أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار منديل - دور التخلف في نشوء الحركات السلفية














المزيد.....

دور التخلف في نشوء الحركات السلفية


عبد الجبار منديل

الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ اواسط القرن الماضي ظهرت الكثير من الدراسات الأكاديمية التي تتعرض للتخلف وتصف مظاهره المتعددة ، وكان ذلك استجابة لبروز العديد من الدول النامية بعد الحرب العالمية الثانية وخلال فترة الخمسينات والستينات من المستعمرات السابقة التي استقلت حديثا . لذلك فقد اصبحت شائعة المواد العلمية والبحوث في المؤسسات الجامعية والبحثية التي تتحدث عن علم اقتصاد التخلف وعلم اجتماع التخلف او التنمية الإقتصادية والتنمية الإجتماعية الخ .
ان عملية التنمية ليست عملية سهلة كما يتخيل البعض ، فهي ليست فقط عملية بناء مؤسسات صناعية او تربوية او خدمية، بل هي عملية تغير بنية اجتماعية كاملة . وبما ان البنى الاجتماعية القديمة والراسخة تمتلك في جذورها هياكل وقيم مقاومة للتغيير فأن هذه الهياكل والقيم تجد في التغيير تهديدا لوجودها، بيد انها تدعي انه تهديد لوجود المجتمع ككل، لذلك تجد الكثير من الأنصار من افراد المجتمع الذي يسعى نحو التغيير، لأن التخلف يكمن اساسا في روح ونفسية وذهنية انسان المجتمع المتخلف .
ان ابرز السمات لدى الإنسان المتخلف هو انه يحتفظ بمجموعة من المسلمات التي يعتبرها غير قابلة للمس . فهي اقانيم مقدسة يمنع منعا باتا المساس بها او مناقشة فيما اذا كانت تمتلك مثل هذه القداسة فعلا ام لا ؟ فهي مثل الأصنام لدى الشعوب الوثنية التي يمنع الفرد نفسه قسرا من التفكير في الميثولوجيا الخاصة بها ، بل ويمنع غيره من ذلك . وهكذا يتحول المجتمع كله الى حارس للمقدسات تستعصي على المناقشة والتحليل العلمي لأنها من ضمن الممنوعات ومن ( التابو) العقائدي المحرم .
ان منهجية البحث العلمي التي مارستها المجتمعات المتقدمة قبل ان تنهض هي التي اتاحت لها منذ قرون ان تضع بواكير النهضة العلمية في العالم . فقد اتاحت لها فعلا ان تكتشف عدم مركزية كوكب الأرض وبأن الأرض ليست اكثر من كويكب صغير تائه في فضاء الكون اللامتناهي وهي التي اتاحت لها الغاء هندسة اقليدس السكونية ذات الأبعاد الثابتة وهي التي اتاحت لها ان تكتشف عن طريق الحفريات والتنقيبات بان عمر الكون ليست اربعة الاف سنة كما كان يؤكد القدماء بل هي الاف الملاين من السنين ( تقدر باربعة مليارات سنة ) وهي التي اتاحت لها الخروج الى الفضاء الخارجي الذي كان البعض في السابق يعتقد بانه فضاء مغلق .
ان من طبيعة الإنسان المتخلف هو ان لديه مجموعة من الأفكار الجامدة التي يفسر بها كل شيئ على عكس الإنسان المتطور الذي يعتمد فلسفة اللايقين ويخضع كل شيئ للبحث والتمحيص الى ان يصل الى الحقائق النسبية . وحتى هذه الحقائق او الأفكار لا يجعل منها مسلمات بل هي حقائق مؤقتة يمكن ان يتحقق عكسها في حالة مواصلة البحث والتدقيق .
ان قيم التخلف تدفع المجتمع دفعا نحو السلفية . فالروح السلفية هي تعبير عن الفشل في مواجهة الحاضر او الشعور بالعجزتجاه قوى الحداثة والعلم، لذلك فإنها تدفع الى النكوص الى ( الماضي السعيد ) والإحتماء بأمجاده عن الواقع المعقد في الوقت الراهن . وهي كلما واجهت فشل جديد اوغلت اكثر الى التلذذ بذكرى الماضي التليد من خلال طمس عيوبه وجوانب فشله والمبالغة في تضخيم حسناته ونجاحاته . وهكذا يتحول الماضي الى عالم من السعادة والمجد والعظمة على عكس الحاضر الذي هو عنوان الخذلان والعجز .لذلك فالسلفية هي نوع من الهروب من فشل الحاضر الى فردوس موهوم في الماضي .
ان العنف الذي تلجأ اليه الحركات السلفية انما هو تعبير عن اليأس وقلة الحيلة وهو تعبير غير عقلاني بل انه تعبير غرائزي وحيواني ، والشدة التي تتصرف بها هي شدة انسان يشعر بالقنوط والإحباط وان ليس امامه الا العنف الأعمى .
تشعر الحركات السلفية انها تتماهى بالبطولات والأمجاد الغابرة والفتوحات العسكرية القاهرة ، لذلك لا ترى من خلاص من مأساة الحاضر الا بالعودة الى الماضي والتراث دون مراعاة حركة التأريخ وتغير الأزمان وتوازن القوى مما يعرضها الى خسارة الحاضر دون ان تربح الماضي .
ان المفروض بالإنسان المتحضر ان يستعمل الماضي كمصدر الهام لمواجهة تحديات العصر وان يكون الماضي المجيد وسيلة لإستنهاض الهمم لا لتخديرها وبما يمنع المجتمع من المرونة في التحرك لمواجهة التحديات واستنباط الأساليب و الأليات التي تتفق مع الوقت الحاضر وتفهم لغة العصر . ودراسة الأساليب التي يستخدمها الأخرون والسعي الى تطويعها وفقا لظروفنا بما يؤدي الى التقدم .



