| 
                    
                 | 
                
                    
                        
                        
                        
                            
                            
                                
                             
                            
                                
                                    لماذا ساد الفساد والطغيان بعد الاستقلال؟
                                
                            
                            
                               
                                    
                               
                                
                                
                                   
                                     
 
                                         
                                        
                                            شاكر النابلسي
                                        
                                            
                                                
                                        
                                        
                 
                
                 
                
                
                 
                 
              
                                        
                                        
                                      
                                         
                                        
                                            الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 09:58
                                        
                                         
                                        المحور:
                                            مواضيع وابحاث سياسية
                                        
                                         
                                            
                                        
                                         
                                     
                                      
                                        
                                        
                                        
                                        
                                            
    
    
 
                                       
                                         
                                         
                                 
                                
                                   
                                        
                                            
                                              -1-
  عندما رحل الاستعمار عن العالم العربي في القرن العشرين، ظنَّ العرب بأن ما أن يخرج الاستعمار من المنطقة حتى يكون العالم العربي مهيئاً للدخول في عهد الحرية، والديمقراطية، والرخاء الاقتصادي، والانفتاح الاجتماعي والثقافي. وأن الاستعمار في الماضي، كان سبباً في كتم ومصادرة الحريات، وانتشار الطغيان والاستبداد. وأن الديمقراطية السياسية لم ترَ النور في العالم العربي، نتيجة لسيطرة الاستعمار وإعدامه للزعماء السياسيين، ورميه للمعارضة السياسيـة في غياهب السجون. وأن الجوع والتخلف والجهل، كانت من أبرز مظـاهر الاستعمار في الحقبة الممتدة من 1918-1970، وأن العالم العربي شهد خلال هذه الفترة تدهوراً حضارياً كبيراً في كافة مناحي الحياة.
  -2-
   ولكن كثيراً من المثقفين أصيبوا بفاجعة كبيرة، وخيبة أمل مفزعة في الدولة الوطنية، عندما رأوا الاستعمار يرحـل عن العالم العربي، وتتولّى الدولة الوطنيـة زمام الأمور، فتتدهور الحياة السياسية في العالم العربي إلى درجات أحطّ مما كانت عليه أيام الاستعمار، وتُصادَر الحريات بطريقة أبشع مما كـانت عليه أيام الاستعمار. وكما قال المفكر القومي الأردني منيف الرزاز، "فعلى الرغم من أن المجتمع الشرقي لم يعرف الحرية بمعناها الحديث سابقاً، فلقد كان استعباده مع ذلك على يد حكامه شيئاً آخر لم يدعه إلى الثورة الجماعية من أجل الحرية، كما فعل حين استعبده الاستعمار الغربي" ( الأعمال الكاملة، الجزء الأول، ص 528).
   وانتشر الفساد السياسي والإداري والاجتماعي في الدولة الوطنية بشكـل أكبر مما كان عليه أيام الاستعمار، وجاع الناس أكثر من جوعهم أيام الاستعمار، وبقيت نِسب الأميّة في العالم العربي كما كانت عليه أيام الاستعمار.
  وكان الاستعمار في الماضي، قد بنى المدارس والمستشفيات والطرق، وشجع الزراعة، وفتح البنوك، ونظَّم الحياة الاقتصادية والإدارية في الدولة. رغم أن الناس كانت غير مرتاحة لمثل هذه القوانين والتنظيمات. وكانت معظم هذه الخطوات لصالح الاستعمار وضماناً لأهدافه السياسية والاقتصادية. فقد كان الاستعمار بحاجة إلى قوانين جديدة وإلى تنظيم مجتمع يتناسب مع غاياته العسكرية والسياسية والاقتصادية. وما زال كثير من النظم الإدارية المعمول بها في العالم العربي من النظم التي وضعها الاستعمـار دون تغيير. وكل ما طرأ عليها كان التطبيق السيىء لها بفضـل الفساد الإداري، وعدم وجود آليات الحساب والعقاب في الدولة العربية الوطنية.
