أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - علي جاسم - الذئب وليلى وتوجهات الاعلام المعاصر














المزيد.....

الذئب وليلى وتوجهات الاعلام المعاصر


علي جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 04:48
المحور: الصحافة والاعلام
    


الجميع يعرف قصة ليلى والذئب تلك القصة التي كانت امهاتنا ترويها لنا قبل النوم ، والتي اصبحت فيما بعد جزء لايتجزء من المنظومة الثقافية للطفل العربي ، وخلاصة هذه القصة ان ليلى ارسلتها امها الى منزل جدتها في الطرف الاخر من الغابة وعندما حاولت هذه الطفلة الصغير ذات الشعر الاشقر ان تجتاز الغابة شاهدها احد الذئاب المفترسة فحاول التربص بها ولكنه خشى ان يراه احد الصيادين ففكر بحيلةٍ اخرى تمكنه من تحقيق مايصبوا اليه ، فذهب الى منزل الجدة حيث كانت ذاهبة لزيارة احدى رفيقاتها ، ودخل الى المنزل ولبس ملابس الجدة ووضع شالها على رأسه ليغطي وجهه وانيابه الحادة ، ولما وصلت ليلى الى البيت فتح الذئب المتنكر الباب وحينما شاهدته الطفلة الذكية اكتشفت بانه الذئب فخرجت من البيت تصرخ واذا بصيادٍ كان يتجول بالجوار سمع الصوت فهب لنجدتها وقتل الذئب وعادت ليلى الى المنزل .
هذه القصة تروى الى الاطفال حسب المنظور الاجتماعية الذي وضعت على اساسه وهو ابراز عدة جوانب منها وضع الاطفال في موضع الاستعداد النفسي لاي عدو مرتقب وكذلك عدم الأتمان للغرباء الذين لانعلم عنهم شيئاً ، فضلاً عن الانتباه لمخاطر الحياة المتعددة ، وان لايُخدع الانسان بالمظاهر الخارجية ، الى جانب بعض الامور النفسية التي تتعلق بالمعركة الازلية بين الخير والشر.. لكن لو اراد احداً ان يتناول هذه القصة ليس من وجهة النظر الانسانية اي ليس من رؤية الانسان لها انما تنطلق من رؤية احد احفاد الذئب ، فمن اللاواقعية ان يحكي الذئب القصة ذاتها التي يرددها الناس ، انما سيكون منحازاً لجده لذا فان روايته ستأتي منسجمة مع الاهداف والنوايا التي يسعى اليها من خلال قلب القصة بطريقة مغايرة تحمل انطبعاً جديداً ، وسيبدأ بتغيير العنوان من "ليلى والذئب " الى "الذئب وليلى" اي تنطلق فكرته في تحرير قصته وصياغتها بطريقة مفبركة من العنوان اي تضليل الجمهور لانه لم يكذب انما يظلل ، فعناصر الحدث نفسها لكنه قلب الموضوع بشكل يخلق ايحائاً وانطباعاً لدى المستمع او القارئ بان الذئب هو البريء وليلى هي المذنبة عندما وضع اسم الذئب قبل اسم ليلى ثم يبدأ بسرد القصة بالشكل الاتي "كان جدنا من الذئاب التي لايمكن تعويضها كونه كان يمتلك اضافة الى الشجاعة والكرم والنبل ، عقلية اجتماعية متحضرة جعلته لاينظر للفوارق الطبقية اوالاجتماعية اوالطائفية بين البشر والذئاب ولا حتى بين الذئاب والماعز والدليل على ذلك فقد كان لديه خمسة خراف يعدون من اعز اصدقائه المقربين حتى انهم تولوا مسؤولية توزيع السكائر والشاي والماء والطعام في مجلس العزاء الذي اقيم على روح جدي عندما قتله الصياد في تلك الحادثة المروعة والتي ذهب فيها ضحية هذا التسامح والانفتاح على الاخرين حيث كان جدي عائداً من العمل منهك القوى مشغول الفكر بامور الرعية حيث كانت الغابة تعاني من نقص حاد في الخدمات ، فشاهد ليلى تسير وحدها