أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - فرصة لتوسيع الديمقراطية العالمية!















المزيد.....

فرصة لتوسيع الديمقراطية العالمية!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2448 - 2008 / 10 / 28 - 08:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ينبغي أن تكون الأزمة المالية العالمية الراهنة نذيرا بانهيار الولايات المتحدة أو سقوط الرأسمالية حتى تكون أزمة كبرى ومفصلية فعلا. وقد لا يتأخر الوقت قبل أن تنتقل الأزمة من النطاق المالي إلى النطاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والإيديولوجية. منذ الآن يجري الكلام مثلا على إعادة الاعتبار للدولة أو على الحاجة إلى ما يسمى في الولايات المتحدة "الحكومة الكبيرة". ومعلوم أن السياسات النيوليبرالية المتهمة بمسؤولية مباشرة عن الأزمة هي أيضا السياسات المنحازة إيديولوجيا ضد اضطلاع الدولة بدور اقتصادي واجتماعي معولة على الدور المنظم والعام للسوق.
وأيا يكن الأمر، فقد ارتفع الطلب فوريا على تدخل الدولة في المجال الاقتصادي، والأرجح أنه مرشح لمزيد من الارتفاع في المستقبل المنظور. وهو بذلك يسير عكس اتجاه عالمي عمره ينوف على عقدين، التقت فيه عملية العولمة وتكون مجال اقتصادي دولي مستقل عن الدول جميعا، مع تحلل نماذج الاقتصاد والاجتماع الدولاني "الاشتراكية" في الاتحاد السوفييتي وأوربا الشرقية. كان التحلل هذا أفضى حتى إلى تراجع اعتبار السياسات الاشتراكية الديمقراطية في غرب أوربا، إلى حد أنه لم يكن في وسع الاشتراكيين الفرنسيين والعماليين البريطانيين والاشتراكيين الديمقراطيين السويديين ( وإدارة كلينتون في أميركا) غير الاندراج ضمن التوجهات النيوليبرالية الصاعدة. ويحتمل أن تسير الأمور اليوم في اتجاه معاكس: أزمة النيوليبرالية تتسبب في تدني سمعة الليبرالية نفسها، وتاليا تزكية الاتجاهات الدولانية، القومية والشعبوية، وحتى الفاشية.
لكن ألسنا نتعجل؟ العولمة حقيقة واقعة لا ترتد إلى الليبرالية المحدثة التي جعلت من نفسها إيديولوجية عضوية لها. ثمة أولا هياكل مؤسسية مثل منظمة التجارة الدولية ونظائر إقليمية متعددة لها من غير المرجح أن تجرفها الأزمة الحالية؛ وثمة ثانيا تدامج اتصالي ومعلوماتي عالمي غير عكوس، لم يكن له نظير قبل الحرب العالمية الأولى ولا أيام أزمة "الكساد العظيم" في مطالع ثلاثينات القرن السابق؛ وثمة ثالثا تشابك اقتصادي عالمي لا يرتد إلى التدفقات المالية غير المراقبة، تمثل صناعة البرمجيات الهندية والسيارات الصينية بعض أبرز بؤر الكثافة فيه. وانتقال الأزمة الراهنة بسرعة عولمية، إن صح القول، لتعم أكثر دول العالم أو جميعها، يكفي للقول إن فرصة أي معالجات لها في النجاح ستكون محدودة إن لم تكن عالمية. والأكيد أنه لا حلول قومية لأزمة عالمية.
فهل يمتنع التفكير في عولمة لا تكون النيوليبرالية وعيها الذاتي ولا تقترن حتما بضعف الدول أمام الاقتصاد؟ نفترض بالطبع أن العولمة نفسها ليست إيديولوجية، فلا مجال للتراجع عنها. لكن هل يمكن فعلا الكلام على عولمة ودول قوية، تدخلية اقتصاديا؟ ألا تنبني التدخلية على مفهوم الاقتصاد القومي وإجراءاته الحمائية، وتاليا على الانعزال عن عمليات العولمة؟ ربما يتمثل المخرج من هذا التناقض بين عولمة محتومة ودولة لا مناص من تدخلها في بناء إطار مؤسسي عالمي أو مجلس عالمي مخول بمراقبة التفاعلات الاقتصادية العالمية وضبطها والحفاظ على التوازن والنمو الاقتصادي العالمي؛ ضرب من أمم متحدة اقتصادية مفتوحة العضوية لجميع الدول، الهدف منها التحكم السياسي العالمي بالعولمة. منظمة التجارة الدولية لا تصلح لمهمة كهذه بسبب إيديولوجيتها الليبرالية الجديدة وهيمنة الأميركيين عليها. ولعله يمكن الاستفادة من الزخم الحالي المعادي لسلطة أصحاب المال من أجل فرض أجندة اقتصادية عالمية أكثر ديمقراطية، تستوعب قضايا الفقر والجوع والمرض والأمية على صعيد عالمي، ولا ينحصر عملها في معالجة الأزمات الحادة .
