أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الجندي - مرثيّة إلى رجل طيب














المزيد.....

مرثيّة إلى رجل طيب


نبيل الجندي

الحوار المتمدن-العدد: 2468 - 2008 / 11 / 17 - 05:09
المحور: الادب والفن
    



مات ...
أخبرني تحجّر الدّمع في المقلتين، وتعثّر الكلمات، وخفقان القلب بأنّي أحبّه أكثر مما تخيلت.
مرّ بذاكرتي.. كالحلم، وكأن الحياة ليست سوى ممر يفضي إلى مهرجان التراب.
مرّ بذاكرتي .. يثير فيها تساؤلات عن قيمة الحياة، ولون الوجع، وأبعاد الحزن، وأشكال الفجيعة، وملح الدموع، وأبعاد الافتقاد.
مرّ بذاكرتي، ليحتلها بسؤال كبير: لماذا أحببته كلّ هذا الحب؟!
أترك لارتباكي وحيرتي وهلوساتي وجنوني شرف الإجابة على سؤال المحبة الكبير..
أحببت فيه نقاء قلبه وطيبته..
أحببت فيه عفوية لسانه، وبساطة أحلامه..
أحببت فيه كدح الفقراء الوادعين الطيبين القانتين المؤمنين..
أحببت فيه، كلّ ما فيه من تقوى وزهد وبراءة ورجولة ونقاء ومرح.

(2)
أصدّق يا سيّدي .. أنك مضيت في رحلة الحق... يرحمك الله.
في مرضك الأخير لم أكن أدري أنك تمضي نحو "حسن الختام"
لم أكن أدري أن " مرض السكر" سيخطفك منّا دون أن ترمي لنا بوصاياك العشر.
لم أكن أدري أنك سترحل دون أن تسامحنا على "مزحاتنا" معك.
آه يا سيدي كم كنت عفوياً وطيباً، يا سيّد الحبّ، ويا ملك الحنين ..
أيّها الجميل الطيب كوجه أمّي..
آه كم كنت طفلاً صغيراً أيّها الرّجل.
آه كم كنت كبيراً وعظيماً أيّها الرجل.
آه كم ملأنا الحزن والسّواد برحيلك..
يا أجمل السيمفونيات التي لم يخلق من يعزفها بعد.



(3)
الله يرحمك يا سيّدي ..
في الفاتح من شهر التوبة تودّعنا..
هل هان عليك أن تتركنا دون "سحور"؟!
هل هان عليك أن يمتزج فطورنا بالحزن والعطش والملح والدموع؟!
الله يرحمك .. كم كنت جميلاً في حضورك وفي رحيلك على السّواء!!
ترحل في أول شهر المغفرة ..
لتفتح في قلوبنا سفْر الحنين، وألف وباء الحزن والافتقاد..
آه ليت رحيلك تأخّر قليلاً..
كي نتهيأ قليلاً ..
كي نزرع بذور الحب والمسامحة باسمك..
ونبني- باسمك- مدنا للعاشقين الطيبين المنغرسين بجذور في الأرض معطاءة.
وكي نخلع في غيابك الدمعة من جذور جذورها..
وكي أهيئ مع "رسمي" و"فادي" و"محمد" وعزمي" وكل الذين يحبوك مهرجان الوداع والملح والتراب والحنين.
كم نحبك يا سيّد القلب الطيب.. المسكون ببراءة "سناء" ووجوه آمنة وفاطمة المنهكة بالغياب والفقدان، وكلّ الذين صدمهم رحيلك السّرمدي الأبدي.

(4)
ليتك تأخرت قليلا في الرّحيل..
كي نعتذر لك عن كل "مزحاتنا" معك، وإذ يثقلنا ضجر الغياب نعود لنمزح معك من جديد، فتختلط الدمعة والضحكة التي تملأ القلوب، في خليط هيولي خاص، أسميناه – أيّها الغالي- ذكراك.
سيدي ..
نلتقي في الإفطار الجماعي- ببيت العزاء..
نروي عباراتك المعهودة.. ونكاتك التي ألفناها، مرة نبكي.. ومرة نطلب لك الرحمة والمغفرة، وأخرى تخرجنا عذب كلماتك عن وقارنا فنضحك بصخب صاخب.



(5)
ذكراك يا سيّدي .. أشياؤك الصّغيرة، جلساتك، لباسك الفلاحيّ، قهوتك المسائية، أحاديثك الصّاخبة، "ولدناتنا" معك، تأنيبك لنا، هواء المكان، كلّ ما في المكان يحتلنا حدّ النحيب.. فندرك كم أنت حبيبنا يا حبيبنا.
يرحمك الله أيّها الحبيب
كم أغواك كرسيّ الغياب؟!
لترحل عنّا بسرعة خفقان القلوب التي أحبتك.
دوما كنت على عجل..
ودوما كنت في سباق مع الزّمن..
ما رأيناك مبطئاً إلا عندما أعياك – قاتله الله- المرض.
على غير عادتك... ما رأيناك هذا العام تعدّ لشهر الصيام عدته .."عمرة" أو ذبائح ارتبطت كلّ عام بصلة الرّحم.

(6)
يا سيدي ..
دوما كنت موحداً ومجمعاً ..
ما رأيت "العشيرة" تتجمع على شيء بقدر ما أجمعت على محبتك والدّعاء لك بالفردوس الأعلى.
سيدي نسيت أن أقول لك .. كم كان جثمانك مسرعاً، وكم كان وجهك مشرقاً، وقبرك فسيحاً، الله يرحمك يا سيدي..
الله يرحمك..
الله يرحمك.



#نبيل_الجندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوفدني إليك فارس داحس يا صاحب الغبراء وسيّدها.. والعكس بالعك ...
- سيمفونية الغياب والضجر
- إلى أين سيأخذني ظلّك هذا المساء؟
- قالت لي النّجوم في انقطاع الكهرباء..
- عندما عملت طباخا: خلطت التّين في العجين... وغضب مني الطّهاة
- مرثية الشهيد عماد أعمر
- يا خضر قد ملّني الصّبر: معلقة على بوابة الخضر
- عتاب.. وجلد.. وانتصار


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الجندي - مرثيّة إلى رجل طيب