أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي جاسم - الاتفاقية العراقية - الامريكية وتعدد الامزجة















المزيد.....

الاتفاقية العراقية - الامريكية وتعدد الامزجة


علي جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2477 - 2008 / 11 / 26 - 03:47
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يحكى ان رجلاً وأحد ابنائه كانا يسيران مع حمارهما الذي لايملكان غيره ، فقال الابن الى والده..امتطي انت الحمار وانا سأسير على قدمي لانك تعبت من "المشي" فأستجاب الاب لمطلب ابنه وركب الحمار ، وما ان دخلا احدى القرى فاذا بهما يسمعان كلام الناس وهم يقولون ما اقسى قلب هذا الرجل يمتطي هو الحمار وولده يسير على قدميه ، فنزل الرجل من ظهر الحمار وقال لولده اركب انت يابني وانا سأسير على قدمي بدلاً عنك ، فاستجاب الشاب لمطلب ابيه حتى بلغا قرية اخرى فسمعا اهلها يقولون وهم يتغامزون ، الا لعنة الله على هذا الولد يركب هو على ظهر الحمار ويترك والده يسير على قدميه ، فنزل الولد وقررا ان يسيران على قدميهما ويتركان الركوب فوق الحمار حتى يخلصا من حديث الناس، فدخلا قرية جديدة فاذا بهما يتفاجئان بنظرة سخرية من اهل القرية ويتحدثون مابينهم .. ما ابخل هذين الرجلين ، معهما حمار ولايركب احدهما عليه ، فقررا الركوب معاً على الحمار ، ودخلا قرية اخرى فهب اهل القرية بوجهما قائلين ، سحقاً لكما الا تخفا الله في هذا الحمار المسكين تركبان انتما الاثنان على ظهر الا تخشيا ان يموت من التعب ، فقرر ان يحملا الحمار ، لكنهم مع دخول اقرب قرية سمعوا ضحك الناس عليهما وكلمات السخرية اتحملان الحمار على رأسيكما وهو لديه اربعة ارجل ، فقررا ترك الحمار والذهاب الى طريق اخر لايمران من خلاله على الناس ..هذا القصة لها مدلول واضح يكمن في عملية ارضاء الامزجة المختلفة للناس وهذه العملية صعبة جداً في ظل البنية الاجتماعية والنفسية المكونة لشخصية كل فرد فالمقياس الحقيقي للتميز بين استيعاب الناس وفهمهم لقضية معينة وبين مايجهلونه تماماً في فهم ابعاد تلك القضية هو مقياس الادراك التام والتاثر العام بالحياة اليومية فلايمكن ان تقنع اي فرد بموضوع طالما لايملك مقدمات او بدايات عن هذا الموضوع بحيث تكون ذهنيته مستعدة لسماع ماهو جديد فمثلاً لايمكن اقناع المجتمع في العصر العباسي بان بغداد في القرن العشرين والواحد والعشرين ستتعرض لحروب وصراعات دموية ولكن ليس على الطريقة المغولية او العثمانية بل بطريقة اخرى تستخدم فيها القنابل العنقودية وصواريخ التوما هوك المركزة والطائرات الف 18 والقاصفة 52 ، طالما انه العصور الماضية لم تكن تشهد مقدمة او بداية لعصر الثورة الصناعية والمعلوماتية التي نعيشها اليوم .
ويبدو ان قصة الرجل وابنه تتكرر مرة اخرى لكن بمشاهد وشخوص اخرين ، ولكن هذه المرة قد تكون اشد وطئة سيما وان الجمهور ليس اهالي القرية بل نخب مثقفة وكوادر اكادمية ومهنية تمتلك رؤى واستراتيجية واضحة يمكن ان نستشفها في كتاباتهم وبحوثهم العلمية الرصينة .. القصة الجديدة تتعلق بالحكومة العراقية والاتفاقية الامنية ، فمنذ تشكيل حكومة المالكي وانا اتابع بدقة ماينشر عبر الصحف والمواقع الالكتروني من كتابات ومواضيع تتعلق بتلك الحكومة وممارساتها العملية وكل تلك الكتابات غالباً ماتنتقد اي اجراء او تصرف تتخذه الحكومة حتى لو كان هذا الاجراء او التصرف يصب بالمصلحة والطنية ، فالعديد من الكتباب والمثقفين مازالوا يعيشون بنظرية الوهم والشعارات التي عملت الانظمة العربية على ترسيخها باذهاننا وتلك النظرية بعيدة كل البعد عن الواقعية السياسية والاجتماعية التي يعيشها البلد ، فتارة نجدهم يقولون ان حكومة المالكي طائفية وتارة اخرة نجدهم يتحدثون عن ضعف شخصية الحكومة ، وبعضهم يذهب الى انها تعمل على تنفيذ الاملائات الامريكية والبعض الاخر يرى انها تطبق اجندة خارجية بالاشارة الى ايران ، في حين يأتي اخرون برأي اخر مخالف بانها تخضع لسيطرة المليشيات والاحزاب الاسلامية ، وغيرها من الاراء التي نهشت بجسد حكومة المالكي منذ تشكيلها وطبعاً المشكلة تكمن بمصادر تلك الاراء ومن يرددها فلو كانت تصدر من بعض الجهات والاحزاب السياسية المعارضة او من بعض شرائح المجتمع التي تشعر بانها غبنت فان الموضوع كان موضواً عادياً لايحتاج البحث والمناقشة لكن المشكل تكمن بان تلك الاراء نجدها في كتابات النخب المثقفة التي تمثل واجهة المجتمع ، فالحكومة اثبتت انها ليس طائفية وليس ضعيفة بعد ان