معلوم أن جهودا في اتجاه تشكيل إطارات فوق قومية قد تلت الأزمات العالمية الكبرى، الحربين العالميتين بالخصوص، علما أن الأولى تمخضت عن دمار اقتصادي واسع النطاق في أوربا، والثانية تلت أزمة كبيرة في الولايات المتحدة وأوربا. ولعل فشل تنظيمات ما بعد الحرب الأولى: عصبة الأمم من جهة، وتغريم ألمانيا أكلاف الحرب من جهة ثانية، أسهم في صعود النازية ووقوع الحرب العالمية الثانية. ولم يتلُ هذه تشكيل منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الفرعية التابعة لها فقط، وإنما كذلك اتفاقية بريتون وودز بين القوى الغربية التي قامت على أساس أفكار جون مينارد كينز (كان ممثل بريطانيا في المفاوضات التي أوصلت إليها) وقيدت الدولار إلى الذهب فحدت من التداولات المالية المستقلة والمضاربات التي تسببت في الأزمة الراهنة (ويعتقد أن إلغاء الأميركيين الاتفاقات تلك في عام 1971 هو الجذر الأقدم للأزمة الحالية). كان عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية مستقطبا بعمق فتعذر تشكيل إطار اقتصادي عالمي. لكن رغم الاختلافات الكبيرة، الاقتصادية والإيديولوجية، كانت الدولة الكينزية الغربية والدولة الشيوعية الشرقية والدولة الوطنية التنموية العالم ثالثية تنويعات على ما سيسمى في وقت لاحق دولة الرعاية الاجتماعية التي تتكفل أساسيات الحياة لمواطنيها.
من شأن قيام وكالة أو مجلس سياسي اقتصادي عالمي أن يكون تقدما حقيقيا للاندماج العالمي على نحو ما كانت الأمم المتحدة التي لا يشكك في دورها غير عدميين من صنف الجهاديين الإسلاميين والمحافظين الجدد الأميركيين. غير أن هذا لا يعني بحال تحقق المساواة العالمية أو توزع منافع العولمة بالتساوي على الجميع. فلم تضمن الأمم المتحدة أبدا مساواة بين الدول، رغم أن الضعفاء هم المرشحون للتأذي أكثر من غيرهم إن انهارت. والعبرة على أية حالة ليست في الهياكل المؤسسية بحد ذاتها، بل في نمو فرص الديمقراطية العالمية التي يفترض أن تتيحها هذه الهياكل. وهذا بدوره مرهونة بالطاقة التحريرية، الفكرية والسياسية والتنظيمية، التي قد تطلقها تفاعلات الأزمة العالمية الحالية.
يمكن لأي كان أن يرفض هذه الطرح (غير المختص). هو أصلا لا يطالب لنفسه بغير فضيلة الإيجابية والانفتاح على الحدث والاعتراف به. السمة الغالبة لتفاعلنا مع الحدث هي رفض التفاعل، سواء باعتبارنا غير معنيين بما يجري في المراكز العالمية (اللهم إلا كفرصة للشماتة) أو باعتبار الأزمة مناسبة لتأكيد توجهات إيديولوجية سابقة عليها. هذا خطأ فاحش في كل حال، فمساحة مشاركتنا في مستقبل العالم تتناسب مع مساحة انخراطنا اليوم في شؤونه وتفاعلنا الإيجابي مع مشكلاته. أما السلبية فليست غير استسلام مقنع.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغزوٌ شيعي لمجتمعات سُنيّة؟!
- تغيير المعارضة أولا..
- في العلمانية والديمقراطية والدولة
- على هامش الأزمة الأميركية: النهايات والعودات
- التمثيل القومي لسورية عائقا دون التمثيل الديمقراطي للسوريين
- إرهاب بلا وجه وأمن بلا لسان!
- الاستبداد كاغتراب سياسي
- الطائفية بين أهل الإباحة وأهل العفة
- من الشعبوية والنخبوية إلى استقلال السياسة والمعرفة
- الليبرالية الجديدة والبرجوازية الجديدة في سورية
- -مرشد الأمة- وتأسيس الطغيان
- -السنة والإصلاح- لعبد الله العروي: من التسنين إلى التاريخ!
- من هم الأشرار... وكيف التخلص منهم؟
- -إعلان دمشق- وأزمة المعارضة السورية
- -نخبة- متخلفة في مجتمع متغير
- كأنها حرب أهلية...
- في شأن مسألة الحاكمية
- في أن القضايا -المقدسة- مطايا مثالية!
- انفصال عن الجدار مقالة في الثقافة والثورة الثقافية
- عن منظمات حقوق الإنسان والإيديولوجية الحقوقية في سورية


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - فرصة لتوسيع الديمقراطية العالمية!