الأمطار الغزيرة تؤجج الصراع حول الأرض بالأطلس الكبير الشرقي

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 03:55
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

نظم حوالي 120 شخصا من سكان أيت يعقوب مسيرة احتجاجية انطلقت صباح يوم الثلاثاء 04 نونبر 2008 سالكة في البداية الطريق الفلاحية الرابطة بين مركز أموكر وتراب جماعة أيت يحيى القروية، ثم انعرجت نحو الشرق لتنهج الطريق الجهوية الرابطة بين مركز إملشيل والريش أملا في الالتحاق بالطريق الوطنية رقم 13 المؤدية إلى مدينة الرشيدية، عاصمة الإقليم. وفي مغرب شمس يوم الأربعاء 5 نونبر 2008 ،اعترض المسؤولون سبيل المحتجين قرب قرية تحينوست غرب الريش. و في وقفة حوار قصيرة اقتنع المحتجون بالعودة إلى موطنهم حاملين في أذهانهم وعودا لم تكون في الغالب مفعولة.فما السبب في تنظيم مسيرة قطعت حوالي 80 كيلومترا خلال يومين متتابعين؟
احتج سكان أيت يعقوب على الاعتداء الذي تعرضت له أرضهم من طرف إيدالون العمال الزراعيون الذين سخرتهم الزاوية العياشية مقابل خمس الإنتاج لحرث أراضين تزعم أيت يعقوب أنها ملك لها. وهنا وجب الرجوع إلى الوراء لالتماس سبب الحدث. و قبل ذلك نذكر فقط أن سكان الأطلس الكبير الشرقي الناجين من هول كارثة الفيضان في شهر أكتوبر الماضي، استبشروا خيرا ، و بات معظمهم يفكر في حرث أرض كانت في القرون الماضية صالحة للزراعة البعلية. وبالمناسبة حزم سكان أيت يعقوب أمتعتهم و ساقوا دوابهم إلى مواطن الحرث القديمة فوجدوا سكان إيداليون قد شرعوا في حرثها. و للإشارة فإن إيداليون كشركاء زراعيين بالخمس في أرض الزاوية العياشية قطعوا علاقتهم مع الزاوية العياشية في السنوات الأخيرة، لما بدأت السلطة المحلية تضرب العرف. و يرى سكان أيت يعقوب بأن الأرض المسقية التي في حيازة إداليون كانت بالأمس في حوزة أيت موسى وحدو الذين يقطنون ـ للآن ـ قرية أيت يعقوب، و قد سيطروا عليها بالقوة قبل أربعة قرون،عملا بعرف أيت حديدو القبيلة الأمازيغية التي تربط علاقة دموية بالأرض تقوم على الحرب. و إلى حدود نهاية القرن السادس عشر الميلادي كانت قرية أيت يعقوب مركزا تجاريا مهما يؤوي فرعين قبليين : أيت عياش و جراوة (جروان). و كان سكانها يمارسون أيضا الزطاطة(كلمة أمازيغية تعني الحراسة) بالممر الاستراتيجي تيزي ن تلغمت بأمر من السلطة المركزية. وفي مطلع القرن السابع عشر تحالفت أيت موسى وحدو إحدى بطون أيت كرهور الحديديوية مع جروان لإخراج أيت عياش من القرية،و كان النجاح حليفهما. و لم يمكث التحالف الجديد المكون من أيت موسى وحدو جروان سوى بعض الوقت لتستنجد أيت موسى وحدو بشقيقتيها أيت سعيد وحدو و أيت عمرو وحدو، فتم إخراج جروان من قرية أيت يعقوب عنوة وحرر مجال وظيفي يمتد شرقا إلى مشارف نزروفت(تعني بالأمازيغية الصحراء). و كانت أيت عياش قد استقبلت وقتذاك أسرة قادمة من فيجيج انقطعت لتعليم الأبناء و ممارسة التصوف الطرقي على الطريقة الشادلية الجزولية. و بعد الخروج القسري من ايت يعقوب اتجهت ايت عياش نحو هضبة ملوية شمال جبل العياشي المنسوب إليها، في حين فضلت الأسرة المتصوفة الاستقرار بقرية تزروفت. و في سنة 1634 هجرية حصل أحد أبنائها أبوبكر العياشي براءة تأسيس الزاوية من لدن الشيخ الصوفي أبي بكر الدلائي. و في وقت لا نملك دليلا على تحديده أحست ايت موسى وحدو بأنها ارتكبت خطأ في حق أجداد أبي بكر العياشي فمنحت للزاوية العياشية أرضا مسقية تدعى إداليون أو أن سكانها ـ وهو التقدير الراجح ـ يدعون إيدالون لأن للكلمة علاقة بحصاد المحصول الزراعي وجمعه. و لضمان مردود زراعي فكرت الزاوية في تكليف من يحرث الأرض بالخمس فاستقدمت عمال زراعيين من أصل إفريقي جنوب الصحراء. و يزعم سكان ايت يعقوب بالحق أنهم منحوا للزاوية العياشية أرضا مسقية و لم يمنحوها أرضا بعلية. لذلك يحتجون على إداليون لما أقدموا على حرث أرض ليست في ملك الزاوية. و لا ندري ما المسار الذي يمكن أن يتخذه النزاع علما أن السلطة لا تفتأ تعمق الأزمات بدل التفكير في الحل.لذلك فالوعد الذي قدم للمحتجين لن يكون في الغالب مفعولا. ولا بأس من التذكير بأن أيت يعقوب كانوا قد نظموا مسيرة احتجاجية يوم الأربعاء 21 مايو 2008 شارك فيها حوالي 90 مواطنا يطالبون برفع العزلة على تجمعهم السكني بشق طريق لائقة لمرور العربات والناقلات، وبفتح مستوصف قروي بقريتهم يضمن بعض الإسعافات الأولية. وللأسف حوصرت المسيرة قرب قرية تيغجدت، بأمر من قيادة أيت يزدك التي توظف دوما لمصادرة الحريات العامة وتضييق الخناق على بعض الفاعلين الجمعويين في الميدان.و لما تبينت السلطة من قوة عزيمتهم أقنعتهم ببعض الوعود.

#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات