أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - دياري صالح مجيد - شر البلاء ان تكون فقيرا ضعيفا














المزيد.....

شر البلاء ان تكون فقيرا ضعيفا


دياري صالح مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 11:17
المحور: المجتمع المدني
    


عنوان هذا المقال مقتبس من كلمة قالها المبدع الراحل الدكتور علي الوردي ذلك المفكر الذي سبر أغوار التاريخ والشخصية التي يتصف بها الفرد العراقي وخلص إلى العديد من النتائج التي كان واحدا من أهمها في نظري هذه المقولة التي آثرت أن تكون عنوانا أضع تحت مكنوناته ما أمكنني الفكر والعاطفة أن أضعه من أفكار.
في بلادي التي طالما امتازت بحكم الجلاوزة في كل ميادين الحياة ومؤسساتها كان و لا يزال الفرد العراقي حائرا بين مبادئ الحق الإلهي ومبادئ الظلم والتعسف البشري ما بين وعظ رجال الدين وإرشادات رجال السياسة ما بين الله وما بين القانون, و إذا بالفقراء الذين سلبتهم الحياة أي حق في التمتع بنعم العدالة الاجتماعية التي نادت بها الشرائع السماوية والوضعية , و إذا بالضعفاء الذين سلبهم الحظ سطوة القوة والاقتدار في المجتمع لعدم وجود أبنائهم أو أقربائهم ضمن الذين يتحكمون بمقاليد السلطة الدينية أو السياسية, يكونون من أكثر فئات هذا المجتمع اختلالا واضطرابا في النفس والعاطفة والفكر لا نهم وبأبسط كلمة مغلوبون على أمرهم مسحوقون بإقدام أولئك مسلوبون رغم حقهم .
سأروي اليوم لكم حادثة بسيطة حصلت مع أخي سائق الكوستر وهي حادثة طريفة تعكس لنا ما يجري في عراق الديمقراطية والتطور و الازدهار وغيرها من الأوصاف الخيالية التي يحاول البعض بها أن يعكس صورة مغايرة تماما لواقع البؤس البشري في هذا البلد. حصل لأخي حادث مروري بسيط مع مركبة أخرى ورغم إن الذنب كان من السائق الآخر فإذا به يحاول أن يتطاول على أخي ويزمجر بصوته لأنه صاحب سطوة ونفوذ و لأنه إما احد أفراد العصابات أو ذو علاقة بأولئك المنتمين إليها أو إلى الأحزاب التي يعج بها العراق . وهو بهذه الحال على حق وان الله ورسوله والملائكة والعصابات والأحزاب معه حتى وان كان مخطئا وكيف يسمح لضميره أن يؤنبه أو يحسسه بالخطأ طالما أن كل أولئك معه فلا يأتيه الخطأ لا في صحوته و لا في منامه خاصة وأنهم مصدر قوته ورزقه وبوابته للدخول إلى الجنة , إلى الحد الذي وصل به الاستهتار أن يهدد أخي بالقول سوف اقطع عليك الطريق ولن أجعلك تمر من هنا مرة أخرى في حياتك. ولسوء حظه فانه قال تلك الكلمة أمام احد رجال الجيش , علما بأنه لا هو ولا أخي ولا أي احد يتجرأ على قول مثل هذه التهديدات إن لم يكن هنالك من يشحنه بأوهام لا بل بحقائق الغلبة والنصرة ظالما أو مظلوما فيد القتل والبطش والتنكيل مستعدة لان تسانده في أي وقت يرغب, وما كان من رجل الجيش العراقي الذي يبدو انه من أولئك الذين لا زالت تجري في عروقهم بعض من شجاعة وشهامة السومريين الأوائل إلا أن يقول لهذا الأخرق ((من أنت حتى تقطع الطريق عليه هل أنت الدولة ؟)) . وما علم الأخ الكريم الذي نذر نفسه وعائلته لحماية الشارع العراقي بان مثل هذا الشخص قادر على أن يفعل ذلك لان كل شيء ذو سطوة ونفوذ وقدرة على القتل يقف إلى جانبه أما الدولة التي خاطبه باسمها هذا الجندي فلم يعد لها