أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - تغيير المعارضة أولا..














المزيد.....

تغيير المعارضة أولا..


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2440 - 2008 / 10 / 20 - 09:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


قد يمكن تمييز ثلاثة أطوار من عمل المعارضة الديمقراطية السورية خلال السنوات المنقضية من هذا القرن. يمتد طور أول حتى عام 2005، وفيه هيمنت فكرة الإصلاح؛ ويدشن تكون ائتلاف "إعلان دمشق" قبل نحو ثلاث سنوات من اليوم طورا ثانيا هيمنت فيه فكرة التغيير، ويتلامح اليوم طور ثالث قد نعيد بدايته إلى اجتماع "المجلس الوطني لإعلان دمشق" وما أعقبه من اعتقالات وانشقاق أصاب الائتلاف.
المشترك بين المرحلتين الأولى والثانية هو التمركز حول السياسة والسلطة، إصلاحا مرة وتغييرا مرة.
وليس للطور الثالث الذي اتسم بتفاقم اختلال موازين القوى بين المعارضة والنظام لمصلحة الأخير ملامح واضحة بعد. بل يبدو أن استجابة الائتلاف لهذا التحول، وقد تمثلت في بيان قصير يرحب بانكسار العزلة الدولية عن النظام، لا تدل على وعي بأن ثمة مرحلة جديدة تستوجب تفكيرا جديدا وحساسية جديدة. ليس من خلل في الموقف المعبر عه في البيان، لكن كان يتعين إدراج التحول هذا ضمن استرجاع نقدي أوسع لمسار النشاط المعارض منذ أيام "ربيع دمشق" (0200-2001)، وبخاصة السنوات الثلاثة الأخيرة، ما لا يصلح أي بيان إطارا له. والأرجح أن نهج الانشغال الحصري بمسألة السلطة، والسياسة المواقفية المرتبطة به، هو ما حال دون التفكير بمراجعة حيوية وملحة.
الفكرة التي نريد الدفاع عنها هنا أن العودة إلى المطالب الإصلاحية لما قبل 2005 غير مجدية ورجعية في آن. ما قد يكون مخرجا من أزمة العمل المعارض المتمثلة في إخفاق تطلعات الإصلاح والتغيير معا هو محورة نشاط حركة المعارضة حول إعادة بناء الذات، والعمل على تطوير معرفة أساسية حول سورية والمجتمع السوري مما تفتقر له تنظيمات المعارضة على اختلافها افتقارا مطلقا أو شبه مطلق. من شأن ذلك أن يستدرك البعد الفكري الهام جدا من أزمة العمل المعارض. وهنا، كما هو الحال على المستوى السياسي، ما من حلول يوفرها الماضي (من صنف العودة إلى متاع مذهبي متقادم مثل الشيوعية والقومية العربية).
لا تستطيع المعارضة الديمقراطية أن تكون طليعية سياسيا إن لم تكن طليعية فكريا. والطليعية الفكرية تستدعي التطلع على المستقبل وابتكار رؤى ومفاهيم جديدة حول مسألتين أساسيتين: تصور استيعابي وتوحيدي للوطنية السورية، وتحليل أساسي للتحولات الاقتصادي الاجتماعية الجارية في سورية. المعارضة مدعوة إلى إنقاذ المبدأ الوطني من التوظيف الشكلي له كإيديولوجية ممانعة عازلة للجمهور عن شأنه العام ومناسبة للاستبداد. وفي ذلك هي تصون الروح الحية والشعبية للفكرة الوطنية، وإن تخلت عن إهابها الخارجي الممانع. وعبر تناول الاقتصاد السياسي لسورية، وتطوير معرفة أفضل بسورية الاجتماعية تصون المعارضة أيضا الروح الحية للفكرة الاشتراكية التي لم تقم العقائدية الشيوعية بغير خنقها وتبديدها. هذا فضلا عن أن الشاغل الأخير يستجيب للبعد الاجتماعي أو الاشتراكي من النقد الديمقراطي الموجه ضد "البرجوازية الجديدة"، وإن دون تخل عن البعد الليبرالي الموجه ضد التسلطية.
وليس العمل في هذا الاتجاه مرغوبا فقط لأنه الأساس الأمتن لإعاة بناء العام الوطني في سورية، وإنما كذلك لأنه يحرر من التمركز حول السلطة، إن إصلاحا أو تغييرا، ويوجه نحو التمركز حول المجتمع منظورا إليه في آن كمتن للوطنية السورية المستقلة، وكطبقات وشرائح اجتماعية لا يسع إيديولوجية الوحدة الوطنية والهياكل السياسية المتكونة حولها استيعاب تنوع وتضارب مصالحها.
