أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - معضلة التقدم في المجتمعات العربية...!؟















المزيد.....

معضلة التقدم في المجتمعات العربية...!؟


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 2474 - 2008 / 11 / 23 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصبح التقدم في مسار العصر الراهن مرتبطاً بمفاهيم العلم والعمل والثقافة والتقنية أكثر منه بمفاهيم الثورة و التمرد و الانقلاب..!؟ وتساوقاً مع هذا المقياس، تقدمت أشكال العمل المجتمعي المدني بكل أشكاله على حساب صيغ العمل السابقة من أحزاب ومنظمات وعصابات منظّمة..!؟
لقد بدأ اندماج هذه المفاهيم منذ ما بعد عصر النهضة في أوروبا وصولاً إلى اندماجها الكلي أواخر القرن الماضي وقد تمَّ ذلك في إطار السعي والبحث عن فرص توفير متطلبات الحياة التي تزداد كماً ونوعاً مع تزايد عدد السكان في فضاءات جغرافية لم تعد قابلة للتوسع..! وهكذا فقد توقفت تلك المناظرات التي كانت تدور حول العلم ومقاصده والعمل أشكاله ومضامينه حلاله وحرامه وأشكال التغيير المتوجب وماهيته
لقد تبين انعدام أي جدوى من تلك المماحكات النظرية بعد معايشة التغييرات الكبيرة والحيوية التي أحدثها التقدم العلمي المطرد وبخاصة تكنولوجيا المعلومات في طرائق ووسائل حياة الناس الأمر الذي أوضح بلا أي لبس تلك العلاقة الجدلية الحية بين هذه المفاهيم.
وبهذا الربط المحكم، تحول مفهوم العلم ومآلاته من النظري إلى العياني و الملموس فكل خطوة علمية في عصرنا الراهن باتت تعني إنجازا واكتشافاً وفي الوقت نفسه مزيداً من الوسائل، أو الابتكارات، أو التقنيات بما يعني ذلك من تلبية واسعة لحاجات الإنسان وخلق المزيد منها في الوقت نفسه ، وقد ترتب على هذا التحول الذي طرأ على العلاقة بين مفاهيم العلم والعمل والتغيير والتقدم، استحالة في نجاح عملية التنمية المجتمعية من غير النجاح في استحواذ المؤهلات العلمية ومواكبة ما يستجد علمياً وكان من منعكسات ذلك ضرورة ربط مناهج التعليم بكل مستوياته بالخطط التنموية الاقتصادية و الاجتماعية إذا ما كان هناك إرادة واعية و تطلعٌ جديٌ لتوفير شروط الحد الأدنى التي تتطلبها سعادة الإنسان الدنيوية في مجتمع حر متقدم...!؟
إنه لمن المؤسف والمدهش في آن استمرار نسق التفكير القديم في المجتمعات العربية في زمن الحداثة يتضح ذلك من المحاولات العربية الدائمة لتكيِّيف العلم أو تحييده في أحسن الأحوال وما طرحه أستاذ الحفريات المصري ـ زغلول النجار ـ مؤخراً حول ضرورة تحليل الحجر الأسود الراكن في الكعبة لإثبات وجود الجنة مؤشر دقيق على هذه الحقيقة...!؟ إن العربي المسلم لا يزال ينشد ضمان سعادته في الدنيا الآخرة أكثر ما ينشدها إبان حياته في الدنيا الراهنة ولأنه كذلك أي نصف حي نصف ميت فقد ظلَّ مفهوم العلم عنده ينحصر في ما يدركه عن الله وعن رسله وأنبيائه الصالحين ومن الطبيعي أن يترتب على هذا الإدراك ضرورة العمل وفق اللوائح الدينية لضمان الاستحواذ على التعويض المناسب في الآخرة وقد تطلب ذلك منه ضغط مفهوم العمل في حدود القيام بالواجبات المترتبة على هذا الإدراك من صلاة وحج وصوم وغير ذلك من مناسك وعبادات وهذه الحقيقة تكمن وراء ظاهرة الإنتاجية المزدهرة على الدوام في حقل الفتاوى والمواعظ وباقي الأنشطة الدينية التي تطلبت على مرِّ الزمن جيشاً من الفقهاء و المشايخ والدعاة من كل صنف...!؟
