أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف هريمة - جريدة المساء المغربية: كشف لعورات حرية التعبير














المزيد.....

جريدة المساء المغربية: كشف لعورات حرية التعبير


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2470 - 2008 / 11 / 19 - 09:58
المحور: حقوق الانسان
    


يصطدم الإنسان حقيقة عندما يقرأ الواقع العربي قراءة تفصل أجزاءه، وتعرضها للتشريح بمنظار ما اكتسبته الإنسانية من قيم ومبادئ وحقوق، وكلما أمعن النظر إلا واكتشف حجم الهوة السحيقة بين ما وصلت إليه الإنسانية في عالم اللامكان واللازمان، وبين بلدان قد أصابها الشلل في مسيرة متعثرة مما تسميه تنمية بشرية بشعارات جوفاء. لما توصلت المجتمعات بتراكم معرفتها إلى النهوض بما يحقق كرامتها وحقوقها إلى مفهوم التنمية، كمفهوم شامل يتداخل فيه الاقتصادي بالاجتماعي بالثقافي... كان الإنسان مرتكزا لكل هذه المقاربات، إذ لولاه لأصبحت هذه المفاهيم لا حقيقة لها إلا في أذهان الساسة والمؤدلجون ومن يقتات من الشعارات الفارغة. لكن بلداننا وللأسف الشديد لم تأخذ الإنسان إلا واجهة تحقق به أغراضها وسياساتها بما يضمن لها البقاء ولا شيء غير البقاء.
دفعني لكتابة هذا الموضوع ما يحدث هذه الأيام لجريدة مغربية اسمها " المساء " وما حدث من قبلها وسيحدث لمن بعدها إذا ما اختارت القلم الحر أو الحديث باسم الطبقات المسحوقة، وكشف الأقنعة عن الكثير من الطابوهات السياسية. اندمج المغرب في مسلسل من الإصلاحات التي همت مجموعة من القطاعات وكان من المرتقب أن تمس هذه الإصلاحات أو جانبا منها حقوق التعبير وتحديدا حرية الصحافة. كل الناس استبشرت خيرا ورأت بأن العهد الجديد هو عهد ستكون فيه الصحافة وحريتها هي الضامنة الأساس، ليتحرك المسلسل الديمقراطي الحقيقي الذي لا يمكن أن يسير دونما سلطة رابعة تراقب وتكشف كواليس السياسة ومجالاتها للرأي العام. لم يحدث كل هذا وتوالت هفوات الدولة وشططها في ممارسة الرقابة على المجال الإعلامي، وحذرت منظمات وتقارير أممية من المكانة المنحدرة التي قد يؤول إليها الوضع في بلد ينشد الحرية على الأوراق ويقمعها في واقع الحال. لم تكتف الدولة بالسجن أحيانا وتوقيف الصحافيين تارة أخرى، والمصادرة والتوقيف للبعض الآخر إلى أن جاء دور المساء وظاهرة " رشيد نيني " التي أصبحت محط تساؤل وارتباك حقيقي في المشهد الصحفي المغربي بكل تجلياته.
ابتدأت المساء بسواعد صحفيين مستقلين وبمال ثلة من الإعلاميين المرموقين على رأسهم رشيد نيني وتوفيق بوعشرين وعلي أنوزلا، وفي ظرف وجيز جدا أصبح العمود الذي يشرف عليه نيني من أهم الأعمدة التي مرت في تاريخ المغرب، وضربت المساء أرقاما قياسية في عدد القراء والمشاهدين بشكل أثار حفيظة الكثيرين ووضع التساؤل حول خطر اسمه المساء أو رشيد نيني تحديدا. كان لزاما أن تشعل المساء حراكا إعلاميا وسط الصحف الحزبية والناطقة باسم هذا الاتجاه أو ذاك، تعرضت فيه الجريدة لأكبر هجمة تشكيك في النوايا والمصداقية أوصلت الأمر إلى حد الاعتداء على الصحفي المباشر والمستهدف في عموده من كل هذا اللغط الإعلامي.