في الغابة في وقت كانت فيه الحيوانات المفترسة والجائعة تحاول التقرب منها فارد ان يساعدها لكنه خاف ان تفهم قصده بشكل اخر فقرر ان يتبعها ويراقبها عن بعد ولايقترب منها الا اذا تطلب الامر ذلك حتى اطمأن على وصولها بسلامة ، ولكن ليلى كانت قد لاحظت متابعت جدي لها وفعلاً وكما توقع المسكين بانها فهمت قصده بشكل غير صحيح فاخبرت جدتها بان احد الذئاب وقصدها جدي يتبعها ، وفي هذه الاثناء اقترب جدي من المنزل وطرق الباب اراد ان يشرح للجدة الموضوع ويطلب منها عدم ترك ليلى تعود وحدها الى المنزل ولكن الجدة كانت قد عدت العدة لقتل جدي "الشهيد" فما ان انفتح الباب واذا بالعجوز تضرب جدي على راسه بعمود حديدي وصرخت على بعض الصيادين الذين لم يتواروا في قتل الذئب المسكين".
ان من ينظر الى كلا القصتين يجد ان ابطالها هما الذئب وليلى لكن مضمونيهما اختلفا على القارئ او المستمع الذي اصبح محتاراً بين تصديق القصة الاولى التي نقلت الاحداث كما وقعت وكما اعتاد الناس على سماعها وبين مانقله الذئب الذي كان لديه نوايا في قلب الصورة والمشهد على الجمهور كما يحدث اليوم في وسائل الاعلام التي اخذت تفبرك الاخبار والاحداث حسب منطلقاتها السياسية والفكرية وحسب مصادر تمويلها المجهولة .
ان القدرة الخارقة التي تمتلكها العديد من وسائل الاعلام في تزييف الحقائق وقلبها نتحسسها يومياً عبر شاشات التلفزيون حيث تسخر بعض القنوات الفضائية نشراتها الاخبارية للنيل من العملية السياسية والتحسن الامني من خلال التلاعب بالمعلومات او الكلمات التي تنطلق من هذه الجهة او تلك مستعيناً بتلك القدرة من اجل صياغة القصص بالشكل الذي ترغب به من خلال تحويل الضحية الى جلاد والقاتل الى بريء والمجرم الى مجاهد والارهابي الى مقاوم وكل تلك الامور تتشابه الى حد كبير بالرؤية المتخمرة في عقلية الذئب عندما اراد ان يحكي القصة حسب مفهمومه .
ومن هنا اصبحت الوظيفة الرئيسية لبعض المؤسسات الاعلامية التي تلتزم بالضوابط والثوابت الاعلامية والمهنية تنطلق بمحورين اساسيين الاول نقل الاخبار والمعلومات والحقائق كما هي دون تزييف او تحريف في شكلها اومضامينها ، والوظيفة الثانية هي تعرية وكشف وسائل الاعلام المضادة التي تحاول عبر ادواتها خلق اجواء سياسية وامنية مشحونة تنسجم مع اجندت مموليها.



#علي_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة متأخرة لمسرحية المحطة رؤية مغايرة لأبن الجنوب
- الحكومة ومتطلبات البناء
- الشباب و بناء الدولة
- سنوات الضياع
- الخطأ الامريكي في العراق استراتيجي ام تكتيكي ؟
- رحلة الى القمر
- ماذا قدمت لنا جبهة التوافق؟
- رسالة احتجاج
- ودعت بيت النمل
- لماذا ننتخب مجالس المحافظات ؟!!
- من يعيد الطفولة الضائعة؟!!
- منتصف الطريق
- سعدي يوسف وأحقية النقد للمثقف العراقي
- القدح المكسور
- اين عام الاعمار والبناء؟!!!
- على هامش الاتفاقية العراقية _الامريكية
- الكتاب العرب واشكالية شيعة العراق في العالم
- المرأة العراقية في الحوار المتمدن
- صحوة الكهرباء
- قمة دمشق ..تخاذل عربي ولعب على المكشوف


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - علي جاسم - الذئب وليلى وتوجهات الاعلام المعاصر