إنه لمما لا شك فيه أن العلم والعمل على هذا النحو المعرفي الإيماني لا علاقة له بتقدم أي مجتمع ولا بسوِّيته الحضارية فالمقاييس المعاصرة تقوم على اعتبارات محددة بما يقدمه كل مجتمع في ميادين الأبحاث، والمكتشفات، والاختراعات، ومن المنطقي عدم انتظار ذلك من مجتمعات تسود فيها المفاهيم الماضوية..! إن هذه المجتمعات لا تزال قيد المراوحة في دوائر تاريخية مغلقة فهي لم تنهض بعد لتلتحق بمن سبقها وهي لذلك تكتفي باستهلاك ما ينتجه الآخرون الأمر الذي يبقيها في خانة الدول المتخلفة التي تعيش عالة على الذين يغذون السير في مسيرة التقدم بالرغم من أنها عانت ولا تزال من صدمة الحضارة الأمر الذي كان يفترض أن تدفعها إلى محاولة الخروج من السبات المستدام غير أن ما حصل على أرض الواقع حتى أواخر القرن الماضي لم يزد عن التوسع الكمي في عدد المدارس والجامعات من دون الاهتمام بنوعية البرامج التعليمية التي تتطلبها عملية النمو والتقدم..! لقد نتج عن هذا الخلل تفاقم معدلات البطالة في أوساط الشباب والفتيات من خريجي الجامعات وبالتالي تزايد عمليات الهجرة التي يسميها البعض: هجرة العقول والأدمغة..!؟ فإضافة إلى عدم توفر العمل لم تتوفر مراكز بحثية علمية تتيح الفرص للمبدعين من أصحاب العقول فاستقطبتهم الجامعات ومراكز الأبحاث في العديد من الدول الغربية لتبقى المجتمعات العربية الإسلامية حتى اليوم مستهلكة لما ينتجه الآخرون وهكذا فإنه ما لم تتوقف هذه المجتمعات عن التغني بالأمجاد الغابرة والانصراف المبرمج لتعزيز دور الجامعات في مسألة البحث العلمي تساوقاً مع التنمية فإنه لا سبيل لنهضتها وستبقى مهمة هذه الجامعات منحصرة في تخريج أجيال متتالية من حملة الشهادات لا أكثر ولا أقل وعلى هذا النحو وعليه فإنه لا يمكن لهذه المجتمعات الادعاء بأنها مشاركة حقيقية في حضارة العصر الراهن التي قرنت بين العلم والعمل والثقافة والتغيير المستمر فالتنافس في عالم اليوم ليس تنافساً بين ما قدمته المجتمعات الإسلامية من علوم في الماضي السحيق وما يقدمه الآخرون اليوم كما يرى الفقهاء وكامل طبقة
الإيديولوجيين الدينيين المندرجين في أحزاب ومنظمات دينية شتى...!؟ لقد بات الجميع يعيشون تحت خيمة حضارية تنافسية واحدة تخسر فيها المجتمعات العربية كل يوم المزيد من طاقات المبدعين العاملين في ميادين العلوم المختلفة والتي لا يمكن توطينها ما لم تستكمل كل مقومات النهوض العلمي، وعلى مثل هذا النهوض وحده تتوقف إمكانية الحديث عن نهضة تنموية لأي مجتمع..!؟ إن الأساس الوحيد الذي يتيح