  -3-
  ومن هنا، بدأنا نسمع بين صفوف المثقفين من كـان يترحَّم على أيام الاستعمار، وما أقام، وأنشأ، وبنى، وعمَّر. وكانت هذه الأصوات تقول لو أن الاستعمار أنصف في تلك الحقبة بمعنى أنه قسَّم الرغيف الوطني بينه وبين أبناء الوطن، ولم يأكل الرغيف الوطني كله، ويُحرم أبناء الوطن منه ويتركهم في الجوع، وفتح نوافذ الحرية، وجاء لا ليضطهد، ولكن ليُعمِّر، ويستثمر، ويُفيد، ويستفيد لكان حال العالم العربي الآن أفضل مما هو عليه الآن. ولكـن الاستعمار كان بحاجة إلى أن يحافظ على نفسه وعلى مصالحه، بمقاومة كل ما من شأنه أن يهدد هذه المصالح.
  -4-
  وقالت مجموعة من الباحثين : "أصبحت احتمالات عودة الاستعمار مفتوحة. وأن هذه الاحتمالات لن تلقى معارضة أخلاقية أو مبدئية، كما كان يمكن أن تلقى في الماضي. لأن كثيراً من التحفظات الأخلاقية والمبدئية للاستعمار الغربي قد زالت عندما بدت على خطأ. فجلاء الاستعمار عن إفريقيا وآسيا لم يقد إلى الرخاء والحرية، بل قاد إلى مزيد من الفقر والتخلف ومزيد من القهر والاضطهاد. فقد نشأت بعد الاستقلال أشكال جديدة من العبودية السياسية والاقتصادية والاجتماعية".(رياض الريّس وآخرون، "عودة الاستعمار"، ص 25).
  لا مجال للشك، بأن عودة الاستعمار إذا تمت مستقبلاً، فإنها ستتم على أساس حماية مصالح الغرب الاقتصادية والطاقوية في العـالم العربي، وعلى رأسها البترول العربي. كما ستتم هذه العودة على أساس أن وجود إسرائيل يشكل رأس حربة وقاعدة عدو مسلح مستمر ضد كل ما يمكن أن يشجع على النهضة العربية، كما قال المفكر الماركسي المصري أنور عبد الملك ( الفكر العربي في معركة النهضة، ص 144).
  -5-
  ولا ريب في أن الاستعمار في الماضي رحل عن مناطق كثيرة من العالم كالجزائر والمغرب العربي وفيتنام والهند وعدن وغيرها من المناطـق الأخرى، بعد أن أمسك بآلته الحاسبة وجمع وطرح وأجرى حسابات دقيقة وجد على إثرها أن إقامته هنا وهناك فيها خسارة مادية لا تستأهـل الاستمرار في الإقامة كمستعمر داخلي، وأن عليه أن يغيّر استراتيجيته، ويتخـذ أداة استعمارية جديدة تخفف عنه تكلفة الإقامة الدائمة داخل مستعمـراته، بحيث لا يدفع مالياً وبشرياً أكثر مما كان يأخذ، فيما اعتُبر ذلك من قبل القوميين والمناضلين انهزاماً للاستعمار، ودحراً له، ونهاية لعهده. في حين أن الاستعمار كان قد خرج من الباب ليدخل من الشباك لا بسبب مكره وقوته وألاعيبه كما يقول القوميون، ولكن بسبب أننا ما زلنا أمة ضعيفة، هشَّة الكيان، ذات ظهر مقوَّص، و "حيطة واطية". وما زلنا غير مُستقلين وغير مكتفين بأنفسنا مادياً وثقافياً وغذائياً وصناعياً وزراعياً وتكنولوجياً وخلاف ذلك. وأننا بحاجـة إلى الغرب، وأن سير حياتنا متوقـف على علاقتنا الطيبة مع الغرب، ومدى ما نُقدمه للغـرب من وسائل وتسهيلات لسير الحياة الغربية وتيسيرها. وأن الاستعمـار لا ينبت إلا في أرض لديها خاصية "قابلية الاستعمار" كما عبَّر عن ذلك المفكر الجزائري مالك بن نبي. وأن الاستعمار لا يمكن له أن يستعمر شعباً إلا إذا كان هذا الشعب لديه الاستعداد الذاتي لتقبُّل الاستعمـار. وقد كان كذلك وضـع الجزائر على سبيل المثال، كما هو وضع معظم الشعوب العربية والإسلامية، فيما يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي.
  -6-
  ومن هنا نقـول، بأن الاستعمار لم يرحل عن العالم العربي، وأنه يعود في كل يوم بأشكال وأقنعة جديدة. وأن الزمن سيطول جداً في بقاء العالم العربي مرتبطاً استعمـارياً بالغرب كلما تقدم الغرب وبقينا نحن "مكانك سِرْ"، أو تراجعنا إلى الخلف، كما حدث في النصف الثاني من القرن العشرين، حين اضمحلت الحرية، وتراجعت الديمقراطية، وانتشر الفساد، وعمَّ الخراب والفوضى والحروب والجهل والأمية أرجاء مختلفة من الوطن العربي. وقد تنبه إلى كـل هذا بعض المفكرين السياسيين العرب حين لخصوا كل هذا بقولهم: "إن شعـوب العالم الثالث ودوله التي حققت بنضالها القومي المتواصل استقلالها السياسي كان لا بُدَّ أن تكتشف الخدعة الكبرى التي وقعت فيها، وكان لا بُدَّ أن تتابع نضالها حتى تحقق تحررها الاقتصادي والاجتماعي". 
   
 
  
                                                  
                                            
                                            
                                          
                                   
                                     
              
                                        
                         #شاكر_النابلسي (هاشتاغ) 
                           
                          
                            
                          
                        
                           
                          
                         
                
                                           
                                            
                                             
                                              
                                            
                                            ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
                                        
                                            
                                             
                                             
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع. 
  
