أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الجبار منديل - حركة القرامطة في العراق والخليج... اقتصادها وفلسفتها ( الجزء الثالث والأخير)















المزيد.....

حركة القرامطة في العراق والخليج... اقتصادها وفلسفتها ( الجزء الثالث والأخير)


عبد الجبار منديل

الحوار المتمدن-العدد: 2468 - 2008 / 11 / 17 - 08:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يقول الإمام الغزالي وهو احد الفقهاء المناوئين بشدة للقرامطة حيث يتهمهم بالكفر والإلحاد، انهم نظموا حيلهم وظلالاتهم على سبع درجات لكي يخدعوا الناس حيث وضعوا لكل درجة اسم وهذه الدرجات هي 1 :
1- الزرق والتفرس : اي ان يكون الداعي القرمطي فطنا وذكيا صحيح الحدس صادق الفراسة .
2- التأنيس : اي تأنيس المستجيبين للدعوة القرمطية بالكلام الرقيق والمواعظ اللطيفة وتلاوة القرأن الكريم وذلك من خلال المبيت كل ليلة عند واحد منهم .
3- التشكيك : اي الإجتهاد في تغير اعتقاد المستجيب والتشكك في مقررات الشرائع وفي خلق الله للعالم عن طريق الجدل الفلسفي والمناقشات الفكرية .
4- الربط : اي اخذ العهد والميثاق على كل مستجيب بالإخلاص للحركة .
5- التدليس : وذلك بتشجيع المستجيب عن البحث في باطن القرأن لصالح فلسفة الحركة وانتصارها .
6- الخلع : اي ترك العمل بالتكاليف .
7- السلخ : اي ترك الدين والعقيدة .
وبالطبع هناك الكثير من المبالغة في بعض هذه النقاط فعملية الإنسلاخ عن الدين غير ثابتة لأن القرامطة كانوا يتمسكون ببعض الشعارات الدينية ويستشهدون بالأيات القرأنية ويقول ابن الأثير 2 ان أعلام القرامطة كانت بيضاء مكتوب عليها الأية ( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ) .
ومهما تعددت الإتهامات الموجهة للقرامطة فإنه يمكن القول ان الحركة القرمطية قامت بتأويل الأفكار الدينية الإسلامية وسعت الى توظيفها في خدمة الحركة السياسية والإجتماعية القرمطية مستندة الى بعض الأفكار الفلسفية التي تتعلق بالخلق والخالق والعدالة السماوية مع التشكيك ببعض الأصول الدينية التي تستخدمها الطبقات الحاكمة لخدمة مصالحها .
في الفكر الإقتصادي القرمطي
من الخطأ التصور ان الحركة القرمطية كانت تمتلك نظرية اقتصادية متاكاملة او انها تمتلك نظرية واحدة موحدة في كل المناطق التي سيطر عليها القرامطة . فالنظام الإقتصادي القرمطي في العراق هو غير النظام الإقتصادي القرمطي في الخليج . ومع ذلك يمكن القول ان هاجس القرامطة في الأمصار كافة كان تحقيق شكل من اشكال المساواة والعدالة الإقتصادية .
في سواد العراق كانت مسألة الأرض هي الشعار المركزي للقرامطة وذلك استجابة لظروف العراق الذي كانت فيه هذه المسألة تعد القضية الأكثر الحاحا والتي تساعد عملية طرحها على اثارة حماس الفلاحين لذلك كان شعارهم الرئيس هو ( تمليك اهل القرية املاك اصحابهم ) ومن ثم العبور الى الملكية العامة للأرض على اساس ان تكون القرية هي وحدة التنظيم الأساسية وفقا
للمقريزي 3 . ويكون المختار هو زعيم القرية الذي يجمع الأموال ويشرف على انفاقها على الفقراء والمعوزين. ويقول المقريزي انه لم يمتلك احد منهم الا سيفه وسلاحه 4 . وكل شئ ما عدا السيف والسلاح بما في ذلك المال و الأرض كان مشاعا .
اما في الخليج حيث ملكية الأرض لا تحظى بذات الأهمية التي تحظى بها في سواد العراق فإن التنظيم الإقتصادي القرمطي كان يهتم بشؤون التجارة وتنظيم المعاملات بين المواطنين . يقول احد المؤرخين واصفا نظامهم الإقتصادي والذي هو نوع من انواع التكامل الإقتصادي او النظام التعاوني ... ( انهم يأخذون عشورا في الرعية واذا افتقر انسان او استدان يتعهدونه حتى يتيسر عمله . واذا كان لأحدهم دين على الأخر لا يطالبه بأكثر من رأس المال .) ... ( وفي مطاحن مملوكة للسلطان تطحن الحبوب للرعية مجانا ويدفع السلطان نفقات اصلاحها واجور الطحانين , والبيع والشراء والعطاء يتم بواسطة رصاص في زنابيل يزن كل منها ستة الاف درهم . فيدفع الثمن عددا من الزنابيل وهذه العملة لا تسري في الخارج ) 5 .
وعلى ذلك يمكن القول ان الدعوة القرمطية وضعت شكلا من اشكال النظرية الإقتصادية البسيطة التي تستند في اصولها الى الدين الإسلامي او تستفيد من بعض طروحاته وتستخدم الأيات القرأنية كأسس اقتصادية نظرية . وهذه الأسس يتم تطبيقها على مراحل ابتداء من المراحل البسيطة وصولا الى المجتمع القرمطي الكامل الذي يمثل مجتمع الحلم بالنسبة لهم . او حسب المصطلحات الحديثة المدينة الفاضلة واليوتوبيا . وهذه المراحل هي :
المرحلة الأولى : الفطرة وهي ان يؤدي كل رجل او امرأة درهما واحدا الى بيت المال بمثابة الصندوق المالي الإحتياطي .
المرحلة الثانية : مرحلة الهجرة وهي ان يؤدي كل رجل او امرأة دينارا واحدا حسب الأية ( خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن عليهم والله سميع عليم ) 6 .
المرحلة الثالثة : مرحلة البلغة وهي فرض ( البلغة ) التي هي سبعة دنانير وقالوا ان ذلك بلاغ لمن يريد الإيمان والدخول مع السابقين المذكورين في الأية ( والسابقون السابقون اولئك هم المقربون) .7
المرحلة الرابعة : مرحلة الخمس وذلك بفرض جباية خمس ما يملكون وما يكسبون استنادا الى الأية ( واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه ) 8 .
المرحلة الخامسة : مرحلة الإلفة وهي المرحلة الأخيرة التي يقام فيه المجتمع الكامل والمدينة الفاضلة وسميت الألفة استنادا الى الأية ( واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا ) 9 . وكذلك الأية ( لو انفقتم ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبكم ولكن الله الف بينهم انه عزيز حكيم ) 10 .
ومجتمع الإلفة كما يقول المقريزي هو ( ان يجمعوا اموالهم في موقع واحد وان يكونوا فيه اسوة واحدة لا يفضل احد منه صاحبه واخاه في ملك يملكه * 11 .
الخلاصة :
صفوة القول فيما سبق ومن خلال استعراضنا لأفكار الحركة القرمطية فانها كانت حركة جريئة في ذلك الوقت المبكر من التاريخ وانها برغم عدم امتلاكها نظرية متكاملة فقد وضعت هدفها الأساسي في اجراء تغيرات بنيوية في المجتمع ورفع الحيف عن الطبقات المسحوقة وتحطيم الأطر الإجتماعية القائمة واحلال اطر جديدة بدلا منها مع استخدام الدين او تحديدا بعض الأيات القرأنية لتحقيق ماربها السياسية والإقتصادية والإجتماعية .
الهوامش :
1- الغزالي – فضائح الباطنية – ص 21 .
2- ابن الأثير – الأكليل ج 8 ص 69 .
3- المقريزي – اتعاظ الحنفا, ص157 .
5- ناصر خسرو – سفرنامة, القاهرة 1945 ص92-93 .
6- القرأن الكريم سورة التوبة الأية 104 .
7- القرأن الكريم , سورة الواقعة , الأية 10 .
8- القرأن الكريم , سورة الأنفال , الأية 41 .
9- القرأن الكريم , سورة ال عمران, الأية 103 .
10- القرأن الكريم , سورة الأنفال , الأية 63 .
11- المقريزي , اتعاظ الحنفا , ص 157 .