#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضاة ومتهمون ..على الطريقة العراقية
- هل السياسيون العراقيون مع المحاصصة ام ضد المحاصصة ؟
- مقتل عبد السلام عارف - ذكريات شخصية
- تنامي روح القطيع في بعض الكيانات السياسية العراقية
- تفجيرات الجامعة المستنصرية ومحاولة اغتيال طارق عزيز - ذكريات ...
- مدينة الصدر ..مدينة البؤس والغضب
- محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم - ذكريات شخصية
- تأسيس وتوحيد الدول وتفتيتها - العراق نموذجا
- المحاكمات السياسية في العراق - محكمة المهداوي نموذجا
- البحث عن المدينة الفاضلة
- البحث عن البطل المنقذ
- دور الشائعات في حياة المجتمع العراقي
- العولمة بين انصارها وخصومها
- الفساد في العراق... الوباء القديم الجديد
- الجامعه المفتوحه


المزيد.....




- لحظة القبض على صبي عمره 12 عاما يتسابق مع مراهق بالسيارة.. ش ...
- صحفيو غزة يدفعون ثمن الحقيقة
- العراق.. السوداني يشرف على الخطط الأمنية لعقد القمتين العربي ...
- الحوثيون يعلنون قصف هدف جنوب يافا
- رئيسة البرلمان الألماني: لا ينبغي للكنيسة أن تتحول إلى حزب س ...
- بسبب -تهديدات روسية- و-عودة ترامب-، مدنيون بولنديون يتوجهون ...
- زيلينسكي يرفض وقف إطلاق النار ل3 أيام ويوجه رسالة لمن سيحضر ...
- ترامب يُعلن كلا من 8 مايو و11 نوفمبر -يوم النصر- لأن -أميركا ...
- بنغلادش.. مظاهرة حاشدة ضد إصلاحات قانونية تضمن المساواة بين ...
- المغرب يطلق تحذيرا من خطر -سيبراني- كبير قد يطال المؤسسات ال ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار منديل - دور التخلف في نشوء الحركات السلفية