حققت انتصارات كبيرة على الزمر الارهابية ،ولم تخضع لاي املائات امريكية بل ان معظم قرارتها تمر عبر مجلس النواب ومجلس الرئاسة للمصادقة عليها ، حتى وان خضعت فهذا ليس امر جديد فنحن بلد محتل حسب قرارات الامم المتحدة ، كما انها اثبتت عدم الاستجابة لاي اجندة خارجية وانها لم تكن يوم خاضعة للنفوذ الايراني ولم تكن يوم بيد المليشيات ، والمعارك التي خضتها الحكومة مع المليشيات بمختلف الطوائف دليل على ذلك ، لماذا يقع مثقفينا بهذا المطب ويصبحون رهينة امزجتهم الشخصية والانية فبدلاً من معارضة الحكومة بكل صغيرة وكبيرة كان من الممكن مؤازرتها وشد عضدها للوصول الى بر الامان سيما وانها الان امام اكبر فرصة يشهدها التاريخ المعاصر بالسنبة للشعب العراقي وهية ابرام الاتفاقية العراقية الامريكية ؟ فلماذا هذا الاجماع من قبل النخب المثقف على معارضتها ؟ في حين هم يدركون جيداً بانه من اللاواقعية ان تخرج االقوات الامريكية من العراق بدون وجود بروتكول او اتفاقاً ينظم هذا الخروج ، فلماذا هذا التقلب في الامزجة ؟ اتريدونها ان تقدم استقالتها وان تترك البلاد في هذا الموقف المحرج او انكم تريدون ان تدعمون مواقف بعض الكتل السياسية التي اخذت تساوم الحكومة بشأن الاتفاقية اي تحقق مطالبها مقابل التصويت عليها ؟ فبدلاً من اطلاق عبارات جارحة على تلك الاتفاقية مثل عبارة "اتفاقية العار" التي يطلقها بعض الكتاب كان من الممكن اطلاق تلك العبارة على مطالب المساومة ومنها اطلاق سراح المعتقلين من السجون بغض النظر عن الجرائم التي ارتكبوها وكذلك عدم تسليم السجون الى الحكومة العراقية اضافة اعطاء مساحة اكبر لكافة الكتلة السياسية للمشاركة بالحكم واتخاذ القرار ..وطبعاً كل تلك المطالب يمكن ان نطلق عليها هذا العبارات الجارحة لانها اولاً ستقضي على جهد القوات الامنية لمدة على مدار الثلاث السنوات وستعيد الارهابين الى الشارع وثانياً تبقي سيطرة القوات الاجنبية على الملف الامني لان عدم تسليم السجون يعني ابقاء النفوذ الامريكي يتحكم بشأننا الامني ثالثاً ان توزيع السلطة والقرار على اكثر من جهة يؤدي بالنتيجة الى اعادة البلاد الى المربع الاول حيث الخلافات المستمرة حول ابسط القرارات ، ان الدستور والقوانين العراقية نظمت عمل مؤسسات الدولة سيما في تعاملها مع الموقوفين وادارة شؤون البلاد .
الاجدى بكتابنا بدلاً من اطلاق الحملات المجانية لمعارضة الاتفاقية ان يدرسونها بشكل جيد بايجابياتها وسلبياتها لان محاربتها بهذا الشكل غير المبرر وغير المبني على حجج مقنعة يؤكد على قصر النظر الذي يتمتعون به باستثناء بعض الكتابات الواقعية التي حرصت على تقديم ادل منطقية بشأن الاتفاقية ، والسؤال الذي يطرح نفسه الان ما هو البديل المنطقي والواقعي لهذه الاتفاقية؟ ماهي قرأتهم لمستقبل العراق فيما لم توقع الاتفاقية ؟ بالتأكيد ان قراءتهم ورؤاهم ترتبط تماماً بالامزجة الشخصية وليس الجمعية ، فهم يعيشون في بلدان اجنبية وتتوفرلهم ولابنائهم افضل سبل العيش الرغيدة ولايهمهم ان يعود شبح الارهاب والمليشيات مرة اخرى لانهم ليس على تماس مباشر مع الواقع العراقي لامن بعيد ولامن قريب ، فاذا كنتم بعيدين عنا فاتركونا نعيش حياتنا كما نختار نحن لاننا من اختار حكومته عبر الانتخابات ونحن نؤيد ماتراه مناسب ، لانها لوكانت بتلك الصورة التي رسمتموها ل حسب امزجتكم لكان الوضع الان يختلف تماماً .
نحن نعلم ان الاتفاقية قد تكون في بعض فقراتها لاتمنح العراق السيادة الكاملة او انها تحتوي على بعض الفقرات السلبية لكنها بشكله العام تمثل فرصة تاريخية لايمكن تعويضها .



#علي_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذئب وليلى وتوجهات الاعلام المعاصر
- قراءة متأخرة لمسرحية المحطة رؤية مغايرة لأبن الجنوب
- الحكومة ومتطلبات البناء
- الشباب و بناء الدولة
- سنوات الضياع
- الخطأ الامريكي في العراق استراتيجي ام تكتيكي ؟
- رحلة الى القمر
- ماذا قدمت لنا جبهة التوافق؟
- رسالة احتجاج
- ودعت بيت النمل
- لماذا ننتخب مجالس المحافظات ؟!!
- من يعيد الطفولة الضائعة؟!!
- منتصف الطريق
- سعدي يوسف وأحقية النقد للمثقف العراقي
- القدح المكسور
- اين عام الاعمار والبناء؟!!!
- على هامش الاتفاقية العراقية _الامريكية
- الكتاب العرب واشكالية شيعة العراق في العالم
- المرأة العراقية في الحوار المتمدن
- صحوة الكهرباء


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي جاسم - الاتفاقية العراقية - الامريكية وتعدد الامزجة