تلك الهيبة والقيمة التي اعتدنا عليها في الأزمنة السابقة منذ قيام دولة العراق بشكل رسمي والسبب لا يتحمله الاحتلال ولا السياسيين فحسب وإنما نتحمله نحن كشعب أيضا لأننا واقصد الغالبية أناس لا نحترم المعنى القدسي للحياة و لا نفقه منها شيء غير المظاهر التي تبدأ و لا تنتهي ونحن في حقيقتنا لا نقدس إلا العنف والعصبية القبلية والدينية والقومية و لا نحترم سوانا من بني البشر بل إن عددا غير قليل منا أصبح عبدا للشيطان يتاجر ويقتل ويهين ويسلب به ومن خلاله. لقد ضاق المثقفون وضقت ذرعا معهم بحال هذه البلاد التي لا يبدوا أنها ستستقيم يوما ما لا بشعبها و لا بساستها, فمن لا يمت لمصادر القوة بصلة ما فهو مغلوب على أمره لا يحصل على حقه ولا يحتفظ بكرامته طالما انه لا يملك السند العشائري وطالما انه مستقل وطالما انه لا يتبع هذه العصابة أو تلك وطالما انه فقير لا يملك أموالا تجعله محبوبا أو مقربا من كل أولئك الذين يحكمون زمام الحياة وبوابات السجن الذي نعيش فيه انه فعلا شر البلاء. أنا اعتصر من الألم ولسان حالي يردد كلمات المبدع ميخائيل نعيمة حين يقول(( إن هذا الوطن أصبح قبرا لي وحياتي فيه أصبحت جحيما)) . نعم يا سادتي الأعزاء لقد أصبح هذا الوطن كغيره من الأوطان التي تعيش مثل هذا الحال قبرا للعديد من المبدعين والمفكرين والفقراء والمساكين الذين تصرخ أرواحهم في كل ساعة من شدة الظلم الذي يقع على كاهلهم حتى باتوا يتساءلون (( ما معنى الحياة في هذا البلد الذي شقاؤه أضعاف أضعاف هنائه وهي تبتدئ في ظلمة الرحم وتمر في ظلمة الحياة القاسية المريرة المليئة بالفقر, الحرمان, العذاب والمهانة لتنتهي في ظلمة أخرى هي ظلمة القبر؟)). أما الحكومة التي تتعامل اليوم بطريقة الشفافية و الديمقراطية حيال شعب لا تعرف سيكولوجيته و لا تعرف نوازعه البدوية وكأنها تتعامل مع شعب آخر قد وصل إلى مراحل متقدمة في مجال الثقافة والفكر ونبذ العنف والتعصب الأعمى كما هو حال العديد من الشعوب الأوربية التي جعلت العديد من تلك الظواهر مجرد ذكرى من ذكريات الماضي التي تتردد في كثير من الأحيان حتى عن الحديث عنها , لا أريد أن أقول لها وهي تعيش في أبراجها العاجية بعيدا بعيدا عن الالامنا وعذاباتنا نحن الفقراء نحن الذين نأينا بأنفسنا عن كل شيء لا أريد أن أقول لها إلا أن تعيد النظر في التخطيط لسياستها الداخلية والتركيز على إعادة إحياء الروح المدنية في المجتمع بالعمل على التركيز على الثقافة والإعلاء من شانها ومن شان العاملين فيها لنقضي بالعلم والمعرفة على كل هذه الظواهر السلبية في مجتمعنا بعيدا عن لغة الرصاص وهي مهمة شاقة ومتعبة وطويلة في الوقت ذاته لكن إن أردنا أن نخرج من هذا النفق المظلم ونعيد للفقراء الذين يشكلون غالبية عظمى في بلادنا شيئا من كرامتهم المسلوبة فعلينا أن نتكاتف جميعا سواء أكنا مع أو ضد أشخاص الحكومة لأجل أن نخطو الخطوة الأولى في هذا المجال.



#دياري_صالح_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الديني والإرهاب
- ارهاب الثقافة في العراق
- العراقيون هل هم بحاجة الى دكتاتور جديد؟
- في رثاء اصدقائي الشهداء


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - دياري صالح مجيد - شر البلاء ان تكون فقيرا ضعيفا