إن مشكلة بلداننا هي تجزيء النظرة إلى التنمية، فالتنمية لا تعدو أن تكون خطبا في أعرافهم أو محاضرات أو ندوات على طريق التحضير للانتخابات، أما أن تكون توسيعا لحرية الإنسان فلم يحن الوقت إلى ذلك المراد، وكلما سطعت شمس أقلام تناشد الحرية أو تكتب باسم الظلم أو الحقوق المهضومة، وتعرية الواقع ومكاشفة الحقيقة كسروها قبل أن تنضج كما هو الأمر في موضوع مدارستنا. كنت قد كتبت موضوعا قديما بعنوان:" الشذوذ الجنسي حرية أم انحدار " عالجت فيه قضية زواج مثلي في مدينة القصر الكبير المغربية، هذا الزواج هو من حرك لعبة القضاء على الجريدة. واكبت هذه الأخيرة تفاصيل هذا الزواج ونقلت تصريحات وأخبار ومشاهد، فكان أن اتهمت بالترويج وتهييج الشارع ضد قيم السلم والمسالمة والمس بالأمن الاجتماعي. كانت فرصة مواتية لكل من يريد التخلص من الجريدة حينها ويترقب العثرات أن يتتبع ذلك المشهد النادر في التاريخ المغربي، حين انزلق العمود وأخبر أن من بين الحضور لذلك الزفاف حينها ومن بين الداعمين له وكلاء للملك بنفس المدينة. ارتفعت الأصوات وأعلنوها حربا على الجريدة بالرغم من اعتذارها وعدم ذكر أسماء معينين وسلموا الملف للقضاء وما أدراك ما القضاء حين يتحول إلى قدر مشؤوم.
إن الأمم تتطور كلما تطورت بنيتها القضائية واستقلت وأخذت العدالة مجراها الطبيعي، دون تحيز أو مفارقات تجعل من الشعب مجرد واجهة لتحقيق أهداف ورغبات دون أخرى، وما لم يتطور هذا الجهاز الأساسي في حركة الشعوب سيبقى الأمر على ما هو عليه، وستبقى شعوبنا ترى في التنمية أملا بعيدا لا يمكن تحقيقه في عالم لا يؤمن حتى بحرية الكلمة ولو كانت بسيطة بساطة شعوبنا وتعطشها لصحافة واعية ومسؤولة وناطقة بآماله وآلامه على حد سواء. تحرك القضاء وتحرك معه القدر وكانت النتيجة الحكم ب 612 مليون سنتيم على جريدة فتية ما زالت في بداياتها و400 مليون سنتيم لمحامي آخر كان وزيرا لحقوق الإنسان في الحكومات السابقة، وأعلنوا الإفلاس المباشر للجريدة وتشريد نخبة من الإعلاميين عرف المجتمع مصداقيتهم رغم كل الأخطاء أو التوجهات.
ما معنى التنمية إذا لم تكن حرية؟
ما معنى القضاء إذا لم يقض وفق مبادئ وأسس العدالة؟
ما معنى مقتل جريدة فتية إلا مقتل أكثر من 200 ألف قارئ يومي؟
ما معنى حق الإنسان إذا هضمت حقوقه بالليل والنهار؟
حقيقة لا يجد الإنسان أمام هذا المشهد اللامتناهي في التناقض إلا أن يقول بيننا وبين التنمية أمدا بعيدا، فإسكات الصوت الحر والمستقل هو رسالة حقيقية لمن يريد أن يتكلم لغة الواقع مهما وصفوه بالسلبية أو الشعبوية أو الأدلجة أو التيئيس. ويبدو أن المغرب لم يستفد الكثير من ماضيه ففي الوقت الذي ينادي فيه بالإصلاحات تزيد الممارسات غير المسؤولة وغير الواعية انتشارا وهيمنة وعلى مختلف المستويات، ولا يدري الإنسان حقيقة وسط هذا الركام من التناقض أين ستؤول الأمور في ظل حقوق توزع بالملمتر، وفي ظل قضاء ليس في مفهومه إلا القمع والردع كمقاييس بديلة عن العدالة.



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في محراب سيدتي...
- تقرير من بلاد العربان...
- ورقات في زمن التيه
- أي تعليم نريد لمغربنا؟
- لم الوداع؟؟؟
- لعبة الأقدار
- قصة من هذه؟؟؟
- الوهابية المغربية بين الدين والسياسة
- تحبُّك أكثر...
- وتساقَطت الأوراقُ...
- المغرب ووهم الخطر الشيعي
- تبسَّمي عقول الوصاية!!!
- هكذا نطق القرآني: نهاية مذهب
- عيد ميلاد عاطلة
- الحقوق الفكرية: حقيقةٌ أمْ وهْمٌ؟؟؟...
- مخطوطات قمران والفكر الآسيني
- طقوس الموت والامتداد الثقافي
- ما وراء الكواليس !!!…
- حي على الصلاة... !!!
- يا قارئة الكفِّ والفنجان!!!


المزيد.....




- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف هريمة - جريدة المساء المغربية: كشف لعورات حرية التعبير