#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة القرامطة في العراق والخليج... اقتصادها وفلسفتها ( الجزء ...
- حركة القرامطة في العراق والخليج... اقتصادها وفلسفتها ( الجزء ...
- جمال عبد الناصر والعلاقة المعقدة مع نوري السعيد وعبد الكريم ...
- جمال عبد الناصر والعلاقة المعقدة مع نوري السعيد وعبد الكريم ...
- جمال عبد الناصر والعلاقة المعقدة مع نوري السعيد وعبد الكريم ...
- قراءة في مذكرات الشيخ صلال الموح - من قادة ثورة العشرين القس ...
- قراءة في مذكرات الشيخ صلال الموح - من قادة ثورة العشرين
- الحسد هل هو وباء جديد في العراق
- الدكتور علي الوردي
- دور التخلف في نشوء الحركات السلفية
- قضاة ومتهمون ..على الطريقة العراقية
- هل السياسيون العراقيون مع المحاصصة ام ضد المحاصصة ؟
- مقتل عبد السلام عارف - ذكريات شخصية
- تنامي روح القطيع في بعض الكيانات السياسية العراقية
- تفجيرات الجامعة المستنصرية ومحاولة اغتيال طارق عزيز - ذكريات ...
- مدينة الصدر ..مدينة البؤس والغضب
- محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم - ذكريات شخصية
- تأسيس وتوحيد الدول وتفتيتها - العراق نموذجا
- المحاكمات السياسية في العراق - محكمة المهداوي نموذجا
- البحث عن المدينة الفاضلة


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الجبار منديل - حركة القرامطة في العراق والخليج... اقتصادها وفلسفتها ( الجزء الثالث والأخير)