أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - وجه الشرق...














المزيد.....

وجه الشرق...


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2483 - 2008 / 12 / 2 - 07:31
المحور: الادب والفن
    


بين الصفوف كانت كلماته تخترق سمع الطلاب:
الدين أفيون الشعوب...
لا إله والكون مادة...
الأخلاق صراع الطبقات...
كلما فتحت الجامعات أبوابها كان " رفيق " يمتطي صهوة الخطابة، مرة يحاضر في ثورية تقودها الطبقات البروليتارية، أو في مطالب الطلاب الضائعة، وتارة أخرى يفتح للعقل بنياته المغلوقة، فيكسر الممنوع ويقتحم حمى الطابوهات والمحرمات وينتقد كل بنيات المؤسسة الاجتماعية...
عرف بين الكثيرين بجرأته ففضاء الجامعة مزيج من ألوان شكلتها عقائد المجتمع وإيديولوجياته المتناقضة. كان طلاب التربية الإسلامية ينعتونه بالزنديق والملحد، فكلماته لا تنفك عن حملها لنقض ثقافة وارت تحتها استبداد طبقي أفرزته المؤسسات الدينية كما كان يقول...
فن الخطابة فن الاستقطاب... كانت " مريم " من بين المعجبات الكثيرات بطريقة نظم الكلام ورص الحروف...
تحضر دوما لتنتشي خمرة منطق افتقدته في شعبتها...تحضر لكن لا تدري لم تحضر... فتاة جميلة ببراءةٍ عذراءٍ تريد أن تفتح مغاليق السياسة والدين...اختارت شعبة التربية الإسلامية وإن كانت ميولاتها إلى الفلسفة قد تفتحت منذ دراستها الثانوية، لكن الأب الفقيه قد أعذر وأنذر ووجَّه رسائله المبكرة إلى عقل الفتاة:" إني خيرتك فاختاري أن يكون اختيارك هو اختياري... "
اختار العقل البريء أن لا يكون له خيار وولج عالم الجامعة، وظل الحنين والشوق إلى مقولات ديكارت وماركس وهوبز وسقراط وكونت وأفلاطون...وجدت هذه المرة نفسها أمام واقع فرض عليها بقوة الكره الاجتماعي، فلا مكان للعقل داخل مدرجات مليئة بأصحاب اللحى والجلابيب، ولا صوت إلا صوت النص، الشرع المقدس، الحلال، الحرام...
كانت تبحث عن المأوى العقلي فلم تجد إلا حلقيات " رفيق " تستظل بها من جور الحيرة وسوء الاختيار...
أعجب بجمالها وإن تلبست بثوب الحشمة والحياء، مرة يناقشها في الحجاب ومرة في التحرر النسوي، ولا ينسى دوما أن يكرر عليها مقولته المفضلة:" الأخلاق صراع الطبقات...". ظلت علاقتهما حبيسة هذه المواضيع، وبدأ الشوق يحفر بصماته في خيال سجنَهُ الأهل وأعدمته الدراسة.
" ما رأيك بعصير ليمون خارج أسوار الجامعة؟..." هكذا طرق " رفيق " مسامع مريم...
تجيب في دهشة:" أين؟..."
إلى البيت...
وبدأت كلماته تتسلل إلى وجدان فارغ لتملأه بالحرية والحقوق والحضارة والمسؤولية والخروج عن النسق...، فلا ضير ما دام الشاب يمتلك الناصية وما دامت أرض الفتاة بورا تحتاج إلى السقاء.
لم لا؟...نهاية حديث طويل اقتنعت من خلاله " مريم " بضرورة الخروج من النسق ومن أسوار الجامعة التي تشبه السجن المؤقت، فزميلاتها في الدراسة يعشن حياتهن بشكل عادي وطبيعي دون حرج أو عقد تفرزها أسر محافظة في عالم اللاحدود.
ذهبت وخلعت كل ما ارتسم على الوجه البريء من معالم الثقافة المحافظة، وتناست الأهل والدراسة وترسبات الماضي، وأرادت أن تلتقي بالجسد هذه المرة بعد أن أعياها ضم الكلمات والحروف.
توجَّها إلى عمارة فيها بيوت يذكر اسم الجنس فيها بالغدو والآصال، تكتريها نساء لكل من يريد أن يفرغ لذة مكبوتة أو يعبث بالجسد المشلول...
في سلَّم العمارة شخص يعانق فتاة تتهيأ لارتداء الحجاب بعد أن انتهى دورها داخل بيوت مظلمة...
يحدق " رفيق ":" شريفة من أتى بك إلى هنا؟... "
أخي رفيق...يا للمصيبة...
" رفيق " في ثورية:" نحن عائلة محترمة...هل ستدنسين الشرف؟ هل ستشمتين بنا الأعداء؟..."
وانهالت الضربات على السُّلم تفقد من خلاله " شريفة " الوعي أمام أعين " مريم "...
لم تجد هذه الأخيرة عبارات تترجم بها هول المشهد، فبطل الأمس تحول إلى مصارع للقيم، والحقوقي اللامع اختزل اللعبة في الآخر وجردها عن الذات، أما الخطابة فتاهت وتلعثمت خجلا، وفرَّ الماركسي بثوريته وهو يسقط من عيون بريئة كتبت نهاية المشهد:
"...وجه الشرق لا تنفع فيه المزينات، فالعجوز إن اكتحلت عميت وإن استاكت فالأنياب قد أرشاها الزمان..."



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريدة المساء المغربية: كشف لعورات حرية التعبير
- في محراب سيدتي...
- تقرير من بلاد العربان...
- ورقات في زمن التيه
- أي تعليم نريد لمغربنا؟
- لم الوداع؟؟؟
- لعبة الأقدار
- قصة من هذه؟؟؟
- الوهابية المغربية بين الدين والسياسة
- تحبُّك أكثر...
- وتساقَطت الأوراقُ...
- المغرب ووهم الخطر الشيعي
- تبسَّمي عقول الوصاية!!!
- هكذا نطق القرآني: نهاية مذهب
- عيد ميلاد عاطلة
- الحقوق الفكرية: حقيقةٌ أمْ وهْمٌ؟؟؟...
- مخطوطات قمران والفكر الآسيني
- طقوس الموت والامتداد الثقافي
- ما وراء الكواليس !!!…
- حي على الصلاة... !!!


المزيد.....




- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أكثر 70 فنانا يوقعون على عريضة تدعو لإقصاء إسرائيل من مسابقة ...
- -الديمومة-.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - وجه الشرق...