أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الجبار منديل - البحث عن المدينة الفاضلة















المزيد.....

البحث عن المدينة الفاضلة


عبد الجبار منديل

الحوار المتمدن-العدد: 2232 - 2008 / 3 / 26 - 10:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل مسار التاريخ البشري على هذا الكوكب يؤكد ان كل الصراعات التي نشبت عبر التاريخ والتي لا تزال تنشب تهدف الى هدف واحد، ولكن بأساليب مختلفة، الا وهو بناء المجتمع المثالي القائم على العدل والمساواة، والذي يخلو من الظلم والعوز وصولا الى الصورة المثالية للعالم . وها هي الأحداث المعاصرة تؤكد لنا كل يوم ان كل الفلسفات والعقائد والأيديولوجيات ومن يقف خلفها من مجموعات سياسية او اجتماعية او اقتصادية تهدف الى ذلك او تدعي انها تهدف .
وقد اجتهد المفكرون والفلاسفة في محاولاتهم لرسم صورة للمجتمع المثالي وسماها كل منهم على طريقته الخاصة . ولعل التاريخ المكتوب يذكر ان اول من قام بذلك هو الفيلسوف اليوناني افلاطون من خلال كتابه ( الجمهورية ) الذي حاول ان يرسم فيه صورة المجتمع المثالي في ذلك الزمن المبكر من تاريخ الإنسانية . وعلى الرغم ما شاب هذه المحاولة من جانب خيالي صعب التطبيق وكذلك ما انعكس عليها من طبيعة المجتمع اليوناني القديم القائم على اساس النخبة المختارة من البشر ووجود العبودية للأجانب والأسرى فإن الكتاب اكتسب شرف السبق والريادة فى هذا المضمار .
كما ان الحضارة العربية الإسلامية ساهمت هي الأخرى في هذا المجال حيث كتب الفيلسوف الفارابي كتابه ( المدينة الفاضلة ) الذي حاول من خلاله ان يصور مدينة خيالية فيها مجتمع مثالي قائم على العدل والأخلاق .
اما اول كاتب اوربي قام بذلك فهو الكاتب والفيلسوف الانكليزي توماس مور ( 1478 – 1535 ) في كتابه ( يوتوبيا ) او المدينة المثالية . وفي هذا الكتاب عرض ( مور ) صورة لرحلة خيالية الى دولة مثالية شرح من خلالها فلسفته . ففي هذه الدولة يعيش شعب سعيد حيث لا حروب تفتك بأبنائه ولا ملكية خاصة تشعل نيران الجشع في النفوس ولا حكام مستبدين ولا امتيازات للنخبة الحاكمة تحولها الى طبقة فوق الشعب . فالمساواة كاتت قائمة بين الناس جميعا وهدف الجميع هو ان يحقق الفرد السعادة لنفسه وللأخرين وكان ذلك مادة علمية يدرسها الطالب في المدرسة منذ نعومة اظفارة . ومجتمع اليوتوبيا ينبذ العنف من اي مصدر كان سواء من قبل الأفراد او من قبل المجتمع او من قبل الدولة لذلك فأنهم يمقتون الحرب مقتا شديدا لأنها نكسة للإنسانية وعودة الى عهد الهمجية المتوحشة كما انهم لا يعدون النصر في الحرب شيئا مشرفا لأن الحرب كلها غير شريفة . و لا يوجد فقر او عوز لأن كل شيئ مشاع بين الناس وكل الأموال مقسمة تقسيما عادلا لذلك فإنه مجتمع بدون نقود ولأن المجتمع يقوم بإشباع حاجات كل الأفراد .
وقد سار على خطى توماس مور مجموعة من الكتاب والفلاسفة ابرزهم في القرن التاسع عشر ( صموئيل بتلر ) و( وليم مورس ) الذين كتبا بدورهما صورة عن المجتمع المثالي وما يجب ان يكون عليه .
وفي القرن العشرين فإن ابرز من تصدى لرسم صورة المجتمع المثالي هو الكاتب الإنكليزي ( هربرت جورج ويلز ) في كتابه ( اليوتوبيا الحديثة ) ، وكان ويلز يؤمن بالإشتراكية لذلك فقد انعكس في كتابه هذا صورة المجتمع الإشتراكي المثالي . ولعل ابرزها ما دعى اليه هو ضرورة وجود حكومة عالمية تشمل الكرة الأرضية بأسرها لأنه – حسبما يعتقد – لا يمكن اقامة مجتمع مثالي في بلد واحد في حين ان قانون الغاب يسود في البلدان المجاورة .