للمجتمعات العربية انطلاقة حضارية فاعلة، يتوقف على مدى توفير مستلزمات بسط سيادة العلم على جميع قطاعات الحياة ولا تشكِّل هذه السيادة قطيعة مع التراث والتاريخ كما يتراءى للبعض والتجربة اليابانية خير دليل على ذلك لكن، في الوقت نفسه، نحن نرى في هذه التجارب الناجحة تلك البصيرة التي كرسَّت مفهوم جديد في التعاطي مع التراث كثقافة والتاريخ كسياق حيث لم يشكِّل الإخلاص لهما حجر عثرة في طريق الانحياز للعلم أما استمرار هيمنة ثقافة العقل النقلي في المجتمعات العربية الإسلامية وإعادة إنتاج ثقافة الماضي بكل مكوناتها وقيمها كما هو حاصل فهذا يعني تراكم المزيد من الصعوبات والمعيقات والاستحالات...!؟ و من المفارقات الأكثر خطورة التي تعمّ مجتمعات العرب الإسلامية التي تستهلك كل أدوات ومفرزات الحداثة من دون تردد، تبرز مسألة تجريد مخرجات الحداثة وعزلها عن القيم الثقافية والمعرفية المرافقة بهدف إبقاء الأجيال المتتالية رهن ما أنتجته عصور التخلف والاستبداد من ثقافات وقيم الأمر الذي يعني تكريس مناعتها، وتعزيز حصانتها، لتظل عصية على التأثر بمعارف وقيم العصر ويكمن خلف ذلك استمرار تقديس الماضي بما هو عقيدة وإيمان وثقافة وقيم وقد ترسخ هذا التقديس عبر الزمن من خلال عمل دءوب يقوم به عدد هائل من الفقهاء والدعاة والمشايخ الموظفين عند الحكام أوحتى أولئك المعارضين لهم الأمر الذي يجعل من التقدم والتغيير في المجتمعات العربية الإسلامية إشكالية معقدة و شبه مستحيلة...!؟ لقد استثمر الحكام العرب على اختلاف مسمياتهم هذا المعطى الديني المتوارث الذي فيه استغفال لعقول العامة واستثمار لانسياقها الإيماني فعملوا على مصادرة المقدس لحسابهم جاعلين منه حشوة مبطنة في أيديولوجيا التسلط والاستبداد القديم منه والحديث الذي صار ينتج أنبياء برتبة قادة وزعماء استثنائيين.!؟
لهذه الأسباب وكثير غيرها، تبدو مسألة التغيير المتناسق مع سمة العصر واستحقاقاته في غاية الصعوبة فالمسألة ليست محض سياسية.! إنها مسألة نسق تاريخي متواتر وثقافة سائدة موروثة فكل تغيير في مستوى محدد يفترض التغيير في باقي المستويات.. والذي يحدث أنه حين تتوفر إمكانية التغيير في مستوى تبرز مناعة وممانعة في مستوى آخر كما حدث في العراق ولبنان.. ولا يزال يحدث...!؟





#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهافت التهافت
- كأس رعايا جلالته...!؟
- هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا...!؟
- فتاوى مجانية...!؟
- تحالف جماعات الاستثمار...!؟
- أوباش بلا حدود...!؟
- كليات التجهيل الشرعي...!؟
- هيئة مشايخ حقوق الإنسان...!؟
- الاشتراكية الإسلامية الديمقراطية الليبرالية...!؟
- الإسلام هو الحل إذن: ماذا عن التوريث..والتعذيب..والاغتيال... ...
- في سياق الجدل العقيم...!؟
- مشروع ( حاج ).. و تنظيم النخبة...!؟
- ذيل الكلب...!؟
- أمريكا في المرمى...!؟
- لماذا بقيت كتابات البعض بلا مردود...!؟
- فتيل جهنم لبنان......!؟
- الميئوس منه.. أم المسكوت عنه...!؟
- زوال إسرائيل... أم غيرها...!؟
- العابرة للأديان.. والأيديولوجيات.. والحدود...!؟
- أم علي.. ومناورات السلام الإسرائيلية...!؟


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - معضلة التقدم في المجتمعات العربية...!؟