  
                                                               
           
			
         
                                          
                                        
                                        
                                        
                                        
                                         
                                         
    
    
    
                                              
                                    
                                    
    
    
   
                                
    
    
                                    
   
   
                                         
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟
     
      
                                 
                              
                              
    
                                    
                                    
                                    
                                    
                                    
                                     
                               
                                  
                                  
 
                                
                          
                     
                    
                    
                    
                    
                        
                            
                                رأيكم مهم للجميع
                                - شارك في الحوار
                                والتعليق على الموضوع 
                                للاطلاع وإضافة
                                التعليقات من خلال
                                الموقع نرجو النقر
                                على - تعليقات الحوار
                                المتمدن -
                             | 
                         
                        
                            
                            
                            | 
                             | 
                         
                     
                    
                    
                    
                    
                    
                    
                    
                    
                    
                     
                    | 
                        نسخة  قابلة  للطباعة
                         
                    | 
                        ارسل هذا الموضوع الى صديق
                         
                    | 
                        حفظ - ورد
                         
                     
                    | 
                        حفظ
                          |
                    
                        بحث
                         
                    | 
                          إضافة إلى المفضلة
                    | 
                         
                        للاتصال بالكاتب-ة
                     
                    
                             عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
                    
                    
                     
                    
                      	
                    
                    
               
                
                 | 
                
                    
                
                
                     - 
                    
                     
                        
                    هل كان غزو العراق سبباً في الأزمة المالية الأمريكية؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    محنة المفكرين العرب في علاج الغزو الثقافي
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    مواقف فكرية عربية ملتبسة من الغزو الثقافي
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    مظاهر وآليات الغزو الثقافي في الفكر العربي المعاصر
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    هل ازداد الإرهاب بعد غزو العراق؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    هل سيدفع أوباما دول الأوبك لتشرب نفطها؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    الشيخ فركوس وتحريم الزلابية
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    ماذا استفدنا من دروس كارثة 11 سبتمبر؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    المثقفون المعذبون في الأرض
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    عودة الوعي للعرب بأهمية العراق
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    بنوك الإرهاب في مزارع الحشيش
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    هل نقل بوش مكتبه من البيت الأبيض إلى الكنيسة؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    لكي لا تحترق أصابعنا في كركوك
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    علاج الإرهاب في -ثلاثة فناجين من الشاي-
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    هل ستنجح إستراتيجية أوباما تجاه العراق؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    مورتنسون وابن لادن نموذجان للخير والشر
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    ماذا سيبقى من -بوش- للتاريخ؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    هل يُصلِح أوباما العطّار ما أفسده بوش؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    لماذا انتشرت صورة الأمريكي القبيح؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    مذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة
                     
                    
                     
                    
         
         
        
        المزيد.....
        
        
 
 
 
  
                
                
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    انتخابات عمدة نيويورك.. زهران ممداني لـCNN عن تأييد ترامب وم
                        ...
                    
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    تحليل لـCNN.. لماذا أصبحت التهديدات النووية -أكثر خطورة-؟
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    -صحة غزة- تعلن إعادة إسرائيل جثامين 45 فلسطينيا
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    كيم كارداشيان تشكك في الهبوط على القمر!
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    انتخابات عمدة نيويورك: سباق محموم وقضايا ملحة واهتمام شعبي
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    -الفاو-: تدهور الأراضي بفعل البشر يهدد معيشة 1,7 مليار شخص ح
                        ...
                    
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    تحرك أميركي لتشكيل قوة دولية بصلاحيات واسعة في غزة
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    لبنان وليبيا.. تسليم ملف -الصدر- وبوادر حل لقضية -هانيبال-
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    هوكشتاين يدعو إلى مسار لنزع سلاح حزب الله -تدريجيا-
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                      
                        
                    واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة
                     
                    
                     
                    
         
         
        
        المزيد.....
        
        
  
                
                
                     - 
                    
                     
                        
                    تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
                     / غنية ولهي-	  - -  سمية حملاوي
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                     شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان 
                        ...
                    
                     / غيفارا معو 
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
                     / د. خالد زغريت
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    التاريخ يكتبنا بسبابته 
                     / د. خالد زغريت
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    التاريخ يكتبنا بسبابته
                     / د. خالد زغريت 
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    جسد الطوائف
                     / رانية مرجية
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
                     / كمال الموسوي
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                     الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
                     / د. خالد زغريت 
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                    المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
                     / علي عبد الواحد محمد
                     
                    
                     
                    
                     - 
                    
                     
                        
                     شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
                     / علي الخطيب
                     
                    
                     
                    
         
         
        
        المزيد.....
        
        
                    
                     
        
        
        
      
       
        
     
                 |