أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - دياري صالح مجيد - تضارب المصالح الأمريكية-الروسية في القوقاز















المزيد.....

تضارب المصالح الأمريكية-الروسية في القوقاز


دياري صالح مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2479 - 2008 / 11 / 28 - 07:13
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يعد إقليم جنوب القوقاز (أذربيجان، جورجيا وأرمينيا) واحداً من الأقاليم الجيوبولتيكية المهمة في عالم اليوم للقوى المحيطة به سواء أكان ذلك يتعلق بروسيا، إيران، وتركيا، وهو كذلك مهم لقوى أخرى تقع بعيداً عنه من وجهة النظر الجغرافية وقريبة منه كل القرب من زاوية المصالح الاستراتيجية والتأثير على مستقبله سلباً أم إيجاباً وأهم تلك القوى هي الولايات المتحدة الأمريكية.

تتصارع في هذا الإقليم بشكل خاص مصالح أهم دولتين من دول العالم ذات القدرة والنفوذ، وهما الولايات المتحدة الأمريكية وغريمها التقليدي روسيا، فالأولى تحاول التأكيد بكل الوسائل المتاحة أمامها على أن خصمها التقليدي لم يزل غير قادر على الوقوف على قدميه بعد أن انهار تماماً في تسعينيات القرن الماضي إثر السياسات الأمريكية الموجهة نحو تحطيمه، في حين تحاول روسيا جاهدة من خلال حنكة صناع القرار السياسي فيها، العمل على إثبات العكس وبأنها لازالت دولة قادرة على التأثير في مسار العلاقات الدولية. لذا جاء إقليم جنوب القوقاز بصيغته الجغرافية-السياسية ليعكس واقع هذا التضاد مابين هاتين القوتين وفقاً لرؤى ومصالح مختلفة فيما بينهما.

أدت نهاية الاتحاد السوفيتي السابق إلى تحول قارة أوراسيا إلى مقدمة الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة فيما يتعلق منها بالدول حديثة الاستقلال التي انفصلت عن الامبراطورية السوفيتية بعد انفراط عقدها، وهي تشتمل بالأساس دول جنوب القوقاز وكذلك دول آسيا الوسطى، الأمر الذي أدى إلى إعادة إحياء الفكر الجيوبولتيكي للقرن العشرين، وهو مايفسر لنا تمسك العديد من القادة السياسيين ومن مفكري الإدارة الأمريكية بنظرية قلب الأرض التي صاغها المفكر الجيوبولتيكي البريطاني السير هالفورو ماكندر، إلا ان هؤلاء المفكرين لم يتمسكوا بنفس الأفكار التي طرحها ماكندر وإنما قاموا بإدخال العديد من التعديلات عليها وفقاً لمتغيرات الزمان والمكان كأهم عناصر في عملية صياغة فكرة جيوبولتيكية للتعامل مع أوراسيا، لذا أكدت فكرتهم الجيوبولتيكية فيما يتعلق بهذا الجزء المهم من أوراسيا على العديد من النقاط التي يمكن إجمالها باختصار وفقاً للآتي:

1.ضرورة أن تمنع الولايات المتحدة الأمريكية إعادة إحياء روسيا كإمبراطورية.
2.على الغرب أن ينظر بعين الاهتمام إلى احتياطيات الطاقة في بحر قزوين.
3.دعم دول المنطقة من أجل إشاعة قيم الديمقراطية واقتصاد السوق فيها.
4.دعم حكوماتها الصديقة من أجل مواجهة النفوذ الروسي و الايراني فيها.

وفقاً لتلك الأهداف أصبح أمن أوراسيا الهدف الرئيسي بالنسبة لمصالح البيت الأبيض، مما حال دون إمكانية إيجاد علاقات ودية مستقرة مابينها وروسيا، فالولايات المتحدة الأمريكية تنظر لمسألة السيطرة على هذا النطاق على انه أداة مهمة لحمايتها ضد تنامي الحركات الجهادية في الشرق الأوسط، تلك الحركات التي تخوض اليوم حرباً غير مسبوقة مع أمريكا وتهدد مصالحها في كثير من دول المنطقة، لذا تسعى واشنطن إلى خلق مجاميع من الدول أو تكتلات ذات توجه أمريكي في الشرق الأوسط لأجل حماية مصالحها وحماية تحالفها مع أوربا التي تخشى هي الأخرى من حركات الإسلام السياسي. في هذا السياق تعد السيطرة التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيقها على دول القوقاز أمراً غير كافٍ بالنسبة لها في تحقيق الأمن المنشود في أوراسيا، لذا فإن مفكري الإدارة الأمريكية يصرون في كثير من كتاباتهم على أن بلادهم بحاجة إلى ترتيبات أمنية جديدة في أوراسيا من خلال إنشاء نظم إقليمية متنوعة تتمكن من خلالها من حماية مصالحها وتوفير الأمن في مجالات نفوذها الحيوية. وهنا تعتبر دول القوقاز عنصراً بارزاً في تلك الاستراتيجية، لذلك نجد بأن مفكر الجيوبولتيك الأمريكي زبغنيو بريجنسكي يقول "إن الرهان الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية هو السيطرة على أوراسيا التي تعد فيها المستعمرات النفطية التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق بمثابة المناطق الاستراتيجية الأكثر أهمية في العالم، وإن من مصلحة بلاده الأساسية العمل على ضمان أن لاتصل دولة أخرى غيرها إلى السيطرة على هذا المجال الجيوبولتيكي".

الأمر الذي يعني بأن الإدارة الأمريكية قد اتخذت قراراتها، في ضوء هذه الرؤية الجيوبولتيكية التي تنظر إلى دول القوقاز على انها جزء من أمن أوراسيا لا بل أهم جزء فيها، بعدم السماح لروسيا، الدولة الأكثر إمكانية في الحضور في هذا الإقليم وإمكانية في إفساد الاستراتيجية الأمريكية هناك، من أن تمارس دوراً فاعلاً في هذا الجزء من العالم.