بعد كل هذه المحاولات عن تصوير المدنية الفاضلة عبر افكار طوباوية لا يمكن تطبيقها في عالم الواقع فقد تصدى الكاتب والفيلسوف الألماني ( كارل ماركس ) ورفيقه ( فردريك انجلز ) الكاتب الإنكليزي الى رسم صورة للمجتمع المثالي – بعد دراسة حركة وتاريخ الشعوب – يمكن تطبيقها وفقا لقوانين فلسفية واقتصادية واجتماعية والتي يمكن الوصول اليها عبر مخاضات طويلة وشاقة واسموا ذلك المحتمع ( الشيوعية ) والنظرية التي توصل الشعوب الى هذا المجتمع هي النظرية الماركسية .
تستند النظرية الماركسية الى ركنين أساسين هما ( الفلسفة المادية الديالكتيكية ) و ( الفلسفة المادية التاريخية ) ومن خلال هاتين الفلسفتين تتابع الماركسية تطور التاريخ الإنساني منذ فجر الحضارات وحتى الوقت الراهن وتقول ان المجتمعات الإنسانية مرت بعدة مراحل وهي المشاعية البدائية ثم القنانة او العبودية ثم الإقطاع ثم الرأسمالية . وهذه التطورات تتم وفقا لقانون ( الحتمية التاريخية ) حيث ان كل مرحلة تؤدي حتما الى المرحلة التي تليها نتيجة التراكمات الإجتماعية والإقتصادية التي تتم في كل مرحلة، ووفقا لهذا التحليل فإن الراسمالية تؤدي الى الإشتراكية وتؤدي الإشتراكية الى الشيوعية . وفي الإشتراكية يكون القانون الأساسي هو ( من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله ) اما في الشيوعية فهو ( من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته ) .
ان الراسمالية وفقا للماركسية تحفر قبرها بيدها حيث ينشأ في ظلها تناقض بين الإسلوب الجماعي لعمل وسائل الإنتاج والإسلوب الفردي لملكية وسائل الإنتاج ، هذا التناقض الذي سوف يؤدي الى انفجار الراسمالية من الداخل وبالتالي انهيارها ,
فالصراع الطبقي الذي ادى الى انهيار كل المراحل السابقة التي مر بها المجتمع الإنساني وتحولها الى المراحل التي تليها سوف يؤدي ايضا الى زوال الراسمالية . وقال القائد الشيوعي ( لينين ) ان الإمبريالية هي اعلى مراحل الراسمالية لأن البرجوازية بحاجة الى تصريف منتجاتها وبالتالي الى اسواق جديدة ، وهكذا تبدأ بغزو البلدان والسيطرة عليها بهدف تصريف منتجاتها لذلك فإنها تشعل الحروب التي سوف تقضي عليها في نهاية المطاف .
بعد انهيار الإتحاد السوفيتي بدأ الكثيرون يشككون بصحة النظرية الماركسية ولكن الماركسيون يقولون ان وراء انهيار الإتحاد السوفيتي مجموعة من الأخطاء التي لاعلاقة لها بالماركسية وانهم اذا كانوا بذلك قد خسروا جولة امام الرأسمالية فأمامهم جولات والحرب سجال .
انصار الرأسمالية لم يصمتوا فهم يرون الراسمالية والليبرالية هما المجتمع المثالي ولكن بعد ترشيد الراسمالية وتطوير بعض جوانبها . وقد كتب الكاتب الأميركي من اصل ياباني ( فوجوياما ) كتابه الموسوم ( نهاية التاريخ ) يحاول فيه ان يثبت بان الراسمالية سوف تبقى الى الأبد وانها المجتمع المثالي المنشود ذلك انها في ظل الليبرالية قادرة على تجديد نفسها ونزع جلدها المرة بعد الأخرى من اجل الوصول الى الشكل المثالي للنظام الإقتصادي و الراسمالي .
لقد سعى الإنسان طوال تاريخه المعروف والمسجل الى البحث عن المدينة الفاضلة التي يقام فيها العدل ويسود منطق الحق والعقل بين مختلف شرائح البشر عن طريق مختلف الفلسفات والأيديولوجيات . وسيبقى ذلك ديدنه الى الأبد .



#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن البطل المنقذ
- دور الشائعات في حياة المجتمع العراقي
- العولمة بين انصارها وخصومها
- الفساد في العراق... الوباء القديم الجديد
- الجامعه المفتوحه


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الجبار منديل - البحث عن المدينة الفاضلة