد ينشر خبر جرف السيول للمخيم مستهزئا" باللاجئين الذين تركوا وطنهم ولجئوا الى أيران لأكل الفاصولية والحمص والعدس كل يوم ويطالبهم بالعودة الى الوطن معززين ويوعدهم بأصدار عفو شامل عنهم مما يترك آثار نفسية كبيرة على حالة اللاجئين ولكن كيف العودة والجميع في معتقل أسمه مخيم اللاجئين في جهرم .

مرت أسابيع من المعاناة والمشاكل اليومية قبل أن يعود الوضع الخدمي وترجع الأمور الى وضعها قبل السيول وعاد اللاجئين الى الأصطفاف في طوابير من جديد للحصول على متطلباتهم اليومية وسط مستقبل مجهول للجميع .
في هذه الفترة وبعد اسابيع حصلت تطورات وأحداث عديدة في المخيم كان أبرزها عملية تنفيذ عقوبة ( الجلد) ( 4 ) وفق الطريقة الأسلامية برجل وأمرأة وأمام جميع اللاجئين وهذا ما سنتحدث عنه في حلقتنا القادمة .

يتبع في الحلقة القادمة

الهوامش ــــــــ

1 ـ التومان ... هي العملة الأيرانية المستعملة وتساوي 20 تومان / للدولار الأمريكي الواحد في ذلك الوقت .
2 ـ الحنة ... مواد نباتية مخلوطة ومطحونة على شكل باودر تستعمل لصبغ شعر النساء والرجال .
3 ـ الشب ... ملح مركب ابيض صلب من من كبريتات البوتاسيوم المائية وكبريتات الألومنيوم تستعمل لتصفية المياه من الطين العالق به والشوائب .
4 ـ الجلـد ..... عقوبة تصدرها أحدى المحاكم الأسلامية وفق الشريعة الأسلامية ورد ذكرها بالقرآن .



#فائز_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الخامسة عشرة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الرابعة عشرة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثالثة عشرة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثانية عشرة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الحادية عشرة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة العاشرة
- من الذاكرة ، أيام صعبة باتجاه الوطن ، الحلقة التاسعة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثامنة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السابعة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السادسة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الخامسة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الرابعة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثالثة
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثانية
- من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الأولى
- أحياء بغداد ومقاهيها الشعبية منبع الأدب والثقافة
- الصابئة المندائيون والأرهاب عبر التأريخ
- الصابئة المندائيون ، شعب أم أمة أم طائفة دينية ... الحلقة ال ...
- الصابئة المندائيون بين الهوية والمستقبل المجهول
- من الذاكرة ، طفولة وذكريات عن ثورة 14 تموز / 1958


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فائز الحيدر - من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السادسة عشرة