أما بالنسبة لروسيا فقد برزت فيها بشكل واضح فئة مهمة ومؤثرة من بين مفكريها تدعو إلى إعادة إحياء الدور الروسي في الجزء الجنوبي من البلاد وهم من يعرفون بدعاة الأوراسية الذين يؤكدون على فكرتهم القائلة بضرورة إبقاء مجال النفوذ الروسي في تلك الأجزاء محذرين في الوقت ذاته من التدخلات الخارجية وهو مادعا القيادي السابق يفكيني بريماكوف في زيارته التي قام بها إلى دول القوقاز بتاريخ يناير/كانون الثاني من عام 1996، إلى تأكيد هذه الأولوية.

كما ويؤكد دعاة الأوراسية على محورية عامل الطاقة في بحر قزوين ويدعون إلى ضرورة عدم فسح المجال امام الشركات الغربية للاستثمار فيه، لذلك فهم غالباً مايشككون في نوايا السياسة الأمريكية في المنطقة ويدعون دوماً إلى اتخاذ كل الخطوات الكفيلة بتعزيز دور روسيا وعدم السماح للآخرين باستغلال مناطق نفوذها التقليدية.

في ضوء تلك التوجهات المتضاربة والمصالح المتناقضة أكد بعض المفكرين الأمريكيين كما هو الحال مع جون اف رايت في مقاله جيوبولتيك جورجيا، أن الهدف من التدخل الروسي المستمر هو تنصيب ودعم الحكومات الموالية لروسيا في جنوب القوقاز كعنصر ضمان للأمن والاستقرار هناك ومثل هذا الرأي يشير إلى أن روسيا كانت تقف دائماً وراء سقوط الحكومات المعادية لها سواء أكان ذلك في أذربيجان أو في جورجيا. ولعل التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي مدفيديف جاءت متناسقة مع هذا التحليل العميق الذي ذكره الباحث في عام 1996 حيث قال مدفيديف في وصفه لحكومة سكاشفيلي الموالية للغرب بأنه لايعترف بهذه الحكومة ويعتبرها جثة سياسية.

كما أكد مفكرو الإدارة الأمريكية أيضاً تحذيراتهم المتزايدة من أن جورجيا قد تخسر استقلالها مستقبلاً، فقد تقوم روسيا لأجل ذلك بتنظيم مجموعة من الأعمال السياسية التي تهدف أما إلى تعديل سياسات جورجيا أو إزاحة رؤسائها من السلطة، وأكدوا بأن جورجيا كانت الحلقة الأضعف في حزام الأمن الأوراسي الذي ينتشر إلى الجنوب والغرب من روسيا، وهي أيضاً الحقيقة التي أكدتها أحداث المعارك الأخيرة في أوسيتيا الجنوبية التي أبرزت مدى حدة الضعف الجورجي في مقابل القوة الروسية.
يبدو من خلال ماتقدم ان الصراع في جورجيا وبالذات في أوسيتيا الجنوبية لن يكون الأخير من نوعه فهنالك مشكلات أخرى لابد وأنها ستثار هي الأخرى مستقبلاً كما هو الحال مع أبخازيا وغيرها، في ضوء تضارب المصالح وتصارع الإرادات الأمريكية-الروسية على أرض جورجيا.



#دياري_صالح_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية المرأة في العراق وأثرها في المنطقة
- انتخاب أوباما وأوهام التغيير
- هل ستساهم روسيا في تقسيم جورجيا؟
- هل يمكن للنظم العربية ان تؤثر في السياسة الأمريكية؟
- حرب القوقاز وعسكرة البحر الأسود
- حرب القوقاز من وجهة نظر الإدارة الأمريكية
- حرب القوقاز وأثرها على أذربيجان
- نظام الأمن الجماعي في القوقاز... بين الفكرة والتطبيق
- العلاقات الجورجية - الأبخازية
- خط الأنابيب باكو-جيهان وحرب القوقاز
- القواعد العسكرية وحرب القوقاز
- الإصلاح السياسي والمجتمع المدني...هل من دور حقيقي ؟
- السلب والنهب... ثقافة السلطة أم الشعب؟
- الطريق إلى صراع الحضارات
- مثال لمعاناة عراقية مع مرض السرطان
- الفن والحد من التطرف الديني
- شر البلاء ان تكون فقيرا ضعيفا
- الخطاب الديني والإرهاب
- ارهاب الثقافة في العراق
- العراقيون هل هم بحاجة الى دكتاتور جديد؟


المزيد.....




- اتصال جديد بين وزير دفاع أمريكا ونظيره الإسرائيلي لبحث -فرص ...
- وزير الخارجية العماني يدعو القوى الغربية لإجبار إسرائيل على ...
- يوميات الأراضي الفلسطينية تحت النيران الإسرائيلية/ 1.11.2024 ...
- المركز الإفريقي لمكافحة الأوبئة يحذر: -جدري القردة- خرج عن ا ...
- جنرال أمريكي: الدول الغربية لا تملك خطة بديلة لأوكرانيا بعد ...
- الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية / 1.11.2024
- أوستن وغالانت يبحثان فرص الحل الدبلوماسي ووقف الحرب في غزة و ...
- زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية
- حسين فهمي يتعرض لانتقادات لاذعة بسبب صورة وحفل عشاء مع وفد ص ...
- ارتفاع إصابات جدري القردة في أفريقيا بنسبة 500% وتحذيرات من ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - دياري صالح مجيد - تضارب المصالح الأمريكية-الروسية في القوقاز