لا يسع حركة المعارضة أن تثبت أهليتها التغييرية دون أن تكون هي مثالا للتغيير، ينبعث التغيير من تكوينها، ولا يقتصر على كونه هدفا خارجيا لها. يحول دون ذلك راهنا ضرب من التثبت حول مسألة السلطة، عقيم كل العقم وسلبي كل السلبية. يقتضي الأمر نسيان النظام منهجيا من أجل رؤية المجتمع ورؤية الذات، وإدراك أن تكوين المعارضة الراهن وعاداتها الفكرية والسياسية ومستوى تأهيلها هو العائق دون تحولها إلى قوة طليعية.
والقصد أن المعارضة الديمقراطية لا تستطيع أن تكون فاعلا تغييريا أصيلا دون أن تغير ذاتها. وأول تغيير الذات التخلي عن فكرة التغيير الانقلابية، والعمل بالأحرى كقوة تحمل العام الوطني ببعديه الاستقلالي حيال الخارج والاستيعابي والمساواتي في الداخل. هذا هو عنوان الحساسية الجديدة لحركة معارضة متجددة.
ليس لحركة المعارضة أن تتخلى عن طموحاتها السياسية التغييرية. بالعكس، هي مطالبة بأن تكون أكثر طموحا، لكن في اتجاه إحيائي، يدرج التطلع التغييري في أفق تحرري وإبداعي، يستأنف التقاليد الاستقلالية لسورية ويولي اعتناء خاصا لحفز القيم الجمهورية المهدورة.
القول إن المعارضة السورية في بنيانها الراهن غير مؤهلة لنقلة كهذه صحيح وصفيا، لكن ما كان له أن يكون تحديدا بنيويا للعمل المعارض في البلاد لولا أن هذا أظهر إما انشدادا إلى السلطة أو إلى الماضي أو مزيجا منهما معا. والحال، إن مفتاح المخرج من أزمة المعارضة وأزمة العمل العام، وربما أزمة الوطنية السورية، يتمثل في النظر إلى المجتمع والمستقبل.
نسيان النظام يحتاج إلى شجاعة خاصة أهم من تذكره ومواجهته. ذلك أن مضمونه الإيجابي هو مواجهة الذات والانتصار عليها. وهذا لا يقتضي على أية حال إغفال النظام معرفيا وتحليليا، بل لعل نسيان النظام نفسيا ووجدانيا هو ما يتيح معرفة موضوعية أغنى به. فالنسيان هذا، خلافا لما قد يفهم منه للوهلة الأولى، ليس شيئا يعطى للنظام، وليس الغرض منه تجنب الاصطدام به (مع كون هذا مطلبا مشروعا لا يحتاج إلى تبرير)، بل هو تحرر نفسي من النظام وشيء يعطي للذات، تتجدد به.
لا يكاد المرء يبالغ في حق النظام مهما قال، بيد أن من شأن الانشغال الدائم به أن يورث المناضلين ضده أخبث خصائصه، كونه قوة تحلل وفساد جوهرية. هذا خنق للذات يثابر عليه، كأنهم منومون مغنطيسيا، ناشطون شجعان، لا شك في غيريتهم وإخلاصهم ودأبهم. لكن بسبب اهتراء وموت كل الأشياء وفساد النفوس والأفكار والنيات، والسياسة، على المعارضة اليمقراطية أن تكون قوة حياة وتجدد لا قوة سياسية، بل سياسوية، ضيقة الأفق.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العلمانية والديمقراطية والدولة
- على هامش الأزمة الأميركية: النهايات والعودات
- التمثيل القومي لسورية عائقا دون التمثيل الديمقراطي للسوريين
- إرهاب بلا وجه وأمن بلا لسان!
- الاستبداد كاغتراب سياسي
- الطائفية بين أهل الإباحة وأهل العفة
- من الشعبوية والنخبوية إلى استقلال السياسة والمعرفة
- الليبرالية الجديدة والبرجوازية الجديدة في سورية
- -مرشد الأمة- وتأسيس الطغيان
- -السنة والإصلاح- لعبد الله العروي: من التسنين إلى التاريخ!
- من هم الأشرار... وكيف التخلص منهم؟
- -إعلان دمشق- وأزمة المعارضة السورية
- -نخبة- متخلفة في مجتمع متغير
- كأنها حرب أهلية...
- في شأن مسألة الحاكمية
- في أن القضايا -المقدسة- مطايا مثالية!
- انفصال عن الجدار مقالة في الثقافة والثورة الثقافية
- عن منظمات حقوق الإنسان والإيديولوجية الحقوقية في سورية
- من البشير الصامد إلى حنبعل الفاتح!
- قليل من السياسة، كثير من المشاعر


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - تغيير المعارضة أولا..